متلازمة ملكة النحل: هل تعاني جميع النساء من هذه المتلازمة؟

تحوم ملكات النحل حولنا؛ إلا أنَّهُنَ مجرد استثناءٍ عن القاعدة

هنالك العديد من الخرافات والأفكار النمطية المنتشرة في الثقافة الشعبية والتي تحوم حول النساء والرجال على حدٍّ سواء. فلا بدّ أنّك قد سمعتَ مثلاً بالعبارة التاليّة :”تثرثر النساءُ أكثر من الرجال“.إلّا أنّ دراسةً بحثت في تبادل المتحدثين لأدوار الكلام على نطاقِ المجموعات أثبتت أنّ الرجال يفرضون سيطرتهم على الحوار، بينما ينحصرُ دورُ النساء في الاستماع. كما وَخلصت الدراسة إلى أنّ النساء يتعرَّضن للمقاطعة من قِبل الرجالِ ومن قِبلِ غيرهنّ من النساء، إضافةً إلى أنّ الرجال يحاولون الحفاظ على سيطرتهم على الحوار لأطول فترةٍ ممكنة، وبذلك نرى أنّ التنقيب عن صحّة الخرافات فكرةٌ جيِّدة. وإليكم الآن خرافةٌ أُخرى: تتربع النساء على عرش النميمة وتُثرثِرن أكثر من الرجال. ومِن هنا انتشر الافتراض المُضلَلُ بأنّ النساء تعانين من متلازمة ملكة النحل

ما هي متلازمة ملكة النحل؟

كان كلٌّ من G.L. Staines و T.E. Jayaratne و C. Tavris أول من استحدث تعريفاً لمتلازمة ملكة النحل؛ حيث تصِف هذه المتلازمة -حسبما جاء في تعريفهم عام 1973- المرأة التي تشغل منصباً ذو سلطة والتي تعامل مرؤوساتها من النساء بشكلٍ أسوأ من مرؤوسيها من الرجال وتنظر إليهم نظرةً دونية بحكم السلطة الممنوحة لها. حيث وثَّقَ العديد من الباحثين هذه المتلازمةَ في أبحاثِهم، فجاء في بحثٍ أجراه علماءٌ من جامعة تورنتو أنّ متلازمة ملكة النحل هي ما يُشعِر النساءَ يمعدلاتٍ أعلى من التوتر في حال عملهنَّ تحت سلطة مديرةٍ لا مديرٍ؛ ومما أثبت هذه النظرية أنّ معدلات التوتر لدى الرجال الذين يعملون تحت سلطة امرأةٍ بقيت كما هي مقارنة بمعدلات توترهم عند عملهم تحت سلطة رجُل.

ويصف تعريفٌ آخر ملكةَ النحل بأنّها أي امرأةٍ حققت نجاحاً في وظيفتها ولكنّها ترفض في ذات الوقت مساعدةَ غيرها من النساء على تحقيق ما سبق لها تحقيقُه. ويفترض بعض الباحثين أنّ النساء اللواتي يشغلن مناصب سلطة قد يشعُرنَ بأنه يتوجب على غيرهنّ من النساء أن يسلُكنَ الطريق الصعب الذي اضطُررن لسلكه ليصلنَ للقمة -أي عبر قضاء العديد من السنوات بين أحضان العمل الشاقّ والتوتر الشديد. بعبارةٍ أخرى، يعتقدن أنّ غيرهنّ من النساء يجب أن يعانين كما عانينَ في بداية رحلتهنَّ.

تأثير متلازمة ملكة النحل على النساء والرجال

إعلان

ناقش كلٌّ من شيرل ساندبيرج و آدم غرانت في مقال نُشِر في صحيفة New York Times التعقيداتِ المرتبطةَ بهذا المبدأ المنتشر كانتشار النار في الهشيم بين أفراد المجتمع. فمِمّا يزيد الطين بلة اعتقاد البعضِ بأن عدوّ المرأة الأول هو امرأة تشغل منصب سلطة. وقد خلص بحثٌ أجريتُهُ حول متلازمة ملكة النحل أنّ بعض النساء المؤثِرات اللواتي صعدن إلى قمة النجاح لسنَ مهتماتٍ بمساعدة غيرهن من النساء في تسلق جبل النجاح. فوفقاً لنظرية متلازمة ملكة النحل، يكون تأثير المرأة التي تشغل منصب المدير العام على النساء الخبيرات مهنياً تأثيراً أكثر سلبيةً من تأثيرها على الرجال الخبراء مهنياً. وعندما قامت مجموعة من الأساتذة المختصين بالأبحاث الاستراتيجية  بإجراء بحث عن الإدارة العليا في 1500 شركة تابعة لشركة Standard & Poor’s -لما يزيد عن عشرين عاماً- خلص بحثهم إلى نتيجةٍ يؤمنون أنها تدعم الفكرة السابقة. حيث وجدوا أّنّ احتمالية استلام امرأة لمنصب المدير العام تقل بنسبة 51% عندما تصل امرأة لمنصب المدير العام قبلها. ولكن عبر إجراءِ دراسةٍ أكثر دقة، وُجِد أنّ الفرد الذي يمنع امرأة أخرى من صعود السلم الوظيفي لم يكن امرأةً تعاني من متلازمة ملكة النحل بل رجلاً يشغل منصب المدير التنفيذي؛ كما ووجدوا أنّ الآية تنعكس عندما تستلم امرأةٌ ما منصب المدير التنفيذي، فتكون فرصة النساء للوصول إلى الإدارة العليا أكبر مما هي عليه عندما يكون المدير التنفيذي رجلاً.

يرفض كلٌّ من شيرل ساندبيرج و آدم غرانت الاعتِقاد الشائع الذي ينصّ على أنّ النساء لا يدعمنَ غيرهن من النساء للوصول إلى مناصِب عليا، بل ويعتقدان العكس. كما وأنّ شيرل ساندبيرج واحدةً من أكثر النساء تأثيراً في الشركات الأمريكية؛ بحكم أنها كبيرة مسؤولي التشغيل لشركة فيسبوك؛ وبذلك نرى أنها تتحدث بناءً على خبرتها الشخصية في العمل الإداري.

رغم تواجد ملكات النحل حولنا، إلا أنهنّ يمثلنّ نسبةً أقل مما نعتقد، حيث صرّح كلٌّ من شيرل ساندبيرج وآدم غرانت قائِلَين: “لا تُعامِل النساء بعضهن بلؤمٍ أكثر من اللؤم الذي يظهره الرجال عندما يتعامل الواحد منهم مع الآخر”. وهنا يظهر تأثير القوالب النمطية التي تصف الرجال بأنهم عدوانِيين والنساءَ بأنهن رقيقات؛ وبذلك فعندما تتحرر امرأةٌ ما من هذه القيود النمطية، نشرع بإطلاقِ أحكامٍ اعتباطيةٍ عليها بشكلٍ أشد قسوة. حيث قالتMarlo Thomas معلقةً على هذا الموضوع بقولها: “يُعتبر الرجل قاسياً إن تطرف في سلوكياته كإرهابيٍّ يعادي الثقافة، بينما تُعتَبر المرأة قاسيةّ إن قامت بتصرفٍ بسيط كوضعِ مكالمتك على قائمة الانتظار”؛ وهذا معيارٌ مزدوج يُطّبقه الناس في سياقٍ مختلف.

نرشح لك: لا تُولد المرأة امرأة.. وإنّما تُصبح كذلك!

 

إعلان

مصدر المصدر
فريق الإعداد

ترجمة: راما ياسين المقوسي

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا