سر الحياة الطويلة قد لا يكون في الجينات!

يُلاحظ في كثير من العائلات أنّ أفرادها يحظون بمدى أعمار طويل، وهي ظاهرة غالبًا ما تُعزى إلى جينات الأشخاص، ولكن الآن تكشف دراسة جديدة كبيرة للبيانات اعتَمَدت على موقع للأنساب على الإنترنت أن علم الوراثة ربما يلعب دورًا أقل مما كان يعتقد سابقًا في تحديد العمر الافتراضي.

أما السبب فهو إخفاق الدراسات السابقة في أن تأخذ بعين الاعتبار نوعية العلاقات الإنسانية: حيث يميل الناس إلى اختيار شركاء رومانسيين ذوي سمات مشابهة لصفاتهم الخاصة… ولذا يقول الباحثون أن هذه النتائج تعني أن الدراسات السابقة ربما تكون قد بالغت بدرجة كبيرة في مدى “وراثة الحياة”.

وقد نشرت الدراسة في (6 نوفمبر) في مجلة علم الوراثة، وقد تم تمويلها من قبل Calico Life Sciences، وهي شركة أبحاث تتمثل مهمتها في فهم بيولوجيا الشيخوخة.

التزاوج التجميعي

في عينة بشرية ما سيختلف الناس عن بعضهم في عدة نواحي. مثلاً؛ سيكون لديهم أطوال مختلفة، ألوان عينين مختلفة وبالتأكيد مدة حياة مختلفة.

والتوريث هو مقياس لمدى التباين في سمة معينة، فمدى الحياة، يفسر من خلال التباين في جينات الأشخاص، إضافة إلى العوامل البيئية مثل الأكل الصحي أو ممارسة الرياضة. وقد قدرت الدراسات السابقة أن الوراثة تلعب دورًا يصل إلى 30% في تحديد مدة الحياة “الافتراضية”.

إعلان

في الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحليل المعلومات من أكثر من 400 مليون شخص باستخدام أشجار العائلة المتاحة للعامة من Ancestry. ولأن الباحثين احتاجوا إلى معرفة مدى حياة هؤلاء الأفراد، نظرت الدراسة فقط إلى أولئك الذين ولدوا في القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين وتوفوا. (قبل مشاركة هذه البيانات، قام Ancestry بإزالة جميع المعلومات القابلة للتحديد من شجرة العائلة.)

ولكن حياة الأزواج مثلاً كانت متشابهة نوعاً ما، وقالت الدراسة إن هذا قد يرجع إلى مشاركة الزوجين لبيئة مماثلة، ولأنهم يعيشون في نفس المنزل فقد يشتركون في العديد من العوامل غير الطبيعية، من النظام الغذائي إلى عادات النوم، والتي يمكن أن تؤثر على مدى الحياة.

لكن الباحثين لاحظوا شيئًا مثيرًا: فقد وجدوا أنه حتى الأشقاء في القانون وأولاد عمومة القانون قد تشابهوا بمدة الحياة، على الرغم من أنهم لا يعيشون بشكل عام في نفس المنزل أو كونهم أقرباء للدم.

ولكن إذا لم يكن لهم نسب عائلي مشترك أو بيئة متشابهة، فلماذا تشابهوا في مدة الحياة؟

سمحت مجموعة البيانات الكبيرة للباحثين بفحص تأثير ما يسمى بالتزاوج التجميعي، وهي الظاهرة التي يميل الناس فيها إلى اختيار الأزواج الذين يشبهونهم.

وقال جراهام روبي -المؤلف الرئيسي للدراسة- في بيان إنه إذا كان التزاوج التجميعي يلعب دورًا فسيعني ذلك أن العوامل المهمة للحياة تميل إلى أن تكون متشابهة فيما بين الزوجين.

في الواقع، وجد الباحثون أن هذا ما يحصل وفي حالات الزواج التجميعي، ينخفض توارث مدى الحياة إلى 7٪ …. ومع ذلك، فإن الدراسة لا تقول إن الناس يختارون شريكًا على أساس عمره! لأن ذلك مستحيل، كما قال روبي مازحًا: “بشكل عام، يتزوج الناس قبل أن يموت أحدهم”!!

ولكن هناك عوامل أخرى يمكن أن تؤثر، بما في ذلك المتغيرات الوراثية وغير الطوعية…. على سبيل المثال، إذا كانت الثروة مرتبطة بالحياة، ويميل الأثرياء إلى الزواج من أشخاص أثرياء آخرين، فإن هذا قد يجعل الحياة تبدو أكثر وراثية مما هي عليه في الواقع بحسب الباحثين، أو إذا كان الطول -وهو سمة متأثرة جزئيًا بعلم الوراثة- مرتبطًا بمدى الحياة ويميل الناس طوال القامة إلى الزواج من أشخاص طوال أيضًا، فإن هذا من شأنه أن يزيد توارث مدى الحياة .. وهكذا.

ومع ذلك، لا تعني النتائج أنه لا توجد جينات لطول العمر، وقد ركزت الدراسة على مدى التوريث للحياة على مستوى المجتمعات ولم تنظر تحديدًا إلى الجينوم البشري، بينما وجدت دراسات سابقة وجود صلة بين جينات معينة والحياة طويلة.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: بشار منصور

اترك تعليقا