نساء من القرن التاسع عشر
إن ما يميز المرأة في القرن التاسع عشر ، والذي جعلني أكتُب هذا المقال ليس لما حصدت من جوائز أو مال أو شهرة، بل لما واجهت من تحديات، وما تغلبت عليه من صعوبات في وقتٍ كان ينظُر فيه العالم للمرأة على أنها إنسانة ضعيفة لاتصلح سوى للعمل المنزلي.
في أواخر القرن الثامن عشر بدأت النساء تطالبن بحقوقهن في المساواة مع الرجل، فقد كان لهن دور قوي، في فرنسا تقدمت النساء المظاهرات أثناء الثورة الفرنسية مما ساهم في نجاح الثورة وهروب الملك من قصر فرساي، وفي عام 1791 نشرت إمرأة تدعى أوليمب دو غوج إعلاناً حول حقوق المرأة ولكن عقب إعدمها عام 1793 حظر على المرأة ممارسة أي عمل سياسي حتى بزوغ القرن التاسع عشر بدأت النساء يكسبن معركتهن رويداً رويدا.
في هذا المقال سنتحدث عن بعض من نساء القرن التاسع عشر اللاتي كان لهن القدرة على تحطيم العادات والتقاليد التي كانت تحجب النساء عن تحقيق أحلامهم.
ماري كوري
صورة لبعض من علماء القرن التاسع عشر من بينهم المرأة الوحيدة “ماري كوري”ولدت ماري سكلودوفسكا كوري ببولندا عام 1867، في ذلك الوقت كانت بولندا تقع تحت حكم ثلاث دوول “روسيا ،بروسيا ، النمسا”، وكانت وارسوا مسقط رأس ماري تقع تحت حكم الروس، وكان الروس غلاظاً بصفةٍ خاصة، حيث منعوا تدريس التاريخ والأدب البولندي، بل منعوا اللغة البولندية، وجعلوا اللغة الروسية هي اللغة الرسمية، وكانت المدارس تخضع للتفتيش الروسي، وفي العام الذي تخرجت فيه ماري من المدرسة العليا تأست أكاديمية سرية عُرفت فيما بعد باسم “الجامعة الطائرة” ألتحقت بها بعض النساء اللاتي كان يرغبن في السفر للإلتحاق بالجامعات التي تقبل النساء في الدراسة الجامعية، وكانت من بينهم ماري وأختها.
وكما لم تسمح ماري للروس باحتلال عقلها كما احتلوا أرضها، أيضاً لم تسمح للفقر أن يكون عائق في طريقها، فعملت كمربية لثمان سنوات من أجل أن توفر المال، وتدرس في السوربون.
بعد تغلب ماري على هذه التحديات استطاعت أن تكون أول امرأة تنال لقب أستاذ بالسوربون، كما أنها أول امرأة تنال جائزتي نوبل “ونالتهما في مجاليين علميين مختلفيين”، وأول امرأة يتم انتخابها في أكاديمية الطب الفرنسية التي كان عمرها في ذلك الوقت 224 عام.
نيللي بلاي
هو الأسم المستعار للصحفية والكاتبة وعاملة المصنع والمجنونة الأمريكية إليزبيث جاين كوشران، ولدت عام 1864 بولاية بنسلفانيا، وكانت تريد أن تصبح صحفية، ولكن الصحافة حينها كانت عالم الرجال، بدأت نيللي عملها في مجال الصحافة عن طريق إنتقاد مقالاً يسخر من النساء اللواتي يبحثن عن عمل، فأرسلت رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس تحرير صحيفة “بيتسبرغ ديسباتش”. تدين فيها كاتب المقال، مما أدي إلى إعجاب رئيس التحرير برسالتها، فوظفها كمراسلة للصحيفة.
اهتمت نيللي بقضايا وحقوق المرأة، واشتهرت بالتحقيقات السرية، فلقد عملت بالمصانع بأجور ضئيلة لفضح ظروف العمل السيئة التي تواجهها المرأة، كما أنها عملت كمجنونة ودخلت مصحة بلاكويل العقلية لتفحص المرضى وبعد قضاء عشرة أيام هناك، خرجت وكتبت تقاريرها عن الوحشية والأهمال التي يعاني منها المرضى قائلة “ﻣﺼﺢ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ ﻫﻮ ﻣﺼﻴﺪﺓ ﻓﺌﺮﺍﻥ ﺑﺸﺮﻳﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ “.اشتهرت تقاريرها في العالم بأسره مما فتح مجال الصحافة أمام كل الأجيال المستقبلية من النساء.
إليزابيث بلاكويل
ولدت عام 1821 بإنجلترا، وعندما أرادت أن تدرس مهنة الطب عام 1840، قابلتها الكثير من العوائق حيت أن إنجلترا ألغت العبودية قبل ذلك ببضع سنوات “عام 1833″، وبالنسبة للمجتمع حينها كانت مغامرتها شبه مستحيلة، حتى أن البعض اقترح عليها بأن ترتدي ملابس الرجال وتغيير اسمها لكي يتم قبولها، تقدمت لإثني عشر جامعة وتم رفضها إلى أن تم قبولها بكلية جنييف، البعض يقول أنه عن طريق الخطأ، والأخر يقول أنه على سبيل السخرية والأستهزاء بالمرأة، وبالرغم من معاملاتها بالسخرية من معلميها، و مضايقتها، والتحرش بها من زملائها، أبت أن تتراجع عن قرارها، واستطاعت أن تحتل المركز الأول في صفها عام 1849 لتصبح أول طبيبة في العصر الحديث.
سافرت إلى باريس لمواصلة دراستها، وتم قبولها في دورة قابلات في كلية التوليد، وخلال دراستها ألتقطت عدوى من طفل تسببت في فقدان إحدي عينيها، فعادت إلى إنجلترا، وأقامت أول كلية طب للنساء في لندن، وفي ذلك الوقت تم إدراج إسمها “كأول إمرأة” ضمن قائمة الأطباء البريطانيين، ونالت وسام الشرف الملكي، كما أفتتحت عيادة لعلاج النساء والأطفال الفقراء، وبذلك فتحت إليزابيث مجال الطب أمام العديد من الفتيات، وحين وفاتها عام 1910 كان هناك ما لا يقل عن 7 الاف طبيبة معتمدة.
هؤلاء النساء رفضوا العادات والتقالييد ، وبحثوا عن الأستقلالية فتحرروا وحرروا معهم الافا من النساء. كما أنهم أثبتوا أنه لا فرق بين رجلُ وامرأة طالما كانت هناك الرغبة في تحقيق الحلم، وبالرغم من أننا في القرن ال21 إلا أن الطريق مازال طويلا فهناك بعض من الناس مازالوا لا يرون في المرأة سوى دور القيام بالواجبات المنزلية، بل ويخشون أن ينادونها بإسمها أمام الناس فيلقبونها ب “أم العيال”.
المصادر
1 ماري كوري من كتاب هوس العبقرية لباربارا جولد سميث سيرة ذاتية عن حياة ماري كوري