البر الغربي قصة قصيرة

يحتبس نفسي ويزيد هذا الثقل الذي لا يراوح صدري.. أنا هناك موضوعٌ في أسوأ أحوالي بلا حركة .. أتصببُ عرقًا. أرتجف من الخوف وألوك في فمي الذكرى بنصف وعي وبكلماتٍ غير مفهومة، هذه نوبة أُخرى رُبما أشد أو أنها أخف وأنا أرقّ. أحيانًا تراودني فكرة الموت أثناء النوم.. أو كأن ينفتح البرزخ الكبير من ثقب الباب الضيق لعالمك الخفي. بصعوبة أصحو أو يهيأ إلي أنني صحوت.

يختلط اللون في عيني .. كُل شيء قد استحال إلى الرمادية بعد الأصفر .. أتلمس حرقًا خفيفًا من السجائر على صدري يبعث على حكة شديدة أحدثت ثقبًا غائرًا في قلبي وأقوم عن سرير خشبي قذر متقدمًا إلى سطح المكان، والمكان كله سطح غريب يغلفه الضباب المشحون بالفقر والترابية والروائح الكريهة. في الوسط أمد يدي إلى طاولة خشبية تبدو منتصبة بصعوبة على أرجل ثلاثة. وتنتظر برجاء رحمة الانكسار الوشيك.

ارتشف سائلًا من زجاجة عليها.. اعتقدت أنها مملوءة بالمياه. يبلل طعم لاذع حلقي ناحرًا صوتي.. على أثر ذلك أتقيأ ما في جوفي وأرقد على الأرضية الملساء الباردة وقلبي يلهث من الخفقان. أنتبه لأجد فأرًا نحيلًا من وسطه الأنبوبي الذي يفصل بين كرتين من المادة التي تخلق منها.. يرمقني باحتقار. يقترب مني الفأر.. يصعد إلى الطاولة ذات الأرجل الثلاث.. يتثبت هناك مواجهًا نصف رأسي وهو ينظر إلي شذرًا ثم يبصق بصقة لازجة على وجهي ويرحل. أجري سريعًا في الممر الضيق وأتوسل سلمًا للأعلى.. درجاته غير منظومة الارتفاع. ما إن أقارب إلى نهايته حتى أصدف مدخلًا يسارًا إلى حمام ضيق.

تشدني منه بعنف وأنا غير منتبه .. تدفعني على الحائط إلى الباب المعدني الثقيل. بعدك .. ليس هناك أي أحد إلى جواري. يهديني طريق الصواب، يهدئ روعي، يملأ وعيي.. يأخذ بيدي من الحافة ويجذبني عند الباب .. وأنا أقول لها هذا تبدأ بتقبيلي من عند طرف رقبتي وهي تتلوى على جسدي بنعومة. وإذ تتسع حدقت عيناها إلى الحد الأقصى، لا تزال تردد علي: هلَّا صفحت عني يا حبيبي .. هلَّا صفحت عني.

بعد ذلك إذ أجد نفسي مستلقيًا مرة أخرى .. سرير آخر .. موت آخر .. وأنا هناك بين إغماضة عين وإفاقتها .. أتطلع بهدوء إلى الغرفة التي بدت وكأنها تكونت من نهاية السلم وباتت معلقة هناك وحدها على طرفه الأعلى تكسوها كتب صفراء قديمة تحاول بجد ترتيب مصفوفة جدارية تحاوط الغرفة من ثلاث جهات بينما بقي مدخلها مفتوحا على الفراغ.

إعلان

تقول لي زوجتي وهي تمسح ما بين رجليها: لقد علمت أنك لم تحبني .. لو فقط أحببتني بنصف الطريقة التي أحبك بها .. أو حتى بعشر ما أحببتها. أصمت .. يعاودني الثقل مرة أخرى .. يخضبني خدر من الحزن عليها .. وهي تتنزل من فوقي بكتلة جسمها الهائل وأنا أترفع حتى عن ضمها نصف ضمة .. فهي تفعل كل شيء في وردنا الصباحي نفسه وتقول لي مرارًا: لا أحسب يومًا من عمري إذا لم أمرر من روحك ورائحتك في ثنايا جسمي في الصبح.

وأنا أصغر اعتقدت أنني سأموت من الملل أو التدخين .. أو بعدها، لم أحسب أن زواجي سيضاف حتمًا إلى قائمة العوامل التي ستعجل بذلك. أحيانًا أشعر أن الوجود يصوغ مؤامرة ما على وجودي .. أنا راض. أيها الصائغ أفعل بي ما يتبدى لك وأنا راض.

أهرول مسرعًا لأرتدي أي شيء أجده أمامي .. أصفع وجهي بحذائي وأنتعله وأنزل. وأنا أفعل ذلك هذا اليوم كانت عشر سنوات قد مرت على موت اللون في العالم. اليوم لم يعد الكثير يتحدث عن هذا الموضوع. استيقظنا يومًا ما وإذ بكل اللون الذي في العالم قد انسحب وبقي الأصفر. أتطلع وأرى كل شيء مصبوغًا بالأصفر وتنويعاته. في البداية حدثت ثورات عارمة من الناس مطالبة بتفسير الأمر. البعض اقترح أن ذلك نتيجة حتمية للتغير المناخي.

كنا بلدة صغيرة يتوسطها نهر عظيم وريف أخضر واسع ومن أقصى طرفيها بقيت الجبال تطل بعزة على إنجاز أجدادنا وموروثهم الحضاري الكبير. أعتقدنا أن الرمال قد هبت علينا من الجبال ومما خلفها .. صحيح أن الترابية باتت اليوم تظلل الشوارع وتغبر صفاء النهر لكني ظننت دائمًا أن الأمر أكبر منا ومن حيزنا المحلي هنا .. ربما فيروس ما أصاب حدقات عيوننا أو أعطب مراكز الإبصار في أدمغتنا .. ربما شيء آخر .. لكنه بقي شيء ثقيل وغير مفهوم إلى أن تناساه الكل تباعًا وغاصوا في متابعة شئون حياتهم الاعتيادية التافهة.

هذا الصباح وأنا أمشي أجد أن الشوارع قد تفتقت عن المزيد من الروائح الكريهة والأغبرة الموحشة .. كل يوم أنا أصارع في معركة غير معلومة لكم. وبينما أحترق من داخلي يستمر العفن المنبعث من مواخير الأزقة في الانسراب إلى صدري متكفلًا بمعاودة نوبات التنفس لنصف قرن قادم.

كل يوم وأنا أقطع شوارعكم القذرة هذه لاعنًا كل شبر فيها .. لاعنًا نفسي التي سلبها العجز كل كرامة كانت تمتلكها .. وسلبها الهجر كل شغف كانت تتطلع إليه .. وتشربها الندم حتى الثمالة. أعتقد أنه لمن العدل أن تنطفئ ألوانكم كلها ويبقى لكم الأصفر. الأصفر هو ما يليق فعلًا بوجوهكم الكالحة وذممكم الخربة ونفوسكم الصدئة.

كل يوم وأنا ألهث في المشية كي لا أراكم .. لا أكرهكم .. كرهت نفسي .. كرهت أني لم أعد أشعر أني أكرهكم. أهلي وشعبي الذي أنا محصور بينه يفقدونني كل إحساس شعرت به يومًا.

يقطع وقوفي أمام كمساري العبارة كل تفكيري السابق. أقف عنده متسمرًا حتى أنتبه أني لم أنقده مالًا لأعبر. من فترة وأنا أعتقد أنه ميت .. فهو لا يفعل أي شيء. لا يمد يده ليلتقط العملة المعدنية حتى. عليك أن تقذفها على حجره وترحل في حركة واحدة.

أنزل الدرج .. أرمي العملة .. أصعد الدرج إلى العبارة الفجة. وهي فجة ليس لأنها متهالكة فحسب. لكنها تعتبر مزيجًا نادرًا من الفجاجة الصادرة عن تقيح عقلية الموظفين .. عبارة خشبية ضخمة من طابقين .. حديثة لكنها متهالكة .. بطراز شبه فرعوني لا يمت للفرعونية بصلة.

أجلس إلى طرفها الغربي وأرى مدى اتساع النهر حولي .. يحل ربانها العجوز الحبل ويبدأ بتدوير المحرك و توجيه العجلة. المشوار للبر الغربي في العادة لا يأخذ أكثر من ثلث ساعة في وسط النهر لكنها تمر كالدهر .. تجلس محشورا في ركن وتشعر أن العبارة ثابتة والنهر هو ما يدور .. أو أن كل شيء ثابت لكنك تصل مع ذلك.

أنا ببساطة أفتقد زرقة المياه .. افتقدت الأزرق بعمق.

ما إن أعبر حتى أستقل باص العمل المنتظر الذى يخب بسرعة الطرق الترابية جهة الجبل .. عدة دقائق وأصل. شهران آخران وأكون قد أتممت عشر سنوات في هذا المكان الكابوسي الذى يعج بالموظفين الفسدة والروائح العفنة والرؤية ساطعة الأصفرار. أنا هنا أشغل منصب المهندس المشرف. في البداية ظننت أن إشرافي سيكون على مشروعات ترميم المعابد والمقابر الأثرية القريبة. لكنهم قالوا لي إن ذلك لا يليق بك ومن ثم اقتصر إشرافي على عمال النظافة الفقراء من يقضون نصف يومهم في التسول من السياح القلائل الذين يأتون إلى هنا.

أذهب يوميًا للتوقيع في دفتر الحضور وسب العالم والانصراف بعد ساعة إلى عملى الآخر. خلال هذه الساعة أكون قد احتسيت القهوة مع آدم ونحن جالسون على سطح المكان .. تلحف الشمس أقفيتنا ويختلط دخان سجائرنا مع أغبرة الأجواء الملبدة باللعنة القديمة مكونا سحابة مقيمة من السخط ما تلبث أن تمر إلى حيز الزمن كله.

آدم من الصامتين .. لكنه مستمع جيد يجعلني أغرق معه في حكاياتى المملة: آدم سمعت أنهم نووا أن ينقلونا من هنا .. سأفتقد هذا الجحيم .. أحسب أن النقلة القادمة ستكون إلى مقبرة حقيقية .. هناك يمكننا أن نمارس عملنا بلا مواراة بينما يمكنهم دفننا وإهالة الرمال على وجوهنا دون أن تكترث أي مؤخرة موجودة في البلد كله. يختتم آدم حكاياتى بضحكة بائسة تعبيرًا عن التضامن مع حسي العدمى شبه الساخر. أحيانًا أشفق عليه .. لكن أنا لا أستحقك يا آدم .. لا أستحق حتى نصف ضحكتك البائسة المغلفة بالصمت الوجودي والأسى.

هذا اليوم أتى آدم متأخرًا عن ميعادنا اليومى على السطح .. جاء بوجه منهك مشرب بالعرق تضربه الحمرة والدموع. ما إن رآني حتى أشار بيده يتحسس كتفه الآخر من فوق إلى تحت وهو يميل برأسه إلى مفصل هذا الكتف ثم رفع سبابته اليمنى الى السماء راسمًا علامة التوحيد .. ففهمت أن أمه قد ماتت بعد صراع قصير مع سرطان الثدي.

أحتضن آدم بوجه متبلد وأهمس له بصرامة: سآتي معك لترتيب جنازة لائقة .. لا تخف لن أدعك وحدك أبدًا. توليت عنه إخبار أقاربه .. طلعنا إلى المقابر بعد الظهر .. أتممنا مراسم الدفن ثم ذهبنا إلى بيته القريب من الجبل واحتسينا القهوة هناك في انتظار قدوم أي معزين. تطلعت إلى وجهه المنحول .. بدا لي كمن فقد أمه ونصف وزنه في ساعة .. كانت دموعه تجري بلا رابط. تملكنى إحساس مهول بالشفقة عليه .. ولأول مرة منذ سنوات أجد نفسى متلبسًا بفرار نقطة دمع من عيني .. ثم غرقت في انتحاب مرير.

كان يمكن أن أبيت هذه الليلة عند آدم .. لكني فضلت العودة متأخرًا في الليل وأخذت ألهث جريًا في الشوارع -حيث تنعدم المواصلات في هذه الساعة- للحاق بآخر عبارة يمكنها أن تعبر بي إلى بيتي في الضفة الشرقية. إنك لا تريد المكوث مع رجل وحيد تمامًا في أول ليلة له بعد فقد أمه.

مرة أخرى ثلث ساعة في منتصف نيل أصفر منطفئ .. يقلب موجاته الضيقة بثبات ممل ما إن تلمح منها واحدة حتى تختفي كلها وهو يهزأ بإصرار من الخرابات المدينية المنشأة على ضفتيه كأنه يقول لمن صغى: إنك تعبر علي .. لكن أحدًا لن يعبر إلي. اذهبوا عنى يا ملاعين فلست أنا بأبيكم.

كانت العبارة تنقسم إلى دورين .. الدور الثانى منها يحوي غرفًا مغلقة بشبابيك مفتوحة إلى النهر. يقبع سلم خشبي ضيق في منتصف الغرف التي تنتشر على أطرافه كأحواض سجون.

كنت متعبًا للغاية لكنني فضلت مع ذلك الاختلاء وحدي في غرفة ما في الطابق الثاني. وفي الدرجة قبل الأخيرة من السلم وضعت قدمي اليسرى على فراغ فاختل توازني لأسقط متكورًا وأهوي بوجهي على الأرض التي شقت شفتاي إلى نصفين بالطول لينهمر منهما دم كثيف. لم يلحظ أي أحد على متن العبارة ما جرى لي وكتمت صوتي عن الصراخ.. صوت ارتطامي كان مدويًا لكن أحدًا غيري لم يسمعه. عزمت على الصعود مرة أخرى وأنا أمسح جرحي بطرف قميصى وأكاد أعض على أسنانى من شدة الألم.

لامس الدم مسام لساني .. لا بأس به إطلاقًا، لو كنت تحب مذاق الحديد أو كان لديك اشتياق لوجودى لطعم غبار النجوم المنطفئة.

أجلس منزويًا وحدي مستندًا برأسي المترنحة إلى قائم الأريكة التي أمامى. وأغيب للحظات حتى تمتد إلي يد مجهولة بطرف منديل أبيض وتمسح برقة على مكان الإصابة وهي تربت على ظهري برفق باليد الأخرى.

“أنا مت من داخلي لأجلك .. أشعلت حريقًا داخلي لأجلك .. أطعم اللهب وأطهني فيه باللمسة”

وددت لو أنني لا أرفع رأسي أبدًا حتى لا أراك. وددت لو أختفي .. لو أحترق أو أضمحل حتى لا أراك .. ووددت أن أراك بكل خلية وبكل ذرة إدراك أمتلكها .. مرة أخيرة فقط. أنت ويدك وعيونك وشفتاي الممزقة وأغنيتنا المفضلة.

اثنتا عشر سنة مرت حتى رأيتك. خط الشيب شعري وأصفرت الرؤية في عيني وبللت المرارة حلقي وانشقت شفتاي بالطول وفارقتني روحي وأحتكم في الوهن .. حتى رأيتك.

قبل ذلك ظللت ألتمس ريح وجهك في كل الوجوه وتمنيت أن أذوق طيب جلدك في كل النساء وفتشت عنك كابن ضل عني ولم يرجع.

اليوم أراك وقد ترقق جسدك وراحت التماعة عينيك وكلل التعب روحك فيما لم تزل تحملي من الغواية إلى نفسي بأكثر مما حملت كل بنات الدنيا.

تتبسم إلي بوجه مرهق .. كانت ترتدي ما ارتدته في آخر مرة رأيتها فيها .. قميصًا أبيضًا مفتوحًا حتى أول صدرها وتنورة سوداء قصيرة بينما أرخت جدول شعرها الأسود كسحابة ليلية ممدودة إلى نصف ظهرها.

أقول لها: افتقدتك .. إن مبلغ كل العلم في الدنيا لا يحد قدر افتقادي إليك.

تعتذر إلي بوجهها البريء وهي لا تزال تربت على كتفي وتقول: إنك لا تريد أن تعلم ماذا حدث لي في غيابك.

وبينما نحن على ذلك إذ بصراخ الناس من تحتنا يتصاعد كأنهم يشيعون قصتنا بالموسيقى التي تستحقها تمامًا .. صراخ .. بكاء .. عويل .. نفسي حزينة إلى المنتهى ولا تريد أن تتعزى.

ومع فوضى الاندفاع على الدرج إلى فوق .. كان اعتقادي بأن طفلا غرق قد بدأ يخبو. نظرت من الشباك إلى المياه وكانت قد علت فعلًا بحيث غمرت نصف الطابق الأول وصعدت بثقة مع الناس بحثًا عنا.

طوال السنين السابقة لطالما اعتقدت أن هذه العبارة البائسة سوف تغرق بمن عليها يومًا ما .. كأنها كانت مصممة لذلك. فقط لم أعلم الوقت ولا الساعة .. حتى جاءت الليلة.

تمنيت أن أحملها على ذراعي ونهرب سويًا .. أن أخفيها عن التواجد هنا وأنقذها من الكارثة .. لكنني لم أقو حتى على التحرك من مكاني.

اليوم يا نيل .. اليوم نأتيك وتأتينا. اليوم نعبر فيك إلى البر الغربي الحقيقي. عبور واحد أخير إلى الضفة السرية الأخرى.

نظرت إليها لآخر مرة .. كان كل شيء قد بدأ في التلون من جديد. أتطلع لأول مرة منذ سنوات لحلكة الليل وللون البشرة والتماعة أضواء المصابيح وللبنايات الناعسة على البر وهي تطل ساخرة على المشهد النيلي.

أتطلع للون شفتيك الوردي .. لحدقة عينك العسلية .. لرسم أصابعك ولبياض وجنتيك ولتثني ركبتيك في الجلوس.

أتنزل على ركبتيها أضمهما وأدفن رأسي على براح حجرها وهي تحتضننى بكلتا يديها، مميلة رأسها علي وبشعرها تخبأني في ملجأ وأنا أقول لها: كنت ميتًا تمامًا من دونك يا حبيبتى . أنثر الورد على شط النيل .. فاليوم يوم أحيا.

تلامسني دموعها كمطر يروينى ولم يزل الدم الساخن ينهمر من شفتاي وينسرب في خطوط متعرجة على رجلها حتى أحسست أن المياه الباردة قد وصلت إلي وهي تبكي بحرقة وتقول هلَّا صفحت عني .. هلَّا صفحت عني يا حبيبي؟

أسامحك ألف مرة .. وأحبك في ألف عمر وأتبعك إلى عمق البحر وحتى تنطفئ النجوم .. وإلى أن ينشق القمر.

قد يعجبك أيضًا: الذهب الأصفر والذهب الأسود.. قصة قصيرة

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: مينا هاني

تدقيق لغوي: عمر العجيمي

الصورة: pixabay

اترك تعليقا