أسئلة لم تُجب عنها الفيزياء!
إذا خرج إسحاق نيوتن فجأة من آلة الزمن، فسيكون سعيدًا بمعرفة المدى الذي وصلت إليه الفيزياء. حيث يتم تدريس الأشياء التي كانت غامضة للغاية قبل بضعة قرون في صفوف الفيزياء للطلبة العاديين (تكوين النجوم هو مثالٌ واحد مناسب).
سوف يُصدم نيوتن برؤيته لتجارب هائلة مثل مصادم الهادرون الكبير (LHC) في سويسرا – وربما يشعر بالقلق لأن نظريته في الجاذبية قد حلّت محلها واحدة حَلُم بها زميل اسمه آينشتاين.
ومن المُحتمل أن تصدمهُ ميكانيكا الكم شرَّ صدمة، على الرغم من أنّ العلماء اليوم يشعرون بنفس الطريقة حيالها.
ومع ذلك، فبمجرد تقدُّمه في الزمن بمركبته الزمنية، كان نيوتن بلا شك سيُشيد بما حققته الفيزياء الحالية من اكتشاف طبيعة الضوء في القرن التاسع عشر لتحديد بنية الذرة في القرن العشرين وحتّى اكتشاف موجات الجاذبية في العام الماضي.
ومع ذلك، فإن علماء الفيزياء في الوقت الحاضر هم أول من يعترف بأنهم لا يملكون جميع الإجابات. يقول الدكتور دانيال وايتسون، وهو عالم فيزياء في كاليفورنيا: “هناك حقائق أساسيّة عن الكون لانزال نجهلها، وليس لدينا أي فكرة عن دليل للكون المجهول”.
من ماذا تتكون المادة؟
نحن نعرف أن المادة تتكون من ذرات، وتتكون الذرات من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. ونحن ندرك أن البروتونات والنيوترونات تتكون من جزيئات صغيرة تسمى الكواركات.
هل سيؤدي البحث عن جسيمات إلى كشف أعمق عن مزيد من الجسيمات الأصغر؟ نحن لا نعرف على وجه اليقين.
لدينا شيء يعرف بالنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، وهو ممتاز في شرح التفاعلات بين الجسيمات دون الذرية. كما تم استخدام النموذج القياسي لتوقع وجود جسيمات غير معروفة سابقًا.
كان الجسيم الأخير الذي تم العثور عليه بهذه الطريقة هو بوزون هيغز، والذي لاحظه باحثو LHC في عام 2012.
لكن هناك عقبة، كما يقول الدكتور دون لينكولن وهو عالم في فيزياء الجسيمات في مختبر فيرمي للسرعات الوطنية القريب من شيكاغو:
«إن النموذج القياسي لا يعطي تفسيرًا لكل شيء».
وأضاف لينكولن:
«إنه لا يقدم تفسيرًا لسبب وجود بوزون هيغز. كما أنه لا يفسر بالتفصيل سبب وجود جسيم هيغز بكتلته هذه. في الواقع، اتّضح أنّ هيغز أقل بكثير مما كان مُتوقعًا وفقًا للنظرية».
لا تنتهي الألغاز هناك، من المعروف أن الذرات مُتعادلة كهربيًا، حيث يتم إلغاء الشحنة الإيجابية للبروتونات عن طريق الشحنة السلبية للإلكترونات، ولكن، لماذا يكون الأمر كذلك، يقول لينكولن: «لا أحد يعلم».
لماذا الجاذبية غريبة جدًا؟
لا توجد قوة مألوفة أكثر من الجاذبية – إنها ما يبقي أقدامنا على الأرض، بعد كل شيء.
وتُقدم نظرية أينشتاين للنسبية العامة طريقة رياضية للجاذبية، واصفةً إياها بأنها “تشويه” نسيج الفضاء. لكن الجاذبية أضعف بنحو ألف مليار تريليون تريليون مرة من القوى الثلاث المعروفة الأخرى (الكهرومغناطيسية وشكلان من القوى النووية التي تعمل على مسافات صغيرة).
أحد الاحتمالات؛ هو أنّه بالإضافة إلى الأبعاد الثلاثة للفضاء الذي نلاحظها كل يوم، هناك أبعاد إضافية مخفية، ربما “مُلتوية” بطريقة تجعل من المستحيل اكتشافها. إذا كانت هذه الأبعاد الإضافية موجودة، وإذا كانت الجاذبية قادرة على “التصرف” خلالها، فقد تُعطي تفسيرًا لماذا تبدو الجاذبية ضعيفة بالنسبة لنا.
ويقول ويتسون: «يمكن أن تكون الجاذبية قوية مثل تلك القوى الأخرى ولكن وجودها وتصرفها خلال الأبعاد الأخرى غير المرئية من الممكن أن يكون سبب إضعافها». كان بعض علماء الفيزياء يأملون أن تعطي التجارب في مصادم الهادرونات الكبير LHC لمسة من هذه الأبعاد الإضافية، ولكن حتى الآن، لم يحالفنا الحظ.
لماذا يبدو أن الوقت يسير فقط في اتجاه واحد؟
منذ عصر آينشتاين، كان الفيزيائيون يفكرون في المكان والزمان على أنَّهما يشكلانِ بنية رباعية الأبعاد تعرف باسم “الزمكان- “. ولكن الفضاء (المكان) يختلف عن الزمن ببعض الطرق الأساسية للغاية. في الفضاء، نحن أحرار في التحرك كما نرغب (أي في جميع الاتجاهات).
عندما يتعلق الأمر بالوقت، فلا حيلة لدينا. نتقدم في السن، وليس العكس. ونتذكر الماضي، ولكن ليس المستقبل. يبدو أن الوقت، على عكس الفضاء، له اتجاه مُوحّد، حيثُ يُطلِق عليه الفيزيائيون “سهم الزمن”.
يشك بعض علماء الفيزياء في أن القانون الثاني للديناميكا الحرارية يُقدم حلًا. ويذكر أن الإنتروبيا (مقدار الفوضى) في نظام مادي ما ترتفع مع مرور الوقت، ويعتقد الفيزيائيون أن هذه الزيادة هي التي تعطي الوقت اتجاهه المُوحد.
على سبيل المثال، كوب الشاي المكسور يحتوي على قدر أكبر من الإنتروبيا أكثر من كونه سليمًا، ويبدو من المؤكد أن فناجين القهوة المحطمة تظهر دائمًا بعد أن تكون سليمة، وليس قبل ذلك.
قد يرتفع الإنتروبي الآن لأنّه كان أقل في وقت سابق، ولكن لماذا كان منخفضًا في البداية؟ هل كان إنتروبيا الكون منخفضًا بشكل غير عادي منذ 14 مليار عام، عندما جلبه الانفجار الكبير إلى الوجود؟
بالنسبة لبعض الفيزيائيين، بما في ذلك شون كارول من كالتك، هذه هي القطعة المفقودة من اللغز. ويقول: “إذا كان بإمكانك أن تخبرني لماذا كان للكون المبكر إنتروبيا منخفض، فيمكنني أن أشرح الباقي منه”.