تسع طرق لفقد يد!
1
يعدّل من وضع المرآة، تجتذبه شعرة غير مساوية لعدْلها جانب شعره الأكرت، يسحبها حتى تطول وتصل عينيه، يحاول إخمادها كمن يطأ قنفذًا، بينما تدخل رائحة سمك مشويّ قبل سيدتها العربة، وقبلما يلتفت للطريق ليؤنبها على دخولها، يجد نفسه يسوق بيدٍ واحدة.
2
“لم تكن جميلة” هكذا قال لنفسه على الفتاة التي جلست على المقعد المقابل له، وجد بيدها كتابًا لسارة مورجان -بالإنكليزية- من القطع الكبير وليس حجم الجيب بروايات عبير، حاجّت بأن الشمس تدخل عينيها وطلبت منه أن يغلق الشباك، لم ينتظر القطار طلبها، ومع رجَّته لم تكن ذراعه معه..
3
بالطريق أفاده صديقه بأن من يذهبان إليه الآن أفضل من يعد حلية أثاث بدمياط، وأن يداه تُلف بالحرير، وأن مصنعية يده تستحق كل قرش سيدفعه، مضيا إلى الرجل الذي كان يقف بطابور العيش، والذي ما إن رآهما وعرفهما امتعض، وبعدها قال ما معناه أنه لم يعد يعمل، تركاه بعدها وظل يلوّح لهم بيد لا يوجد بها سوى الإبهام والإصبع الأوسط..
4
تحسس الظلام بجواره، ليجد المقشة التي وضعها قربه وهو نائم، من المؤكد أن الدبيب الذي أيقظه بالأعلى يخص الفئران التي تكاثرت بعفش الطابق العلويّ نتيجة الكراكيب التي تكوّمت بالسنين به، ثم تذكر أنه لا يوجد أحد غيره؛ فهو بالسطح، قام بسرعة وأمسك بذراع المقشة ليهوي بها على موضع الصوت عدة مرات عله يختفي وهو نصف نائم، ولم ينتبه للمروحة التي كانت تهدر منذ نسيها ولم يغلقها، أحس بشيءٍ طريّ يهوي فوق رأسه، ولطخ ساخنة أغرقت وجهه..
5
لأنه أخذ سكاكرَ دون أن يترك ثمنها، أغمض عينيه كي لا يري النصل وهو يهوي، يجب محاسبة الجميع على هذه الطابة.. العائلة المالكة، ورجال الأعمال بكروشهم الواسعة التي تبتلع حوتَ يُونس بداخلها، ومروجي الإعلانات، والبنات الفائرات الجسد، ومالكي المولات، والعاملين ببزاتهم، كلهم اصطفوا أمام عينيه، بينما يدفعهم الهاوي بينهم، هز كتفه وهو يدلح بينهم، ونظر لأصابعه جيدًا كمن يحفظ أماكنها حتى خرجت أمام عينيه على الطاولة!
6
“انتظري هنا؛ سأجلب شيئًا نسيته وقادم” أخرج مسمارًا من جيبه، بسط يدها أمامه، ودق المسمار بمنتهي الهدوء بالحائط المقابل، ومضى وعاد بعد نصف ساعة.
-“هل تأخرت؟”
-“ليس كثيرًا، لنمضِ الآن”
“انتظري هنا؛ سأجلب شيئًا نسيته وقادم”
7
أصبح إصبعه مخيّطًا، ترك مهنته؛ لم يعد يقدر على الإمساك بقلم، تخلص من شهادته، وضعها بالقمامة، اتفق مع صاحب العقار على إزالة اليافطة “مهندس معماري” سيتعلم الفوتوشوب ويتجه للإعلام..
8
بعلقة ساخنة، نزل “إمام” أشهر سروجي عربات بقلعة الكبش من التوك توك، وأمسك بعتلة وانهال بها على رجلٍ مجهولٍ حتى أصبح مسطحًا، عرفتْ الجهة الأمنيّة بعد ذلك أن ذلك المفقود كان صاحبًا لأكبر موقف ميكروباص، اصطحبت الشرطة “إمام” لقسم عابدين بعد فترة ولكنّها أطلقت سراحه بعدما أقرّ أحدهم بأنه ليس له يد بمقتله.
9
كل ما كان يحلم به آخر الليل هو وجبة ساخنة يسد بها رمقه، يجلب رغيفين حواوشي من آخر الشارع، وعيناه على مدخل عمارة.. لكنه لم ينتبه لذلك الكلب الفاحم الذي اندفع دون صاحبه وحبس ذراع الرجل ببطنه!