تمدد الكون.. خطيئةُ آينشتاين الكبرى!

في عام 1929، اكتشف عالم الفلك “إدوين هابل” اكتشافًا مذهلًا؛ إذ وجد أنّ جميع المجرّات تبتعد عن بعضها البعض وتبتعد عن مجرّتنا “درب التبانة”، وسرعة تباعد المجرات عن بعضها تتناسب مع المسافة بينها، أي أنّه كلما زادت المسافة بيننا وبين المجرة كلما كانت سرعتها في الابتعاد أكبر.

وكان هذا الاكتشاف بمثابة ثورة غيّرت العديد من المفاهيم المتعارَف عليها حينها، إذ أنّ تفسير تباعد جميع المجرات عن بعضها، هو أنّ الكون الذي نعيش فيه يتمدّد ويزداد حجمه مع مرور الوقت، عكس ما كان متعارفٌ عليه في المجتمع العلمي بأن الكون ثابت.

حتى أنّ آينشتاين ظهر له في معادلاته أنّ الكون يجب ألا يكون ساكنًا، بل يجب أن يكون حجمه في تغيّرٍ مستمرٍّ مع مرور الوقت، ولكنه لم يستطع أن يقبل هذه الحقيقة، وأدخل على معادلاته ثابتًا ليجعل الكون ساكنًا ومستقرًا، ولكن بعد اكتشاف “إدوين هابل” رجع عن الأمر، ووصف أمر الثابت الذي أضافه لمعادلاته بأنه أكبر خطأ له في حياته!

لنعطي مثالًا بسيطًا يوضّح اكتشاف العظيم “ادوين هابل”؛ إذا أحضرنا بالونًا، ثمّ رسمنا عليه بعض النّقاط المتفرّقة ثمّ قمنا بنفخه، سنلاحظ أنه كلما نفخنا البالون أكثر، كلما ابتعدت جميع النقاط المرسومة عن بعضها البعض أكثر، مع أنّ النّقاط في الحقيقة ثابتة لم تتحرك، وإنما المسافة التي بينها هي التي ازداد اتساعها، وإذا تخيّلت نفسك مكان أي نقطة، ستشعر أنّك المركز، وجميع النقاط حولك تبتعد مع الوقت.

كذلك الكون الذي نعيش فيه، يتمدّد مع الوقت، فتزداد المسافة بين النجوم؛ مما يجعل جميع النجوم والمجرات تبدو وكأنها تبتعد عن بعضها البعض، وبفرض أنه توجد كائنات عاقلة في مجرات أخرى، سيشعر الجميع عند مراقبته للسّماء أعلاه أنه هو مركز الكون وجميع من في الكون يبتعد عنه.

لكن عند مراقبة العلماء لأقرب المجرات لمجرتنا وهي مجرة أندروميدا، وجدوا أنّها لا تبتعد عنا مثل باقي المجرات، بل تقترب منا بسرعة كبيرة  مقدارها 120 كم/ث، فهل يتعارض هذا مع نظرية تمدد الكون؟

في الحقيقة لا يوجد تعارض بين تمدّد الكون واقتراب أندروميدا من مجرتنا، حيث أنّ حدوث ذلك كان بسبب تأثير قوة أخرى سبّبت اقتراب المجرتين من بعضهما، وهي قوة الجاذبية.

فسرعة تباعد المجرات عن بعضها البعض تؤثر عليها قُوّتَين:

القوة الأولى: وهي  نتيجة تمدد الكون، وتؤدّي إلى تباعد المجرات عن بعضها البعض بسبب زيادة المسافة بينهم.

والقوة الثانية: هي نتيجة قوة الجاذبية والتي تعمل على اقتراب المجرّات من بعضها البعض.

ولكن  كيف يكون للجاذبية تأثير بين مجرات تبتعد عن بعضها البعض ملايين السنين الضوئية!

قوة الجاذبية من أضعف القوى الموجودة في الطبيعة، لكنّ تأثيرها يمتدّ لمسافات شاسعة، فلا تنسَ أنّ “الجاذبية تتناسب طرديًا مع حاصل ضرب الكتلتين، وعكسيًا مع مربّع المسافة” (قانون نيوتن).

ومجرة أندروميدا  كتلتها ~1.5×10^12 ومجرة درب التبانة كتلتها نصف كتلة مجرة أندروميدا، والبعد بين المجرتين 2.5 مليون سنة ضوئية، مع أنّ المسافة بينها مهولة لكنّ هذه المسافة تعتبر صغيرة نسبيّّا مقارنة بكتلتيهما، وعند استخدام قانون الجاذبية، نجد أنه ينتج عن هذه المتغيرات جاذبية مؤثّرة جدًا تعمل على جذب المجرّتين واقترابهما من بعض.

لذا فقوة الجاذبية بين مجرتنا درب التبانة ومجرة أندروميدا تعمل على اقترابهما من بعضهما البعض بسرعة 120 كيلومتر في الثانية، لتصطدم المجرتان ببعضهما البعض بعد 4.5 مليار سنه تقريبًا، لتجتمعا معًا في مجرة إهليجية الشكل أكبر في الحجم من كلتيهما.

إلا أنّ المسافة بين المجرّات الأخرى أكبر بكثير من أن تجعل للجاذبية تأثيرًا يسبب اقترابها، كما في حالة مجرة أندروميدا، لذا نجد أنّ باقي المجرات تبتعد عن بعضها كما لاحظ “هابل”.

ما مستقبل المجموعة الشمسية في ذلك الوقت؟

المسافات بين النجوم شاسعة جدًا، فأقرب نجمٍ إلينا وهو نجم “alpha centauri” يبعد عن الشمس 4.37 مليون سنة ضوئية، لذلك فإنّ احتمال تصادم نجمتين ضئيلٌ للغاية، لكن بافتراض استمرار الحياة على كوكب الأرض، سنلاحظ ازدياد أعداد النجوم في السماء بمقدار كبير.

 

إعلان

مصدر مصدر 1 مصدر 2
اترك تعليقا