الخرافات الخمس الأكثر شيوعًا حول الأمراض النفسيّة!

ما يزالُ الإفصاح عن مشاكل الصحة النفسية شبحاً يطارُد أغلبيّة الناس ويمنعهم من الحصول على العلاج اللازم والبسيط في معظم الأوقات، حيث أنّ في كلّ عام يعاني واحد من كل خمسة أمريكيين من اضطّراباتٍ نفسيّة، ويّظلُّ يُكابِد أعراضها في صمتٍ تام، خوفًا من الخِزي الذي قد يَلحق بهِ إن عَلِم أحدهم بمرضهِ ــ كما يعتقدُ معظمهم ــ !

ــ ايمي مورين

الأمراض النفسية
خرافات حول الأمراض النفسيّة..

واحدة من أكثرِ المشاكل شيوعًا في عيادتي، هي قدرة الأشخاص على تكبُّد معاناتِهم وصبرِهم على طلبِ المساعدة بعد مضيّ وقتٍ طويل قد يعانون فيه من مشكلةٍ مرضيّة قابلةٍ للعلاج، ولكنَّ خشيَتهم أن يعرِف أحد ممّا يشتكون أو ممّا يمرّون بهِ من مشكلةٍ مرضيّة، خصوصًا إذا ما تعلّق الأمر بـ “الأمراض النفسية” عادةً ما يمنعهم من ذلك. بعض المرضى ينتابُهم الخوف حول ما إذا كان تشخيصُهم المرضيّ سيؤثر على عملِهم، فمنهم من تساءل حول إمكانية استمرارهِ في التدريس إذا كان يعاني من الاكتئاب، البعض الآخر افترَض فشَل عملهِ في حال تشخيصه باضطرابات القلق، وآخرون تساءلوا إذا كان من اللازم إعلام أرباب العمل عن تلقّيهم للعلاج. وقد تصِلُ هذه التخوّفات إلى مراحلَ أكبر، فبعض المرضى يخشون أن يلَقّبوا بالمجانين، أو أن يمنع الأهالي زيارة أطفالهم لمن يعانون هذه المشاكل، وربّما تتعدّى هذه التخوّفات إلى قلق المرضى من أن يراهم أقرِباؤهم ينتظرون دورهم في غرف العلاج.

ورُغمَ الجهودِ المتواصلَة التي يقوم بها المختصّون من أجلِ توعية الناس بشأنِ الأمراض النفسية، لا تزال هذهِ التخوّفات أمرًا طبيعيًا في ظلِّ وجود بعض المفاهيم الخاطئة التي تتعلّق بالأمراض النفسيّة لدى الناس. ولابدَّ من تصحيح مفاهيم الناس حول بعض الخرافات المنتشرة فيما يتعلّق بهذه الأمراض النفسية، قبل البدءِ بالحدّ من هذه التخوّفات، والمتلَخّصة بالخمس التالية:

1- إمّا أن تكون مريضًا نفسيًّا أو سليمًا نفسيًّا ولا ثالث لهما

الأمر ليس كذلك تمامًا، حيث تعتبر المشكلات النفسيّة من المشاكل المستمرّة فمن الممكِن أن يعاني شخص سليم نفسيًّا من صدمةٍ عاطفيّة أو أكثر، الأمر ذاته للشخص السليم بدنيًّا، حيث من الطبيعي أن يشكو مِن مشاكل صحيّة صغيرة مثل إصابة في الركبة أو ارتفاع في الكوليسترول. وبحسبِ ما قدّرته وزارة الصحة والخدمات البشريّة في الولايات المتحدّة الأمريكيّة بأنّ عدد البالغين الذين يتمتعون بصحة نفسيّة مُثلى حوالي 17% فقط. بالتالي حتّى ولو كنتَ معافًى بدنيًّا، فهناك احتماليّة لِأن تكون مصابًا بأحد الاضطرابات النفسيّة.

إعلان

2- المرض النفسيّ علامةُ وهنٍ

بصفتي مدرّبة قوّة ذهنية، غالبًا ما أتلقّى ردود أفعالٍ من أفراد يعترضون على استخدام مصطلح “قوّة ذهنيّة” كونه برأيِهم يشوّه سمعة الأمراض النفسيّة، حيث جاءت اعتراضاتهم هذه من افتراضهم لمن يعانون من الاكتئاب واضطرابات القلق أو مشاكل عقليّة أخرى بالضعفاء! بالتالي إنّه لأمرٌ مهم أن نفرّق بين القوّة الذهنيّة والصحّة النفسيّة. فتمامًا كما يستطيع مصاب بالسكري البقاء بصحة جيّدة رغم مرضهِ، يستطيع كذلك المصاب بالاكتئاب أن يظلّ قويًّا فكرياً ونفسيًّا رغمَ معاناتهِ. إضافةً إلى أن تدريبات القوّة الذهنية هي خيار يستطيع أي شخص الالتحاق بها حتّى الذين يعانون من هذه الاضطرابات.

3- لا يمكِن منع الأمراض النفسية من الحدوث

لا يستطيع أيّ مِنّا مَنع جميع هذه الاضطرابات من الحدوث، حيث أنّ جينات الجسم وأحداث الحياة المؤلمة التي نواجهها أحيانًا تحول بيننا وبين منع الصدمات النفسية التي قد تطرأ نتيجةً لها. ولكن ما نوصي بهِ دائمًا هي بِضعُ خطوات تساعد في تحسين الصحة النفسية ومنع حدوث تفاقمات غير محسوبة، فمثلًا، إدخال نمط صحّي لحياتك، يتخلله الطعام الصحيّ وقسطٌ وافرٌ من النوم وبعض التمارين، يمكنُه تعزيز شعورك بالتحسُّن. كذلك فإنّ التخلّص من بعض العادات المدمّرة للنفسية، مثل جلدِ الذات والتفكير الكثير بالماضي، بإمكانهِ فعل العجائب للحفاظ على سلامتك النفسية.

4- وصفُهم الدائم بالعنيفين

للأسف، عادةً ما تُعنوِنُ وسائل الإعلام مرتكبي الحوادث المتعلّقَة بإطلاق نارٍ أو حادثة عنفٍ أسريِّ تحت بندِ المصابين بأمراض نفسيّة. ومع أنَّ وسائل الإعلام تُظهرالمتسببين بهذهِ الحوادث كمرضى نفسييّن إلّا أنّ معظمهم ليسوا كذلك. حيث تُشير الرابطة الأمريكيّة لعلمِ النفس بأنَّ 7.5% فقط من الجرائم يرتبط مرتكبوها بأعراضٍ لأمراضٍ نفسيّة. ويُعدّ الفقر، وتعاطي المخدّرات، والبطالة والتشرّد من أبرز الأسباب التي تقود بالأشخاص لارتكاب أعمالِ عنفٍ وتخريب.

5- ديمومة الأمراض النفسية

واحدة من أشهر الخرافات حول الأمراض النفسية هي عدم قابليّتِها للشفاء، والأمر صحيح حينما يتعلّق بمرَضٍ مثل انفصام الشخصية الذي بطبيعتهِ يلازم المريض طوال حياته ولا يبرَأ منهُ. لكنّ معظم المشكلات النفسيّة قابلة للعلاج. فحسبما أقرّ التحالف الوطنيّ للأمراض العقليّة بالولايات المتحدّة الأمريكية فإنّ نحو 70 إلى 90% من الأشخاص الذين عانوا من اضطرابات نفسية مختلفة، تعافوا بشكلٍ تام بعد خضوعهم للعلاجات والأدوية.

الأمر الذي يعطي الأمل للمرضى النفسييّن بأنّ الشفاء من هذهِ الأمراض ليس ضربًا من ضروب  المستحيل.

ترجمة: فاطمة الملاح

تدقيق: ضحى حمد

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
اترك تعليقا