مكادي نحاس في ضيافة بيت ياسين
يأتي إعلان الحلقة الجديدة والأخيرة من الموسم الأول لبرنامج بيت ياسين الذي يقدمه الشاعر والروائي المغربي ياسين عدنان على شاشة قناة الغد ليعلن عن استضافة الفنانة والمطربة الأردنية مكادي نحاس، حاولت تذكر الاسم أو اسم أغنية استمعت إليها مسبقًا، ولكني لم أذكر سوى أني رأيت الاسم ولم أحاول الاهتمام به، لتكشف لي الحلقة لاحقًا سوء ما فعلت.
مكادي نحاس ابنة الكاتب والسياسي الأردني سالم النحاس، كان مهتمًا بالعمل السياسي وشغل عددًا من المناصب، منها منصب الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني، وأسس فيما بعد رابطة الكُتاب الأردنيين، وكان قد تخرّج من جامعة عين شمس حاصلاً على بكالوريوس اللغة الإنجليزية، وله عددٌ من الإصدارات ما بين قصة ورواية ومسرح ومنها: رواية أوراق عاقر الصادرة عام 1968، ومسرحية الانتخابات الصادرة عام 1981، وديوان شعري صدر عن وزارة الثقافة الأردنية لعام 2001 يحمل عنوان أنتِ بالذات.
نشأت حسبما تخبر ياسين عدنان بمنزل يمتلئ بالموسيقى والأغاني والألحان، وهذا ساعدها بسنٍ صغير على كتابة أولى أغنياتها وتلحينها بنفسها، والتي صدرت بأول ألبوماتها “خلخال” الصادر عام 2006 تحت عنوان “رحل”، وتكمل بأن الأغنية لاقت نجاحًا لم تكن تتوقعه، ويطلبها منها الجمهور بحفلاتها.
أثر والدها عليها وعلاقتها باسمها
سُميت بمكادي وهو ما يعني الحرية في اللغة النيجرية، ولكنها كما تخبر ياسين عدنان فكانت تكره الاسم للغاية، بسبب إحساس الثقل في نطقها للاسم، وكانت ترغب لو تحمل اسمًا أكثر خفة يتكون من حرفين أو ثلاثة فقط، ولكنها غيرت رأيها بعدما عرفت معناه وبعدما دخلت في مجال الفن، فأصبح اسمًا مميزًا لا يحمله سواها.
تتحدث عن الأثر الكبير الذي تركه والدها بها، والطريقة التي رباهم عليها داخل المنزل، فهو غرس بهم قيم الحرية ولكن بشرط ألا تتعدى على الآخرين، وحرية الاختيار والنقاش حول ما يرغبون بفعله، وإعطاء رأيه، حيث تقول بأنه: “كان يجتمع معنا ويأخذ رأينا، ولكثرة صداقاته بكُتاب وسياسين عرب مختلفين؛ كان المنزل ملئٌ باللوحات الفنية، وكان ينعقد به الكثير من اللقاءات بأصدقائه”، مما ترك أثرًا إيجابيًا بهم، وإضافةً إلى ذلك فوالدها المناضل كان يملأ المنزل أغانٍ نضالية وثابتًا في مواقفه، تقول أنه بأعياد الميلاد “كان بدلاً من أغاني الميلاد يجعلنا نستمع لأغانٍ وطنية مثل موطني وغيرها”، مما كان له أثرٌ كبير في نفسها وعلى اختيارها لأغنياتها فيما بعد وثباتها في خياراتها الفنية وعدم الاستسلام كما والدها.
نقطة التحول
تتحدث عن بدايتها بالغناء والموقف الذي غيّر حياتها وجعلها تفكر بشكل جدي في الغناء، أنها بعدما كانت تدندن بالغناء بدون رغبة جادة في دخول هذا المجال، كانت تحب فيروز لدرجة التماهي الكامل معها وتقليدها، رتّب صديق لها لقاءً مع زياد رحباني بدون علمها، عندما استمع لها زياد تغني لفيروز طلب منها أن تختار لنفسها المسار الذي يُظهر شخصيتها بالغناء وأن تخلغ عنها عباءة فيروز، وطلب منها دراسة الموسيقى، فكانت لتلك الكلمات كبير الأثر في نفسها، وبدأت فعليًا دراسة الموسيقى، وتعرفت على فرقة النغم الأصيل، وشاركت معها لأول مرة بفعالية على جانب مهرجان جرش، وهنا كانت البداية.
شاركت مكادي نحاس فيما بعد في العديد من الفعاليات في الوطن العربي، بمصر والإمارات ولبنان وغيرها من الدول، وتمتلك صوتًا مميزًا للغاية، مما يجعلها تغني بدون حاجة إلى الموسيقى في بعض الأحيان، تخبر ياسين “باحس إني باحلّق لما أغني بدون موسيقى”، ولتميّزها بذلك يطلب منها الجمهور أن تغني لهم بدون موسيقى، الأمر الذي جعلها تحرص على تقديم أغنية أو أكثر بكل حفلٍ لها بصوتها فقط.
مكادي نحاس والإنتاج الغنائي
قد لا يعرف البعض من قُراء المقال مكادي نحاس، ويكون هذا المقال أول تعريفٍ بها، فتتحدث مع ياسين عدنان عن تلك المشكلة، بأن شركات الإنتاج متخصصة في لونٍ واحد من الغناء، والذي تعمل من خلاله على تقديم ما يجلب لها الكثير من المال، وأرى أن شركات الإنتاج الفني والغنائي تتدخل لفرض اسم أو شخص بعينه على الناس من خلال الدعايا والدعم المالي الذي تقدمه له، وتهمل الكثير من المطربين والفنانين الموهوبين الذين يستحقون فرصةً أفضل، وتكمل هي حديثها بأنها واجهت الكثير من الصعاب وعملت مع زوجها على تأسيس شركة ثقافية تهتم بالنوعية المقدمة وليس الكمية، وتسعى من خلال تلك الشركة تقديم نوعًا مختلفًا من الغناء غير المسيطر على السوق، وتقديم مجموعة من الشباب والصبايا الذين يستحقون الفرصة، ومن هؤلاء الذين تم التعاون معهم: المطربة السورية الشابة ميس حرب.
النضال والتراث في أغنيات مكادي نحاس
مكادي نحاس بجانب أغنياتها الخاصة التي تقدمها، فهي تغني أغنيات لمطربين آخرين سبقوها وأغنيات من التراث العربي، فهي غنّت من التراث العراقي والأردني وغنّت لفيروز وللفنان السوري حسام تحسين بك، وغنّت الموشحات الأندلسية، وغيرها من الأغنيات التي أدّتها ببراعة وتميز.
يا ظلام السجن خيّم
يا ظلام السجن خيّم أحد الأغنيات التي غنتها مكادي نحاس، وهي قصيدة كتبها الشاعر السياسي والصحفي السوري نجيب الريس ضد الانتداب الفرنسي بعدما سُجن بسجونه لنضاله المستمر ورغبته في تحرير بلاده منه، واتخذها السوريون كنشيدٍ لهم في مقاومة الانتداب فيما بعد، وكما تذكُر ما زالت الأغنية تُطلب منها حتى الآن بحفلاتها.
نتالي
هي أغنية للممثل السوري حسام تحسين بك غنتها مكادي نحاس فيما بعد، تحمل اسم زوجته غناها لها، عندما كانت ستتركه وتعود لبلدها جورجيا، وعندما استمعت للأغنية عادت إليه مرة أخرى، كما تحكي ابنته نادين تحسين بك في برنامج بيت القصيد المذاع على قناة الميادين بلقاء عام 2016.
إشارة مميزة من البرنامج لمطربة وفنانة أردنية تستحق الذكر وشهرة واسعة أكبر مما تحصل عليها الآن، وأفرد مساحة لها تحكي وتتحدث بها عن فنها ونشأتها وعن نفسها وتُقدم بعضًا من أغانيها، في واحدة من أمتع حلقات البرنامج.
برنامج بيت ياسين إضافة مميزة للبرامج الحوارية الثقافية، في ظل الأخبار والأحداث المختلفة التي تسيطر على شاشات التلفاز، ويمتاز مقدمه ياسين عدنان بالهدوء والقدرة على إدارة الحوار بشكل ممتع، لتخرج حلقة مميزة بالنهاية. استضاف عددًا من الكتاب والمفكرين والمغنّين العرب، الذين قد لا تعرف بعضهم وتعرف البعض الآخر، ولكن أغلبهم لا يملكون الشهرة الكبيرة التي يستحقونها، فبدأ أولى حلقات البرنامج بالكاتب السعودي عبد الله الغذامي، وتوالت الحلقات وتوالى الضيوف، ومنهم: طالب الرفاعي الروائي والقاص الكويتي صاحب رواية ظل الشمس التي تتحدث عن العمال المصريين داخل المجتمع الكويتي، وصلاح نيازي الكاتب والمترجم العراقي صاحب ترجمة رواية يوليسيس، والشاعر والمفكر السوري أدونيس، والفنانة والمغنية اللبنانية تانيا صالح، والكاتب السوري نوري الجراح، رئيس تحرير مجلة الجديد التي تصدر من لندن، والمطربة جاهدة وهبة، والفنان المصري عبد العزيز مخيون، والمطرب العراقي سعدون جابر، وغيرهم، في تجربة مميزة والتي سيبدأ الموسم الثاني منها عما قريب على شاشة قناة الغد.