لماذا قد يرسل رجل صورة قضيبه لفتاة لا يعرفها؟
على مدار أكثرَ من ثلاث سنواتٍ سألتُ الكثير من الفتيات والنساء عن إن كانوا قد تعرضوا لرؤية قضيب أرسله رجل لهم عبر أيّ منصةٍ من منصات التواصل الاجتماعيّ بدون معرفة مسبقة لبعضهم البعض. تصورتُ أنّني لن أجدَ الكثيرَ ممن تعرضنْ لذلك ولكنّي تفاجأتُ أنَّه على الأقل من كل عشر نساء هناك سبعُ نساء تعرضنْ لمثل هذا الموقف!
حتى إنَّه يحدثُ بنفس الديناميكيّة، تفتحُ إحداهُنَّ لتتفقد رسالة جديدة وصلتها لتجد رجلًا لا تعرفه أو تعرفت عليه بشكل سطحيّ بعد تبادل عدة رسائل مثل “هاي”، و”صباح الخير”. ومن الممكن -وهو الأكثرَ شيوعًا- ألّا يكون في قوائم صداقتها يرسل لها صورة قضيبه بدون أي تعليق مسبق على الصورة، ودائمًا تكون صورة وليس مقطع فيديو، إنّه يحاول أن يختار زاوية معينة ليظهر بشكل يسبب له الرضا. وحتى قبل التطوُّر التكنولوجي في الهواتف النقالة والاختيارات المتعددة الذي يمنحها كل من ماسنجر أو الإيميل… إلخ، في إمكانية إرفاق الصور أو المقاطع بسهولة هذه الأيام في المحادثات. فكان مستخدمو هوت ميل أو ياهو ماسنجر من الرجال لا يتوانوا في أي فرصة ويبدأون في وصف أعضائهم الذكرية من حيث الحجم والطول واللون!
وردود أفعال النساء في هكذا حالة واحدة تقريبًا باختلاف ثقافاتهم وميولهم الجنسية. وهي الحظر block، وأحيانًا هناك نسوة تشتم وتسب هذا المرسل قبل حظره، أو تفضحه عن طريق أخذ لقطة للشاشة للمحادثة screenshot ويُعتبَر الفعل الأخير جديدًا ؛ لأنّه في السابق كانت النساء -خصوصًا في المجتمعات العربية- تخاف أن يتهمها أحدٌ بأنَّها السببُ في هذا الفعل!
إذًا لماذا قد يرسل رجل صورة قضيبه لامرأةٍ لا يعرفها ولم تطلب منه ذلك؟
هناك عدة أسباب ونظريات حول هذا الأمر لكنّي أُفضِّل أن أبدأ بالجزء المتعلق بتاريخ تطور الإنسان. يقول راسل ستامبو Russell Stambaugh -معالج للاضطرابات الجنسية في ديترويت- أنّ هناك أساسًا تطوريًّا لبعض أنواع السلوك. يسميها “إشارة جنسية” sexual signaling مصممة لتحفيز الظروف التي يمكن أن يحدث من خلالها السلوك الجنسيّ الإنجابي بمعنى أن هناك إشارات مثل: النظرة، أو الابتسام، أو وضع اليد على الشعر، بمثابة دعوة لممارسة الجنس. وهذا يمكن تطبيقه على مواقع التواصل الاجتماعي من حيث قبول طلب صداقة، أو الرد على رسالة “هاي ممكن نتعرف” فإذا تلقّى إجابة سيرسل بالطبع صورة عضوه بعد عدة دقائق من الرد عليه.
وهو ما اتفق عليه أيضًا Justin Lehmiller الباحث في الجنس في جامعة هارفارد ووضح هذا الأمر في مدونته قائلًا: “إن هناك أشياء تحدث بسبب ما يسمى نظرية إدارة الأخطاء ويرجع هذا لطبيعة جينيّة تكيّفَ معها الرجل أنَّه لا يريد أن يضيع فرصة للتكاثر”، ويمكن اعتبار مقولة لاعب الهوكي واين جريتزكي “ستفتقد كل ضربة لم تسددها” مناسبةً لهذه الحالة، أو “ضحكت يعني قلبها مال” مناسبة أكثر.
سببٌ آخر يكمن في لا وعي الرجل، هو أنه يريدكِ أن ترسلي إليها أنتِ أيضًا صورة عارية له فيسقط احتياجه هذا عليكِ؛ لأنه عندما يرى صورة عارية حتى وإن كانت في إعلان عن منتج ما يُستثار. يظن أن المرأة مثله ستُستثار من صوره قضيبه وسيذهبون في رحلة من الاستمناء سويًا، هذا الفعل يحدث بين الرجال مثليي الجنس ولا يجدون غضاضة في إرسال أحدهم للآخر صورة قضيبه دون طلب ذلك.
مرة أخرى يضع ستامبو سببًا مهمًا ويشاركه فيه المُدوِّن والمعالج النفسيّ David J Ley هو محاولة الهيمنة والتحكم وهذا ينبع من ميول سادية يعاني منها هذا الشخص بسبب تعرضه لصدمة في مرحلة من مراحل حياته سببت له الإحساس بالعجز ولا يستطيع السيطرة على الموقف؛ لذلك وبشكل غير واعٍ قرر أنه لن يكون الضحية مرة أخرى.
وإذا حلّلنا تلك النقطة سنجد أنّها تُقدِّم لنا توضيح الأمرين. أولُهما: أنّ الشخص الذي يرسل صور فاضحة لأعضائه التناسلية هو وجه آخر للرجال الذين يستمنون في الشارع أمام المارة أو في المواصلات العامة. الأمر الآخر أنّ الامتعاض والسبب في ارتسام ملامح القرف على وجه النساء يساعدهم على الاستمناء بشكل أفضل وليس العكس! هذا ما يريدونه أن يرى ملامح الارتباك والاضطراب والغضب من المشهد، والكلمات الجارحة، والحظر أو الهرب يثيره أكثر. الفيلسوف جان جاك روسو كان يمشي في الشوارع كاشفًا عن أردافه حتى يتم تعنيفه من قبل المارة!
أتذكر أنني تعرضت لموقف مثل هذا عندما ذهب أبي لإحضار الجرائد والقهوة على الطريق الصحراوي في صباحية سفرنا. بينما وأنا ماكثة في السيارة جاء من أقصى الطريق رجل يسعى أو بالأحرى رجل على وشك تفجير منيه في وجهي. ولأني كنت خائفة تجاهلته، وهذا أحد ميكانزمات دفاعي التي تعمل عندما لا أعرف ماذا أفعل، أريد أن أفكر ولا يظهر عليّ الارتباك في آن واحد. بعد عدة محاولات منه باءت كلها بالفشل لأنظر إليه وإلى قضيبه. بكى ثم هرب يجر أذيال الخيبة وبقية ملابسه. مشهد كهذا مناسب لأحد أفلام لارس فون ترايير.
وأحيانًا يكون الراسل باحثًا عن إشباع متعة سريعة ومؤقتة واحتياج لحظيّ، وبما أنّ مواقع التواصل الاجتماعي توفِّر إمكانية إخفاء هوية المستخدمين وانتحال شخصيات مزيفة؛ تلك المحنة تُمكِّنه من التصرف بحرية أكبر للتعبير عن احتياجه وكبته الجنسيّ بشكل فجّ دون أن يقصد أحدًا بعينه.
في النهاية يجب أن نعرف أنّه عندما نمر بهذا الموقف -نحن النساء- أننا نتعامل مع شخص غير سوي بالمرة، مضطرب بسبب ما تعرض له من مواقف سلبته الإرادة يستحق العلاج قبل العقاب.