كيف يساعد الصوت على تشخيص الأمراض؟ دراسة جديدة تجيب “مترجم”

يعمل الباحثون حالياً على إنشاء قاعدة بيانات للأصوات البشريّة يمكن استخدامها لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، والتي يمكنها، في نهاية المطاف، تشخيص أمراض خطيرة، تستهدف جميع الأمراض ابتداءًا من مرض الزهايمر إلى أمراض السرطان. وقد أعلن المشروع الذي تقوم بتمويله معاهد الصحة الوطنية أنه سيكون عبارة عن محاولة لتحويل الصوت البشري إلى مؤشر حيوي للكشف عن المرض، تمامًا مثل الدم ودرجة الحرارة.

ويوضح أوليفر ألمينتو – وهو أستاذ في معهد الطب الحيوي الحاسوبي في كلية وايل كورنيل للطب وأحد الباحثين الرئيسيين في المشروع – قائلا: “ما هو جميل بالنسبة للبيانات الصوتية أنها على الأرجح أحد أنواع البيانات الزّهيدة التي يمكنك جمعها من الناس، إضافة إلى أنها نوع من المعلومات يسهل الوصول إليه، إذ يمكنك الحصول عليها من أي مريض.”

وتقول يائيل بنسوسن – وهي أخصائية أنف وأذن وحنجرة في كلية طب جامعة جنوب فلوريدا، وباحثة رئيسية أخرى في المشروع – بأن الدّراسات التي أُجريت خلال السّنوات القليلة الماضية قد استكشفت إمكانيّة مساعدة الصوت على تشخيص المرض، لكن معظم هذه الدراسات كانت صغيرة ومنعزلة، بالإضافة إلى عدم وجود قواعد بيانات كبيرة للبيانات الصوتيّة، وحيث أن هذا المجال جديد للدراسة فلم يكتشف الباحثون بعد أفضل الطرق حول كيفية جمع المعلومات الصوتية من أجل البحث. وتضيف بنسوسن “سوف نضع قواعد لكيفية جمع البيانات،”

وقد تم تمويل المشروع من خلال برنامج Bridge2AI (الجسر نحو الذكاء الاصطناعي) في معاهد الصحة الوطنية (NIH) والتي تدعم المشاريع التي تنشئ قواعد بيانات أخلاقية وصارمة يسهل الوصول إليها والتي تطور أدوات الذكاء الاصطناعي. وسيستمر هذا المشروع لمدة أربع سنوات، وقد يحصل على تمويل يصل إلى ١٤ مليون دولار خلال تلك الفترة الزمنية.

سيبدأ فريق البحث بتصميم تطبيق يجمع البيانات الصوتية من المشاركين، ممن يعانون من حالات مرضية مثل شلل الحبال الصوتية ومرض الزهايمر وداء باركنسون والاكتئاب والالتهاب الرئوي والتوحد. وسيقوم طبيب اكلينيكي بالإشراف على جميع عمليات جمع البيانات الصوتية. وتقول بنسوسن “إذن، وعلى سبيل المثال، إذا كان هناك شخص مصاب بداء باركنسون – فإن أصواتهم تكون أوطأ ويتحدثون بطريقة أبطأ.” ومن ثم سيطلب من هؤلاء المشاركين نطق أصوات وقراءة جمل بالإضافة إلى قراءة نصوص كاملة من خلال التطبيق.

إعلان

كما سيتمكن الباحثون بسهولة من إضافة الأمراض الأُخرى التي ستتم مصادفتها خلال فترة البحث. يقول ألمينتو أن لديه صديقًا اختصاصيًّا في علاج الأورام ويتعامل غالباً مع المرضى الذين يعانون من النقائل _ أورام سرطانية _ في أدمغتهم. يضيف ألمينتو ” أخبرني صديقي أنه في الواقع يستطيع أن يكتشف من خلال التغيرات في أصوات الناس أن لديهم أورام سرطانية في أدمغتهم، دُهشت تمامًا عند سماع هذا.”

بعد ذلك، سيستخدمون قواعد البيانات لإنشاء نماذج ذكاء اصطناعي يمكنها اكتشاف الحالات المرضية. ويتعاون فريق البحث مع شركة الذكاء الاصطناعي الطبي Owkin لإنشاء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي في المشروع. ويتيح نظام عمل Owkin الاحتفاظ ببيانات المريض في مركز الرعاية الصحية حيث يتم جمعها – إذ ينتقل نموذج الذكاء الاصطناعي بين المؤسسات. و يتم حفظ النموذج في حزمة بيانات بشكل منفصل ومن ثم تعود نتائج تلك التّدريبات إلى موقع مركزي حيث تُدمج معًا. بعد ذلك يتم إرسال النموذج المُدمج والمُحدَّث مرة أُخرى إلى كل موقع وتبدأ العملية مجددًا.

وهذا يعطي مستوى إضافي من حماية الخصوصية إلى البيانات الصوتية، فهذه البيانات فريدة من نوعها من حيث أنه يمكن ربطها بسهولة بالشخص الذي تعود إليه؛ إذ يمكن التعرف بسهولة على أصوات الأشخاص حتى لو تمت إزالة أسمائهم. ويعمل فريق من علماء أخلاقيات علم الأحياء على مشروع لدراسة الآثار الأخلاقية والقانونية لقاعدة البيانات الصوتية والتشخيصات الصوتية أيضًا. وعلى حسب قول بنسوسن إن العلماء سيركزون على إخضاع الصوت للحماية من خلال قانون قابلية نقل التأمين الصحي والمساءلة (HIPAA)، بالإضافة إلى التأكد ما إذا كان المرضى يملكون حقًا بياناتهم الصوتية.

ولا يقتصر الاهتمام باستخدام الصوت لتشخيص المرض على الباحثين الطبيين، إذ إن شركات التكنولوجيا الكبرى التي تصنع المساعدين الصوتيين مهتمة بذلك أيضًا. وتمتلك شركة أمازون براءات اختراع تمكنها من استخدام برنامج Alexa لمعرفة ما إذا كان الناس يعانون من مشاكل عاطفية مثل الاكتئاب أو مشاكل جسدية مثل التهاب الحلق. نظريًّا، إذا أظهرت الاهتزازات في صوت أحد المشاركين إشارات مرض ما مثل الزهايمر، سيقوم المساعد الصوتي بالإبلاغ عن الحالة، وهذا بدوره سيثير مستوى آخر من المشاكل الأخلاقية والقانونية والتي بدأ الخبراء في التفكير بشكل جدي.

وصرّح ديفيد سيمون – زميل باحث يدرس الصحة المنزلية الرقمية في مركز بيتري-فلوم لسياسة قانون الصحة والتكنولوجيا الحيوية وأخلاقيات علم الأحياء في كلية الحقوق في جامعة هارفارد – لموقع Inverse في شهر آب/ أغسطس 2022 أن “تقنيات مثل هذه قادمة لا محالة، وأعتقد أنها ستأتي أسرع مما هو مهيأ للقانون لمواجهته بطريقة كاملة.”

• أما في الوقت الحالي، فلا يهتم برنامج البحث الجديد بإنشاء برامج للأجهزة المنزلية. وإنما يركز على تطوير الأدوات التي يمكن أن يستخدمها الأطباء في عياداتهم. وسيكون مفيدًا بشكل خاص في الأماكن منخفضة الموارد حيث قد لا يتمكن شخص ما من مقابلة أحد المتخصصين. وتقول بنسوسن “يمكن لأي شخص أن يسجل صوت المريض، فيخبره التطبيق بإن هناك فرصة كبيرة حقًا للإصابة بسرطان الحنجرة، لذلك يجب أن ترسل المريض ليراه خبير”. وتضيف قائلة: “الذكاء الاصطناعي في الفحص سيكون مهمًا حقًا.”

https://www.theverge.com/2022/9/13/23350793/human-voice-disease-ai-diagnosis

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: بتول إسماعيل

اترك تعليقا