من وإلى نجيب محفوظ وما هي أشهر أعماله المترجمة

باعتبار نجيب محفوظ هو الأديب العربي الأشهر بسبب فوزه بجائزة نوبل، حازت أعماله على نصيب كبير من الترجمة للإنجليزية، والفرنسية، بل والعبرية، والعديد من اللغات الأخرى.

في هذا المقال سنلقي نظرة على بعض أعماله الروائية والتي تمّت ترجمة بعضها إلى أفلامٍ حفل بها الشارع المصريّ والعربيّ معًا.

اللص والكلاب

من أشهر روايات نجيب محفوظ التي تحوّلت إلى فيلم وتمّت ترجمتها إلى عدة لغات، نظرًا لأنّ القصة مقتبسة من شخصية لصّ حقيقيّ، كما صرّح نجيب محفوظ. وتدور الرواية حول سعيد مهران الذى يدخل إلى السّجن، وعند خروجه يجد أنّ الجميع خانه؛ تزوّجت زوجته من صبيّ كان يعمل لديه، ووَجَد أنّ قدوته في الحياة تحوّل إلى رجلٍ منزوع الأخلاق تنكّر له. من بين كلّ هذه الخيانات يجد سعيد مهران نفسه وحيدًا بلا مكان ولا مُعين حتى يقرّر الانتقام منهم جميعًا، وتصبح الرواية اسمًا على مسمّى، حيث لدينا لصّ وكلّ من حوله كلاب حتى وإن كانوا شخصيات شبه عادية فى المجتمع، لم تأخذ الرواية فقط شهرة كبيرة؛ بل صُنّف الفيلم المقتبس منها من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

ثلاثية القاهرة

لا يمكن الحديث عن أعمال نجيب محفوظ بدون الثلاثية؛ لأنها تعدّ من أقوى أعماله، إلى جانب أولاد حارتنا والحرافيش. الحقيقة، لا توجد حبكة أو قصة رئيسية؛ بل رَسَم نجيب محفوظ عائلةً كاملةَ الأشخاص والمشاعر بمراحل حياتهم من الصّغر إلى الصبا، لكلٍّ مشاكله وحياته الخاصة. كان نجيب محفوظ قادرًا على التخصيص، فَيجعَل لكلِّ شخصيةٍ نموذجًا مخصصًا، كأن يجعل أحدها عن حياته السياسية وآخر عن التجارة وآخر عن النساء، ولكنه لم يفعل، واكتفى بجعلها حياة كاملة لأسرة مصرية. في نهاية كلّ جزء نجد أننا مررنا على المشاكل الاجتماعية للطبقة العليا وحتى أفقر أحياء القاهرة و أكثرها قبحًا، مرورًا بالسياسة ومشاكل الاستعمار والسلطة وقتها.

كما قدّمت الرواية أشهر رمز في السينما المصرية، وهو ربّ الأسرة (سي السيد)، أو ما يعبّر عن انفصام الشخصية الموجودة وقتها؛ حيث كان الرّجل صارمًا في بيته لا يسمح بصوت، ولا يمكن للفتيات الخروج أو النظر من الشبابيك، ولكن نجده ليلًا بين الراقصات والغانيات في بيوت الدعارة الرخيصة.

إعلان

ولمن لا يعلم، أحدثت الثلاثية ضجة في المجتمع الأمريكي لدى نشرها، حتى وصلت لنجيب محفوظ رسالة خطية من جاكلين كندي تبدي إعجابها البالغ بأول جزئين، وتخبره عن تطلّعها لقراءة الجزء الثالث.

رحلة ابن فطومة

تكون أكثر روايات نجيب محفوظ إما اجتماعية أو تاريخية، وهذه الرواية الوحيدة المختلفة بشكلها الفانتازيّ. قد تبدو الرواية في البداية طبيعية لرحّالة عربى يتنقل بين المدن، ولكنّ الفكرة الرئيسية فلسفية أكثر من كونها مجرّد رحلات؛ لأنها تبحث عن معنى الكمال، هل هو في الأخلاق، أو في الدين، أو في الغنى، أو فى دولة قوية، أم هي العدالة المطلقة للكلّ. قد تبدو سطحية ويمكن أيضًا قراءتها للأطفال بسبب الطابع الأسطورى للرّحالة العرب. ولكن تظلّ الرواية ذات أفكار أكبر من مجرّد كونها قصة أو رواية عادية.

أولاد حارتنا

يعتقد البعض، من بينهم أنا، أنّ نجيب محفوظ حصل على نوبل للأدب بسبب هذه الرواية دون غيرها. سوف تعجز عن إيجاد رواية أخرى تحتوي على هذا العدد من الإسقاطات السياسية والاجتماعية، والأهمّ من كلّ هذا الإسقاط الديني الذي ربما تمّ فهمه بطريقة خاطئة ليُتَّهم نجيب محفوظ بقتل الإله في روايته، لذا توقّف إصدارها ومُنعت من النشر في الوطن العربى لوقتٍ طويل، بل وكانت هناك محاولتين لاغتياله كونه خارجًا عن الدين!

أقسام الرواية ليست فقط مقسمة إلى شخصيات؛ بل إلى عصور فكرية مختلفة تطرح كلّ منها أسئلة طويلة شغَلَت العالم، ولكنّ الفرق أنّ نجيب محفوظ وضعها في أبسط وأمتع قالبٍ ممكن.

ملحمة الحرافيش

ترتيبها الثالث في شهرة وقوة أعماله بعد أولاد حارتنا والثلاثية. الرواية مليئة بالأحداث والتفاصيل؛ لأنّها تتحدث عن عشرة أجيال متعاقبة لنفس العائلة، ولكن لم يحدّد المكان أو الزمان ليترك لنا حرية التّخيل. الرواية مثل تقرير عن حالات الأجيال المصرية والتطور الذي يحدث لكل جيل، ويركّز على السلطة وتناقل الحكم بشكل كبير من باقى القضايا، بالإضافة إلى الجانب الفلسفي؛ حيث تبرز العديد من القضايا بشكل أو بآخر، مثل الحياة والموت، الأمل واليأس. لفترة طويلة كانت الرواية وحدها سببًا في ظهور أربعة أفلام ومسلسل ذي ثلاثة أجزاء من كثرة المواضيع فيها.

كفاح طيبة

ثالث رواياته التاريخية؛ لذا تعتبر أفضل من سابقتها. تمثل صراع الفراعنة للتخلص من احتلال الهكسوس، وهي إسقاط على الشعب المصريّ للتحرّر في القرن العشرين، كان هذا النوع غريبًا نوعًا ما؛ حيث لم نعتد على تمثيل الشخصيات المؤثرة -خاصة التاريخية- في الوطن العربي بشخصيات كاملة ذات حياة متعددة النواحي، والرواية أيضًا لها جانب رومانسيّ متداخل بين الملك المصري وابنه ملك الهكسوس، ليختبر ما سنشجّع؛ قصة الحب الجديدة أو القديمة، أم الحب والوطن .

الكرنك

تدور الرواية كلها حول مقهى يجتمع حوله الشباب في فترة ما قبل حرب التحرير؛ حيث كانت أخبار فشل السلطات تقلب البلاد، لذا تلجأ إلى الاعتقالات الواسعة وقمع الآراء، ويلجأ إلى وصف البلاد من خلال هذه المجموعة من الشباب المختلفين ودراسة ردود أفعالهم، الرواية سياسية بامتياز رغم الطابع الاجتماعيّ الواضح. لم تشتهر هذه الرواية إلا بعد صدور فيلم بنفس الاسم، ورغم الاختلاف الكبير ولكن هذا ما جذب الأنظار ثانيةً إلى الرواية.

السراب

البداية تقليدية لطفلٍ منعزلٍ نتيجة تربية أمّه الخاطئة، وتأثير هذا الانعزال على حياته العملية إلى حين زواجه، ويبدأ الشك في زوجته بدون مبرر، ويتتبّعها في كلّ مكان حتى يقوم بخيانتها هو. إذا كنت تحب الروايات النفسية والتلاعب بالعقل فسوف تحب هذه الرواية. لا تخدعك القصة المكررة ولا الطابع الاجتماعيّ، الراوي واحد في الرواية والمنظور أيضًا، واحد أي أنك لن تتمكن من معرفة ما يدور داخل باقي الشخصيات، ولا الحوادث المخفية، وكان هذا غريبًا على القرّاء، حيث لم يعتادوا على نمط الإخفاء؛ بل رؤية الصورة كاملة بكلّ بشاعتها. تحولت الرواية أيضًا إلى فيلم ناجح، ولكنه لم يكن أبدًا بسحر الرواية وتأثيرها على العقل.

إعلان

اترك تعليقا