هل تستخدم العناكب المجال الكهربائي للأرض في الطيران
لا تملك العناكب أجنحة لكنّها تطير!
حسنًا، فالهواء يقوم بحملها مع خيوطها والأمر غير معقد.
ولكن الحقيقة، فإن هذا لا يفسر كيف تقوم تلك المخلوقات الصغيرة بالسفر لمسافات طويلة ولارتفاعات عالية جدًا، حيث أنّ العناكب تقوم في أغلب الحالات بما يعرف بال ballooning وهي العملية التي يقوم بها العنكبوت بالوقوف على أطراف أرجله الثمانيّة ورفع بطنه إلى الأعلى وإطلاق خيطٍ حريريّ، عندما تكون سرعة الهواء أقل من ثلاثة أمتارٍ في الساعة وهي سرعة لا يستطيع الهواء معها حمل العناكب بخيوطها كل تلك المسافات. ولا تفسر حمل الهواء العناكب كبيرة الحجم.
لذا طُرحت نظريّة أخرى لتفسير طيران العناكب، وهي احتماليّة استخدام العناكب للمجال الكهربائيّ للأرض في طيرانها ولكن هذه النظريّة لم تخضع للتمحيص حتى الآن.
يُحيط بالأرض مجال كهربائيّ يتواجد بين سطحها ذي الشحنة السالبة وطبقة الأيونوسفير الجويّة موجبة الشحنة. وللتحقق من تأثر العناكب بهذا المجال، قام مؤخرًا باحثان من جامعة بريستول Erica L. Morley و Daniel Robert بعمل تجربة نُشِرت نتائجها في مجلة Current Biology. بوضع عنكبوتٍ داخل صندوق معزول عن التيارات الهوائيّة وكذلك عن المجال الكهربائيّ الطبيعي للأرض. ثم قاما بإحداث مجالات كهربائيّة مشابهة لتلك المتواجدة في الطبيعة داخل الصندوق، وقاما بتصوير ما يحدث.
كانت النتيجة التي أذهلتهما أنّه عند تشغيل المجال الكهربائيّ يبدأ العنكبوت بالوقوف على أطراف قدميه -tiptoeing- ويطلق خيط الحرير وأحيانًا كان يطير، وعند إيقاف المجال كان يهبط مجددًا. وهكذا كان العنكبوت يطير للأعلى ويهبط للأسفل استجابةً لتشغيل أو إيقاف المجال الكهربائيّ المسلَّط.
لم تدع التجربة مجالًا للشك في نظريّة المجال الكهربائيّ، مما يجعل العناكب ثاني فصيل معروف من المفصليّات التي تستخدم المجال الكهربائي للأرض بعد النحل.
تغطي جسم العنكبوت آلاف الشعيرات الحسيّة التي تستطيع استشعار الأصوات وتيارات الهواء الرقيقة. فأراد العالمان أيضًا معرفة إن كانت هذه الشعيرات تتأثر بالمجال الكهربائيّ. ولمعرفة إن كانت تتحرك، قاما بتسلّيط شعاعٍ دقيق من الليزر على كل شعيرة منفردة، وعند ارتداد شعاع الليزر عن الشعيرة المتحركة يحدث تغيير بسيط في تردد الضوء المرتد. فوجدا أن نوعًا واحدًا فقط من الشعيرات يدعى trichobothria قد تحرك استجابةً لتسليط المجال الكهربائيّ، بينما لم تتاثر الأنواع الأخرى.
تبرز مع هذا الكشف أسئلة اخرى تتعلق بخواص العزل الكهربائيّ لخيوط العنكبوت. وإن كان العنكبوت يستطيع التحكم في اتجاهات الطيران والارتفاعات، فربما يتم ذلك باستخدام كلٍ من المجال الكهربائي للأرض إضافة إلى الرياح. الأول في رفع العناكب إلى أعلى، بينما تيارات الهواء تساعدهم في الملاحة.
من المهم للعلماء معرفة نمط هجرة العناكب باعتبارها احد اهم المفترسات للحشرات. وبمعرفة تأثرها بتذبذبات المجال الكهربائيّ والتي تحدث بسبب تغيرات الطقس، فقد يتمكن العلماء من توقع موجات هبوط العناكب الجماعيّة في المناطق المختلفة، والذي يمكن الاستفادة منه لاستخدامها في القضاء على الآفات الزراعيّة الحشريّة لبعض المحاصيل بطريقةٍ طبيعيّة وبدون استخدام المبيدات الكيماويّة.