عقار خطير وجديد من نوعه لسرطان الدمّ يلوحُ في الأفق..!
المسؤولون عن تطوير علاجات الخلايا السرطانيّة في الولايات المتحدّة، بانتظار الموافقة على علاج قد يعطِي بصيصًا من الأمل لصغار السنّ الذين يعانون من سرطان الدم مع وجود مخاوف منه على سلامتهم.
في الوقت الذي تشغل فيه علاجات السرطان بال المختصّين، أبدى مستشارون خارجيّون لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تأييدهم لاستخدام علاج جديد للسرطان يعمل على التعديل الوراثي للخلايا المناعيّة الخاصّة بالمريض؛ بحيث تقوم على استهداف الخلايا السرطانيَة وتدميرها.
وكانت اللجنة الاستشاريّة قد خلصت في تصويتٍ بالإجماع جرى -في الثاني عشر من يوليو الماضي- إلى أنّ فوائد علاج “كار- تي” CAR-T تفوق مخاطرهُ. جرى هذا التصويت بالتزامن مع الوقت الذي تتمّ فيه دراسة إصدار أوّل موافقة على علاج كهذا من قبل الوكالة, وهو دواء يسمّى بـ“تيساجينليكليوسيل ” tisagenlecleucel، يتمّ تصنيعه بواسطة شركة نوفارتس، ومقرّها في بازل- سويسرا. ومع أنّ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية غير ملزَمة باتّباع توصيات مستشاريها، إلّا أنّها عادةً ما تفعل ذلك.
وتسعى نوفارتس للحصول على موافقة لاستخدام العقار الجديد في معالجة المرضى من صغار السنّ والبالغين المصابين بأحد أشكال سرطان الدم الحادّ المعروف ب” لوكيميا الأرومة اللمفاويّة الحادّة” والذين لم يتجاوبوا بشكلٍ فعّال مع أيّ علاجاتٍ سابقة أو هاجمهم المرض من جديد.
في حين أظهرت الدراسات أنّ بإمكان عقار” كار-تي” توفير حالة من التعافي لفترة طويلة لمثل هذه الحالات. وفي تجربة رئيسيّة لعقار تيساجينليكليوسيل كانت قد بدأت عام 2015، تعافى 52 مريض بشكلٍ تامّ من أصل 63؛ أي بنسبة 82.5% منهم. ولكّن مع عدم وجود مجموعة ضابطة في التجربة غير المنشورةّ لم يتمكّن الباحثون من تأكيد مدى فعاليّة الشفاء الذي أحدثه العلاج, مع أنّ العديد من المشاركين في هذه التجربة لم يُصابوا بالسرطان لشهور، وربّما لسنوات.
ومن جانبٍ آخر قال مالكولم سميث، أحد أعضاء اللجنة الاستشاريّة والطبيب المختصّ بأورام الأطفال في “معاهد الصحّة الوطنيّة الأمريكيّة” في بيثيسدا بولاية ميريلاند:
ما هذا إلّا إنجازٌ كبير، ومبشًّر لعصرٍ جديد.
بينما قال تيموثي كريبي، طبيب الأورام في مستشفى نيشن وايد تشيلدرن في كولومبوس بولاية أوهايو:
إنّ هذا العقار من أكثر الأمور المشوّقة التي عاينها خلال حياته.
هذا وقد تبيّن أنّ العلاج يشكّل مخاطر جسيمة؛ فحينما تمّ إجراء تجربة عام 2015, كان قد عانى 47% من المشاركين من ردّات فعل التهابيّة شديدة عرفت باسم “متلازمة إفراز السيتوكين” والتي رافقتها ظهور أعراض حمّى شديدة وفشل بالأعضاء قد تفضي إلى الموت. إلّا أنّ الشركة المصنّعة أكّدت أنّ الأطبّاء القائمين على التجربة قد تمكّنوا من التعامل مع ردّات الفعل هذه بنجاحٍ في جميع الحالات.
وأفاد فريق شركة نوفارتس أنّه بالإضافة للأعراض السابقة ظهرت بعض الأعراض المؤقّتة التي رافقت المشاركين في التجربة كالصرع والهذيان. وعلى العكس، رصدت تجارب أخرى لعلاج “كار-تي” عدّة وفيّات على مدار العام، جرّاء حدوث تورّم دماغي حادّ.
في حين أنّ علاج نوفارتيس لم يكن مطابقاً لخلايا “كار-تي” المستخدمة في أعراض التجارب الأخيرة والتي تم إعطاؤها للبالغين، لكن عدد الوفيّات السابقة لطّخت سمعة المجال بأكملهِ.
وبالرغم من المشكلة المعقّدة التي يطرحها عقار “كار-تي” لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهي كيفيّة ضمان فعاليّة ونقاء علاج معقَّد يتكوّن من خلايا حيّة، يتوجّب إنتاجه من جديد لكلّ مُشارِك ضمن مدّة لا تقلّ عن 22 يومًا. فلكي يتمّ توليد دُفعة من العقار، يتم تنقية عيِّنة من خلايا الدم البيضاء مأخوذة من المريض بواسطة المختصّين، ثم يتمّ استخدام فيروس ليتمّ إدخال جينات مستقبل خلوي للخلايا التائيّة – تُسمّى مستقبِل المستضدّ الخيميري -تقوم بالتعرّف على خلايا سرطان الدم ، ثمّ يتمّ تنمية الخلايا في مزرعة، وتعطى من جديد للمريض.
ولم يتم التعرّف على أيّة آثار تسمّم طويلة الأمد للعلاج المذكور أعلاه، إلاّ أنّ المرضى صغار السنّ الذين سيتلقّونه لا تتوافر لديهم بدائل كثيرة، وحتّى تلك البدائل لها مخاطرها، حسب ما قال بروس روث، طبيب الأورام بكليّة الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميزوري، ورئيس اللجنة الاستشاريّة لإدارة الغذاء والدواء:
رغم أنّ لديّ بعض المخاوف بسبب احتمال حدوث تسمّم في وقتٍ لاحق، فإنّه يجب أن تكون قد مرّت فترة طويلة على التعافي من المرض، حتى تكون متخوّفاً من حدوث تسمّم. وأظنّ أنّ هذا هو ما يقدِّمه لنا هذا العقار.
تدقيق راغب بكريش