هل هناك علاقة بين القلق من الامتحانات وقلة النوم؟

يُعاني طلاب الجامعات في جميع أنحاء البلاد من حلقة مُفرغة يؤدي القلق من الامتحانات إلى قلة النوم، وهذا بدورهِ يُقلّل من الأداء في الامتحانات التي سبّبت الشّعور بالقلق في المقام الأول.

بحثٌ جديد من جامعة كانساس نُشِر مؤخّرًا في (المجلة الدولية للطب السلوكي)  يُلقي الضّوء على هذه العملية البيولوجية – النفسية – الاجتماعية التي يمكن أن تؤدي إلى تحصيل علامات سيئة أو رسوب موادّ دراسيّة، أو حتى انقطاع طلاب عن الدّراسة. والواقع أنّ نحو 40٪ من الطُّلاب الجُدُد لا يعودون إلى جامعاتهم لعام ثانٍ في الولايات المتحدة.

تقول نانسي هاميلتون، الباحثة الرئيسة وأستاذة علم النفس في جامعة كانساس: “كُنّا مُهتمّين باكتشاف ما يُمكن توقّعه حول أداء الطّلاب في مُحاضرات الإحصاء – مادّة الإحصاء عادةً ما تكون أكثر الموادّ الجامعية رُعبًا”. مضيفةً أنه “يُمكن أن تكون مشكلة مركبة وأن تكون عقبةً لدى كثير من الطلاب. أنا مُهتمّة بالنّوم، والنّوم والقلق مُرتبطان ببعضهما بعضًا. لذلك أردنا معرفة العلاقة بين النّوم والقلق والأداء في الامتحانات من أجل العثور على الرابط بينهم وكيفيّة تطوّرهِ مع مرور الوقت”.

قامت هاملتون مع المؤلفين المشاركين من الدراسات العليا (رونالد فريشي، وإيان كارول) والطالبين الجامعيين (ييتشي زانج)، و(غابرييلا زيلر) بالقيام باستقصاء جودة نوم ومستويات قلق ودرجات اختبارات 167 طالبًا مُسجَّلين في مادّة الإحصاء في جامعة كانساس. أكمل المشاركون مجموعة إلكترونية من التدابير، وملأوا مذكّرات دراسة للنوم خلال الصباح في الأيام التي تسبق امتحان الإحصاء، وأكد المدرّسون درجات الامتحان؛ وأظهرت الدراسة أن “النوم والقلق يُغذيّان بعضهما بعضًا” وقد يُعيقان الأداء الأكاديميّ بشكل متوقع.

قالت هاميلتون: “نظرنا في القلق من الامتحانات لتحديد ما إذا كان ذلك قد يمنح التنبؤ بمَنْ سينجح في الامتحان وكان ذلك مؤشرًا، فعندما تنظر إلى أداء الطلاب القلقين بشكل خاصّ، ستجد أنّ هناك فرقًا بمقدار خمس نقاط تقريبًا في درجاتهم عن الطلاب الذين يشعرون بالقلق بمتسويات متوسطة، وهذا في غاية الأهمية؛ فهناك فرق بين الدّرجتين  -C و D-، و درجة B-  ليست مثل  A-، هذه هي الحقيقة”.

إعلان

بالإضافة إلى انخفاض الدرجات، فالصحة العامة للطالب يمكن أن تتأثّر أيضًا عندما يعزز القلق وقلة النوم بعضهما بعضًا.

قالت هاملتون: “أظهرت الدراسات أن الطلاب يميلون إلى التعامل مع القلق من خلال السلوكيات الصحية”. وأوضحت: “قد يتناول الطلاب كمية أكبر من الكافيين لمعالجة مشاكل النوم المرتبطة بالقلق، ويمكن للكافيين في الواقع أن يزيد من مشاكل النوم، وتحديدًا إذا كنت تستخدم الكافيين في فترة ما بعد الظهر أو في المساء. في بعض الأحيان، يلجأ الطلاب إلى علاج أنفسهم من القلق عن طريق تعاطي الكحول أو المخدّرات، ونعرف أنّ تلك الأشياء مُرتبطة ببعضها.

ذكرت هاميلتون أنّهُ بإمكان الجامعات أن تفعل المزيد لكي تنقل إلى الطلاب مدى انتشار القلق نتيجة الامتحانات وتمدّهم بالموارد اللازمة.

حيث قالت: “ما سيكون مفيدًا حقًا بالنسبة للجامعات هو الحديث عن اختبار القلق ومناقشة حقيقة أنّهُ شائع جدًا وأن هناك أشياء يمكن القيام بها من أجل الطلبة الذين يعانون من القلق من الامتحانات. كما يمكن للجامعات أيضًا التحدث إلى المعلمين حول القيام بأشياء يمكنهم أن يفعلوها للمساعدة في الحدّ من تأثير القلق على الطلاب”.

وفقًا لهاملتون، فإنّ هذه الظاهرة تُعرقل المدرسين أيضًا: إنّ القلق ومشاكل النوم المرتبطة به تُشوّه بالفعل قُدرة المدرّسين على قياس مدى معرفة الطالب في موضوع معيّن.

وأوضحت ذلك بقولها: “بصفتي معلمة، فإنّ هدفي عندما أكتب اختبارًا هو تقييم مدى فهم الطالب؛ لذا فإنّ وجود مشكلة نفسية أو عاطفية يُعيق ذلك، وفي الواقع هذا يُعيق قدرتي على تقييم التّعلُّم بشكل فعّال، إنّ هذا مُزعج… وهكذا سيكون أداء الطلاب في الامتحانات لا علاقة لهُ بما يفهمونه أو ما يعرفونه. لذلك أعتقد أنّهُ حري بنا جميعًا أن نرى ما إذا كان بإمكاننا إيجاد طرق لمساعدة الطلاب للحدّ من آثار القلق على أدائهم”.

أكّدت باحثة جامعة كنساس على أنّ الاختبار نفسه ليس هو المشكلة، وأشارت إلى أنّ زيادة الاختبارات المنتظمة قد تحِدّ من القلق من خلال التّعرّض المنتظم. إلا أنّها قالت إن بعض التغييرات الصغيرة في كيفية إجراء الاختبارات يمكن أيضًا أن تُهدِّئ من قلق الطلاب.

القلق من الامتحانات

وقالت هاملتون: “المواد الدراسية القائمة على الأداء باستخدام مقاييس مثل الرياضيات والإحصاء، المواد الدراسية التي تميل حقًّا إلى إثارة الكثير من القلق لبعض الطلاب، تبعث على تحفيز هؤلاء الطلاب على أخذ خمس دقائق قبل الامتحان مباشرة للكتابة فعليًّا عن الأشياء التي يشعرون بالقلق نحوها، هذه الطريقة يمكن أن تُساعدهم، إنّها طريقة سهلة ولا تكلف شيئًا”.

وأضافت: “كما أنّ إلغاء فترة زمنية محددة لأداء الامتحان قد يساعد أيضًا. فلا يوجد شيء يمكن اكتسابه من خلال إخبار الطلاب، “لديكم ساعة واحدة لإتمام الامتحان… وما لم تُنْهوهُ لا تُنْهوهُ”، وهذا في الواقع لا يُقيِّم ما يمكن للطالب أن يقوم به فعلاً، بل هي فقط عملية تقييم لما يمكن أن يقوم بهِ الطالب بسرعة”.

أشارت هاميلتون إلى أنّها تودّ أن تقوم بإجراء بحوث حول الصلة بين القلق من الامتحانات وقلة النّوم، كما أنّها تسعى لتشمل مجموعة أكثر تنوّعًا من الطلاب وأيضًا ستُدرِج تأثيره على التّعلُّم عن بُعْد.

وقالت: “كان أغلب الطلاب في هذه الدراسة من الطبقة المتوسطة وطلاب قوقازيون، لذلك فإنني أتردّد في القول بأن هذه النتائج يمكن تعميمها حتمًا على الجامعات التي لديها هيئة طلابية أكثر تجانسًا، وأتردّد أيضًا في قول كيف يمكن أن تُعمَّم هذه النتائج على بيئة زوم Zoom الحاليّة. لا أعرف كيف سيتضح هذا الأمر؛ لأنّ مُتطلّبات إجراء الامتحانات على الإنترنت على الأرجح تكون مختلفة جدًا”.

المصدر: EurekAlert

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: رنا داود

اترك تعليقا