اضطراب بيكا.. لماذا يأكل بعض الناس أشياء غريبة؟!
يأكلُ الأفرادُ الذين يعانونَ من اضطراب بيكا موادًا بلا أيّة قيمةٍ غذائيّةٍ بشكلٍ مرضيٍّ وقهريّ، فقد يأكُل شخص يعاني من هذا الاضطراب موادًا غير ضارّةٍ نسبيًا كالثلجِ، أو قد يأكل موادًا يُحتَمَلُ أن تكون خَطِرةً: كقشورِ طلاءٍ جاف، أو قطعٍ معدنيّة. وفي الحالةِ الأخيرة، يُحتَمَلُ أن يؤدي الاضطراب إلى تبعاتٍ بالغةِ الخطورةِ؛ كالتسمُّم بالرصاص. وغالبًا ما يُصيبُ هذا الاضطرابُ الأطفالِ والنساءِ الحوامل، ولكن لا داعي للقلق؛ فهو غالبًا ما يكون مُؤَقتًا ويختفي مع مرورِ الوقت.
ننصحك بأن تُراجعَ الطبيبَ إن كنتَ لا تستطيع -أنت أو طفلك- أن تتوقف عن أكلِ موادٍ غير غذائيّة، فقد يساعدُك العلاجُ على تفادي أعراضٍ جانبيّة خطرةٍ. كما ويصيب هذا الاضطراب ذوي الإعاقةِ الذهنيةِ، حيث يكون أشدَّ خطورةً ويدوم لفترةٍ أطول عند الأفراد الذين يعانونَ من إعاقاتٍ حادّةٍ في النمو.
أعراضُ اضطراب بيكا:
كما ذكرنا سابقًا، يأكل الأفراد الذين يعانون من اضطراب بيكا موادًا غير غذائية بشكلٍ منتظم، فيجب أن يستمر هذا السلوك لشهرٍ واحدٍ على الأقل حتى يتمّ وصفه باضطرابِ بيكا، حيثُ يأكلُ من يعاني من هذا الاضطراب المواد التالية:
- الثلج
- الصابون
- الأزرار
- الصِلصال
- الشعر
- الأوساخ
- التراب
- بقايا السجائر
- رماد السجائر
- الطلاء
- الغِراء
- الطبشور
- البُراز
المُسببات:
لا يوجد سببٌ بعينه يسبب اضطراب بيكا، ففي بعض الحالاتِ، يرتبط نقصُ الحديدِ، أو الزنك أو أي عنصرٍ غذائيٍّ آخر باضطراب بيكا، فعلى سبيل المثال قد تكون الأنيميا أو نقص الحديدِ في الدمِ السببِ الرئيسيّ لمعاناةِ النساء ِالحواملِ من اضطرابِ بيكا. إنّ رغبتك المُلحّة بتناول الموادِ التي سبقَ ذكرها تشير إلى أنّ جسدك يحاول تعويض نقص مستوى المواد الغذائية المنخفضِ لديك. كما وقد يلجأ الأفراد الذين يعانون من مشاكلِ الصحةِ النفسيّة كانفصامِ الشخصيّة (schizophrenia) أو الوسواس القهريّ(obsessive compulsive disorder ) إلى تناول مواد غير غذائيّة كتقنية تأقلم مع حالتهم النفسيّة. ويشتهي بعض الأشخاص تركيبة بعض المواد غير الغذائيّة والطعم الذي تُخلِّفه، ويشعرون بالاستمتاع عند تناولها. ففي بعض الثقافات يَلْقَى تناول التراب قبولًا مجتمعيًّا؛ حيث يُعرَف هذا النوع من اضطراب بيكا بمصطلح geophagia. كما وقد تؤدي الحميات الغذائيّة أو سوء التغذيةِ إلى الإصابة بهذا الاضطراب، وفي هذه الحالات؛ يؤدي تناول المواد غير الغذائية إلى الشعورِ بالتخمةِ مِمّا يُقلّل من كمية الطعام التي يتم تناولَها.
كيفية التشخيص:
نظرًا لعدم وجود اختبار لتشخيصِ اضطراب بيكا، يقوم الطبيب بتشخيص هذا الاضطراب بناءً على التاريخ المَرَضيّ للفرد وبناءً على عواملٍ أخرى. لذلك يجب على الفرد أن يكون صريحًا حولَ الموادِ غير الغذائيّة التي يتناولها عندما يقومُ بزيارةِ الطبيبِ؛ حيث أنّ هذه الصراحةَ هي ما تساعدهُ على تشخيص المرضِ بدقّةٍ، فمن الصعبِ تشخيص اضطراب بيكا إن لم يكن الطبيب على درايةٍ تامّة بالمواد التي يتناولها الفرد، كما وينطبق هذا على الأطفال والأفراد الذين يعانون من الإعاقات الذهنية. ويلي ذلك قيام الطبيب بفحص دم المريض لتحديد أيّ انخفاضٍ في مستوى الزنك أو الحديد؛ حيث يساعد فحصُ الدّمِ الطبيبَ على اكتشاف أي نقصٍ غذائيٍّ قد يرتبط باضطراب بيكا.
المضاعفات:
غالبًا ما يؤدي تناول مواد غير غذائية إلى مضاعفاتٍ شديدةِ الخطورة؛ بما يشمل:
- حالات التسمم؛ كتسمم الرصاص
- العدوى الطُّفَيليّة
- انسداد الأمعاء
- الاختناق
العلاج من اضطراب بيكا
غالبًا، يبدأ الطبيب عمليّة العلاج عن طريق علاج أيّ مضاعفاتٍ صحيّة ناتجة عن تناول مواد غير غذائية، فعلى سبيل المثال، إذا كان المريضُ يعاني من تسمم الرصاص نتيجة تناول قشور طلاءٍ جاف سيقوم الطبيب بوصف العلاج بالاستخلاب (chelation therapy) كخطوةٍ أولية. في هذا الأسلوب العلاجيّ، يأخذ المريض أدويةً تتحد مع الرصاص؛ بهدف حثّ الجسد على إخراج الرصاصِ منه عن طريق البول. كما وقد يوصي الطبيب بأنواع علاجٍ أخرى مثل ثنائيّ أمين الإيثيلين رباعي حمض الأسيتيك (ethylenediaminetetraacetic) المعروف بحمض EDTA.
أما إذا اعتقد الطبيب أنّ السببَ وراء اضطراب بيكا هو عدم التوازن الغذائي، فسيقوم بوصف الفيتامينات أو المكمِّلات المعدنية، فعلى سبيل المثال، قد يُوصي الطبيب بتناول مكملات الحديد بشكلٍ منتظم، أو قد يطلب من المريضِ الخضوع لتقييمٍ نفسيّ حتى يمكنه أن يحدّد إن كان المريض يعاني من الوِسواس القهريّ أو أي مرضٍ نفسيّ آخر. فاعتمادًا على حالة المريض الصحيّة، قد يصف الطبيب الأدوية أو العلاج النفسيّ للتخلص من اضطراب بيكا. وحتى وقتنا الحاضر لم ترتكز الأبحاث على العلاجِ بالأدوية لمساعدة من يعانون من اضطراب بيكا. تشير دراسة تم نشرها في صحيفة Journal of Applied Behavior Analysis أنّ مكمّلات الفيتامينات الغذائية تُمثّل علاجاً فعّالاً في بعض الحالات المرضية. أما إذا كان المريض يعاني من إعاقةٍ ذهنيةٍ أو اضطراب ذي علاقة بالصحة النفسية فإنّ الأدوية التي تُستخدَم لعلاج المشاكل السلوكيّة قد تساعد في التقليلِ أو القضاء على رغبة المرضى بتناول موادٍ غير غذائيّة.
مستقبَل المُصابين
غالبًا ما يتلاشى المرض دون الخضوع لأيّ نوعٍ من أنواع العلاج إن كان المريضُ طفلًا أو امرأة حبلى. أما إن كان السببُ وراء المعاناة من هذا الاضطراب هو نقص التغذية، يؤدي علاجُ نقص التغذية إلى التخفيفِ من حدّة أعراض بيكا على المريض، ولكنه قد يستمر لسنواتٍ عدّة إن كان المريضُ يعاني من إعاقاتٍ ذهنية، إنّ وظيفة الطبيب في هذه الحالات تتمثّلُ بجعل المريضِ يتفّهم مستقبلَه في العيشِ مع اضطراب بيكا وبتوضيح الإجراءات التي يُمكن اتخاذُها للسيطرةِ عليه.