كيف يتم إغتيال الدول اقتصاديا “قراصنة الاقتصاد”
في الكتاب الشهير “الإغتيال الاقتصادي للأمم”، قدَّم الخبير الاقتصادي وقرصان الاقتصاد السابق (جون بركنز) مجموعة من الإعترافات الخطيرة والتي من خلالها ألقى الضوء على ممارسات نخبة رجال الأعمال والسياسة في الولايات المتحدة، وذلك من أجل بناء إمبراطورية تسيطر عليها حكم منظومة الشركات الأمريكية أو ما يطلق عليها بالـ (الكربوقراطية)، حيث تستعين هذه الشركات بمجموعة من قراصنة الاقتصاد ومن خلالهم تنفّٓذ مؤامراتها المسمومة وبصورةْ قد لا تخطر على بال أحد
في هذه المقالة سنتعرَّف على قراصنة الإقتصاد وكيف يتم إستخدامهم في دفع الدول النامية الى الإفلاس والإخضاع للهيمنة الأمريكية، كما سنتعرَّف فيها على حقيقة القروض التي تقدِّمها المنظمات الدولية، والكثير الكثير من خفايا وأسرار القرصنة الإقتصادية.
من هم قراصنة الاقتصاد :
هم خبراء محترفون، مهمتهم سلب ملايين الدولارات من دول كثيرة في سائر أنحاء العالم، يحوِّلون المال من المنظَّمات الدولية التي تقدِّم القروض والمساعدات ليصبوه في خزائن الشركات الكبرى وجيوب حفنة من العائلات الثرية التي تسيطر على الموارد الطبيعية للكرة الأرضية.
وتشتمل وسائلهم لتحقيق ذلك على إصطناع التقارير المالية، وتزوير الإنتخابات، والرشوة، والإبتزاز، والجنس والقتل، حيث يلعبون لعبة قديمة قدم الإمبراطوريات لكنها تأخذ أبعادا جديدة ومخيفة في هذا الزمن …زمن العولمة.
ما هو الدور الذي يقوم بة قراصنة الإقتصاد :
يحدَّد الدور الذي يقوم به الخبراء في الشركات الإستشارية الأمريكية الكبرى في إستخدام المنظَّمات المالية الدولية لخلق ظروف تؤدِّي الى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة الأمريكية التي تديرها الحكومة والشركات والبنوك.
فالخبير يقوم بإعداد مجموعةٍ من الدراسات، والتي من خلالها توافق المنظَّمات الدولية المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة، وذلك بغرض تطوير البنية الأساسية، وبناء محطات توليد الكهرباء والطرقات والموانئ والمطارات والمدن الصناعية بشرط قيام المكاتب الهندسية وشركات المقاولات الأمريكية بتنفيذ هذه المشروعات.
ولكن وفي حقيقة الأمر فإنَّه لو أمعنا النظر في هذه الأموال المقدَّمة إلى الدول النامية، سنجدها لا تغادر الولايات المتحدة إطلاقًا حيث تتحوَّل وببساطة من حسابات البنوك الى حسابات الشركات، أي أنَّها تعود بشكل فوري إلى أعضاء في الكوربورقراطية، ليبقى العبئ الأكبر على الدول النامية المتلقية للقرض والمتمثل في سداد أقساط هذه القروض مع فوائدها المتراكمة.
لكن دور القرصان الإقتصادي لم ينتهي بعد، فالدية مهمة أخرى يقوم بها، وهي محاولة القيام ببعض الأعمال التي تجبر المدين (الدولة التي أخذت القرض) على التعثُّر لبضعِ سنوات على سداد قيمة هذا القرض، وهو الأمر الذي يؤدِّي بدوره الى فقدان قدرة هذه الدول على الوفاء بديونها لاحقا وبشكل كامل، وعندها تقوم الدول الدائنة مانحة هذه القروض بالضغط على الدول المدينة لها، وإشتراط مجموعة من الشروط والتي غالبا ماتكون كالتالي:
1-إجبار هذه الدول على الموافقة على تصويت ما في الأمم المتحدة.
2- السيطرة على موردٍ اقتصادي معيَّن في البلد المدين، وهذا ما حصل بالفعل مع الأكوادور حيث أغرقت هذه الدولة بالديون، وذلك من أجل الإستيلاء على مخزوناتها الكبيرة من النفط الخام. وأيضًا ما حصل مع بعض الدول الأخرى أمثال بنما وجواتيمالا وغيرها الكثير من الدول التي توجد فيها مميَّزات وموارد طبيعية، وتكون محط أنظار الدول الرأسمالية التي دائما ماترغب في سلب ونهب هذه الموارد.
3- وأخيرًا إجبار الدول النامية على قبول التواجد العسكري فيها وبالتالي الإستيلاء عليها بصورة مباشرة.
يجدر الإشارة هنا، إلى أنَّ الدولة التي ترفض الخضوع للهيمنة الأمريكية، فإنَّه غالبّا مايستخدم حكامها عن طريق الإغراءات الموجَّهة إليهم، لتحقيق مصالح هذه المجموعات مقابل تعدها بتحقيق الكثير من المصالح الشخصية لهؤلاء الحكام والتي دائمًا ما تكون على حساب الدولة التي يرأسونها، أما من يرفض منهم الخضوع لهذه الإغراءات المقدَّمة فإنة يتم الإطاحة به عن طريق مجموعة من قضايا الفساد التي تُلفَّق لهم كتجارة المخدرات مثلً،ا أو محاولة الإبتزاز بقضايا أخلاقية، أو يتم إغتيالهم بحوادث مدبَّرة يتم فيها إنهاء حياتهم بشكل نهائي.
ماهي الأبعاد الحديثة التي تأخذها القرصنة الاقتصادية:
بالطبع لاتزال الشركات الأمريكية الكبرى لاعب أساسي ومهم في العمل على تحقيق الهيمنة الأمريكية والسيطرة المدمّٓرة على كل النواحي الإقتصادية في الدول النامية وذات الإقتصادات المتواضعة، ولكن وفي ظلِّ عصر العولمة، هناك عامل آخر دخل في هذا الخط وهي وسائل الإعلام، والتي تعتبر جزءا شديد الأهمية من منظومة هذه الشركات فمعظم صحفنا و مجلاتنا ودور نشرنا تمتلكها وتستغِّلها شركات عالمية عملاقة لتحقيق مصالحها، حيث يمكن إستخدام شبكات الإتصال والبث المنتشرة حول العالم بفعالية بالغة لإحداث تغيُّرات مجتمعية تخدم بالتأكيد مصالح الجهات القائمة عليها وهو ما يحدث بالفعل في الوقت الحاضر.
في الأخير يجدر بكل شخص منا أن تتغيَّر طريقة نظرته للأخبار، وأن يحاول قدر الإمكان قراءة مابين السطور في المقالات الصحفية التي تقع في يده، وأن يتساءل ويفكِّر قدر الإمكان في المعنى الأعمق في كلِّ تقرير يسمعه في الراديو، أو يشاهده على شاشة التلفزيون أو يتصفَّحه على شبكة الإنترنت فالحقيقة دائمّا ما تكون مبهمة ومتواجدة في مابين السطور.