كيف نشأت الكواكب

كشف جديد، يثبت نظرية قديمة

لعقود طوال مضت، استقرت لدى علماء الفلك فرضية تقول: أنّ الكواكب تنشأ عادة من سُحب الغبار والحطام، والتي تدور حول النجوم حديثة التكوين.

داخل هذه السحب المكونة من الغازات والغبار والتي يطلق عليها “أقراص الكواكب البدائية” من الممكن أن يصل اتساعها إلى 1000 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي متوسط المسافة بين الأرض الشمس، أي حوالي 150 مليون كم)، ومع مرور الوقت تتجمع جزيئات من الغاز والغبار، لتكوّن أجسامًا كروية تبدأ في النمو رويدًا رويدًا حتى نصل إلى حجم الكواكب المعروفة.

الصورة التي نشرت هذا الأسبوع وأحدثت ضجة واسعة لدى جمهور العلماء وهواة علم الفلك، نظرًا لأنها المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من تصوير كوكب وليد وهو ما زال يتشكل في قرص الغاز والغبار المحيط بنجمه الصغير.

تعد الصورة مفخرة علمية وتقنية بحسب ما ذكرته مجلة العلوم والحياة الفرنسية على موقعها الإكتروني، وتم الحصول عليها نتيجة الجهود المشتركة لفريق دوليّ من علماء الفلك بقيادة علماء من معهد ماكس بلانك الألماني تحت إشراف العالمة ميريام كبلر وباستخدام واحدة من التلسكوبات العملاقة للشبكة الأوروبيّة المعروفة باسم “VLT”.

وأخيرًا… حصلنا على الدليل!

رغم السنين الطويلة التي قضاها علماء الفلك حول العالم في البحث عن دليل يثبت فرضية تكوّن الكواكب من سحب الغبار حول النجوم، من خلال رصد تلك السحب الغازية حول النجوم، إلّا أن جميع محاولاتهم لم تُكلل أبدًا بالنجاح.

لكن يبدو أن الوضع قد تغير الآن، ففي دراسة جديدة نُشرت على الإنترنت أمس في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية، قدّم فريق من علماء الفلك أول ملاحظة مقنعة لجسم ذو حجم كوكبي داخل سحابة غازية “قرص كوكبي” يدور حول نجم حديث قزم يبلغ من العمر 10- مليون سنة فقط، وهو النجم المسمى PDS 70 والذي يقع على بعد 370 سنوات ضوئية من الأرض.

مراصد متطورة:

تم الكشف الجديد بفضل الأدوات المتطورة التي زُوِّد بها تلسكوب المرصد الجنوبي الأوروبي بالغ الضخامة (VLT)، حيث يوفر الكشف الجديد واحدًا من أقوى الأدلة حتى الآن لفرضية علماء الفلك الحالية حول تشكيل الكواكب.

التلسكوب هو واحد من أربعة تلسكوبات يبلغ قطرها 8.2 مترًا من شبكة vlt، مجهز بأداة تعرف باسم “كرة البصريات التكييفية”، وهي أداة إلكترونية قادرة على التخلص من تلافي عيوب الرصد التي تحدث بسبب الغلاف الجوي للأرض والاضطرابات الجوية وبالتالي رفع قدرة التباين البصري optical resolution الخاصة بالتلسكوب إلى مداها الكامل. مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في قدرته على تمييز تفاصيل النجوم.

وكما يبدو في الصورة فإن تلك التقنية تساعد العلماء على عمل ما يسمى بالكرونوجراف، وهي تقنية تقوم على إخفاء ضوء النجم المركزي ليبدو في الصورة كقرص أسود مما يساعد في اكتشاف النقاط المضيئة الشاحبة في سحابة الغبار المختلفة حوله، والتي ربما تكوّن كواكبًا وليدة ملتهبة.

وقال كيفين هنغ من جامعه بيرن في سويسرا:

بعد عقود من التكهنات، من الجميل أن نرى الواقع بأعيننا، لقد شعرنا أخيرًا بالراحة.

علاوة على ذلك، وفي دراسة مستقلة، نُشرت أيضًا على الإنترنت أمس في علم الفلك والفيزياء الفلكية، أعلنت مجموعة من الباحثين بقيادة العالم اندري موللر عن أهمية دراسة خصائص الكوكب الوليد، والذي أُطلق عليه اسم PDS 70 ب. وذلك من أجل تأكيد الفرضية (النظرية) حول نشأة الكواكب.

أعلن الفريق أن PDS 70 b هو كوكب ضخم يبلغ من الحجم أضعاف المشتري، ويحيط به غلاف جوي ذو سحب كثيفة، في حين تتجاوز درجات الحرارة على سطحه 1000 درجه مئوية، ويدور حول نجمه المضيف على مسافة 20 وحدة فلكية، أي ما يقارب المسافة بين أورانوس والشمس.

وتبقى الإثارة:

الأمر الأكثر غرابة، أن فريق الباحثين وجدوا أيضًا أن الكوكب الوليد محاط بقرص غازي، على الرغم من صعوبة التحقق من ذلك، إلّا أن الباحثين لديهم النية في الاستمرار في مراقبه الكوكب، أملًا في تأكيد النتائج التي توصلوا اليها، بالإضافة إلى تتبع مسار الكوكب في دورته الملحمية حول نجمه، والتي تستغرق 120 عامًا بالتمام والكمال.

إعلان

مصدر
فريق الإعداد

إعداد: زكريا أحمد عبد المطلب

تدقيق لغوي: أميرة قطيش

اترك تعليقا