لماذا تُعتبر الذرات كبيرة جدًا؟

الذرة هي أصغر حجرِ بناءٍ أو أصغر جزء من العنصر الكيميائي يمكن الوصول إليه والذي يحتفظ بالخصائص الكيميائية لذلك العنصر. يرجع أصل الكلمة الإنجليزية (بالإنجليزية: Atom) إلى الكلمة الإغريقية أتوموس، والتي تعني غير القابل للانقسام؛ إذ كان يُعتقد أنه ليس ثمة ما هو أصغر من الذرة.

تتكون الذرة من سحابة من الشحنات السالبة (الإلكترونات) تحوم حول نواة موجبة الشحنة صغيرة 100,00 مرة في المركز. فلو أننا تخيّلنا أنّ الذرة باتساع مطار هيثرو فإنّ النواة ستكون في حجم كرة الجولف! تتكون النواة الموجبة من بروتونات موجبة الشحنة، ونيوترونات متعادلة. الذرة هي أصغر جزء من العنصر يمكن أن يتميز به عن بقية العناصر، مما يجعلنا نتساءلُ على الفور عن سبب وجود هذا الفراغ الهائل في الذرات.

إنّ فهم سبب وجود كمية مذهلة من الفراغ في الذرات يتطلب دقةً أكثر حول مبدأ الريبة لهايزنبرج والذي يُعتبر من أهم المبادئ في ميكانيكا الكم، ينص هذا المبدأ على أنه لا يمكن تحديد خاصّيتين مُقاستين من خواصّ جملة كمومية إلا ضمن حدود معينة من الدقة، أي أنّ تحديد أحد الخاصيتين بدقة متناهية (ذات عدم تأكد ضئيل) يستتبع عدم تأكد كبير في قياس الخاصية الأخرى، ويشيع تطبيق هذا المبدأ بكثرة على خاصيّتَي تحديد الموضع والسرعة لجسيم أولي. فهذا المبدأ معناه أنّ الإنسان ليس قادرًا على معرفة كلّ شيء بدقة مُطلقة. ولا يمكنه قياس كلّ شيء بدقة مُطلقة، إنما هناك قدر لا يعرفه ولا يستطيع قياسه. وهذه الحقيقة الطبيعية تخضع للمعادلة المكتوبة أدناه والتي يتحكم فيها h ثابت بلانك وعدم التأكد في كمية الحركة بالرمز دلتا x  وعدم التأكد في كمية الزخم بالرمز دلتا p صاغ المبدأ العالم الألماني هايزنبرج عام 1927

 

ونتائج هذا المبدأ شيء هائل حقًا، فإذا كانت القوانين الأساسية للفيزياء تمنع أيّ عالِم -مهما كانت له ظروف مثالية- من الحصول على معلومات مؤكدة تمامًا. فما يقوم بقياسه يحتوي طبيعيًا على قدر من عدم الدقة لا يستطيع تخطيه، لأنه قانون طبيعي. فهذا هو منطق مبدأ عدم التأكد. ومعنى ذلك أنه لا يستطيع أن يتنبأ بحركة الأشياء مستقبلاً بدقة متناهية، بل تظلّ هناك نسبة ولو صغيرة من عدم التأكد.

إعلان

كما نعلم، زخم أيّ جسم ما هو نتاج كتلته وسرعته. وفي الحقيقة، إنه ليس سوى قياس لمدى صعوبة إيقاف الشيء المتحرك. فالقطار مثلاً، لهُ زخم كبير مقارنةً بالسيارة؛ حتى لو كانت السيارة سريعة. وكما تمّ قياسه مختبريًا، فإنّ حجم البروتون في النواة أكبر ب 2000 ضعف من حجم الإلكترون. وطبقًا لمبدأ الشك يكون البروتون والإلكترون محصورَين بنفس الحجم من الفضاء، مما يُجبر الإلكترون للتحرك بسرعة تبلغ ضعف حركة البروتون 2000 ضعف.

شيئًا فشيئًا نقترب من الإجابة على السؤال الأساسي وهو لماذا تكون الذرات كبيرة جدًا مقارنةً بالنواة؟ اتضح لدينا من خلال مبدأ الشكّ أنّ الإلكترونات في الذرة تتواجد في سحب احتمالية حول النواة في فضاء واسع جدًا مقارنةً بفضاء النواة التي توجد فيها البروتونات والنيوترونات. الجواب هو أنّ الإلكترون في الذرة والبروتون في النواة ليسا خاضعين لنفس القوة المؤثرة. بينما تكون الجسيمات النووية (المتواجد داخل النواة) ممسوكة بقوى نووية قوية ضخمة، تكون الإلكترونات حول النواة ممسوكة بقوى نووية ضعيفة جدًا. تُشبَّه هذه القوى بالخيوط القماشية المرنة؛ فحركة الإلكترونات حول النواة مرتبطة بخيطٍ قماشي مرن، بينما البروتونات والنيوترونات مُقيدة بخيطٍ أسمك بـ50 مرة! مما يجعلنا نُفسر هذا الحجم الهائل للذرة مقارنةً بالنواة.

 

المصطلحات وتعاريفها:

المصطلح تعريفه
ميكانيكا الكم- Quantum Mechanics هي مجموعة من النظريات الفيزيائية ظهرت في القرن العشرين، وذلك لتفسير الظواهر على مستوى الذرة والجسيمات دون الذرية.
 

القوى النووية القوية- strong nuclear force

“هي القوة التي تربط البروتونات والنيترونات مع بعضها البعض داخل نوى الذرات، على الرغم من أنه نتيجة تشابه شحنات هذه البروتينات فإن قوة تنافرٍ قوية تنتج داخل النواة، ولكن بفعل هذه القوة النووية فإن هذه البروتونات تبقى مستقرةً في مكانها. وتحافظ هذه القوة النووية القوية على الروابط بين (البروتون مع البروتون، والنيوترون مع النيوترون، والبروتون مع النيوترون) بشكلٍ طبيعي بحيث تكون مستقرةً…”
 

 

القوى النووية الضعيفة- weak nuclear force

تُعد القوة النووية الضعيفة القوّة المسؤولة عن الاضمحلال الإشعاعي والانشطار النووي للجسيمات دون الذرية، وتعود سبب تسمية هذه القوى بالضعيفة إلى أنّ شدة مجالها على مدى مسافة مُعينة تكون أقل حجمًا من تلك التي تصنعها القوى النووية القوية والقوى الكهرومغناطيسية.

 

المصادر الثانوية:

Kenneth S. Krane (1988). Introductory Nuclear Physics. Wiley & Sons.

Pullman, Bernard (1998). The Atom in the History of Human Thought. Oxford, England: Oxford University Press.

https://en.wikipedia.org/wiki/Uncertainty_principle

إعلان

مصدر A Guide To The Universe
فريق الإعداد

إعداد: سلمان عبود

تدقيق لغوي: ضحى حمد

تدقيق علمي: ضحى حم

اترك تعليقا