فهم الاختلاف بين العرق والإثنية
يسهل إخفاء الإثنية، ولكن لا يمكن إخفاء العرق
- من الشائع استخدام مصطلحي العرق والإثنية كمرادفات، إلا أن المقصود من كل منهما يختلف بشكل عام اختلافًا واضحًا. يُنظر إلى العرق عادةً بأنه مفهوم بيولوجي يدل على الخصائص الجسدية للشخص. أما الإثنية فتعتبر مفهومًا تركيبيًّا من مفاهيم علم الاجتماع يوصف لهوية الفرد الثقافية. ويمكن إبداء الإثنية أو إخفائها بناءً على التفضيلات الشخصية، في حين أن الهويات العرقية ظاهرةٌ دومًا بدرجة أكبر أو أقل.
ما هو العرق؟
يشير مصطلح العرق إلى مجموعات سكانية متميزة ضمن جنس بشري أكبر. والسمات العرقية جسدية، تتراوح ما بين لون البشرة والعيون والشعر إلى هيكل الوجه. ويتباين المنتمون إلى أعراق مختلفة باختلافات ضئيلة نسبية من حيث تلك المورفولوجيا – أي علم التشكيل، وهو فرع في علم الأحياء يهتم بشكل الحيوانات والنباتات وبنيتها – ووراثيًّا.
- ينتمي جميع البشر إلى ذات الجنس الرئيسي (الإنسان)، وذات السلالة (الإنسان العاقل)، إلا إن بعض التباينات الجينية قد أدت إلى مظاهر جسدية متباينة. وعلى الرغم من تصنيف البشر عادة إلى أعراق مختلفة، إلا أن التباينات المورفولوجية الفعلية لا تدل على وجود اختلافات كبيرة في الأحماض النووية، أي إنه إذا ما تم اختبار الحمض النووي لأي شخصين يتم اختيارهما عشوائيًّا، فإن الاختلاف عادة يقل عن نسبة 0.1%. وحيث إن الاختلافات الجينية العرقية ليست قوية، يصف بعض العلماءُ البشرَ بأنهم ينتمون إلى عرق واحد: الجنس البشري.
ما الإثنية؟
أما الإثنية فهي المصطلح المستخدم للتعبير عن ثقافة الأفراد في بقعة جغرافية معينة أو للاشارة إلى أفراد انحدروا من السكان الأصليين لتلك المنطقة. فيتضمن لغتهم وجنسيتهم وتراثهم ودينهم ولباسهم وتقاليدهم. وقد تُبدِي امرأةٌ هندية أمريكية إثنيتها بارتدائها الساري (زي نسائي هندي)، البيندي، ونقش حِنَّاء. أو قد تخفي إثنيتها بارتداء زي غربي.
ويتعلق انتماء الفرد لمجموعة إثنية باتباع بعض تلك الممارسات الثقافية أو جميعها. كما يميل المنتمون لإثنية ما للتآلف مع بعضهم البعض بناءً على تلك السمات المشتركة.
تشمل الأمثلة على الإثنية تصنيف المرء باعتباره إيرلنديًّا، أو يهوديًّا، أو كومبوديًّا، بغض النظر عن العرق. ولا تعتبر الإثنية مصطلحًا أنثروبولوجيًّا؛ ذلك أنها تعتمد على السلوكيات المكتسبة وليس على عوامل بيولوجية. كما أن الكثير من الناس يتمتعون بخلفيات ثقافية مختلطة، فيتشاركون في أكثر من خلفية إثنية.
العرق مقابل الإثنية
قد يتداخل العرق والإثنية. فعلى سبيل المثال، قد تعتبرُ أمريكيَّةٌ يابانيَّةٌ نفسَها فردًا من العرق الياباني أو الآسيوي، لكنها إن لم تشارك في ممارسات أو عادات أسلافها، فإنها قد لا تتماثل مع الهوية الإثنية، وإنما ستعتبر نفسها أمريكية.
ومن الطرق الأخرى لملاحظة الفرق، هو بالنظر إلى من يتشاركون الإثنية نفسها. فقد يحدد شخصان أن إثنيتهما هي الأمريكية، على الرغم من أن أحدهما أسود البشرة والآخر أبيض. كما أن شخصًا ينحدر من أصل آسيوي ويعيش في بريطانيا، قد يعرف نفسه بأنه آسيويٌّ عرقيًّا وبريطانيٌّ إثنيًّا.
عندما بدأ الإيطاليون والإيرلنديون ومهاجرو أوروبا الشرقية في الوصول إلى الولايات المتحدة، لم يُنظر إليهم باعتبارهم من العرق الأبيض، فأسفر هذا المنظور السائد عن تقييد على سياسات الهجرة، وعلى دخول المهاجرين من ذوي البشرة “غير البيضاء”.
وفي مطلع القرن العشرين، كان يُنظر إلى أفراد من عدة مناطق بأنهم ينتمون إلى تصنيفات فرعية من العرق الأبيض، منها على سبيل المثال السلالة الألبية أو العرق المتوسطي. ثم تلاشت هذه التصنيفات، تم قبول هذه المجموعات ضمن العرق “الأبيض” الأوسع، وإن ظل البعض منها قائمًا بوصفهم مجموعات إثنية.
كما يمكن توسيع نطاق فكرة المجموعة الإثنية أو تضييقه. فبينما يدرج الإيطاليون الأمريكيون في الولايات المتحدة ضمن مجموعة إثنية في الولايات المتحدة، إلا أن بعض الإيطاليين يتماثلون بشكل أكبر مع أصولهم الإقليمية بدلًا من الأصول الوطنية. فبدلًا من اعتبار أنفسهم إيطاليين، فإنهم يعتبرون أنهم صقليُّون. كما قد يتماثل النيجيريون ممّن انتقلوا مؤخرًا للولايات المتحدة مع مجموعة محددة في نيجيريا -مثل قبيلة الإيجبو، أو اليوروبا، أو الفولاني على سبيل المثال- بدلًا من التماثل مع جنسيتهم النيجيرية. وقد يتمتعون بعادات مختلفة بالكامل عن الأفريقيين الأمريكيين المنحدرين من رقيق سابقين، وممن كانت عائلاتهم في الولايات المتحدة لعدة أجيال.
ويعتقد بعضُ الباحثين أن العرق والإثنية مفهومان اجتماعيَّي البناءِ، حيث إن معانيهما تتغير بمرور الزمن بناءً على الرأي العام. أما الاعتقاد بأن العرق يُعزى إلى اختلافات جينية وتشكلات بيولوجية، فقد أفسح المجال للعنصرية، أي لفكرة التفوق والدونية طبقًا للعرق، إلا أن الاضطهاد طبقًا للإثنية أمر شائع أيضًا.
العرق يتفوق على الإثنية
تحدث أستاذ علم الاجتماع في جامعة نيويورك دالتون كولني لمحطة الشبكية التلفزيونية الأمريكية ضمن برنامج “العرق: سطوة الوهم”، قائلًا: “إن الاختلاف الجوهري أن العرق تراتبي ومفروض اجتماعيًا. وهناك تفاوت لا يتجزأ عن النظام. وفضلًا عن ذلك، فإنك لا حكم لك على عرقك، فهو كيف يراك الآخرون.”
ويرى كولني، مثله مثل غيره من علماء الاجتماع، أن الإثنية أكثر انسيابية، فتتجاوز الحدود العرقية، فيقول: “لدي صديقة مولودة في كوريا لوالدين كوريين، لكن تبنتها عائلة إيطالية في إيطاليا وهي رضيعة. وتشعر صديقتي إثنيًا بأنها إيطالية؛ فهي تتناول الطعام الإيطالي، وتتحدث الإيطالية، وتعرف الثقافة والتاريخ الإيطاليين. ولا تعرف شيئًا عن الثقافة والتاريخ الكوريين، لكن حين قدومها إلى الولايات المتحدة فإنها تُعامَل عرقيًا كآسيوية”.
الخلاصة:
1- إن العرق بيولوجي، أما الإثنية فهي ثقافية.
2- يمكن إبداء الإثنية أو إخفائها، بينما لا ينطبق هذا بشكل عام بالنسبة للعِرق.
3- يمكن اعتناق الإثنية أو تجاهلها أو حتى التوسع في نطاقها، بينما لا ينطبق هذا على الخصائص العرقية.
4- للإثنية فئات فرعية بينما لم يعد هناك أي فئات فرعية للعرق.
5- تم استخدام كل من العرق والإثنية لإخضاع الأفراد أو اضطهادهم.
6- يعتقد بعض علماء الاجتماع أن التقسيمات طبقًا للعرق يعتمد على مفاهيم اجتماعية أكثر من اعتماده على أسس بيولوجية.