سبعة أشياء تقضي على كتابة روايتك (وكيفيّة تفاديها)

ترجمة سماح العيسى

هناك الكثير من الطرق كي لا تنجز عملًا ما، تمامًا مثل حكاية صاحب القارب الجديد:
“منذ أعوامٍ اشترى أحدهم قاربًا جديدًا وبينما كان يملأ قارب السعادة بالوقود للمرّة الأولى استعدادًا للخروج، أخطأ فقط بسحب الأنبوب المستخدم لحمل ‘صنانير الصيد’ ووضعه في خزّان الوقود، وبعد إتمام عمله شغّل المحرِّك فاشتعل الوقود وقذف بصاحب القارب إلى السماء.
هو عاد إلى البحر وتمّ إنقاذه؛ لكن القارب لم يعد!”

يمكنك أن تكون مبدعًا في إيجاد طرقٍ كي لا تكتب روايتك، مع القليل من التفكير ودون الحاجة لجهدٍ كبير. يمكنك بسهولةٍ أن تقترح لنفسك أساليبَ تمنعك -في الواقع- من إنهاء كتابٍ أو إنهاء كتابٍ صالح للبيع.
إذًا إن كان عدم إتمام الكتاب أو عدم بيعه هو هدفك، فأنا هنا لمساعدتك مع الخطوات السبع التالية:

1- انتظر الوحي (الإلهام):

اذهب إلى بقعتك المفضّلة للكتابة، اصحب كمبيوترك المحمول أو “الباد”.
ربما يكون المكان الذي اخترته هو “ستاربكس“، اجلس مع فنجان من القهوة؛ احمله بكلتا يديك وارشفه على مهل.
لا تدنُ بأصابعك من لوحة المفاتيح أبدًا.

تطلّع خارج النافذة -إن وُجِدتْ- وانتظر سربًا من الإوزّ يطير في السماء على شكل حرف “V”.
إن لم توجد نافذة، ببساطة راقب الزبائن الآخرين وتأكّد أنهم يمكنهم أن يروا تعابيرك الموحية بتركيزٍ من عالمٍ آخر.
أنت تنتظر الإلهام، لابدّ أنه آتٍ من أعلى ليشتعل بك مثل نارٍ في الهشيم، حتى ذلك الحين لا تكتب كلمة.
إذا ما أُغويت لتبدأ العمل دون إلهام، افتح “سوليتير العنكبوت” وابدأ باللعب، أخبر نفسك أن هذا من شأنه أن يجعل دماغك يسترخي وبالتالي سينسكب الإلهام فيه.

– بالطبع الأشخاص الذين يعتقدون أنه من الحكمة إنهاء رواياتهم يفعلون الأشياء بطريقة عكسيّة. فهم لا ينتظرون الإلهام بل يلاحقونه، كما قال ‘جاك لندن’ أنه لاحقه “بهراوة”.
هم يتّبعون نصيحة ‘بيتر دي فريز’ القائل: “أنا أكتب عندما أشعر بالإلهام وأرى أنني مُلهَمٌ في الساعة التاسعة صباحًا كل يوم”.
– هذه الأرواح المسكينة تظن أن السر لكتابة روايةٍ ما هو أن تكتب فحسب وتنهي المشاكل الثانوية بسرعة، أما المشاكل الأساسية فيمكن إرجاؤها إلى ما بعد إتمام المسودة الأولى.
هم يفعلون الأشياء بهذا الشكل:

إعلان

تحديد نِصاب للكتابة:

النِصاب لا يعتمد على كم من الوقت قضوه في التفكير حول الكتابة لكنه يعتمد على كمّ الكلمات التي تمّ تدوينها.
البعض يحدد نِصابًا يوميًا والبعض الآخر أسبوعيًّا.
لكنهم يكتشفون ما يمكنهم فعله بكل أريحية فيُحدِّدون نِصابًا أعلى من ذلك بحوالي 10% كهدف.

مراجعة ما تمّت كتابته في اليوم السابق والمتابعة:

بالنظر إلى ما تمّت كتابته في اليوم السابق فإنهم يعودون إلى سِياق قصصهم، يُصحِّحون بعض الأشياء “إملاء- صياغة” لكن بعد ذلك يندمجون بعمل اليوم.
– يومًا ما عندما ينظرون ليروا النسخة النهائيّة من عملهم، يكونون قد فقدوا تمامًا الرؤية حول “كيفيّة عدم كتابة رواية”.

2- ابقَ مُتوجِّسًا (انظر حولك بخوف):

إحدى مقولات الرامي العظيم /لاعب البيسبول/ ‘ساتشل بيج’: “لا تنظر خلفك، فقد يصلك ما يلاحقك”.
هي نصيحة جيِّدة في الحياة، لكن حتى لا تكتب روايتك عليك تجاهلها تمامًا.

– إذًا كي لا تكتب روايتك ابقَ قلقًا باستمرار حول مدى السوء الذي سيبدو عليه كتابك.
توقّف بعد كل ألف كلمةٍ تقريبًا وفكِّر: هذا تمامًا أسوأ “عمل فاسد” عرفه الإنسان.
– يُعرف ذلك أحيانًا بـ’الناقد الداخلي’ وهو صديقك المفضل.
– إذا ما فكرت بهذه الشكوك مدّة طويلة كافية يمكنك حينها تطويرها إلى مخاوف.

جاك بيكهام‘ الروائي الذي عُرِفَ بشكلٍ أكبر بفضل كتبه حول الكتابة، عبّر عن ذلك بقوله: “جميعنا خائفون من أن نبدوا حمقى، أو من نفاد أفكارنا، من عدم بيع كتبنا أو من عدم ملاحظتنا. نحن -كُتّاب الأدب- نصنع عملنا من كوننا خائفين وليس فقط من مظهرنا كحمقى.
بعض هذه المخاوف قد لا تذهب أبدًا وحينها قد يتوجّب علينا أن نتعلّم التعايش معها فحسب”.
– بعض الكُتّاب طبعًا تعلّموا ليس فقط أن يتعايشوا مع الشك والخوف لكن أن يغلبوهما أيضًا.
كيف فعلوا ذلك؟!

لا يجدر بي أن أخبرك لأن ذلك مخالفًا تمامًا لعدم كتابة روايتك. لكنهم غالبًا ما ينهمكون -ببساطة- بلوحة المفاتيح. هم فقط يصبّون تركيزهم على الكلمات أمامهم ويركلون ذلك الناقد الداخلي إلى هامش الطريق.
يدرّبون أنفسهم على فعل ذلك من خلال تدريبات الكتابة.. مثل:

خمس دقائق دون توقُّف:

اكتب لمدة خمس دقائق دون توقُّف -ليكن ذلك أوّل شيءٍ تبدأ به صباحك إن أمكن- دون أن تتوقّف لتُفكِّر بما قد كتبته، دون تصحيح، فقط اكتب.

جملة بطول صفحة:

اختر شيئًا ما لتصفه (غرفة- شخصيّة) واكتب جملةً بطول صفحةٍ عنه. لا تتوقّف للمراجعة، عوضًا عن ذلك استمر مهما بدتْ لك أفكارٌ خارجةٌ عن السياق.

صناعة القائمة:

متى علقتَ بفكرةٍ ما لتتعقّبها، ضع قائمة. مارس العصفَ الذهنيّ للأفكار دون تقييمها، فقط أوقف تشغيل “المنقي” خاصتك. احصل على الكثير من الأفكار ثم انتقي الفكرة الأفضل.
الكتّاب الذين جمّدوا الناقد الداخلي لا يقلقون بشأن الحصول على الكلمات “صحيحة”، الشيء الوحيد الذي يقلقون بشأنه هو الحصول على الكلمات “مكتوبة”. لذا فهم لم يكتبوا قطّ عن شيءٍ يُدعى “عدم كتابة رواية”.

4- ابقَ حانقًا:

هذه طريقة ناجحة ليس لأن تُؤلِّف روايةً لا تستحق القراءة فحسب وإنما لتنهي مهنتك ‘ككاتب’ أيضًا.
– اتّخذ قرارك أن الغطرسة والتحدي هما سلاحاك بالاختيار لتقتحم طريقك نحو النشر.

عندما يكون لديك عملٌ مرفوضٌ تعامل معه وكأنه إهانةٌ شخصيّة، فكِّر بالمنقِّحين والوكلاء على أنهم مخلوقات شريرة تحب أن تقول “لا” وأنهم يجلسون إلى كمبيوتراتهم ضاحكين “ها ها ها….” ما إن يطلقون الشيء المفضل لديهم: نموذج الرسالة اللاشخصيّة.

يمكنك أن تحمل هذا كله إلى مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بك لتُوبِّخ على العلن قصيري النظر هؤلاء -بالاسم-
أما أولئك الذين يجتازون العقبات ويحصلون على مهنةٍ لديهم فكرة مجنونة وهي أنهم يمكن أن يصلحوا أو حتى يتعلّموا من الرفض ويستخدموه كحافزٍ ليكتبوا بشكلٍ أفضل.

هم يذكرون -بحماقة- ‘رون جولارت’: “لا تفترض أبدًا أن رفض عملك هو أيضًا رفضٌ لك كشخص، إذا لم يصحبه لكمة على أنفك”.
نعم هم يدركون أن الرفض يؤلم، لكنهم يؤمنون بأنه جزءٌ من الإجراءات ودائمًا سيبقى كذلك.
كتّاب كهؤلاء يفعلون التالي:

تمرّغ ثم اكتب: هم يدعون الرفض يؤلمهم لمدة نصف ساعة أو نحوه، ثم يرجعون إلى لوحة المفاتيح.
تعلّم من النقد: يعودون إلى الرسالة وإلى نسختهم من العمل محاولين استخراج أيّ درسٍ يسوقه الرفض.
– هم يدركون أن الناس في ‘صناعة النشر’ يرغبون بإيجاد كُتّابٍ جدد.
– طبعًا هذه نصائح سيّئة لكيلا تكتب رواية.

5- اكتب لأجل السوق فقط:

والآن لنتحدث عن أحد أهم المفاتيح لروايةٍ ليس لديها -حقًّا- أيّة حظوظ.
ابدأ بمطاردة السوق، ادرس القوائم الأكثر مبيعًا وحاول أن تعرف الخط البياني واقفز عليه. هناك مقولة في النشر: “إنه باللحظة التي تُحدِّد فيها الخط البياني يكون قد فات الأوان تمامًا لتلحق به”.
في الوقت الذي تنتهي فيه من كتابة شيءٍ ما يُعتقد أنه سيكون رائجًا لكونه منتشرًا الآن (تلك السفينة غالبًا ستكون قد أبحرت).
(تجاهل هذه المقولة وإلا يمكن أن تنتهي بوكلاء أو مُنقِّحين يبحثون عن ‘صوت جديد ‘).
كُتّاب كهؤلاء مدركين للسوق يعرفون أن الناشرين في هذا العمل من أجل المال، عائد استثمارهم يكمن في الكاتب الجديد. لكنهم ما زالوا يتحكّمون بطرح أيّ شيءٍ جديدٍ بمعنى أن قلوبهم وعواطفهم قد تنقّت من خلال المهنة مما مكّن القرّاء بمشاركة رؤيتهم.
نعم الرؤية؛ أيّ نوعٍ أدبيّ يحتاج إليها. كما قال الوكيل الخارق ‘دونالد ماس’ في كتابه ‘The fire of the fiction’:
“ما الذي تحاول أن تقوله لي بحق الجحيم؟!”

– الكُتّاب ذوو الأصوات الجديدة:

يستعرضون كل أوجه القصة: فهم يركزون على الإحساس بالقصة كما يركزون تمامًا على كتابتها.
يقرأون أعمالًا متنوعة: هؤلاء الكُتّاب يقرأون خارج تخصُّصهم الأدبي
-حتى الشعر!- ليس لاكتشاف ما هو مثير لكن لتوسيع نطاقهم الإنشائي.
– إنما كن على حذر -فحسب- أنك إذا ما وجدتَ بالفعل صوتك هذا معناه أنك لم تعد ضمن عنوان “لا تكتب روايتك”!

6- اختصر قدر المستطاع:

مع ازدهار الكتب الإلكترونيّة والسهولة التي من خلالها يمكن أن يُنشر أيُّ شيء، أصبح للكُتّاب طريقةً جديدةً لكيلا يكتبوا روايةً جديرةً بالقراءة.
ذلك لتشبُّثهم بفكرة أنهم مهما كتبوا فهو يستحق أن يصدر ككتاب إلكتروني “ذاتي التحرير”، وسوف يفعلون ذلك مهما يكن.
هذا يُخفِّف الكثير من الضغط من محاولة التطوُّر ككاتب. يمكن للشخص أن يجمع هذا مع فكرة “كن حانقًا “ وبذا تكون ضربة هائلة ومضاعفة.
– بالطبع الكُتّاب الآخرون الذين يضعون أساسًا في المجال اللاتقليدي للنشر الرقمي والمستقل يستمرون -بحماقة- في البحث عن طرق ناجحة لمعالجة عملهم.

اللجوء إلى قرّاءٍ مجرّبين:

هم لا يركنون إلى أنفسهم بشكلٍ كاملٍ ويعلمون أنهم بحاجةٍ إلى قرّاء موضوعيين. لذا فهم يكرّسون أشخاصًا يثقون بأنهم يحدّدون لهم مواطن الخلل ثم بعد ذلك فإنهم سيجدون طريقةً لتسويته.

التعاقد مع مُنقّح جيّد ومستقل:

هم يعلمون أن الفائدة الكبيرة للناشرين التقليديين إنما هي التنقيح الاحترافي، لذا فإن ذلك يستحق بالنسبة لهم إيجاد منقّح مستقل وذي سمعة حسنة ليطّلع على عملهم.
لاحظوا كلمة “ذي سمعة حسنة”، هناك من يقدّمون خدمات أقل احترافية سيكونون سعداء بأخذ مال الكاتب مقابل عمل بجودة قليلة جدًّا.
(وإذا ما كنت تحاول ألا تكتب رواية قابلة للنشر فعليك -ربما- أن تتعامل معهم).

7- الإحجام:

إذا ما نجح كل ما سبق وما زلتَ تنوي ألا تنهي روايتك فذلك إحجام ناجح: توقّف عن الكتابة.
انسَ كل تلك الأمثلة عن أولئك الذين استحقوا ووجدوا بالنهاية ناشرًا.
مثل ‘كاثرين ستوكيت’ لقد كتبتْ ونقّحتْ “The Help” بمدة تزيد عن خمس سنوات ثم واجهت ثلاث سنوات ونصف من الرفض من وكلاءٍ مجموعهم ’60’.
لقد كان الوكيل رقم ’61’ هو الذي تبنّاها.. والبقية تعرفونها جيدًا…
الكُتّاب الذين نشروا أعمالهم سيخبرونك أن الأمر إنما هو “مثابرة”، الصفة المشتركة بين كل الكُتّاب الناجحين.
سيخبرونك طالما أنه لديك لوحة مفاتيح أو ورقة وقلم فبإمكانك أن تكتب وطالما أنك تكتب، لديك فرصة للنشر.

الكاتب ‘ديفيد إدينغز’ قال: “استمر بالعمل، استمر بالمحاولة، استمر بيقينك.
ربما أنك لم تفعلها بعد، لكنك على الأقل أعطيت أفضل ما لديك. إذا لم تمتلك القسوة على روحك فالكتابة ليست لك، فلتهتم بالتطريز عوضًا عن ذلك”.
مع العديد من قوائم “الأفضل مبيعًا” في جيبه، هو بالتأكيد لم يكن جيدًا جدًا في ‘عدم كتابة الروايات’.
– انتظر.. ما هذا؟! أنت حقًا تريد أن تكتب رواية؟
حسنًا، أنا لستُ عمدة الكتابة.. الخيار لك.
جون سكوت بيل

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: سماح العيسى

تدقيق لغوي: عبد الله أسامة

اترك تعليقا