تغريدات الفائدة المصرية
منذ بداية العام 2018 والاقتصاد المصريّ ينتظر خفضًا تدريجيًّا لأسعار الفائدة على الجنيه، حتى أطلق البنك المركزي المصريّ أولى تخفيضاته على الفائدة منذ يناير 2015، لتشكّل مشاهدُ الثلاث سنوات الأخيرة تغييرًا جوهريًا في معادلات الاقتصاد المصريّ، نرصدها على النحو التالي:
1 – بلغت معدّلات الفائدة على الجنيه المصري في العام 2015 الذي شهد انعقاد المؤتمر الاقتصادي نحو 9.25 %، جرت بعده رفعات متتالية كبيرة بلغت نحو 950 نقطة أساس وُزّعت بنحو 550 نقطة أساس خلال عام التعويم 2016 ونحو 400 نقطة أساس خلال عام 2017، لتصل إلى مستوى 18.75 % قبل الخفض الأخير.
2 – في 15 فبراير 2018، قام البنك المركزي المصريّ بخفض الفائدة على الجنيه بنحو 100 نقطة أساس، لتصل إلى 17.75% من 18.75%. كما خفض سعر فائدة إقراض الليلة الواحدة إلى 18.75% من 19.75 %.
3 – يدعم البنك المركزي المصريّ نظامًا موازيًا للإقراض لا يخضع لتقلبات أسعار الفائدة، يتمثّل في مبادرة المشروعات المتوسّطة والصغيرة بنحو 200 مليار جنيه تتوزّع فوائدها بين نسبة فائدة 5% متناقصة للمشروعات الصغيرة، ونسبة فائدة 7% متناقصة للمشروعات المتوسطة. وكذلك نسبة فائدة 12% متناقصة لتمويل رأس المال العامل على المدى المتوسط في المشروعات الزراعية والصناعية. ولم يتمّ ضخّ سوى 55 مليار جنيه فقط من مباردة 200 مليار حسب تصريح المركزي في فبراير الجاري.
4 – يسجّل متوسّط أسعار الفائدة عالميًا نحو 5.9 %. وتحتلّ مصر الآن المركز السادس عالميًا من حيث أعلى سعر فائدة، البالغ 17.75%، بعد كلٍّ من الأرجنتين 27.25 %، والكونغو الديموقراطية 20%، وغانا 20 %، وموزنبيق 19.5 %، وانجولا 18%.
5 – جاء قرار خفض الفائدة الأخير بناءً على تراجع التضخّم السنويّ الأساسيّ إلى مستوى 14.35% من مستوى 19.85%. وكذلك تراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المحافظات المصرية إلى مستوى 17.10% في يناير 2018، بعد أن سجّل نحو 21.90 % في ديسمبر 2017، لتحتلّ مصر المركز الرابع عالميًا من حيث ارتفاع نسب التضخم.
6 – انعكس قرار خفض الفائدة الأخير على شهادات الادّخار البنكيّ ذات العائد 20%، والتي تستحوذ على سيولة تقديرية تناهز 700 مليار جنيه… ليتم خفضها بنحو 3%؛ من 20% إلى17% من قِبَل بنكَي مصر والأهلي. وهو ما يساعد على تقليصٍ جيّد لخسائر البنوك وإعادة التدوير المؤقت لجزء من تلك السيولة للاستثمار في السوق المصري.
7 – يتوزّع الفاقد الأخير الذي يمثل 3%، في عوائد الشهادات بين وجهتي نظر: الأولى ترى أنّها دائرة شبه مغلقة ولا تمثّل خسارة محفزة لجزء كبير من عملاء الادّخار البنكي ليتوجهوا بسيولتهم إلى أنشطة استثمارية تجلب عوائد أعلى مع مخاطر أعلى يشهدها السوق المصري بعد النصف الثاني من 2018، حيث رفع أسعار الطاقة والمواد الأساسية ومن ثمّ عودة ارتفاع نسب التضخم والاتجاه مجددًا لرفع نسب الفائدة، مع حساب خطر الاضطرابات الاجتماعية في المستقبل.
8 – أما وجهة النظر الثانية فتستشرف أحداثًا متوقّعة خلال ما تبقّى من 2018، حيث طرْح الوحدات السكنية للعاصمة الإدارية خلال مارس المقبل وما يعقبها من طفرة سعريّة فيما يتعلق بالعقارات، وتعديل قانون الإيجارات القديمة الذي على إثره سيعاد تقييم القطاع العقاري المصري كله. بالإضافة إلى التوجّه لشراء الدولار بعد توقّعات برفع الفائدة الأمريكية بنحو 4 مرات خلال 2018، ومن ثم مضاربات سعرية جديدة قد تتجاوز حاجز 20% كأرباح محتملة.
9 – تأمل البورصة المصرية في الاستفادة من كعكة السيولة الخارجة من عباءة الفائدة المرتفعة مع التوسع في الطروحات الحكومية الداخلية وزيادة زخم الصعود المتنامي لأسواق المال العالمية، خاصّة مع قرب طرح ارامكو، عملاق النفط السعودي في البورصات العالمية. وربما يمثّل هذا المشهد حافزًا قويًا لنموّ ثلاثة قطاعات تنافس على اجتذاب السيولة؛ وهم قطاع البنوك وقطاع العقارات وقطاع البتروكيماويات.
10 – قبل الخفض الأخير للفائدة بيومين طرحت الحكومة المصرية سندات دولارية بنحو 4 مليار دولار بفائدة مغرية تصل إلى 8% للأجانب على ثلاث شرائح؛ الأولى بنحو 1.25 مليار دولار على 5 سنوات بفائدة 5.6 %، والثانية بنحو 1.25 مليار دولار على 10 سنوات بفائدة 6.6 %، والثالثة بنحو 1.5 مليار دولار بفائدة 7.9 %، لتقفز القيمة الإجمالية لهذا الطّرح البالغ 4 مليار دولار عند سداده إلى نحو 7.25 مليار دولار، وهو ما يفاقم من حدّة الديون الخارجية إلى حدود 105 مليار دولار.
الأمر الذي يدعو أكثر المتفائلين بخفض أسعار الفائدة إلى الاقتناع بعدم تجاوزها نسبة 14% إلى أسفل، على أفضل تقدير، حتى عام 2020.