كفى إهدارًا لوقتك في المعرض.. احرق قوائم الكتب وغامر
مع كلّ بداية عام واقتراب معرض الكتاب ، تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع بترشيحات قوائم الكتب الجيدة ودور نشر معينة، وتنتشر طريقة وضع القوائم لتركيز الانتباه، لتجنُّب التشتُّت بين كل الأعمال الموجودة؛ القديمة والجديدة، وتمييز ما يستحقّ الاقتناء عمّا يستحقّ الحرق!
الحقيقة أنّ المعرض أقل تعقيدًا و عشوائيةً من أن توضع له قائمة تتبعها!
معرض الكتاب المقام في مدينة نصر يحتوي بداخله أكثر من ٥٠٠ دار نشر مصرية وعربية وعالمية، يبدو الأمر مهولًا لمجرّد التفكير في كيفية الاستفادة من كلّ هذه الأماكن في يوم واحد على الأقلّ؛ لذا يضطرب البعض رغبةً في الحصول على كلّ ثمين ويلجأون لقائمة محدّدة بها اسم الكِتاب والكاتب ودار النشر، ولكنّ فكرة قوائم الكتب – من رأيي – فاشلة.
متى تنقلب قوائم الكتب من المساعدة إلى مضيعة للوقت؟
أن تحدّد الكتاب ودار النشر وتذهب إلى هناك رأسًا فتجده ليس معناه أنك اغتنمت فرصة، بل معناه أنّ هذا العمل، غالبًا، يكون متوفرًا طوال العام، وقد أضعت بعض الوقت بدلًا من إيجاد كنز مدفون.
كما توجد بعض الأخطاء التي تجعل القائمة بلا فائدة: هي وضع أعمال جديدة صادرة وقت المعرض تروّج لها دار النشر! لا يحتاج الأمر لكثيرٍ من التفكير للتوصل إلى أنّ الأعمال الصادرة حديثًا متوفّرة طوال العام بشكل أكثف من العادي. الكلّ يقع في هذين الخطأين والكلّ يخرج من هناك بلا فائدة تُذكر، حتى لو حقق ما كتبه فى القائمة.
معرض الكتاب مغامرة
لو كان هناك شيئًا واحدًا يستحق الذهاب من أجله إلى معرض الكتاب فهو المغامرة؛ مغامرة استكشاف كلّ ما فى المخازن. لِمَ أذهب إلى معرضٍ كلّ المكتبات الموجودة به متوفرة طوال العام؟!
الإجابة هي من أجل المخازن؛ تقوم دور النشر بإخراج كلّ ما في المخازن القديمة، وهي فكرة مبهرة، خاصّة لمؤسسات الدولة المدعمة التي توقفت عن طبع عدة أعمال وسلاسل قديمة، حيث لا يمكن إيجاد هذه الأعمال في الفروع المتعددة، مثل الأعمال الكاملة التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب؛ أغلبها نفذ من المخازن حتى، ولكن تبقى بعض المجلدات مثل أعمال: «الفريد فرج» و«فؤاد قنديل» و«مجيد طوبيا» و«ملحة عبد الله» متوفرة في معرض الكتاب سنويًا ولا يمكن إيجادها بسهولة في الفروع ولا حتى تجميع هذه الأعمال، بسبب سعرها المبالغ به بعد إعادة طبعها في أماكن أخرى، خاصة أنّ هؤلاء الكتّاب رغم حيازتهم العديد من الجوائز إلا أنهم غير مشهورين وكذلك أعمالهم لم تحظَ بالتقدير الكافي.
المؤسّسات ذات المكان الواحد فرصة كبيرة للساكنين بعيدًا عن القاهرة؛ يقوم أغلبها بإنشاء أقسام مخفضة للأعمال القديمة (أهم هذه المؤسسات: «دار الهلال» و«أخبار اليوم» و«مكتبة مصر»)، وتباع تلك الأعمال القديمة لكتاب وصحفيين كبار بأقلّ الأسعار، تبدأ من جنيهات قليلة لأعظم الأعمال، ولكن بسبب قلة انتشارها تبقى أغلب هذه الطبعات داخل الدار إلى حين إقامة منفذ كبير في المعرض، فتقوم ببيع أغلب أعمالها المتوفرة؛ لذا إن كنت من محافظة بعيدة حاول أن تنسى الكتب المتوفرة والمكتبات المنتشرة، وركّز على ما لا يمكن إيجاده باقي العام.
سور الأزبكية فرصة يجب عليك اغتنامها في معرض الكتاب
لا يذهب أحد إلى المعرض بدون المرور على سور الأزبكية، إذا كان المعرض مغامرة فهو مغامرة داخل مغامرة. وبرأيي، يحتاج سور الأزبكية إلى يوم كامل لاكتشاف كل ما فيه، الكتب القديمة هي ملجأ كل من يحتاج إلى شيء لا يجده، صحيح أنّ البحث يستغرق وقتًا طويلًا، ولكن لا أمل للحصول على الكتب النادرة إلا فيه، مثل أعداد عالَم المعرفة الصادرة عن دولة الكويت، والتي لا توجد كاملة حتى في الجناح الخاص بهم. بعض المكتبات داخل السور تحتوى على مراجع علمية وقواميس للطلبة لا تتوفر إلا هناك، وأحيانًا تكون بطبعات قديمة يصل الفرق بينها وبين سعر الطبعات الجديدة إلى الضِّعف، تقريبًا!
كما أنّ السور لم يعد مكانًا للبحث العشوائي فقط، أصبح أغلب العاملين هناك يتابعون ما يهم القارئ من روايات جديدة مشهورة أو أعمال حاصلة على جوائز أو حتى الأعمال الأجنبية بلغتها الأصلية؛ لذا يمكنك التوجه إلى أي مكتبة لتسأل عن أعمال نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي بل والأعمال السياسية الممنوعة، وسوف تجدها بطبعات قديمة وأسعار معقولة. وكلّ هذه المميزات لا تشمل البحث بين الكتب الكثيرة وإيجاد أعمال لكتّاب عالميين لم تتمّ إعادة طبعها مجددًا.
ليس من المؤكد إيجاد كلّ ما تريد، لذا، لمَ لا تذهب إلى مكان كلّ ما فيه قيم منذ البداية؟ حتى هذه الأماكن ليست مضمونة دائمًا، ولكنّ ذلك سيكون أفضل من الذهاب إلى دور نشر تعلم كلّ المتوفّر بها طيلة العام!
تقوم قوائم الكتب بتقييدك في أعمال معينة، وتصرف نظرك عن البحث عن الأفضل واستكشاف أماكن جديدة؛ لذا قد تجدي خطة قائمة الأماكن نفعًا أكثر من قائمة الكتب -مع الاحتفاظ ببعض الأعمال المهمة التي قد لا تتوفر إلا في المعرض وفي بعض الأوقات المعينة أيضًا، مثل أعمال الهيئة الجديدة التي تنفَذ قبل ترتيبها في الجناح حتى!