هل فقد النفط موقعه الاستراتيجي في التجارة الدولية؟

قيل عنه أنّه “سلاح دمار شامل وعندما تدار الحرب من أجله فإنّ نتائجها ستكون وخيمة وستهلك الحرث والنّسل”، مَن منّا لا يعرف النفط؟ المورد الاستثنائيّ الذي أحدث ثورة وضجّة لا مثيل لها منذ اكتشافة التجاريّ الأوّل كمصدر من مصادر الطاقة، ووقود وشريان للحياة بأكملها لينظّم بعدها إلى أشكال الطاقة التجارية التي كانت متواجدة من قبل، مثل الفحم الحجريّ الذي كان يسيطر على المشهد في الدّول الصناعيّة آنذاك، بل وليتقدّم سريعًا على حساب الفحم الحجري وينتزع منه مكانته في ذلك الوقت ويسيطر هو ليتربّع على عرش قائمة السّلع المستخدمة في التجارة الدولية، مكتسبًا بذلك هيمنة لم تكتسبها سلعة من قبل.

الأهميّة الكبيرة والمكانة التي يشغلها النفط في الاقتصاد العالميّ جعلت منه سلعة سياسية بامتياز، ومحلًا لأطماع الكثير؛ تدار الحروب من أجله وتستعمر بلدانٌ بأكملها فقط لغرض السيطرة على الاحتياطات المتواجدة منه على أراضيها، وشاءت الأقدار أن تكون هذه الهبة والكنز المدفون في الأرض موجود على أراضي عربيّة وإسلامية، فأكثر من ثلثي احتياطيات العالم من هذه السلعة الاستراتيجية يكمن تحت أراضي دول الشرق الأوسط.

وما بين نعمة النفط ونقمتة، هل استفادت الدّول النفطية من نعمة النفط في تنمية اقتصاداتها وأوطانها؟ أم حلّت عليها نقمته فكان سببًا لجلب المشاكل والنزاعات الداخلية والخارجية لها؟

وفي هذه المقالة سأحاول تقديم وجبة نفطية خفيفة أجمع فيها ما بين ماضي وخفايا هذا المورِد، بالإضافه إلى تسليط الضّوء على اتجاهاته المستقبلية وأهم التحدّيات التي تواجهه في العصر الحاليّ.

هل استفادت الدّول النفطية من نعمة النفط أم حدث ما لم يكن في الحسبان؟

يقول محمّد الغزالي:

إعلان

” لقد كان البترول في أيدي العرب كقطع ألماس في يد صبيّ من الأرياف ضحك عليه محتال ماهر فأخذها منه، وعوّضه عنها بقطعة من الحلوى.”

يُعتبر النفط والغاز من أهمّ صادرات الدول النامية، بل وتكاد بعض الدول تعتمد عليه اعتمادًا شبه كلّيّ في جلب الإيرادات الهائلة لها، إلا أنّ هذه الإيرادات الكبيرة والثروة الضخمة التي أغدقها النفط على الدول النامية لم تكن عاملًا إيجابيًا من شأنها أن تعزّز مكانة وقدرات هذه الدول من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بل وقع عكس ذلك؛ فقد عملت العوائد النفطية على إحداث تباطؤ في النمو الاقتصادي بصورة لم تكن متوقعة.

وبهذا تكون هذه الدّول قد وقعت تحت رحمة هذا المال السّهل بسبب اعتمادها الشبه كامل على هذا المورد الاقتصاديّ الناضّب ذو الحساسيّة المفرطة لأيّ أحداث سياسية أو اقتصادية والتي من شأنها التأثير، بكلّ بساطة، على أسعاره، وبالتالي من الطبيعي جدًا أن يؤثر إنتاج النفط وأسعاره بقوة على الاقتصاد بأكمله وليس فقط على حجم هذه الإيرادات المتحقّقة منه، وذلك نتيجة لهذا الاعتماد الكامل والافتقار الشّديد إلى التنويع الاقتصاديّ في هذه الدّول.

 

ومع الأسف، حتى العوائد النّفطية الضّخمة المتحقّقة لهذه الدّول لم تُستخدم على النّحو الصّحيح والعقلانيّ ولم تتمّ الاستفادة منها في تحقيق معدّلات تنمية اقتصادية مرتفعة، بل تمّ استخدامها بصورة غير رشيدة في تحقيق مظاهر البذخ والرّفاهية دون إحداث أيّ تطوّر ملحوظ في الهياكل الصناعية والإنتاجية لديها.

ناهيك عن سماح غالبية هذه الدول لأن تكون تابعة للدول الرأسمالية -المستهلك الأكبر لنفطها- بدلًا من أن تكون المتحكّم الوحيد بمصير اقتصادات الدّول الصناعية، بحكم أنها تمتلك أقوى سلاح فتاك على الإطلاق من شأنه ضرب مصالح هذه الدول التي تعتمد بصورة كبيرة على النّفط المستورَد لتحريك عجلة التنمية فيها.

بالتأكيد، هناك دول نفطيّة استطاعت أن تستخدم ثرواتها النفطية واستفادت من الأموال المتحققة عنه في تحقيق نموٍّ اقتصاديّ مفرِط من خلال دعم القطاع الصناعي والإنتاجي، وبالتالي تحقيق معدّلات تنمية مرتفعة فيها.

لتظهر لنا الحقيقة التي تقول بأنّ النفط والغاز سلعٌ ثمينة يزداد الطّلب عليها كلما ازداد النموّ الاقتصاديّ في دول العالم، ولكنّ الدّخل المتحقق من تصدير هذين الموردين ليس نعمة خالصة، وكما يُقال، ليس العيب بناء ثروة من النفط ولكن العيب هو إساءة استخدام أموال النفط.

الأطماع الأمريكية في السيطرة على النفط

يقول غاندي:

“العالَم يمتلك ما يكفي احتياجات الجميع إلا أنّه لا يحتمل تلبية طمع الجميع”

معروف عن الولايات المتحدة الأمريكيّة بأنّها دولة طفيلية طامعة، تسعى إلى فرض سيطرتها على كلّ مناطق العالم التي تتواجد فيها مميزات وثروات طبيعية، وبالتأكيد فإنها لن تترك أيّ فرصة تتاح لها للسيطرة على المكامن الممتلئة بالذهب الأسود.

فمنذ اكتشاف وظهور النّفط في مناطق مختلفة في العالم، سعت استراتيجية الولايات المتحدة إلى تحقيق الهيمنة الكاملة على النّفط العالميّ، فقد خاضت الولايات المتحدة الكثير من الحروب النّفطيّة، سواءً بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وذلك للسيطرة على المناطق الغنيّة بالذّهب الأسود.

وكما هو ملاحظ،

معظم الانتشار العسكريّ للولايات المتّحدة في دول العالم هو للحفاظ على المناطق المتفجّرة بالنفط، فأمريكا لا تشعر بالقلق أبدًا من التقدّم الصّناعيّ في الكثير من دول العالم طالما أنّها تقبع فوق حقول نفط الشرق الأوسط وتسيطر على إمدادات النّفط إلى كافّة دول العالم، إضافة إلى ذلك، هناك حدث بارز قامت به الولايات المتحدة يكشف لنا مدى الذكاء الخبيث الذي يمتلكه قادة هذه الدولة، وهو تسعير النفط بالدولار الأمريكي.

فمع انهيار نظام بريتون وودز المشهور والذي بموجبه كانت الولايات المتحدة تربط عملتها “الدولار” بمعيار محدّد من الذّهب، وهو التزام صريح للولايات المتّحدة بتحويل فوائض الدولار من الدّول الرأسمالية إلى ذهب، ولكن، ومع انسحاب الولايات المتّحدة من هذا الاتّفاق، أخذت تبحث عن بديل آخر لها تربط به عملتها “الدولار”، وبالتأكيد فإنّها لن تجد بديلًا أفضل وأقوى من الذهب الأصفر سوى الذهب الأسود، ذاك السائل الأسود الكثيف ذو الرائحة الكريهة والجوهرة التي يتحرّك من خلالها العالم، ليصبح بعدها الدولار عملة المبيعات النفطية بلا منازع.

وكان ذلك بموافقة صريحة من منظمة الأقطار المصدّرة للنفط “أوبك”، وبمبادرة من المملكة العربية السعودية والتي تعتبر ذات مكانة خاصة لدى الولايات المتحدة، حيث أنّ الاحتياطات الضّخمة من النفط في المملكة العربية السعودية تجعل البلد أكثر أهميّة للدبلوماسيّة الأمريكية من أيّ دولة أخرى.

بالطّبع، وللوهلة الأولى، سنعتقد أنّ تسعير النّفط بالدولار هو لصالح الدّول المنتجة والمصدّرة للنفط، وذلك بحكم أنّها العملة الأعلى والأقوى في العالم، أيضًا بحكم أنّ الولايات المتحدة تعدّ من كبار مستوردي النفط على مستوى العالم، وبالتالي فإنّها ستدفع دولارات أكثر للحصول على النّفط لتغطية احتياجاتها الكبيرة منه، لكنّ هناك نقطة مهمة يجب التركيز عليها، وهي نقطة لم تغفل عنها الولايات المتحدة بذلك الوقت، ألا وهي قيام الولايات المتحدة بالضغط على دول “أوبك”، وبالذات السعودية، لوضع فوائضها من الدولار الأمريكي في البنوك الأمريكية، وذلك لتحسين ميزانها التجاري وتفادي حالة العجز التي ستحصل فيه جرّاء إخراج كميّات كبيرة من الدولار لغرض الاستيراد النفطيّ.

وبذلك فقد استطاعت الولايات المتحدة سحب النسبة الكبرى من عوائد النفط الدولاريّة من الدول المصدّرة وإيداعها في البنوك الأمريكية، بل والاستفادة منها والتصرّف فيها كما تشاء من خلال منح القروض والإعانات للدّول النامية من هذه الأموال المودَعة في بنوكها.

وبهذا تكون الدّول الرأسمالية، وبمقدمتها الولايات المتحدة، قد استطاعت بسط سيطرتها الكاملة على كلّ ما يخصّ هذا المورد، لكنّها لم تكتفِ عند هذا الحدّ فقط، فقد توجّهت الدّول الغربية بقيادة الولايات المتحدة إلى القيام ببيع كلّ أنواع السّلع للدّول المصدّرة للنّفط، كالسّلاح وسلع الرفاهية والبذخ، وذلك لامتصاص الفوائض النقديّة، دون أن تستطيع تلك الدّول العمل على إحداث تقدّمٍ فعليٍّ في اقتصاداتها من هذه الأموال.

بماذا تتأثّر أسعار النّفط؟

تعدّ سلعة النّفط من السّلع شديدة الحساسيّة؛ فهو يتميّز بالتقلّبات المستمرّة والمفاجئة في أسعاره، وذلك نظرًا لوجود العديد من العوامل التي من شأنها التأثير عليه، سواءً بصورة مباشرة أم غير مباشرة:

☆ أهمّ العوامل المؤثرة على أسعار النفط:

1- آليات السّوق (العرض والطلب)

فاختلال التّوازن في ما بين هذين المتغيّرين من شأنهما التأثير بصورة مباشرة على أسعار النّفط، ففي الحالة التي يرتفع فيها الطّلب على النّفط فإنّ أسعاره تميل إلى الارتفاع، في المقابل إذا ازدادت الكميّات المعروضة منه فإنّ أسعاره ستميل إلى الانخفاض.

2- منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)

أنشئت هذه المنظّمة لهدف محدّد وهو حماية أسعار النّفط من الانهيارات المحتملة الحدوث، وبالتالي فإنّ لهذه المنظمة القدرة على التحكّم بالأسعار من خلال قدرتها على تغيير معدّلات الإنتاج حسب ما تقتضية الحاجة.

3- الكوارث الطبيعية والأزمات والحروب وعدم الاستقرار السّياسي

فتعطيل الإمدادات من أحد الدّول المنتجة للنّفط لأحد هذه الأسباب يمكنة التأثير على الأسعار.

4- تكاليف إنتاج النفط واستخراجه

فالأسعار، حتمًا، ستميل إلى الارتفاع في حالة استنزاف كلّ مصادر النّفط الرخيصة ولم تبقَ سوى المصادر الأكثر كلفة.

5- القرارات والتصريحات السياسية الدولية

حيث، وكما هو ملاحظ، أصبحت هذه التصريحات عاملًا مؤثرًا بإمكانها أن تبثّ حالة من التفاؤل أو التشاؤم في الأسواق النفطية، وبالتالي التأثير على أسعار تداول النفط.

6- الطاقات البديلة والمتجددة
هناك حقيقة لا شكّ فيها أنّ النفط وغيره من مصادر الوقود الأحفوريّ تعدّ من مصادر الطاقة غير المتجدّدة أي أنّها قابلة للنّضوب والاستنزاف، كما أنّها من أهمّ مسبّبات التغيّر المناخي؛ فالانبعاثات الكربونية الناتجة عنها تعدّ من أهمّ الملوّثات البيئية على الإطلاق، كلّ هذه العوامل أدّت إلى ظهور العديد من الأصوات التي تنادي بضرورة الاستغناء عن هذه المصادر وتبديلها بالطاقة المتجدّدة (الخضراء) كونها صديقة للبيئة وأقلّ ضررًا بها.

لكن في حقيقة الأمر، مسألة الاكتفاء الكلّيّ بالطاقة المتجددة والاستغناء عن النّفط و مشتقّاته لا يزال أمرًا بعيدًا إلى حدٍّ ما، ومرهون بمدى التقدّم التقنيّ الذي من شأنه تقليل تكاليف هذه المصادر والتي تعدّ ذات تكاليف باهظة إذا ما قورنت بمصادر الطّاقة التقليديّة، حيث تعدّ الأخيرة أرخص بكثير منها في الوقت الحاضر.

أهمّ التحدّيات التي تواجه النفط في العصر الحالي (مستقبل النفط)

يقول جان لوندبيرغ “بأنّ سقوط حضارة النفط يعني نهاية حقبة من الممارسات التي أوجدت أكبر اقتصاد وأضخم سكّان سجّلهما تاريخ العالم، ممارسات يعمل استمرارها على استنزاف كوكب الأرض، مثل المواصلات التي تعتمد على النفط والزراعة التي تزدهر على الغاز الطبيعيّ، وقد عملت حضارة النفط على تحويل المجتمع إلى دولة خطيرة يحكمها الاستهلاك الخارج عن نطاق السيطرة والعائلة الآخذة في الانكماش والقيم المتراجعة، والواقع أنّ نهاية الوفرة النفطية من شأنه أن يغيّر كلّ شيء في العالم.”

كما يقول أحمد زكي يماني، وزير البترول السعودي السابق:

“العصر الحجريّ لم ينتهِ بانتهاء الحجر وكذلك سيكون عصر النفط.”

الحقيقة التي لا مفرّ منها، والتي لا بدّ من أنها ستأتي في يوم ما، هي أنّ النفط من السّلع الناضبة، وأن معدلات إنتاج أي بئر نفطيّ في أيّة دولة في العالم دائمًا ما تصل إلى الذروة لتبدأ بعدها عملية التراجع التدريجيّ إلى أن يصل إلى الصّفر، أيْ مرحلة الاستنزاف الكامل.

لكنّ المشكلة الملحّة حاليًا ليست في مسألة النضوب؛ لأنّه مازال هناك كميات كبيرة من هذا المورد على كوكب الأرض،
المشكلة الأبرز والأشدّ خطورة والتي نواجهها الآن هي عدم القدرة على تحقيق التوازن المستدام بين الإنتاج والطلب، الذي تارة ما يتعاظم ويزداد وتارة أخرى يهبط ويقلّ مسببًا ما يسببه من اختلالات اقتصادية للدول المنتجة للنفط.

وعلى مرّ التاريخ شهدت أسعار النّفط عدة انهيارات ناتجة عن الاختلال بين الإنتاج والطّلب، في الثمانينات والتسعينات وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية ووصولًا إلى الأزمة الأخيرة التي حدثت منذ ما يقارب الثلاث سنوات.
و لعلّي هنا سأطيل الحديث عن هذا الانهيار النفطيّ الأخير الذي حدث نتيجة للزيادة المفرطة في الإنتاج العالميّ من النّفط، وخصوصًا من النفط الصخري، الذي شهد ثورة في الإنتاج في الفترة ما بين (2008- 2015) نتيجة للتطورات التكنولوجية التي أدّت إلى حدوث تغيّرات هيكليّة في مستويات الإنتاج النفطي الأمريكي، الذي وصل إلى مستويات قياسية مدعومًا بالأسعار المرتفعة للنفط التي كانت سائدة في تلك الفترة.

ولغرض التنافس والحفاظ على الحصّة السوقية والاستفادة من الأسعار المرتفعة، ما كان لدول أوبك إلا أن تكثّف إنتاجها النفطيّ هي الأخرى. والنتيجة كانت إغراق العالم بالنفط وزيادة الكميات المعروضة منه، ولم تواجه هذه الزيادات في المعروض بطلب كافٍ لامتصاصها من الأسواق نتيجة لتباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة كالصين التي تعتبر أكبر مشترٍ للنفط في العالم.

الأمر الذي أدّى إلى حدوث انهيار في أسعار النفط، فقد وصل سعر البرميل الواحد من النفط الخامّ إلى مستويات ما دون الـ 30 دولارًا للبرميل، مما استدعى تدخّلًا سريعًا من أوبك والمنتجين من خارجها، وبعد العديد من الاجتماعات والتشاورات توصّل المنتجون إلى اتفاق نفطيّ مفاده تقنين الإنتاج بواقع مليون وثمانمائة برميل.

استجابت أسعار النفط لهذا التخفيض وعاودت الارتفاع التدريجيّ، ومع تظافر جهود أوبك والعديد من العوامل الفنية والسياسية والاقتصادية الأخرى استمرّت الأسعار بالارتفاع.

وحاليًا تتذبذب أسعار النفط حول مستويات الـ 65 دولارًا للبرميل، وتحاول بين الحين والآخر ملامسة عتبه الـ 70 دولارًا، لكن في هذا الصّدد أريد التنويه لأمر مهمّ جدًا وهو أنّ الارتفاعات الحاصلة حاليًا في أسعار النفط ليست مستدامة ولن تستمرّ طويلًا لأنها ناجمة فقط عن بعض الظروف الطارئة التي أثّرت على بعض الدّول المنتجة للنفط وحالت بينها وبين إمداد السوق بكمّيات من النفط، وبمجرّد أن تزول هذه العوارض ستعاود هذه الدّول ضخّ النفط إلى الأسواق والعودة مجددًا للإنتاج، ولعلّ عودة فنزويلا للإنتاج، تلك الدولة ذات الاحتياطيات النفطية الأضخم على الإطلاق، من شأنه أن يقلب أسواق النفط رأسًا على عقب ويتسبب في انهيار بعض من الارتفاعات المتحقّقة حاليًا في الأسعار.

ما أريد الوصول إليه هنا هو أنّه أي زيادة في الأسعار في الوقت الحاضر لن تكون زيادة مستدامة، ولن تستمرّ إلى فترات أطول، وحتى إن استمرّت الأسعار في الارتفاع فإنّ السيناريو المحتمَل الحدوث هو أنّ منتجي النّفط حول العالم سيستغلّون هذا الارتفاع في زيادة معدّلات الإنتاج وذلك للاستفادة من هذه اللحظة للحصول على المزيد من الإيرادات دون الاكتراث لما سيحصل في المستقبل.

وأتساءل هنا، من وجهه نظر تنمويّة، ألا يعي منتجو النفط الذين يتنافسون لزيادة إنتاجهم كلّما ارتفعت الأسعار أنّهم بذلك يستنزفون كنزهم الثمين من خلال بيعه بثمن بخس جدًا؟ وياليتهم يستخدمون هذا الثمن بالصورة التي ستحقق لهم مصدرًا آخرًا يستطيعون الاعتماد عليه حال وصول إنتاج النفط إلى الذروة، أو يَقيهِم الانهيارات الاقتصادية التي تتسبب بها التقلّبات السعريّة الدائمة الحدوث لهذا المورد.

أخيرًا

مؤكّدٌ أنّ النفط لا يزال سيّد مصادر الطاقة في الوقت الحاضر إلا أنّ أهميته بدأت تقلّ في بعض القطاعات الحيوية في الاقتصاد العالمي أمثال قطاع الكهرباء الذي يسيطر الفحم الحجري والغاز الطبيعي على إنتاجها في كثير من دول العالم، كما أنّ هناك الكثير من الدول التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة في عملية توليد الكهرباء. أمّا النفط فلم يعد يشكّل إلا نسبة ضئيلة جدًا في هذا القطاع.

 

قد يعجبك أيضًا

إعلان

اترك تعليقا