لم تعد النساء مضطرة إلى “قبول التحدي” والتصرف كالرجال
دراسة تخلص إلى أن الرجال يمكنهم تعلم بعض الأمور من النساء
بينما يرجح إصابة جير بولسونارو -رئيس البرازيل- بالعفن في الرئة يعاني دونالد ترامب وبوريس جونسون في هذه الأثناء من العفن في أدمغتهم، فقد سجلت البرازيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة أعلى معدل وفيات في العالم جراء فيروس كوفيد 19، وذلك -إلى حد كبير- نظرًا لزعامتها غير الكفء.
وبينما كان أداء ما يفترض أنهم زعماء العالم أداءً يرثى له في معالجة الجائحة حظَت زعيمات مثل جاكيندا أردرن -رئيسة وزراء نيوزيلاندا- وأنجيلا ميركل -المستشارة الألمانية- بالكثير من الثناء على إدارتهن لأزمة الفيروس، وتؤكد دراسة حديثة نشرت في المنتدى الاقتصادي العالمي ما راود الكثير من قبل: “حظيت الدول ذات القيادات النسائية بميزة في الأزمة الحالية”.
ونظرًا لقلة عدد الدول التي ترأسها امرأة في العالم، فلا يتجاوز عددها تسع عشرة دولة، يصعب التوصل إلى استنتاجات هادفة حول فعالية القيادة بمجرد النظر إلى حالات كوفيد 19، وحالات الوفاة الناجمة عنه بشكل عام، لذا عمل علماء الاقتصاد من جامعتي ليفربول وريدينج “بمضاهاة” الدول التي تتزعمها نساء بالدول المجاورة الأقرب لها من حيث الخصائص الاجتماعية والديموجرافية والاقتصادية، والتي تمثل عاملًا هامًا في نشر فيروس كورونا، فتم على سبيل المثال مقارنة ألمانيا بالمملكة المتحدة، ومقارنة نيوزيلاندا بآيرلندا، وتم مقارنة بنجلادش التي يترأس حكومتها امرأة بباكستان، وتم مقارنة سيربيا ورئيسة وزرائها التي أعلنت عن ميولها المثلية بإسرائيل، وأعلن الباحثون أن “تحليل الدولة الجارة الأقرب يؤكد أنه عندما يتم مقارنة الدول التي تتزعمها نساء بدول مشابهة لها في عدد من الخصائص، فإن هذه الدول قد تفوقت في أدائها، وشهدت عددًا أقل من حالات الإصابة، وكذلك عدد أقل من الوفيات، وينطبق هذا سواء وضعنا في الاعتبار الدولة الجارة الأقرب أو خمس دول جيران حتى”.
وبناء على هذه الدراسة فمن العوامل الرئيسة في نتائج أي دولة من الدول في التعامل مع فيروس كورونا كان توقيت الإقفال العام، ويتضح أن “الدول التي تقودها نساء قد أقدمت على الإغلاق العام في توقيت أبكر كثيرًا، أي أنها شهدت حالات وفيات أقل (بنسبة 22%) مقارنة بالدول التي يتزعمها الرجال”.
ولماذا أقدمت الدول ذات القيادة النسائية على الإقفال المبكر؟ يقدم الباحثون تفسيرًا واحدًا، وهو أن النساء اعتدن الالتزام بتجنب المخاطر أكثر مقارنةً بالرجال، فمع بداية الجائحة بدا أن عدد من الزعماء من الرجال اعتقدوا أن الادعاء بأن فيروس كورونا لا يمثل تهديدًا إنما يُعد من علامات الرجولة، فكان ترامب يتفادى ارتداء قناعات الوجه وحرص على التقليل من خطورة الفيروس، وفي المملكة المتحدة كان بوريس جونسون يتباهى بمصافحة مرضى الكورونا في إحدى المستشفيات إلى أن تم إدخاله هو ذاته المستشفى مصابًا بكوفيد 19، أما بولسونارو فكان قد صرف النظر عن كوفيد 19 باعتباره مجرد “دور إنفلونزا بسيط”، واليوم جاءت نتيجة فحص زوجته إيجابيًا، ويعاني هو من رئتين أصابهما العفن.
وتضيف الدراسة أن السبب الآخر الذي جعل للدول ذات القيادات النسائية استجابة أفضل تجاه الجائحة هو الاختلاف في أنماط الزعامة بين الذكور والإناث، فالنساء عادةً تتعلمن تبني “أسلوب أكثر ديمقراطية ومشاركية” مقارنة بالرجال.
ومن المهم في رأيي التوكيد هنا على أن خلاصة هذه الدراسة لا تقول بأن العالم قد يكون مكانًا أفضل إذا ما قامت النساء بإدارته، فهناك الكثير من النساء السيئات في زعاماتهن، وإنما النتيجة التي تتمخض عنها الدراسة هو أن العالم ليكون مكانًا أفضل إذا ما أظهر المزيد من القادة ما تعارفنا عليه بأنه “سلوك أنثوي”.
فلعقود من الزمان كانت النساء تتعلمن أنه إذا ما كنّ يتطلعنّ للترقي والنجاح فإنه ينبغي عليهنّ “قبول تحدي” هياكل السلطة الذكورية، أي أنه يجب على النساء أن تصبح أكثر حزمًا وتنافسية، وأنه ينبغي أن يعلو صوتهن، ويروجن لذاتهن، وألا يعتذرن أبدًا أبدًا، وتعلمنا أننا إن أردنا المضي قدمًا يجب أن نتصرف كالرجال، ربما آن الأوان أن نكف عن هذا، وأن نشرع بدلًا من ذلك في تعليم الرجال بأنهم ربما يحققون نجاحًا أكبر إن تصرفوا كالنساء.