إشارات غامضة من قلب الكون!
مرَّت 400 عام على تلك اللحظة التاريخية التي وجَّه فيها (جاليليو) تلسكوبه إلى السماء، واليوم وبفضل التقدم الهائل في تكنولوجيا التلسكوبات والمراصد الفضائية تمكَّن البشر من مراقبة المذنبات وهي تصطدم بالكواكب، وأكدوا وجود الماء في أعماق تربة القمر، وسجَّلوا ارتعاشات الزمكان أثناء تصادم الثقوب السوداء في ماضي الكون السحيق، مع ذلك لا يزال الغموض يحيط بالعديد من الظواهر في عالم الفضاء؛ وفي الخميس الماضي أثارت ورقة بحثية نشرتها مجلة (نيتشر) موجة من الإثارة في وسائل الإعلام حول العالم، حين أعلن عدد من علماء الفلك الكنديين عن التقاطهم إشارات لاسلكية غامضة من قلب الكون.
ثلاثة عشر إشارة لاسلكية غامضة.
ثلاثة عشر إشارة لاسلكية غامضة، من تلك المعروفة باسم الإنفجارات الراديوية السريعة (fast radio bursts) أو “FRBs” مصدرها بقعة محددة في منتصف الكون. تم رصدها للمرة الثانية منذ بدء التقاط تلك الموجات باستخدام التلسكوبات الراديوية، منذ ما يقرب من حوالي عشر سنوات؛ وذلك على يد عالم الفيزياء الفلكية (دون كان لوريمير) من جامعة غرب (فرجينيا) في عام 2007، ويعقد العلماء آمالًا كبيرة على الإشارات المكتشفة حديثًا، في الوصول إلى تفسير مقنع حول مصدر تلك الإشارات، خصوصًا بعد استبعاد فرضية صدورها عن ظاهرة انفجار النجوم “السوبر نوفا” حيث أن تلك الانفجارات لا تتكرر دوريًّا في نفس الموضع في الفضاء، وما تزال هناك فرضية صدور تلك الإشارات الراديوية الغامضة عن المجالات المغناطيسية الجبارة للنجوم النيوترونية.
تكنولوجيا قاصرة.
الثلاثة عشر إشارة الجديدة التي أعلن العلماء الكنديين عن رصدها بواسطة تلسكوب Canadian Hydrogen Intensity Mapping Experiment المعروف اختصارًا باسم “CHIME”، صدرت عن بقعة محددة في قلب الفضاء وبالتحديد على بُعد واحد ونصف مليار سنة ضوئية، وتكررت لمدة ستة مرات متتالية. وتميزت سبعة من تلك الموجات بتردد صغير للغاية، يمثل أقل مدى يمكن للتلسكوبات الراديوية الحالية رصده، مما أثار العديد من التكهنات حول وجود موجات أخرى بترددات أصغر مما لا يمكن للأجيال الحالية من التلسكوبات الراديوية التعامل معه.
رسالة من حضارة مجهولة.
ونظرًا لعدم امتلاك العلماء لنظرية محكمة تفسر أصل تلك الإشارات الكهرومغناطيسية، ذات التكرار المنتظم، فقد دعا ذلك بعض المتخصصين في علم الفلك إلى افتراض أن تلك الموجات ربما تستخدم في التواصل بين السفن الفضائية للحضارات الفضائية المتقدمة في أعماق الكون. ربما لم تلك هي المرة الأولى التي يقدم فيها البعض تفسيرًا خارجًا لإحدى الظواهر الفلكية، ففي عام 2015 رصد العلماء نجمًا يسطع ويختفي على بعد 1500 سنة ضوئية، فسارع البعض إلى افتراض وجود هيكل صناعي لحضارة فضائية يدور حول ذلك النجم ويقوم بتجميع الطاقة منه. وفي عام 2017، أثار الكويكب الغامض (أومواموا) القادم من خارج المجموعة الشمسية بشكله الغامض الذي يشبه السيجار، اهتمام المتابعين حول العالم، وكالعادة اعتبره البعض -ومنهم عالم فلك في جامعة هارفارد- سفينة فضائية تنتمي لحضارة خارج المجموعة الشمسية.