السياسيات المالية الجديدة في مصر… القيمة المضافة نموذجًا

بعد السياسيات عن توفير غطاء للفئات الاقل حظا و داخلا

قانون القيمة المضافة يمثّل وبحقّ اتجاة الدولة الاقتصادي، وبلا أي مواربة أو شكّ نحن في دولة تعتمد نظام النيوليبرالية في الاقتصاد بدلًا من نظام يحمي الفئات الأقل دخلًا أو الفقيرة. وهدف هذا الاتجاه الاقتصادي الرّبح لا الإنسان، كما أنّه لا يحمي المنافسة، وذلك بخلاف الوجهة الكلاسيكية الليبرالية القديمة حيث تكون الدولة حارسة ولا تتدخّل سلبًا أو إيجابًا في السوق، ولكنّ الدولة المصرية قررت وعلى غير العادة أن يموِّل الفقراء خزانة الحكومة وينعم الأثرياء بامتيازات الحكومة.

لقد مرّ علينا عصر المخلوع مبارك، وكنا نلعن حكومة رجال الأعمال صباحَ مساء. ومع قيام انتفاضة يناير ٢٠١١، ساد اعتقاد أنّ حكم رجال الأعمال قد انتهى من مصر، لكنّ ما تبيّن كان أسوأ، حيث سار تحالف عجيب واندماج ما بين الدولة وأفكار رجال الأعمال، فصارت الدولة تتعامل وكأنها رجل أعمال، بغض الطرف عن أيّ شيء آخر، كما أنه وبسبب غياب برنامج واضح للقوى السياسية ذات التوجهات الاجتماعية وعدم تجذّرها وبناء قواعد شعبية لها، صار تحالف رجال الأعمال وكيلًا للسلطة ولديه الإعلام والسياسيين المؤجّرين والفاسدين من كلّ حدب وصوب، وأصبحت السلطة، نتاجًا لتلك التحركات من رجال الأعمال، مفاسدة للملائكة نفسها، وأصبح هناك كيانٌ موازٍ وقويٌّ يمسك بزمام الأمور ويتحكّم في كيان الدولة ككلّ، وأكاد أجزم أن هذا الكيان هو المتحكم في بعض قرارت رئيس الجمهورية، فيمكن أن يعطّل العمل بأي قانون ضارّ له -وهذا ليس كلام مرسل فاين- وتطبيق قانون الضريبة الرأسمالية على أرباح البورصة وغيرها العديد من القوانين التي تضرّ بهم وبمصالحهم، ولذا نجد أنّ في حالة قانون القيمة المضافة من يدفع هو الفقير وليس الغنيّ؛ لأنّ لا ضرر يصيب الغني، ولا يناله ولو قدر ضئيل من الضرر الذي يصيب المواطن الفقير.

ألا تعلم، عزيزي القارئ المبجّل، أنّ رواتب موظفي الجهاز الإداري للدولة في الغالب لا تتعدى ٦٥$ شهريًا؟  وأنّ تحرير الأسعار للسّلع والخدمات لا يتوازى مع زيادة رواتب موظفي الدولة أو حتى العاملين في القطاع الخاصّ ممن لا تزيد رواتبهم عن٥٠$ شهريًا؟ ولكنّ مَن يرقد على مليارات الجنيهات، بل الدورلات، من سادة البزنس (العمل) الحرام لن يَحرِم ابنه أو زوجته أو نفسه من سلعة لأنها ارتفعت بمقدار خمسة جنيهات فقط، بينما قد يحرم ويمنع الملايين أنفسهم من ذات السلعة مقابل خمسة جنيهات لأنهم لا يقدرون على سداد ضريبة القيمة المضافة.

لا التوقيت ولا قدرات مواطنٍ أُنهِك من وضعٍ ماليٍّ واقتصاديٍّ مرتبكٍ منذ ٢٠١١م وحتى الآن يستطيعان أن يتماشيا مع تلك السياسيات، وكما نعرف أنّ السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فالمسيطر اقتصاديًا هو المسيطر اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا وقانونيًا… إلى آخره… ولنا في النموذج الأمريكي عبرة وعظة، في ظلّ الأزمة المالية العالمية الأخيرة؛ فلم تقم أمريكا، وهي ما هي في سياسات السّوق الحُرّ، بإثقال كاهل المواطن الأمريكي بالضرائب وإنما اتّخذت كلّ ما يلزم لدعمه وحمايته، بل امتدّ الدّعم إلى مؤسسة مالية وشركات خاصّة، وكسرت بذلك أعزّ قواعد الاقتصاد الكلاسيكي وهي قاعدة عدم تدخّل الدولة في السوق.

إعلان

اترك تعليقا