“المخدرات الرقمية” هل يكون لنوع معين من الموسيقى تأثير كتأثير الكوكايين؟

قد تضطرك الظروف إلى مراجعة طبيبٍ نفسي من أجل العلاج من الاكتئاب، فتراه يكتب توصيةً بنوع معين من الموسيقى، وبعد فترة تكتشف ظهور أعراض إدمان الماريجوانا أو الكوكايين عليك!
ظهر مؤخرًا نوعٌ جديدٌ من الإدمان الإلكترونيّ والذي بدوره يختلف عن إدمان تصفح مواقع التواصل الاجتماعي برمتها، إدمان بنكهة الهيروين ربما، وتجده متوفرًا دون رقابة، إنها مقاطع موسيقية خاصة تعمل على إعادة برمجة الموجات الدماغية مسببة أعراض معينة، أُطلق عليها اسم “IDoser” أو المخدرات الرقمية. أما عن نشأتها، وماهيتها، وكيفية عملها، وتأثيرها، وبعض التجارب الشخصية، هذا ما ستعرفه في السطور القادمة.

نُبذة تاريخية عن المخدرات الرقمية:

نشأت “المخدرات الرقمية” على تقنية قديمة تسمى “النقر بالأذنين”، اكتشفها العالم الألماني الفيزيائي هينريش دوف عام 1839، واستُخدمت لأول مرة عام 1970، واعتمد بعض الأطباء استخدام مقاطع موسيقية لعلاج بعض حالات الاكتئاب والقلق بدلًا من العلاج السلوكي (الأدوية) الذي كان يرفضه بعض المرضى في حالات معينة، وجاء استخدام المقاطع الموسيقية من أجل تحفيز مواد منشطة في المخ تعادل في تأثيرها العلاج السلوكيّ، وتعمل على زيادة سرعة معدلات التعلم وتحسين دورة النوم، وتخفيف الآلام، وتعطي إحساسًا بالراحة والاسترخاء، ولهذا تم العلاج عن طريق تذبذبات كهرومغناطيسية؛ لفرز المواد المنشطة للمزاج.

تم استخدام موسيقى “المخدِّرات” في مستشفيات الصحة النفسية، نظرًا لأن هناك خللًا ونقصًا في المادة المنشطة للمزاج لدى بعض المرضى النفسيين، ولذلك يحتاجون إلى حثِّ الخلايا العصبية لإفرازها، تحت الإشراف الطبي، بحيث لا تتجاوز عدة ثوان، أو جزء من الثانية وألا تستخدم أكثر من مرتين يوميًا. وتوقف العلاج بهذه الطريقة – آنذاك – نظرًا لتكلفتها الباهظة.

لم يعد استهلاك المخدرات مقتصرًا على ما كان يجرى سابقًا بحقنها في الوريد أو بمضغها أو شمها أو تدخينها، وإنما تطور الفكر الإنسانيّ ليحول نظم التعاطي إلى تعاطٍ إلكتروني أو تعاطٍ رقمي يُحدِث التأثير نفسه الذي تُحدثه المخدِّرات الطبيعية الأخرى.

ماهيتها وتأثيرها:

ويختلف تأثير المخدرات الرقمية باختلاف مقدار الجرعات الموصوفة والترددات والمؤثرات البصرية المصاحبة لها، ولذلك نجد أن هذه المقاطع الموسيقية تكون مصحوبة بألوان وأشكال تتحرك وفقًا لنظام هندسي مدروس يستطيع خداع المخ عن طريق بث ترددات مختلفة لكل أذن، وهذا يعني أن تردد النغمات في الأذن اليمنى يكون أعلى أو أقل من ترددها في الأذن اليسرى. وفي هذه الحالة يحاول المخ إحداث توازن للترددات في كلا الأذنين مما يسبب تشويش في موجات الدماغ، ويصبح غير مستقر كهربيًا. وعلى حسب اختلاف الترددات والموجات الكهربية يصل المخ لإحساس معين (ربما يكون منشودًا) ودرجة عالية من النشوة.

إعلان

فمثلا عند سماع ترددات الكوكايين لدقائق محسوبة فإن ذلك سيدفع لتحفيز الدماغ بصورة تُشابه الصورة التي يتم تحفيزه فيها بعد تعاطي هذا المخدر بصورة واقعية.

التجريم القانوني:

أما عن أسباب سرعة انتشار المخدرات الرقمية، فمنها عدم تجريمها قانونيًا بشكل قاطع، وافتقار العلم لتجارب وأبحاث رسمية تجزم بتأثيرها السلبي. ولذلك فإن هناك بعض المواقع التي تعرضها للبيع بأسعار متفاوتة، ويتم تصنيفها حسب الإحساس الذي يود الشخص الحصول عليه، أي حسب “النكهات”، فهناك نكهة “للجنس”، و”الرياضة”، و”التركيز”، و”الاسترخاء وتهدئة الأعصاب”، وغيرها. ويعج موقع YouTube ببعض المقاطع المجانية للتجربة.

كل هذه الأمور لا تعني أن الأمر متروكًا للصدفة، فإما أن تصاب بالإدمان أو لا، ولكن هناك شروط لاستخدام المقاطع الموسيقية حتى تؤدي غرضها، ومنها أن تنعزل في حجرة، وتضع سماعات الأذن مع تغطية العينين، والاسترخاء تمامًا حتى تسمح للنغمات أن تتفاعل مع الموجات الدماغية.

لكن كل تلك الأمور لا تضمن فاعلية تأثيرها، فقد اختلف الأطباء في مدى تأثير المخدرات الرقمية. وجاء وفقًا لتصريحات من أطباء ومسؤولين عرب في جامعتي السعودية والإمارات (وهما أولى الدول التي ظهرت فيها الموسيقى المخدرة في الوطن العربي)، أن المخدرات الرقمية ليس لها أي تأثير يُذكر، وليس هناك خطر على أولادنا، فلا داعي للاهتمام بحظرها.

فيما صرح آخرون بخطرها على الشباب، وتأثيراتها السلبية على المدى الطويل من زيادة ضربات القلب، والتشنجات العصبية، والهلوسة، والارتجاف، ونوبات الشرود، وقلة التركيز والانعزال عن الواقع تمامًا.

وجاء تصريح ثالث يقول بأن تأثير المخدرات الرقمية يعتمد على التجارب السابقة للشخص مع إدمان المخدرات الحقيقية، أي أن المخدرات الرقمية لا تمنح إحساسًا بالنشوة إلا لمن وصل إلى حالة النشوة التي تمنحها المخدرات الحقيقية.

تجربة شخصية:

وقد قام أحد الأشخاص بتجربة المقطع -أسفل النص- وأقرَّ أن النغمات كان تأثيرها بسيطًا للغاية، تكاد تكون بلا تأثير، “إلا أن هذه الذبذبات المحببة قد ملأت أذُنيّ لمدة 60 دقيقة، ويمكنني أن أقول بكل ثقة أنني لم أصل إلى مرحلة نشوة حقيقية، إلا أن الخطر الحقيقي كان في تسببها في تشتيتي عن التركيز في العمل.”

ويمكن للقراء تجربة نظرية “IDoser” بأنفسهم من خلال مشاهدة هذا المقطع:

وبرغم كل تلك الشواهد إلا أنه لم يحدث حتى الآن أن نُشرت ورقة بحثية تتضمن أي ثوابت عن المخدرات الرقمية، وتُعد غالبية التجارب فردية من أشخاص حاولوا اكتشاف مدى تأثيرها على أنفسهم، وجاءت النتائج أن أكثر من 80% من التجارب الفردية أثبتت تأثير المخدرات الرقمية بشكلٍ أو بآخر.

إعلان

مصدر مصدر 1 مصدر 2 مصدر 3
فريق الإعداد

إعداد: نورهان البدوي

تدقيق لغوي: فاطمة الملاح

اترك تعليقا