الدروز….ما هى الحكاية؟

نظرة تاريخية وسياسية ودينية

ما هى قصة الدروز ؟ وكيف نشأت تلك الفرقة؟ ومتى وأين؟ وما هى علاقتها بإسرائيل؟ وأين ينتشرون؟ وما هي أهم سماتها الدينية وبم تختلف عن باقي الأديان والمذاهب والفرق فى الشرق الأوسط المتخم بالمِلل والنحل؟

فرع عن فرع عن فرع عن أصل، أو انشقاق من انشقاق من انشقاق من أصل.
من الإسلام إلى فرعي السنة والشيعة، ومن الشيعة إلى شيعة اثنى عشرية إلى شيعة اسماعيلية إلى درزية.

كيف نشأت الدروز ؟

ظهر الدروز (أو الموحدون كما يحبون ويفضلون) في مصر إبان الدولة الفاطمية وتحديدًا فى عصر الحاكم بأمر الله، الخليفة الفاطمي السادس، على يد حمزة بن علي بن أحمد الزوزوني القادم من قرية زوزن بفارس وذلك قبل الف عام تقريبًا.

بدأ حمزة دعوته بتقديس الخليفة الحاكم ذى الأطوار الغريبة، الذى استساغ ذلك التقديس وأعجبه فأضفى عليه وعلى حمزة بن على الحماية، وكان حمزة يدعو ببساطة إلى اعتبار الحاكم هو المهدي المنتظر وليس محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق والذى يلقب بالامام الغائب أو المكتوم حيث يعتقد الشيعة الإسماعيلية باحتجاب الإمام السابع لحين ظهوره فى الوقت والموعد المراد فى آخر الزمان، لذلك يطلق عليهم لقب السبعية حيث يؤمنون بسبعة أئمة فقط على خلاف الشيعة الإثنى عشرية.

استساغ الحاكم هذا الوضع الجديد وأسبغ حمايته ورعايته على هذا المذهب الجديد، وحاول حمزة بن علي اكتساب أنصار جدد ومؤمنين بهذا المذهب وكان له دعاته الذين ينتشرون فى كافة أنحاء الخلافة الفاطمية، ولكنه لم يظفر بكثير نجاح فى مصر. وحين اختفى الخليفة الحاكم بعد أن قُتل نتيجة مؤامرة من أخته ست الملك وبعض وزارءه، فأشاع حمزة وأتباعه بأن الحاكم دخل في السرداب لتبدأ غيبته التى تنتهي بعودته وخروجه مرة أخرى فى آخر الزمان ، ثم أعلن حمزة من بعدها انتهاء فترة الإمامة وإغلاق الدعوة وعدم قبول مؤمنين جدد، لذلك لا تقبل الدرزية أي مؤمنين جدد يحاولون الانضمام إليها، حتى أنها من بين تعاليمها ترفض زواج الدروز من المغايرين الغير دروز، لذلك تعتبر الفرقة الدرزية فرقة مغلقة.

إعلان

بعد اختفاء الحاكم انتقلت الدعوة إلى أرض جديدة فى بلاد الشام واستطاعت أن تكتسب أرضًا جديدة وسكن الدروز أعالي الجبال لحمايتهم من هجمات الآخرين .

حمزة بن علي يسمى لدى الدروز بمسيح الدروز، وقد وضع تصورا غريبًا للعالم والتاريخ وهو أن التاريخ الإنساني عبارة عن سبع فترات فى كل فترة كان نبي ومعه عارف للحكمة متخف ينقل أسرار الديانة لأفراد مختارين، ويسمى الأنبياء وعارفي الحكمة بالازواج السبعة :

– آدم وشطنيل
– نوح وفيثاغورس
– إبراهيم وداود
– موسى وشعيب
– عيسى ويسوع المسيح
– محمد وعلي وفي أقوال أخرى سلمان الفارسي
– الحاكم وحمزة بن علي

والمعارف الحكمة في كل الفترات السبع هو شخص واحد يظهر بأكثر من صورة وهيئة، فهم يؤمنون بالحلول والتناسخ بين الأرواح وأنه لا يموت إنسان إلا وتنتقل روحه لمولود جديد.

من أسماء حمزة هذا: (الآية الكبرى – العقل الكلى – الإرادة – علة العلل – أصل المبدعات – صراط المولى المعبود – العارف بأمره – الطور والكتاب المسطور – البيت المعمور – صاحب البعث والنشور – النافخ في الصور – النار الموقدة التى تطلع على الافئدة – ناسخ الشرائع ومهلك العالمين). وأنه هو من أملى القرآن على محمد .

بماذا يؤمن الدروز؟

يؤمن الدروز بالقرآن الكريم يسمونه المستور البين ويؤمنون بالمعاني الباطنية لآياته وكلماته لذلك لهم كتاب آخر يفسر القرآن إسمه رسائل الحكمة يتكون من 111 رسالة فى شرح وتفسير القرآن الكريم .

أركان الديانة لديهم هى الأركان أو الأعمدة السبعة وهي :

الولاية، الصوم، الحج، الزكاة، الطهارة، الجهاد، الشهادة

ومحرم عليهم تعدد الزوجات والخمور والخنزير والوثنية ولا عودة بعد الطلاق وهناك المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة والمرأة تملك العصمة كما الرجل ولها الحق فى تطليقه إن شاءت.

وللدروز شعار هو نجمة خماسية الألوان. الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق والأبيض ويرمز كل منهم لمعنى معين حيث يرمز الأخضر للأرض والطبيعة والعقل، والأحمر للشجاعة والحب والنفس، والأصفر للكلمة والمعرفة، والأزرق للصبر والتسامح والأبيض للسلام والنقاء.

أسرار الديانة لديهم حكرًا على رجال الدين الذين يسمون العقال وكبيرهم هو شيخ العقل ويسمى مكان الصلاة بالخلوة. وللدروز أربعة أعياد، عيد الأضحى وعيد النبي شعيب وعيد النبي سبلان وعيد النبي خضر.

يعتبر مقام النبى شعيب في قرية حطين بمدينة طبرية في إسرائيل من أقدس مزارات الدروز، حيث للنبي شعيب عندهم مكانة خاصة ويعتبرونه هو جبرائيل وأنه هو من أعطى العصا لموسى ليشق بها البحر ويستدلون دائما بالاية الكريمة ” إن الذين كذبوا شعيبًا كانوا هم الخاسرين ” 92 الأعراف.

لذلك نستطيع من هنا الربط بين الدروز وإسرائيل في رابطة يسمونها رابطة الدم حيث ارتبط موسى وشعيب بالصهر والنسب فارتبط الدروز وإسرائيل بالمواطنة والدفاع عنها.

فى عام 1948 وبعد النكبة العربية تفاوض الإسرائيليون مع الدروز ليكسبوهم لصفهم فوافق أغلب الدروز على الإنتماء لإسرائيل والتجنس بجنسيتها وفى عام 1954 تم إعتبار الدرزية ديانة رسمية فى دولة إسرائيل وفى عام 1956 تم فرض التجنيد الإجباري على الدروز وفى عام 1962 أنشئت محاكم خاصة للدروز فى القضايا الشخصية والدينية. ويستعمل الدروز فى حرس الحدود والجيش ومصلحة السجون وراح منهم العديد من القتلى فى حروب إسرائيل مع العرب.

يتركز الدروز فى سوريا ولبنان وإسرائيل والأردن وفى كل دولة يدينون بالولاء للحاكم ولا يخرجون عليه أبدًا، فى سوريا يتمركزون فى السويداء وصلخة وجبل العرب ومجدل شمس بالجولان المحتل ويبلغ عددهم نحو 700 ألف.

وفى لبنان يوجد أكثر من 400 ألف درزي وفي إسرائيل يوجد نحو 120 ألف درزي يمثلون نحو 2 بالمائة من مجموع السكان.

من أشهر الشخصيات الدرزية فى سوريا عائلة الأطرش من ذوقان الأطرش وسلطان باشا الأطرش مرورا بالفنان فريد الأطرش وشقيقته أسمهان وفي لبنان كمال جنبلاط الزعيم السياسي الكبير وخليفته ونجله الزعيم الحالي وليد جنبلاط و كذلك عائلة أرسلان، وفى إسرائيل لا يمكن أن ننسى الجاسوس الشهير عزام عزام الذى كان سجيناً لدى مصر وافرجت عنه مقابل إفراج إسرائيل عن مساجين مصريين ومعتقلين فلسطينيين بعد مفاوضات شاقة بين الجانبين والذى استقبله شارون شخصيا وقبل حينها عزام يد شارون اعترافًا بالجميل وتأكيدًا للعبودية.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: محمد محمود

تدقيق لغوي: مروان محمود

الصورة: gettyimages

اترك تعليقا