لماذا يقتل مسلمي بورما “نظرة تاريخية لمعرفة السبب”

في السنوات الأخيرة تردد على آذننا الكثير من الأحاديث عن مسلمي بورما وما يتعرضون له من مذابح، وكثرت الصور التي تدمع العين حين تراها، كما كثرت الأقاويل في الكتب والمراجع فالبعض يرى أنهم أكتر شعب ظُلم في التاريخ، والآخر يرى أنهم أكبر خونة على مر تاريخ بورما ويستحقون ما يحدث لهم.
ولذلك سنحاول أن نعرض تاريخ مسلمي بورما بكل حيادية.

أين تقع بورما

في البداية دعونا نتعرف على الموقع الجغرافي للبلدة حيث تقع بورما في جنوب شرق آسيا يحدها من الشمال الشرقي دولة الصين، ومن الشمال الغربي كلاً من الهند وبنغلادش، ويحدها من الشرق تايلاند ولاوس.

يسكن المسلمين بورما منذ زمان قديم  _تقريباً في القرن الثامن الميلادي_، أي بعد وفاة النبي محمد بأقل من مائتي عام، وهناك قصة بالرغم من كثرة الأقاويل حولها، إلا أن الكثير يضدقونها وهي أن هناك سفينة من التجار العرب المسلمين وصلت راكان فقام ملكها البوذي بالاستيلاء عليها وذبحهم وهم ينادون “الرحمة” فأطلق عليهم رهام ثم تحولت لراهوهانج وأخيراً أسموهم “روهينجا”

قوبلاي خان و مسلمي بورما

قوبلاي خان

عندما تولى قوبلاي خان الحكم (1279 – 1294) وهو أحد أحفاد جنكيز خان وتولى الحكم خلفا لأخيه منكو خان عرف عنه أنه كان واسع الأفق، حر الفكر، بعيداً عن التعصب، متسامحاً مع جميع الأديان وكان كثيراً ما تعقد المناظرات الدينية بحضرته بين أصحاب الأديان وأرباب المذاهب من شتى الديانات وقد تُرجم- بناء على أمرٍ منه- أقسام من القرآن الكريم والإنجيل والتوراة؛ ومن تعاليم بوذا، وكانت المناظرات في المسائل الفلسفية التي تتعلق بما وراء الطبيعة تجد ميلًا شديداً لديه، وفي نهاية المناظرات، كان يشمل المتناظرين جميعاً بعطفه ورعايته.

إعلان

نارا ميخلا و مسلمي بورما

نارا ميخلا ملك بوذي كان إخواته قد نفوه إلى بنجلاديش المسلمة 24 عام وعاد بعدها يحكم ولاية أركان بقوة السلطنة البنغالية، عندما حكم نارا ميخلا “أركان” جلب البنغالة والهنود المسلمين الذين عاش معاهم في بنجلاديش 24 عام ليعيشوا معه في أركان، وفتح باب الهجرة الأولى للمسلمين من بنجلاديش لأركان، ثم وظفهم في الدولة بمناصب ممتازة و بالرغم من أنه يعتنق البوذية إلا أنه كان يستخدم ألقاب المسلمين في الحكم مثل “لقب السلطان… وغيره”، وظلت أركان تسير على هذا النهج لمدة 200 عام تقريباً خلالهم عاش المسلمين في نعيم بالرغم من أنهم تحت حكم سلاطين بوذيين، إلى أن ضعف حكام راكان فآتى البرماويين واستولوا على ولاية راكان وضموها لكامل بورما.

وهنا لكي نكون على حياد تنقسم الأقاويل إلى نوعين

الأول أن المسلمين في راكان طلبوا الحماية من الأنجليز الذين كانوا يحكمون الهند وبنجلاديش
والثاني أن المسلمين هربوا وذهبوا إلى بنجلاديش، وعندما وجدهم الأنجليز كثيرين مما أضطرهم لمحاربة البرماويين

في كلتا الحالتين دخل الانجليز راكان وابادوا البرموويين وتركوا راكان لمسلمي بورما وبنجلاديش، من أجل أن يزرعوا لهم الأرز في راكان، فوصل عددهم من 58 الف ل 178 الف سنة 1891م، وفي سنة 1927م أصبحوا 480 الف، وكانت حينها أركان أكبر منفذ للهجرة في العالم.

عندما ضعف الانجليز بعد الحرب أقاموا لجنة تحقيق لهجرة المسلمين سنة 1939م وكانت حينها بورما تمتلئ بمليشيا جديدة مدربة في اليابان جمعت الشعب البورموي حولها من أجل طرد الانجليز وكان اسمها “مليشيا الرفاق الثلاثون”، وعقب انتصار بريطانيا في الحرب العالمية الثانية احتلت بورما مرة أخرى، سنة 1945م ، واستقلت عنها بورما سنة 1948 م، خلال الثلاث سنوات جعل البريطانيين المسلمين “كبش فدا”، فكانوا يوقعون بينهم وبين البورمويين المسلحين بقيادة مليشيا الرفاق الثلاثون من أجل نقل المقاومة المسلحة من عليهم ووضعها على المسلمين.

وبالرغم من أن المسلمين حاربوا الانجليز مع الشعب البرموي بقيادات الجهاد الروهينجي المسلح، إلا أن ذلك لم يغير شئ من الكراهية التي تحملها البرمويين للمسلمين فبدأت الحرب عليهم قبل الاستقلال عن بريطانيا، فوضعوا القادة في السجون، ونفوا  المعارضين خارج البلدة، وطردوا الفلاحين والعمال من وظائفهم، وحدثت المذبحة الأولى عام 1942م، ولكي نظل على الحياد
فإن المراجع الإسلامية تقول أن عدد الضحايا وصل ل100 الف مسلم في اركان بينما تقول
المراجع المعارضة أنها حالات فردية لا تتعدى 10 الاف، بل وذكروا أن المسلمين ذبحوا 20 ألف راكاني بوذي بما فيهم نائب المفوض والذي كان يريد أن يصلح بينهم.
في عام 1962 تولت حكومة عسكرية إدارة الدولة وحينها بدأ التهجير لبنجلاديش وتايلاند ومازال القتل والتهجير مستمر إلى اليوم

بعض الأحداث بين مسلمي بورما والبوذيين

هذه الأحداث موثقة بالصور ولكن لا داعي لعرضها تستطيعون الوصول لها عن طريق البحث على جوجل

1 – حملة بورما للبروميين فقط : نظم العديد من البوذيين مظاهرة في راكان بقيادة تلاتة رهبان بوذيين ضد المسلمين، البعض يقول أن الشرطة أعتدت على المظاهرة وأصابوا الرهبان التلاتة، وآخرين يقولون أن المسلمين هم من فعلوا ذلك، فبدأت سائل الاعلام بشن حرب ضد المسلمين وعرض صور الرهبان المصابين فخرج العديد من الناس وذبحوا المسلمين في الشوارع وهدموا أكتر من 100 مسجد، وارتكبوا العديد من حالات الأغتصاب.

2 – حدث نزعة قومية في الحكومة عام 1963م ضد المسلمين، وتم طردهم من الجيش وباقي مصالح الدولة، وأسموهم “قاتلي البقر”، وتم منعهم من شعائرهم الإسلامية مثل الذبح في عيد الاضحى والصلاة وغيره..

3 – قامت حركة طالبان في عام 2001 بتكسير تمثال بوذا في أفغانستان، فخرج الرهبان البوذيين في بورما ضد المسلمين جميعا، وحدثت مظاهرات تطورت لحالات قتل وإبادة نالت 200 مسلم، وحرق 400 بيت وتدمير 11 مسجد.

4 – في 2012 م استيقظ العالم  على خبر قتل 11 مسلم روهينجي كانوا بداخل أتوبيس، وهجمت عليهم بعض وحدات الجيش البورموي وبعض من الشباب البوذيين الذين يحملون السنج وقطعوا المسلمين أجزاء، ولكن الصور في هذا الموضوع أبشع من أن يراها أحد، ثم خرجت الحكومة لتقول أنها ستحقق في الأمر، ولكن ال 11 مسلم كانوا قد اغتصبوا فتاة بوذية، وتم تهجير قرب ال 2000 مسلم من بيته بداعي الخوف عليهم من البوذيين.

5 – التهجير والقتل في المسلمين هناك مازال مستمر وفي تزايد والحكومة غير مهتمة، وفي المجزرة التي حدثت عام 2012 م وتحدث عنها الكثير في الإعلام وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ البحث في الملفات القديمة، فخرجت العديد من الصور لأناس من مسلمي الروهينجا محروقين لا يعلم أحد متى و أين، وأيضاً صور لسفن مسلمين مهاجرين في 2009 ضرب عليها نار من الجيش التايلاندي وغرقت على الحدود، وقرب ال 100 الف لاجيء عالحدود البنجالية وغيرها على حدود دول آخرى، وترفض هذه الدول دخول مسلمي بورما عندها، أما المساعدات التي تأتيها من الامم المتحدة لا تكفيها بل ويتم سرقتها لأنها تأتي عن طريق الحكومات.

وحتى الأن لا توجد حلول فقط شعارات على مواقع التواصل ومازال القتل والتهجير مستمرين، بينما المساعدات من جميع الدول تقتصر على طعام وشراب وغطاء وأشهر الزيارات كانت لاردوغان وأنجلينا جولي وبعض المشاهير.

في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك

علي الحفناوي يكتب للمحطة القتل بإسم الدين

كيف تقتل مائة ألف ، ويصفق لك الناس ؟ “

تاريخ مصر مع الوهابية

إعلان

اترك تعليقا