النرجسية .. اضطراب في الشخصية من أسطورة يونانية
النرجسية كما عرفت بهذه التسمية هي في علم النفس نوع من اضطرابات الشخصية، حيث تتميز بالغرور والتعالي والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الاخرين، والمصاب بالنرجسية يعاني من حب ذاته ويشعر بدونية الاخرين بالنسبة له فهو الأجمل بين جميع الناس .
كما أن المصاب بـ النرجسية يشعر بالعظمة الغير اعتيادية كونه شخص فريد ونادر كما يعتقد، وتكمن المشكلة اجتماعياً هي كون ميل النرجسيون إلى المثالية فأنهم يريدون تلك المثالية بمعارفهم والأشخاص المحيطين بهم .
لماذا سميت النرجسية بهذا الإسم
هناك العديد من الأساطير في المثيولوجيا اليونانية تناقلت مُفسرة لسبب تسمية النرجسية ، لكن كل تلك الأساطير كانت تدور حول قصة واحدة بإختلافات بسيطة .
نركسوس أو نرسيس … أسطورة الجمال
أشتُهرَ نركسوس بجماله وغروره بذلك الجمال مُعترضاً عن كل من يحبه أو يُعجَب بجماله و كانت هنالك حورية تُدعى ايكو كانت ايكو جالسة ذات يوم كعادتها على ربوة متأملة بالمارة، فمرت من أمامها حسناء بصحبة الألهة زيوس ورأت زوجة زيوس بعدهما تسألها ان رأت زوجها؟ وأجابت أيكو بالنفي، وجلست الزوجة تُهدئها وتقص عليها القصص لمهارتها في ذلك، لمحت الزوجة زوجها مع الحسناء من بعيد، غضبت أشد الغضب وكانت قاسية على أيكو فحرَمتها عقابا لها حلاوة الحديث التي تجيدها، فلم تعد أيكو قادرة على المبادرة في الحديث، لكنها فقط تستطيع إعادة آخر مقاطع من المتحدث أمامها .
وكملت أيكو حياتها على المروج الخضراء وضفاف البحيرات، وكعادتها كانت جالسة تتأمل رأت نركسوس وأُعجبت به أشد العجب وغُرمت بجماله لكنها احتارت كيف تخبره بذلك وهي غير قادرة على الحديث .
ذات يوم رأت نركسوس يصيد مع رفاقه كالعادة وبعد انتهاء الصيد أصبح وحيداً، ولكن ايكو كانت تراقبه من بعيد وكان واقفا ينادي أصدقائه ولا أحد يُجيب .
فكان يقول: ( أنا نركسوس )
فردت عليه أيكو بطريقتها بترديد وتكرار المقاطع الأخيرة :(نركسوس..؟)
هو: (أين أنت؟ )
ايكو : (أين أنت؟)
نركسوس:(أنا هنا بجانب الغدير . )
أيكو : (بجانب الغدير ..؟ )
نركسوس: (هل تسمعني ؟ )
أيكو : ( تسمعني ؟ )
نركسوس : ( احضر لي فوراً)
أيكو : ( فوراً)
نركسوس : (أنا أحتاج اليك )
أيكو : ( أحتاج اليك )
وهكذا أخذت أيكو تعيد أخر كلمات نركسوس وهو يظن أنها أحد أصدقائه ولم تعد تحتمل فتوجهت إليه فاتحة ذراعيها وحضنته وأبدى نركسوس انزعاجه منها وابتعد عنها، وهوت هي على الأرض وعاد هو إلى أصدقائه، فَرح نركسوس مُعتَقداً أنه انتصر عليها .. شعرت أيكو بالإهانة العظيمة والذل وعاشت بحزن شديد إلى أن ذاب جسدها وتبقى منها فقط صوتها الذي يردد وراء كلمات المارين من هنا وهناك .
وعاش نركسوس مغروراً بنفسه … ومع مرور الأيام كان يمشي فشعر بالظمأ الشديد وانبطح على الأرض بالقرب منه ومال بوجهه أمام صفحة الماء، فرأى جمال وجهه وتوقف عن الحركة مُعتَقدا أنه رأى وجهاً اخر، وعشق نركسوس ذاك الوجه ولم يذق طعم النوم ليلاً ليرى ذاك الوجه وظل ساهراً أمامه تملكه اليأس لعدم القدرة على رؤية ذاك الوجه إلا بالماء، أخذه الحزن واليأس ومات وهو يردد : وداعاً يا من أحب، سامعاً صوتاً يردد … وداعاً .
وأرجعته أيكو الى الحياة لكن على شكل أخر، على شكل زهرة تنمو على ضفاف الأنهار أسمها بأسمه ( النرجس).