عندما ينجح المترجم باختياراته بجانب الترجمة

When the translator succeeds by his choices besides translation

لطالما استهوتنا بعض الأعمال الأدبية المميزة والكتب القيّمة، ولكن، تقف اللغات المختلفة كعائق أمامنا لأسباب مختلفة لها علاقة بالترجمة فإنها تجعلنا نتسائل طويلًا عن دور النشر والترجمات والمترجمين أنفسهم.
أغلب منظومة النشر في العالم العربي تتجه إلى ترجمة الأعمال القديمة لعدم وجود السيولة المناسبة لشراء حقوق الترجمة لذا فغالبًا الأمر متروك بالكامل للمترجم لاختيار الأعمال التي يترجمها ثم عرضها على الدار أو حتى إلى دور نشر مختلفة.
وعندما يكون المترجم مطلعًا بدرجة معقولة على ثقافة اللغة المنقولة فإنه يتمكن من اختيار الأعمال بدقة أو ربما حتى اختيار الموضوعات والأشخاص الذين يترجم لهم وهو ليس بالأمر الهين كسهولة البحث والاطلاع في لغتك؛ لأننا محاطون طوال الوقت بأسماء عربية في الكتب والإنترنت ولربما مازلنا نجهل الكثير من الأسماء الهامة في العالم العربي. فما هو الحال إذًا في محاولة الوصول إلى الأسماء المجهولة في ثقافة مختلفة تمامًا؟


اقرأ أيضًا: استراتيجيات الترجمة

في هذا المقال محاولة لإلقاء الضوء على بعض الترجمات التي لم تتميز فقط بالترجمة الجيدة كما نظن دائمًا، فهذا دور المترجم الجيد بل أيضًا اختياراته للترجمة كانت هي نجم العمل؛ لذا اخترت كتبًا وأعمالًا قام المترجمون فيها باختيار كل عنصر بداخلهم على حدة.

في هذا المقال نتناول ثلاثة أعمال: مجموعة قصصية، وكتابان للمقالات بأفكار تبدو متشابهه ولكنها في جوهرها مختلفة، وأيضًا لندرة كتب المقالات الجيدة الحديثة في الأدب العربي؛ بل ولندرة ترجمتها رغم أهميتها الكبيرة.

بابا ياجا

(بابا ياجا) هي كلمة روسية شهيرة قد تسمعها في الأفلام يومًا تطلق على الساحرة الشريرة، والكتاب هو عبارة عن مجموعة قصص متفرقة من التراث الشعبي الروسي مختارة من كتب ثلاثة من المؤرخين الروس (ألكسندر أفاناسييف – فلاديمير دال – بافيل بازوف).

التراث الشعبي لا ينتمي إلى كتاب محددين بل هي قصص تم تناقلها شفويًا؛ لذا يوجد بعض التشابة دائمًا في ظروف حدوث هذه القصص والتي تتبع بالطبع العادات الاجتماعية والمنظور الأخلاقي؛ أي في النهاية تمثل لنا القصص العقل الجمعي للشعب.

وليس المنظور الأخلاقي القائم عليه القصص بل نقلت أيضًا الظروف المحيطة المتمثلة في أشكال المعيشة في القرى والريف نسبة لقدم هذه القصص والمناخ العام من الجليد والصقيع الذي تشتهر به روسيا.

القصص الشعبية الروسية كما ذكرت وتناقلها شفويًا لمدة طويلة اكتسبت طابع متشابه حتى أنه يظهر في المجموعة على شكل تكرر بعض الأسماء كثيرًا وتكرر ظروف أحداث بعض القصص، فكرة اختيار بعض القصص ليست عشوائية بل ومن مجموعات مختلفة لثلاثة كتاب ليخرج إلينا الكتاب مشتملًا على أبرز مكونات القصص الشعبية، مثل: الساحرة الشريرة ومغامرات الأمراء والفلاحين على حد سواء، وأيضًا أساطير الشتاء ورجل الثلوج؛ ما هي إلا ثمرة جهد المترجمة إلى جانب تميز القصص بالطبع.

إذا وقعت في حب كاتبة

-ترجمة آماليا داوود.

إعلان

كما أن الكتاب قد حاز بالفعل على جائزة أفضل كتاب مترجم لعام ٢٠١٨ من المركز القومي للترجمة.

إذا أحببت كاتبًا، فلن تموت أبدًا. 

مختارات لمجموعة من المقالات بعضها عن الكتابة وبعضها عن القراءة وما يتصل بها من عادات وهوس.

الكاتبة تجد الجمال في أشياء قد لا يلاحظها أحد.

المقالات التي تخص الكتابة والكتُاب بعضها نصائح من كبار الكتاب عن عاداتهم مثل “قواعد الكتابة” و “من روتين الأدباء” و “نصائح مزعجة من الكتاب المشهورين”، الفكرة في تقديم هذه المقالات ليس إيجاد بعض العادات المحفزة للكتابة بل العكس تمامًا؛ وهو عدم وجود محفز إلا ما يختاره الكاتب بإرادته الكاملة، وربما هذا ما كان واضحًا في مقال “نصائح عن النصائح الأدبية”.

أما الجزء الثاني من المقالات عن القراءة فهي تتحدث عن مدمني القراءة الذين يقضون وقتهم وسط الكتب، وهذه المقالات غالبًا ما كانت تجمع بعض المواقف المشتركة التي يتعرض لها القراء في المكتبات أو الأماكن العامة مما يجعل هذه المجموعة من المقالات لن تعجب الكل، بل فئة محددة من المهتمين سواء بالكتابة أو القراءة.

اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة (معطف فوق سرير العالم)
اختيار وترجمة محمد الضبع

إذا كانت مقالات كتاب ( إذا وقعت في حب كاتبة) عن هوس القراء والكتاب وعلاقتهم بالمكتبات والصفحات والأوراق، فإن مجموعة المقالات هذه تتحدث أيضًا عن الحب وعن الكتاب ولكن لهدف مختلف.

المقالات تعرض الحب من وجهة نظر الكُتاب، ليس في سياق قصة أو رواية بل تحليلهم الخاص من خلال نصوص نثرية أو خواطر، نتيجة لذلك خرجت النصوص في شكل متقن للغاية؛ لأن هذه المرة الحديث عن الشوق واللوعة ليس من شخصيات روائية مصطنعة بل هي مباشرة من الأدباء بوصفهم القوى وتلاعبهم اللغوي كما يشاؤون.

لست معتادًا على أن يفهمني أحد، لست معتادًا على ذلك لدرجة أنني اعتقدت في الدقائق الأولى من لقائنا أن الأمر أشبه بمزحة، ثم هناك أشياء يصعب الحديث عنها لكنك تستطيعين التخلص من كل طبقات الغبار فوقها بكلمة واحدة. أنتِ لطيفة.

ولأن نكهة الحقيقة دائمًا ما تجذب النفوس فقد احتوت بعض المقالات على تجميع لرسائل الكُتاب: بعضها رسائل اعتراف غاية في اللطف، وبعضها رسائل انفصال تحمل مشاعر مختلطة، وبعضها يحمل بعض القسوة بل وبعض رسائل الانتحار.

” سوف أرحل الآن
دون شيخوخة أو مرض،
بعنف ولكن بطريقة صحيحة تمامًا
وأنا أعلم أفضل طريق سأسلك”
ـ آن سكستون.

طالما ظننت أنه من الصعب أن يجتمع الناس على الإعجاب بعمل فني ما سواء رواية أو فيلم، طالما عرضت فكرة فهناك المؤيد والمعارض إلا عندما نطرح أفكار الحب المختلفة من الشوق والهجر والاعتراف والخجل؛ فإننا جميعًا لنا سوابق أو تطلعات لهذه الأفكار فنتعلق بها وتلتصق بعقولنا.

ختامًا
من الخطأ الاعتقاد أن مهمة المترجم تتوقف عند نقل الكلمات والأفكار لأن ما ينقله أيضًا مهم فإذا وجدنا المترجم ينقل ما نحتاجه من علوم وآداب مختلفة فلا شك في اطلاعه على الواقع الأدبي هنا وهناك، وهو بالضبط ما نحتاج إليه بدلًا من ترجمة وإعادة نفس الأفكار أو حتى إعادة ترجمة الأعمال المشهورة مرارًا وتكرارًا. 

نرشح لك: تشكيل الأمثال الشعبية للوعي الجمعي

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: حسن أحمد

تدقيق علمي: دينا سعد

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا