متلازمة سندريلا .. كيف يمكنكِ التخلص منها؟
هل سبق أن شعرتِ بأنّك تعانين من متلازمة سندريلا ؟ إن كان جوابكِ لا، فلربما تعرفين هذه المتلازمة بإسم الإفراط في الالتزام بالأعمال المُلقاة على عاتقكِ والتقيّد بالمواعيد النهائية لإنجاز المهام المُناطة بكِ (Over Functioning).
دائمًا ما تساءلتُ عن السبب الذي منع سندريلا من مغادرة منزل زوجة أبيها؛ فقُدرتها على الاعتناء بنفسها وبثلاث نساءَ بالغات (زوجة أبيها وابنتيها) تمَكِّنُها من العيش بمُفرَدِها والاعتناء بنفسها لوحدها. وإن كانت بالغة بالقدر الذي يخولها الزواج من أمير ما، ألم تكن بالغة بحيث تغادر المنزل السام الذي تقطنه الأفاعي الثلاث؛ زوجة أبيها وابنتاها؟
ومن سوء حظكِ أنَّ العيش مع متلازمة سندريلا لن يؤول بكِ إلى الزواج من أمير مغوار يحملكِ على حصانه ليذهب بكِ إلى قلعته فوق الغيوم كما حدث في فيلم سندريلا. لذلك تخلَّي عن هذه المتلازمة واخلقي لنفسك حياةً أجمل يملؤها الأمان والبهجة والسعادة بدلًا من ذاك الوهم الذي يعشش في رأسك.
تلازم متلازمة سندريلا المرأةَ منذ طفولتها التي تستقبل فيها الحب من والديها إثرَ الأعمال الحسنة التي تقوم بها بدلًا من أن يحبها والديها لكَيانها وذاتها. وهذا النوع من الحب ليس حبًا على الإطلاق، وذلك لأن تعريف الحب يشتمل على كونه غير مشروط. وبالتالي ليكون الحب حقيقيًا، يجب أن يتحرر من شروط التصرف الحسن. وبذلك نرى أنّ بذل المزيد من الجهد لن يجبر الآخرين على حبِّكِ، ويتوجب علينا كأفرادَ بالغين أنّ ندرِكَ الحقيقة التالية: يجب أن ينبع حُبُّكِ وتقديركِ لذاتكِ -بكل صدقٍ- من أعماق قلبكِ وليس من حب الناس لكِ. كما ويُعتبَر قيام والديك بحرمانكِ من رضاهِم واستحسانِهم شكلًا من أشكالِ الإساءة العاطفية التي تتطلب وقتًا طويلًا لاحتوائه والتخلص من أثره النفسي على شخصيتكِ.
وعلى صعيد آخر، نجد أنه لمِن السهل أن تعلقَ المرأة في نمطٍ من الإفراط في الالتزام بالأعمال المُلقاة على عاتقها والتقيّد بالمواعيد النهائية لإنجاز المهام المُناطة بها؛ خاصة الأمهات. فإن وجدتِ نفسكِ تحضِّرين الغداء لأبنائك القادرين على إعداد غدائهم بأنفسهم أو تتسوقين بمفردك لشراء حاجيات المنزل أو تغسلين ملابسهم أو تعتنين بكافةِ أمورهم أو تنظِّمين لقاءات اجتماعية بدلًا عنهم أو تشترين الهدايا التي يفترض أن يشتروها بأنفسهم أو تحضرين الوَجَبات التي يتوجب عليهم تحضريها فأنت بذلك تعانين من متلازمة سندريلا.
كما ونجد أنَّ غرق الثقافة المجتمعية بعذر الانشغال الدائم يعزز معاناة نساء المجتمع من متلازمة سندريلا. كما وقد يعاني الموظفون وأبناءُ من دخلوا مرحلة الشيخوخة من هذه المتلازمة على حد سواء؛ فمِن المؤكد أنك تعاني من متلازمة سندريلا إن كنت تشعر بأنَّك لا تحظى بالتقدير اللازم لقاء جهودك -وكأنك خادمة تعيش بين الرماد.
إذن كيف يمكنكِ التخلص من متلازمة سندريلا؟
يتمثل الحل الأمثل بالتراجع خطوةً إلى الوراء والنظر لحياتك من منظور شاملٍ لإعادة تقييمها. فإن كنتِ متزوجة أو تشاركين حياتك مع شخص آخر، ناقشي أفراد منزلك حول الكيفية التي ترغبين أن يُدار من خلالها المنزل والكيفية التي سيتم من خلالها تقسيم المهام المنزلية وواجبات الاعتناء بالأطفال بين جميع قاطني المنزل. خذي وقتًا كافيًا للتفكير باحتياجاتكِ وبِالمهام التي ستكونين قادرةً على تنفيذها، وحددي التغييرات الضرورية بالنسبة لكِ. حيث يتوجب على أي فردين يتمتعان بالصحة الكاملة أن يتقاسما المهمات بطريقة متساويةٍ تُرضي الطرفين. حتى إن كان أحد طرفي العلاقة يعمل من المنزل، يجب أن تكون رعاية الأطفال والمنزل مسؤولية كِلا الطرفين.
وإن كنت تعاني من متلازمة سندريلا في إحدى علاقات عملك أو في أيّ علاقة أخرى في حياتك، فيجب عليك اتباع الخطوات السابقة لتتخلص من هذه المتلازمة؛ حدد منبع الراحة في حياتك ثم ابدأ بتوجيه التواصل والنقاش باتجاهه بحيث يتضمن ذلك مهلةً زمنية لإحداث التغيير.
وفي حال عدم تغير الأحوال عن سابق عهدها يجب عليك في نهاية المطاف أن تفكر في مدى رغبتك بأن تكون طرفًا في علاقة لا تراعي أهمية مشاعرك. احمِ نفسك والجأ للاستشارة النفسية واكتسب مهارات التكيف المطلوبة لاستمرارية العلاقات؛ فالعلاقات الصحية بين البالغين تتطلب تفاهمًا متبادلًا بين الطرفين.
وإن كنت تفرِطين في التزامك بإنجاز الأعمال والمهام المُناطة بمن حولك من البالغين، توقفي عن ذلك. فالشخص البالغ لا يعتني بشخص بالغ آخر ولا يقلق حول الخيارات والقرارات التي يتخذها هذا الشخص، بغض النظر إن كان هذا الشخص أخًا أو أختًا أو والدًا أو والدةً أو ابنًا أو بنتًا. ومن المُرجَّح أن يغضب ويستاء من حولكِ عندما تمتنعين عن تأدية مهامهم بالنيابة عنهم. إلا أنكِ لستِ مسؤولةً عن مشاعر الآخرين أو غضبهم، ولا تستطيعين جلب السعادة لحياتهم، أنتِ مسؤولة عن سعادتك وبهجة حياتك. لذلك ابني علاقات تنطوي على التفاهم المُشترك حول تأدية المهام؛ إن تقبّلوا ذلك كان بها، وإن لم يتقبّلوا فذلك خيارهم الشخصي. تتمثل مسؤوليتك تجاه نفسكِ بالتصرف تبعًا للطريقة التي تكرِّم كيانك، وذلك ببناء علاقات صحية تعتمد على تقسيم المهام بعدل مع من حولكِ. فالطريِقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها زرع السلام الداخلي والسعادة الدائمة في حياتك هي اتباع مصدر سعادتك أثناء عيش حياةٍ تخلو من القلق حول غيركِ من البالغين وبناء علاقاتٍ صحية من الأخذ والعطاء.