لماذا يجب أن يبدأ تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM) في مرحلة الطفولة المبكرة

أوضح الاستطلاع الذي أجرته منظمة تغيير المعادلة عام 2010 _مبادرة غير ربحية وغير حزبية مكرسة لتعليم العلوم والرياضيات_ أنّ أكثر من ثُلثِ الأمريكيين يُفضِّلون تنظيف الحمامات على حل مسائل الرياضيات.

يسعى أرباب العمل من جميع الفئات والأشكال على نحوٍ مُتزايد لتوظيفِ العمال القادرين على تسخير الإبداع في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات من أجل التنافس في الاقتصاد العالمي، إنه موقف هزلي وأكثر مدعاةً للقلق؛ فالاستثمار لضمان وجود دفعات من العمال المهرة في تخصصاتِ العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM) هو قضية هامة من قضايا القوى العاملة والتنمية الاقتصادية، وضرورة مهنية، وأفضل طريقة لضمان العائد على هذه الاستثمارات هي البدء في دعم هذه المهارات لدى الأطفال الصغار.

قد أصبح من الصعب بصورة متزايدة تحديد وظيفة “stem” بغض النظر عن الصناعات التحويلية، المرافق، البناء، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، يبحثُ أرباب العمل عن دفعات من الموهوبين الذين يُرجى أن يصيروا عمالًا بارعين في تخصصات STEM.

يتركز الطلب على المفاهيم المتأصلة في تخصصات STEM، وهي الفضول، والإبداع، والتعاون، والتفكير النقدي، وقد تكون هذه المفاهيم فطرية لدى بعض الأطفال الصغار.

عندما ينظر أرباب العمل إلى دفعات القوى العاملة عبر الزمن، يسألون أنفسهم سؤالاً بسيطًا: أين سنجد العمال؟

هناك سبب للقلق:

وفقاً لدراسة أجريت عام 2010 في مركز جامعة جورجتاون للتعليم والقوى العاملة، سيتقاعد حوالي 76 مليون شخص من جيل الطفرة السكانية قريبًا، وسيحل محلهم حوالي 51 مليون شخص؛ مما يخلق “فجوة عُمّالية” تبلغ 25 مليون شخص.

إعلان

في الصيف الماضي أصدر مركز التقدم الأمريكي ومركز الجيل القادم تقريرًا مشتركًا أظهر أنّ أكثر من نصف طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة يتوقفون عن الدراسة دون الحصول على الشهادة.

وربما الأكثر إثارةً للقلق أن من بين 39 مليون شاب في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 17 و 24 سنة كما تفيد البنتاغون؛ لا يُؤهَّل 75٪ منهم للانضمام إلى الجيش الأمريكي لأنهم لا تنطبق عليهم المعايير البدنية أو السلوكية أو التعليمية للخدمة – وهي معايير تُشبه تلك التي تضعها العديد من الصناعات في التوظيف.

أما فيما يتعلق بوظائف تخصصات STEM، فإن مسألة الدفعات المؤهلة أكثر تعقيدًا؛ فقد توقعت وزارة التجارة الأمريكية أنه في العقد الذي ينتهي بعام 2018 سوف تنمو مهن تخصصات STEM بنسبة 17 %، مقارنة مع نمو بنسبةِ 9.8 في المائة لجميع المهن الأخرى. في جميع أنحاء البلاد، وفي جميع المهن؛ هناك 3.6 شخصًا لكل وظيفة واحدة، أما في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات؛ فهناك شخص واحد لكل 1.9 وظيفة. لا يمكن لأصحاب العمل العثور على المواهب لشَغل هذه الوظائف، وهو أمر يثير الدهشة أكثر بالنظر إلى أنّ مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة قد ذكر مؤخرًا أن متوسط ​​الراتب في التخصصات الهندسية كان أعلى من أي مهنة أخرى.

العرض منخفض والطلب مرتفع، هناك فجوة بين الوظائف المتوقعة في المستقبل والتي تتطلب مهارات STEM والعرض المتوقع من العمال المؤهلين لشَغلِها.

في عام 2009، وبطلب من طاولة المفاوضات في ماساتشوستس وائتلاف من قادة الأعمال الذين يعملون عن كثب مع نائب حاكم الولاية، تيم موراي، أنشأ الحاكم ديفال باتريك المجلس الاستشاري للحاكم في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM) لوضع خطة للولاية لدراسة تخصصات STEM تضمن أنْ يخرج من دفعات التعليم -من مرحلة ما قبل التعليم الأساسي وحتى التعليم العالي- عمال يتمتَّعون بالمهارة والكفاءة في تخصصات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، تحتوي استراتيجية التنفيذ على عنصر يركز على ما قبل الروضة، كل من الخطة والتنفيذ هما الآن نموذجان وطنيان.

هناك العديد من الأفكار حول نقطة الدخول الأكثر فاعلية في نظام التعليم لإحداث تأثير على اهتمام الطالب وإنجازاته في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات؛ البعض يقول المدرسة الثانوية، ويقول آخرون فات الأوان، ويقول غيرهم المدرسة المتوسطة، ومنهم من يقول الصف الثالث. أجرت شركة رايثيون، وهي واحدة من كبار أرباب العمل في شركة ماساتشوستس للمتخصصين في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، دراسةً استقصائية لـ 1000 طالب من طلاب المدارس المتوسطة في جميع أنحاء البلاد وسألتهم عمّا إذا كانوا يفضلون أداء الواجبات المنزلية لمادة الرياضيات أو تناول البروكلي، وكان الفائز بنسبة 56 % من الأصوات … هو البروكلي.

الأطفال الصغار هم علماء ومهندسون بالفطرة، ومثل الاستثمار في العلوم والتقنية والهندسة، يعدّ الاستثمار في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة مسألة تتعلق بدفعات القوى العاملة. أظهرت الأبحاث أن جودة التعليم في مرحلة ما قبل الروضة تخفض معدل رسوب الأطفال  في العام الدراسي إلى النصف؛ وتقلل من أطفال الأحداث بمقدار الثلث؛ وتزيد من الحضور في المدرسة الثانوية بنسبة الثلث، وفي حضور الكلية بنسبة مذهلة تبلغ 80٪ وتزيد من العمالة بنسبة 23٪.و توفر بيئات التعليم المبكر عالية الجودة للأطفال بنية يمكنهم أن يبنوا عليها ميولهم الطبيعية للاستكشاف والبناء والتساؤل.

هناك ارتباط مثير وقوي بين تخصصات STEM والطفولة المبكرة، تؤكد الأبحاث أن الدماغ يتقبل بشكل خاص تعلم الرياضيات والمنطق بين سن 1 و 4، وأن مهارات الرياضيات المبكرة هي أقوى مؤشر يدل على مستوى التعلم اللاحق.

تؤكد أبحاث من جامعة كاليفورنيا، إرفاين، أن مهارات الرياضيات المبكرة هي مؤشر أفضل للنجاح الأكاديمي في اللاحق من القراءة المبكرة، ووجدت الدراسة أنه في مقارنة بين الرياضيات، ومعرفة القراءة والكتابة، والمهارات الاجتماعية العاطفية

عند دخول رياض الأطفال؛ كانت مفاهيم الرياضيات المبكرة، مثل معرفة أعداد العد والأعداد الترتيبية أقوى عوامل للتنبؤ بمستوى التعلم اللاحق.

“إذا كانت مهارات الرياضيات عنصرًا مهمًا في النجاح الأكاديمي، ومع ذلك يفضل الناس تنظيف الحمامات أو تناول البروكلي، فأنا أقول إن لدينا مشكلة.” تعتبر مهارات الرياضيات والكفاءة في تخصصات STEM الأخرى مهمة للقدرة التنافسية للبلاد على المدى الطويل لأن الأطفال اليوم هم القوى العاملة في الغد وسيكون العاملون الذين يجيدون هذه الكفاءات أكثر استعدادًا وتأهُّلًا لشغل الوظائف التي يتطلبها اقتصادنا الابتكاري.

تمَّ دمج هذا المفهوم في نظام تعليم ماساتشوستس، ابتداءً من المراحل المبكرة؛ تعترف الخطة الاستراتيجية لقسم التعليم والرعاية المبكرة في ماساشوسيتس رسميًا بأنَّ “التحقيق والاستكشاف أساسان للرياضيات والعلوم، وهما أيضًا أساسُ التعلم المبكر”. خطا مفوض القسم شيري كيلينز خطوات واسعة في ربط العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات بمرحلة الطفولة المبكرة من خلال تشجيع فرص التطوير المهني في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات لمعلمي مرحلة الطفولة المبكرة، ومواءمة معايير وأطر الدولة من خلال ضمان عنصر ما قبل الروضة لتُناسب معايير الرياضيات والعلوم، ودمج تخصصات STEM بطريقة هادفة في الأنشطة اليومية للطلاب من خلال المناهج وقياسات الجودة من خلال نظام تصنيف وتحسين الجودة في الدولة.

شاركت ماساتشوستس في شراكات مثمرة مع القطاع الخاص أيضًا، بما في ذلك عشرات الآلاف من الدولارات في الأجهزة والبرامج المتبرع بها من شركة آي.بي.إم لدعم تنفيذ الدولة لمنحةِ “السباق نحو القمة – تحدي التعلم المبكر” من الحكومة الفيدرالية، كما تدعم شركات أخرى مثل ناشونال غريد، وجون هانكوك، وجيه بي مورغان تشيس الجهود المبذولة في الولاية لاستكشاف طرق مبتكرة لتعزيز القوة العاملة من مرحلة الطفولة المبكرة.

ولم لا؟ المنافسة الدولية على المواهب تزداد احتدامًا، وكما يشير مركز التقدم الأمريكي ودراسة مركز الجيل القادم فإن “نصف أطفال الولايات المتحدة لا يحصلون على تعليم مبكر في مرحلة الطفولة، ولا توجد لدينا استراتيجية وطنية لزيادة الالتحاق بالمدارس”، في حين أنَّ الصين، على سبيل المثال لديها خطط لتسجيل 40 مليون طفل في مرحلة ما قبل المدرسة، بزيادة قدرها 50 في المائة بحلول عام 2020. عمومًا؛ هناك حوالي 24 مليون طفل منذ الولادة إلى سن الخامسة في الولايات المتحدة، وبحلول عام 2030 سيكون لدى الصين 200 مليون خريج جامعي؛ أي أكثر من قوة العمل الأمريكية بأكملها.

هذا يعود بنا إلى النقطة الأصلية: أين سيجد أرباب العمل عمالًا؟ للحفاظ على القدرة التنافسية في الاقتصاد العالمي، هناك حاجة إلى الاستثمار لضمان وجود دفعات من القوى العاملة التي تفضل المشاركة في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات عن تنظيف الحمامات وتناول البروكلي. وأفضل طريقة لدعم هذه الدفعات هو البدء في الاستثمار فيها مبكرًا.

إعلان

اترك تعليقا