كيف تحرر المنهج العلمي من منطق أرسطو؟ (1-2)

مقدمة
لمّا كانت حقائق العالم في ظاهرها مفكَكةً متفرقةً كان التفكير المنهجي هو الذي يربط هذه الحقائق بعضها ببعض في مجموعاتٍ منسقةِ الأجزاء هي العلوم المختلفة؛ فعلم الفلك -مثلًا- هو مجموعةٌ من قوانين، كل قانونٍ منها يختصر وصفًا لحركات الأجرام السماوية كما شوهدت في جزئياتها وتفصيلاتها، وعلم النبات مجموعة من قوانين، كل قانون منها عبارة عن تعميمٍ لخصائصٍ وُجِدت فيما لوحظ من أنواع النبات المختلفة، وهكذا.

ولم يكن ظهور الروح العلمية أيام النهضة الأوروبية بعد قرونه الوسطى المظلمة وتطورها المتسارع طوال القرون اللاحقة محض صدفة جاءت في سير التاريخ، بل كانت نتيجةَ بذر بذور المنهج العلمي على يد فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر، الذي حتى وإنْ كان على ثقافة علمية ضيّقة جعلته لا يقدّر بعض اكتشافات عصره الناجحة كاكتشافات هارفى للدورة الدموية وكوبرنيكوس وجاليليو في الفلك، إلا أنه كان المنظر الأكبر للاتجاه التجريبي في العصر الحديث والناقد الأكبر لمنطق أرسطو في كتابه الصغير “الأورجانون الجديد” على غرار “أورجانون أرسطو العقيم” كما يصفه.

أما الشرق الإسلامي، كما تقول د. يمنى طريف الخوليـ  “فكان آنذاك أكثر استنارةً وعقلانيةً وتقدمًا واتسع للمنهج التجريبي، وكان موطنًا للحركة العلمية. ولم تحُز كتب أرسطو فـي الشرق المنزلة نفسها التي منحتها إياها الكنيسة في الغرب، بل إن نفرًا من الفقهاء على رأسهم ابن تيمية (٦٦١ــ ٧٢٨هـ) صاحب “نقض المنطق والرد على المنطقيين” قد شنوا حملة شعواء على أرسطو ومنطقه. فضلًا عن أن الإسلام لا يعرف كهنوتًا ولا سلطةً لرجال الدين كي يكتسب أرسطو بعضًا منها. لكن بصرف النظر عن الصياغة السلطوية الرسمية، لم ينجُ التفكير الإسلامي هو الآخر من هيمنة أرسطو وكانت مباحث الطبيعة عند فلاسفة الإسلام مشبَعةً بالمعالم والموضوعات والمصطلحات الأرسطية. والطبُ أيضًا بدأ عند الإغريق -الهيليين- ممتزجًا بالفـلـسـفـة، ثـم امـتـزج بـالمنـطـق عـنـد الهيلنستيين في مدرسة الإسكندرية، واستمر هكذا عند العرب. فكان ثمة الفلاسفة الأطباء وهم مدرسيون قياسيون رائدهم ابن سينا والأطـبـاء الفلاسفة، وهم ممارسون تجريبيون رائدهم الرازي.”

إلا أن آفة العرب -كما يشخصها الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل– كانت تختلف عن آفة الإغريق، فقد كانوا ينشدون الحقائق المنفصلة أكثر مما ينشدون المبادئ العامة، ولم يكن لديهم القدرة على استخلاص قوانين عامة من الحقائق التي اكتشفوها رغم كونهم أقرب إلى التجريب. وإليهم مرجع كثير من الفضل في أن بعض المسيحيين أمثال روجر بيكون -الجد الأكبر لفرانسيس بيكون- قد حصلوا كل المعارف العلمية التي تهيأت للشطر الأخير من العصور الوسطى.

أما الإغريق فإنه لَمِمّا يستوقف النظر حقًا ما اختلفوا به عن الشعوب الشرقية القديمة في نظرتهم العلمية؛ فقد كانوا أوائل من طلبوا تعليل ما يقال لهم عن العالم، وكانوا أول من كتب في الرياضيات والعلم والفلسفة قريبًا من صورتها التي نراها. نعم، توصلت مصر القديمة وبابل إلى بعض الحقائق الرياضية والفلكية بالذات قبل الإغريق لكنهم كانوا يقنعون من العلم ما يخدم أغراضهم العملية وحسب؛ كان المصريون مثلًا يعرفون أن الحبل إذا عقد على مسافات متساوية، ثم أخذت من هذه الوحدات المتساوية أضلاعًا قوامها 3، 4، 5 من هذه العقد على التتابع ووضعت هذه الأضلاع على هيئة مثلث كان لهم بذلك زاوية قائمة، فكانوا يستفيدون بهذه الخبرة العملية في الزراعة والبناء والصناعة. حتى جاء فيثاغورس واستخرج النظرية التي تجعل هذه المسافات حتمًا مثلث قائم الزاوية، فكان له بذلك نظريته المعروفة باسمه في علم الهندسة.

إعلان

كذلك الآشوريون قد سبقوا اليونان في ملاحظة النجوم ومعرفة شيء عن ظهورها واختفائها؛ لكنهم لم يريدوا من وراء ذلك إلا خدمة أغراضهم العملية أيضًا؛ متى يجوز السفر، ومتى يصلح الزرع، ومتى يستحب الزواج وهكذا. أما اليونان فقد جاؤوا بعد ذلك يرقبون النجوم للكشف عن قوانين ظهورها واختفائها وسيرها فكانوا بذلك هم واضعي أساس علم الفلك بعد أن كان على أيدي الآشوريين مجرد تنجيم، لذا كان الفرق بعيد بين رجلين: رجلٌ يعرف كيف “يعمل” دون أن يعلم النظرية التي ينبنى عليها ذلك العمل، ورجلٌ يعرف كيف يعمل تطبيقًا “لنظرية” يعلمها.
إلا أنه ورغم ما أشرنا إليه مما تميّز به الإغريق عمن سبقهم، إلا أن اهتمامهم انصبّ بالدرجة الأولى على العلوم النظرية أو الاستنباطية كالرياضيات والمنطق عنها بالعلوم التجريبية.

فقد برع اليونان غاية البراعة في نوع التفكير الذي يبدأ بالمسلّمات المفروضة ثم يستنبط منها النظريات. وفي مثل هذه الحالة تكون صحةُ التفكير متوقفةً على صحة استدلال النظريات من المسلَّمات الأولى -البدهيات والمصادرات- ولا شأن لهم بالملاحظة والتجريب قدر الإمكان، ولعل نزعة ازدراء المعرفة الحسية نظير المعارف العقلية مرجعه -في أغلب الظن- إلى ازدراء الجسم بالنسبة للعقل؛ فما دمت تذهب إلى أن الإنسان قوامه شيئان: جسم وعقل، ثم ما دمت تضيف إلى ذلك عقيدة بأن العقل كائن روحاني خالد بينما الجسم كتلة مادية فانية، فلابد أن تترتب على ذلك أعمق النتائج في وجهة نظرك وفي تقديرك للأمور من ذلك تقديرك لمن يستخدم عقله بأكثر مما تقدر به من يستخدم جسمه في عمله، وبذلك يكون المفكر أرفع منزلةً من العامل، وبذلك أيضًا يكون المفكر النظري البحت الذي يتأمل ويستنبط دون حاجة منه إلى استخدام يديه وحواسه أَوْلى بالتقدير من المفكر العملي الذي ينظر بعينيه ويجري التجارب بيديه، إلى حد تردد المجتمع اليوناني في اعتبار العبيد القائمين على العمل والنساء المتصلات به بشرًا! فلا غرابة بعد ذلك كله أن نجد رجلًا مثل أفلاطون يقترح أن يتولى قيادة الناس فيلسوف، ويجعل من أفحش الأخطاء السياسية أن يشترك عامل في إدارة الحكم، حتى أنه يقول في محاورة جورجياس “حتمًا أنت تحتقر المهندس ولا ترغب بتزويجه ابنتك مهما كانت الخدمات التي يمكنه أن يؤديها لك”.

حتى أن أرشميدس في كتابه “في الأجسام الطافية” يستنبط نظريته استنباطًا، فيبدأ بفروض حتى يصل إلى استنتاج ونظرية يختبر بها نقاءَ التاج الذهبي للملك اليوناني ولا يذكر دور تجربته وقصته الشهيرة في ذلك، ولمّا استعان به ابن عمه الأمير في صنع آلات حربية يحمي بها مدينته من هجمات الرومان المغيرين، يعتذر المؤرخ اليوناني فلوطرخس حين يؤرخ لأرشميدس عن عمله بالوسائل التقنية واليدوية كأنما أحس أنه عمل لم يكن يليق برجل مهذب من علية القوم أن يعمله؛ فيلتمس له العذر بأنه اضطر لذلك اضطرارًا.

تبنى أفلاطون نظرية المثُل متأثرًا بفكرة الوجود المطلق عند الإيليين كبارمندس وزينون، فرآها مثلًا دائمةً ثابتة لا يطرأ عليها تغير أو فناء، فكانت هي مصدر المعرفة الحقيقية على خلاف عالم الحس الذي يخضع لتغير متصل لا ينقطع ولا يثبت الشيء على حاله لحظتَين متتابعتَين (متأثرًا في ذلك بفكرة التغير المطلق عند هيراقليطس) فهو لا يصلح أن يكون مصدرًا للعلم لأنك لا تستطيع أن تعلم شيئًا عن جسم يتغير من لحظة إلى لحظة إذ لا بُد أن يثبت أمام العقل حتى يمكن العلم به. ولكن هذه الأشياء المحسوسة ليست مجهولة منا كل الجهل، فهي تصور المثل وتحاكيها على حال يختلف حظه من الدقة باختلاف الأشياء؛ وهي لهذا يمكن معرفتها بقدر دقة محاكاتها للمثل فإن كان هذا الإنسان أقرب من ذلك إلى مثال الإنسان كنا به أعلم.

طبيعيات أرسطو

أراد أرسطو أن يصلح الخطأ الذي وقع فيه أستاذه، فاحتج بأن ماهيّة الأشياء يجب أن تكون فيها لا خارجةً عنها فتوجه بنظره نحو الطبيعة وما فيها غير معترف بما اتُّهمت به هذه الأشياء المحسوسة من قِبل أستاذه أفلاطون من أنها لا تمد الإنسان بالعلم الصحيح، على ألا يكون بحثه حسيًا محضًا، بل حاول أن تكون فلسفته طبيعية عقلية في آن واحد تبدأ بدراسة أتفه الأشياء التي تقع تحت الحواس ثم تمضي حتى تصل إلى مرتبة التعليل والشرح لكل ظواهر الوجود المتغيرة. متنقلًا في بحثه من المحسوسات الكثيرة التي يغص بها الكون إلى الواحد الأبدي الخالد. وينبغي أن يكون هذا التعليل الجديد الذي ننشده عاملًا على ربط ذَينك العنصريْن؛ ليوحد بين الطبيعة وروحها، وإن شئت فقل بين الأشياء وأسبابها. وقد انتهت هذه المحاولة بأرسطو إلى ابتكار علم جديد لم يكن له وجود من قبل فهو من خلقه وإنشائه ذلك هو المنطق.

إلا أنه ورغم النقد الذي لاقاه أفلاطون من قبل أرسطو فمخطئٌ مَن ظن أنه خرج عنه وما من فهم أصيل لأرسطو إلا ويعزز الرأي القائل أن أرسطو كان أعظم الأفلاطونيين – كما يقول ولتر ستيس-؛ لأن مذهبه لايزال مؤسسًا على المثال، وهو محاولة لتأسيس مثالية متطورة ومتحررة من نواقص مذهب أفلاطون الفجة التي لا تطاق. إلا أنه كان من الضروري أن يركز على الأمور التي يختلف فيها مع مذهب أستاذه بنيّة تطويره عن تلك الأمور التي يتفق معه عليها وما أعمقها.

ومن أهم الأسس التي بنى عليها أرسطو كلامه فيما بعد الطبيعة كلامه في العلة. والعلة في نظره أوسع منها في نظر الفلاسفة المحدثين. ففي العصر الحديث الذي يفرق بين العلة والحكمة فهم يقصدون بالعلة السبب الميكانيكي الذي نشأ عنه الشيء، فإذا رأيت الماء تَثلّج في الإناء وقلت ما علة تَثلّجه؟ فالجواب أنّ علة ذلك هي البرودة فهذا الجواب بيّن لنا السبب الذي نشأ عنه التَّثلُّج ولكن لم يبين لنا حكمة حصوله أما العلة في كلام أرسطو فتشمل ما يُسمى الآن بالعلة والحكمة جميعا فيقول أن فيها أربعة أنواع: العلة المادية والعلة المحركة والعلة الصورية والعلة الغائية وجميعها تعمل معًا في كل حالة من حالات الوجود وهي جميعها موجودة في كل ما ينتجه الإنسان وما تنتجه الطبيعة ولنضرب المثل بما ينتجه الإنسان فالعلة المادية لشيء هي المادة التي يتكون منها الشيء كالبرونز للتمثال والعلة المحركة فهي القوة التي عملت على تغيير الشيء وهي في مثال تمثال البرونز العامل والعلة الصورية عرّفها أرسطو بأنها روح الشيء وما به الشيء هو هو وفي مثلنا هذا ما به التمثال تمثالًا والعلة الغائية هي الغرض أو الغاية أو المقصِد الذي تتجه الحركة لإخراجه فالعلة الغائية للتمثال هو التمثال نفسه لأنه غاية المثَّال وغرضه، وما يعني العلم الحديث من علل أرسطو هي العلة المادية والعلة المحركة وهما ما يُسميان تقريبًا في عرفنا بالمادة والطاقة بل هناك خلاف أيضًا في تصور أرسطو للعلة المحركة وتصور المحدثين لها فالعلم الحديث يعني بها الطاقة الميكانيكية بينما أرسطو يعني بها القوة الكمالية التي تجذب إلى الغاية لا التي تدفع من المبدأ كما سيأتي.

رد أرسطو العلل الأربع إلى ما سماه بالهيولى (العلة المادية) والصورة (العلة المحركة والعلة الصورية والعلة الغائية) وقد رأى أن الهيولى والصورة لا تنفصلان فلا صورة من غير هيولى ولا هيولى من غير صورة فالهيولى إذن في ذاتها لا صورة لها ولا مظهر ولا تُحدّ ولا تُوصف إنما الذي يحد الهيولى هي الصورة إذًا فهي أي شيء بالقوة ولكنها بالفعل شيء معين بواسطة الصورة لذا كان الموجود في الخارج مادة اتخذت لها صورة وليس هذا التحول من القوة إلى الفعل تحولًا حيثما اتُّفِق أي ليست تسير من الخلف بحركة ميكانيكية بحتة إنما تُسيّرها الغاية وتجذبها إليها كما يجذب المغناطيس الحديد فلو لم تكن الغايةُ حاضرةً فليس هناك قوة تحول المادة إلى صورة كما يقول.

ويقول أرسطو إنَ العالم ما هو إلا سلسلة ترق للمادة من صورة إلى صورة أرقى منها. فالعالم درجات بعضها فوق بعض. وأكبر مظهر لهذا التدرج هو تركيب البنية أو كما سماه بالعضوية. وإذا نظرنا إلى العالم من هذه الناحية فأول ما يلفت نظرنا انقسامه إلى أجسام عضوية وغير عضوية، ففي أدنى درجات السلم الأجسام اللاعضوية وفيها تضعف الصورة حتى تكاد تكون هيولى بلا صورة. ومع هذا فلها من غير شك صورة، وهي ككل شيء تتحرك لغاية. ويليها النبات ثم الحيوان في الرقي حتى نصل إلى الإنسان وله ما للحيوان والنبات من تَغذٍّ ونسل وحس، ويزيد عليها العقل وهو المميز له عن باقي النبات والحيوان وهو أهم وظيفة له وللنفس الإنسانية وظائف أو ملكات أحطها الحس وأعلاها العقل.

وفي عملية النشوء والارتقاء تجذب الصورة العالم إلى الرقي دائمًا، والهيولى تعوقه وتؤخره. فحركة العالم تتلخص في جهد الصورة لتشكل الهيولى، ومقاومة الهيولى للصورة. ولما كان للهيولى قوة المقاومة لم تنجح الصورة دائمًا بل فشلت أحيانًا؛ وهذا هو السبب أيضًا في وجود فلتات الطبيعة وغرائب الخلقة والإجهاض، ولهذا يجب على العلم أن يُعنى بدراسة الأشياء الطبيعية العادية لا الشاذة، ففي الأشياء الطبيعية العادية يستطيع العلم أن ينظر الغاية التي تسعى إليها الأشياء، وبواسطة هذه الغاية وحدها يمكن فهم العالم، فما كان من الأشياء في منزلة عالية يكون قد غلبت صورته مادته، وما كان منها في درجة سافلة يكون قد غلبت مادته صورته، حتى إذا وصلنا إلى نهاية الحضيض وصلنا إلى مادة لا صورة لها، وإذا وصلنا إلى الذروة العليا وجدنا صورة لا مادة لها. ولكن هاتَين النهايتْين ليستا إلا معانٍ مجردة لا وجود لها في الخارج لأن الذي في الخارج ـ كما قدمنا ـ ليس إلا مادة بصورة، والعالم يسير في ارتقاء مستمر. والحركة والتغير مستمران ينقلان ما فيه من درجة إلى أعلى منها تجذبه نحوها قوة الغاية هذه الغاية. وإن شئت فقل الذروة العليا للموجودات. وإن شئت فقل الصورة المجردة التامة الصورة بلا هيولى أو ما يسميه بالمحرك الأول أو الله عند الفارابي وابن سينا. والعالم عند أرسطو لا أول له في الزمن وإنما سبقه الله كما تسبق المقدمة النتيجة، كذلك لا نهاية للعالم إذ لو كان له نهاية لكانت نهايته صورة مجردة، وهي كما أسلفنا لا وجود لها في الخارج.

أما الأجسام السماوية فيرى أرسطو أنها أجسام إلهية، وأن الكواكب ومنها الشمس والقمر تدور حول الأرض في اتجاه معاكس للنجوم. وأن هذه الأجسام السماوية أرقى من الإنسان؛ لأن لها قوة عاقلة أقوى مما عنده وهي تعيش عيشة سعيدة لا يعتريها نقص وهي أزلية أبدية وعالمها لا يعرف الفساد والتغير كعالمنا، وليست مكونة من العناصر الأربعة (الهواء والنار والتراب والماء) كالعالم الأرضي، بل هي مكونة من عنصر آخر هو الأثير. ولأنها أبدية كانت حركاتها أبدية. ولأنها مثال الكمال كانت حركتها مثال الكمال، فحركتها ليست في خط مستقيم بل هي حركة دائرية.

لم يقبل أرسطو ما عرف به بعضهم المكان من أنه الخلاء أو الفراغ. وكان يرى أن المكان ما هو إلا السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي وكانت آراؤه هذه ما أثار اعتراض الفزيائين العرب كالبيرونى وأبوالبركات البغدادي وابن باجة برفضه للخلاء وامتناع الحركة فيه وعدم القدرة على تفسير استمرار الجسم في الحركة بعد انفصاله عن محركه وتقسيم العالم إلى قسم ثابت أزلي هو عالم ما فوق فلك القمر، وآخر ما تحت فلك القمر عالم الكون والفساد. وهو ما أنتج نموذجًا جديدًا (فيزياء الميل) في مقابل نموذج أرسطو الذي ظل ابن سينا وأتباعه وابن رشد يستميتون في الدفاع عنه.

المصادر :
ــ فلسفة العلم فى القرن العشرين، عالم المعرفة، يمنى طريف الخولي، الفصل الأول :العلم بين فلسفته وتاريخه، ص51.
ــ النظرة العلمية، مكتبة نوبل، برتراند راسل، ص14.
ــ المنطق الوضعي، مكتبة الأنجلو المصرية، زكي نجيب محمود، الفصل العشرون: العلم التجريبي.
ــ تاريخ الفلسفة اليونانية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ولتر ستيس، ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد، الفصل الثالث عشر: أرسطو.
ــ جهود العرب والمسلمين في الانتقال من الفيزياء المشائية إلى فيزياء الميل، مليكا مدكور، جامعة الجزائر.

قد يعجبك أيضًا: سد الفجوة بين الفلسفتين التحليلية والقارِّيَّة: هل يبدو ممكنًا؟

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: حسن أسعد حمدان

تدقيق لغوي: أبرار وهدان

اترك تعليقا