السّر وراء سماع بعض الحيوانات أصواتًا لا تسمعها حيوانات أخرى!
بينما تتحدّث إلى صديقك، فإنّ موجات صوتك تقع ضمن تردّدٍ من 1000 إلى 5000 هيرتز. وبالرغم من استطاعة الإنسان سماع أصوات تصل تردداتها إلى 20000 هرتز أيضًا، إلّا أنّ هذا النطاق من التردّد الصوتي هو الأنسب لأذنهِ. أمّا بالنسبة للحيوانات فالأمر مختلف، فلكلّ نوعٍ منها قدرةُ خاصّة ونطاق تردّدي معيّن يسمع ضمنه، الأمر الذي يقودنا لأنْ نقول بأنَّ الطبيعة أولّت عنايتها جيّدًا بكلّ كائن حيّ لتمكّنهُ من سماع ما يحتاج سماعه.
بيتي لويس
السمع بالأُذنيين
بالنسبة للبشر والحيوانات البرية الأخرى، الصوت هو عبارة عن الاهتزازات المنتقلة في الهواء. عندما تدخل الاهتزازات صيوان الأذن- الجزء الخارجي من الأذن على سطح الرأس- تتسرّب منه وصولًا إلى طبلة الأذن، وهي غشاء رقيق يهتز عند تعرضه للموجات الصوتية. حيث تتأثر سرعة تلك الاهتزازات تِبعًا لارتفاع وانخفاض هذه الترددات. لتدفع طبلة الأذن بعدها الصوت المهتز عكس المجموعة العظميّة فيها، والتي بدورها تنقل الاهتزازات إلى السائل في الأذن الداخلية. لتبدأ ذبذبات الصوت شَقّ طريقها بعد وصولها الأذن الداخليّة عبر القوقعة الحلزونية الممتلئة بخلايا الشعر. بحيث تعمل الموجات الصوتية على تحريك الشعيرات على خلايا الشعر، وإرسال إشارات إلى الدماغ، والتي تنتج عنها هذه الاهتزازات كأصوات.
اختلاف تكوينات أذُن عن أخرى
يعتمد مستوى السمع عند الحيوان على تكوين أذنيه، بحيث يلعب كلّ من حجم الأذن وشكلها وموضعها في رأس الحيوان دورًا مهمًّا في تحديد كيفية نتاج الموجات الصوتية. ويلتقط صيوان الأذن المزيد من الاهتزازات، فالخفافيش؛ على سبيل المثال، تملِك طبلة أذن رقيقة للغاية تُمكّنها من سماع ما يصل إلى ١١٠,٠٠٠هرتز إضافةً إلى استخدامها خاصيّة رصد الأصوات بالصدى التي تمكّنها من إيجاد حشرة على بعد 30 قدمًا في الظلام. وعلى النقيض من ذلك، فالحيوان ذو طبلة الأذن السميكة والثقيلة لا يسمع ترددات عالية بشكل جيد لأنَّ سماكة وثِقل طبلة أذنيه يمنع الاهتزازات السريعة. إضافةً لتأثير حجم العظام في الأذن على قدرة الحيوان على السمع، فالعظام الثقيلة لا تتوافق مع الاهتزازات عالية التردد، لذلك تستطيع الحيوانات التي تملك عظام أثقل سماع ترددات منخفضة بشكلٍ جيد. وتمتاز الحيوانات ذوات العظام الرقيقة بقدرتها على سماع الترددات العالية بشكل أفضل.
عدم اعتماد بعض الحيوانات على الأذنين لسماع ما حولها
تعتمد الأفاعي على عظام جمجمتها وفكها ليتتمكّن من نقل اهتزازات منخفضة التردد إلى أذنها الداخلية. حيث يعتبر مبدأها في نقل الاهتزازات شبيهًا لتجربة يقوم بها البعض بالانحناء ووضع الرأس بالقرب من الأرض لسماع اهتزازاتها. تمتلك الأفعى أذنًا داخليّة كونها حيوان فقاريّ. أمّا اللافقاريات؛ فتستخدم أعضاء بديلة للأذن الداخلية للتعرف على الموجات الصوتية. فمع احتمالية عدم امتلاك الحشرات للأذنين، إلّا أنّها تملِك طبلة أذن من نوعٍ خاص تُمكّنها من سماع الأصوات بقدرة تفوق قدرة البشر. بينما تملِك العناكب والصراصير قنوات سمعيّة مشّعّرّة على أرجلِها تمكّنها من سماع الأصوات، كذلك الأمر لدى اليرقة حيث تمتد هذه القنوات على طول جسمها، مما يوضّح أهمية الشعر في مساعدة هذه الحشرات على سماع ما حولها دون امتلاكها أذنيين.
السمك والدلافين
الأمر مختلف لدى الأسماك؛ فهي لا تملك آذانًا، لعدم حاجتها لها. بحيث تُمكّنها الخطوط المتواجدة على كامل جسمها من إدراك الأصوات من حولِها. أمّا الدولفين، الذي لا يملك أُذنين والمعروف بسَمَعِه الممتاز بين الحيوانات الأخرى، يعتمد في سماعه للأصوات على طبلات أُذن خارج جسدهِ إضافة لخاصية رصد الأصوات بالصدى التي يستخدمها لتعزيز سمعهِ. يعمل الدولفين على إطلاق تغريدات في الهواء ليبدأ باستشعار ما حوله بعد ارتدادها. هذه الخاصيّة تساعده في معرفة المجسمات التي لا يستطيع رؤية مواقعها وأحجامها.
ترجمة: عرين خليل الحجّاج.
تدقيق: فاطمة الملّاح.