الأكوان المتعددة وقوانين الكون العميقة

مسيرة الأكوان المتعددة ونماذجها الفيزيائية المختلفة

ماذا لو كان هناك نُسخ أخرى منك، الكثير من النسخ التي تشبهك بأكوانٍ أخرى غير كوننا هذا! قد يكون هذا السؤال مرّ في الكثير من مقالات وفيديوهات شرح نظرية الأكوان المتعددة ، وهو سؤال مثير جدًا وجذّاب بشكل كبير، ولكن هل هذه هي الطريقة الصحيحة لفهم النظرية؟

يتطوّر العلم بشكلٍ أفقي وليس عموديًا، فالأمر ليس بالوصول فجأة إلى ثورة (وجدتها) لنظرية علمية تتمم النظريات السابقة عن طريق عالِم عبقري واحد يجزم الامر؛ خاصة فيما يتعلّق الآن بمسألة النظريّة الموحّدة أو النهائية، والتي يطمح العلماء للوصول لها عن طريق دمج كل قوى الطبيعة (الجاذبية والمغناطيسية والنووية القوية والضعيفة) في معادلة واحدة بسيطة؛ الأمر يتمثّل بالعديد من المحاولات لصياغة هذه النظرية أو للاقتراب من نموذج صحيح لها، لذلك حين نحاول تعلّمها فنحن بصدد تعلّم العديد من النماذج الرياضية المختلفة.

تنتشر النظريات العلمية بشكلٍ واسع عن طريق برامج العلوم المبسّطة للعامّة، كما تحظى أفلام وروايات الخيال العلمي بمكانة مميّزة عند الناس، ولكن تظهر مشكلة حينما لا يتم التفريق بين ما هو عِلم وبين ما هو خيال أو فلسفة أو حتى علم زائف.

سنقدّم في هذا المقال نبذة موسّعة عن نظرية الأكوان المتعددة مع إيراد بعض المعادلات الرياضية التي تقوم عليها باختصار، ليكون هناك رؤية علمية أوضح حول النظرية.

فما هي الأكوان المتعددة ؟ وما الفرق بينها وبين الأكوان الموازية؟ وهل بالفعل أنت لك نُسخ مشابهة في أكوان أخرى تعيش حيوات مختلفة؟ وما هي النماذج الرياضيّة المختلفة التي تم طرحها، وكيف نستطيع تحويلها لأفكار حول الواقع؟ وهل تُثبت نظرية الأكوان المتعددة أن كوننا جاء بالصدفة؟

إعلان

تمهيد

بدأت رحلة البشرية باستكشاف الأرض ومحاولة تحديد مساحتها، فظهر بعدها أن الأرض مجرّد كوكب برفقة كواكب أخرى في مجموعتنا الشمسية، فكان من يعتقد حينها أن الكون يقتصر على المجموعة الشمسية، وبعدها اكتشفنا أن المجموعة الشمسية مجرّد نقطة وسط مجرّة درب التبانة التي تحتوي على مئة مليار نجم؛ فأصبح يُعتقد أن الكون يقتصر فقط على مجرّة درب التبّانة.

وبعد ملاحظات العالِم إدوين هابل تم اكتشاف مجرّات أخرى وخصوصًا بعد إطلاق تلسكوب هابل للفضاء، الذي استطعنا من خلاله استكشاف المجرّات الأخرى، وتمكّنا من اكتشاف ما هو أكبر من العناقيد المجرّية؛ وهي العناقيد الفائقة، وتجتمع جميع العناقيد المجرّية لكي تشكّل النسيج الكوني.

النسيج الكوني

هذا النسيج الكوني معروف حاليًا بالكون المرئي، ويعتبر آخر ما تم اكتشافه، ولكن هل يمكن تسمية الكون المرئي بالكون؟ ربما هناك ما هو أعظم منه وأجهزتنا الحاليّة لم تستطع رصد ذلك.

ما هو مفهوم الكون؟

الكون هو كلّ شيء موجود وكل ما يشكّل الحاضر والماضي والمستقبل، لكن هل هناك كون آخر غير هذا؟ وهل من الممكن إيجاد أكوان أخرى؟

لو نظرنا في الفروع الكبرى من الفيزياء، مثل فيزياء النسبية العامة وميكانيكا الكم، والنظريات الحديثة مثل الأوتار الفائقة والجاذبية الهولوجرافية وغيرها؛ كلها تُشير إلى أنه توجد أكوان أخرى.

هناك من يظن أنها أكوان متعددة، بأن يمكن أن تكون في نفس الكون الذي نعيش فيه لكن فقط بأبعاد إضافية، عوضًا عن أربعة أبعاد هناك ربما ١١ بُعد في الكون، وهذا ما خلصت إليه نظرية M، أو أكوان موازية على شكل طبقات واحدة بجانب الأخرى، وهنا نقطة مهمّة وهي أن الأكوان الموازية حالة خاصّة من الأكوان المتعددة وهناك من يعتقد أنه في المجال الذرّي أكوان أخرى.

الرياضيات كانت أهم وسيلة استخدمتها البشرية منذ عصور لاستكشاف الكون منذ الحضارة البابلية، فبفضلها اكتشفنا توسّع الكون قبل ملاحظته، وبفضلها تمكّنا من اكتشاف الكواركات قبل اختبارها، وكذلك الثقوب السوداء، حتى بدأ العلماء يقولون بأننا لا نخترع الرياضيات بل هي لغة مكتوبة داخل سطور الكون ونحن فقط نقرأ ما بين السطور، فالرياضيات الموجودة داخل القوانين الفيزيائية الحديثة بدأت مؤخرًا بالإشارة لوجود أكوان متعددة.

كيف بدأت مسيرة الأكوان المتعددة؟ وما هي أهم النظريات التي مهّدت لها؟

قبل عصر التنوير، كان من يحكم العلوم هم الفلاسفة الذين يقدّمون وجهة نظر لا غير، بدعوى أن الفلسفة هي أم العلوم، ولكن كيف للفلسفة المبنيّة على الانتقادات وإعطاء وجهة نظر أن تكون أمًّا للعلوم ونحن نعلم أن العلوم مبنية على الملاحظة، الفرضية، ثم التجربة.

قبل ظهور نظرية الانفجار العظيم، كان رأي الفلاسفة الماديين من بينهم كارل ماركس، الذي يصرّح في (الجدلية المادّية) أن الكون أزليّ، يعني ليست له بداية ولا نهاية. وبعدما اكتشف أينشتاين أن معادلاته في النسبية العامّة تشير إلى توسّع الكون أو تقلّصه ولكنه لم يتقبلها؛ لأنه كان مؤمنًا بفكرة أن الكون ثابت ولا يتغير.

 

معادلة آينشتاين

ولكن بعد ملاحظة إدوين هابل سنة ١٩٢٥ أن المجرّات تتباعد عن بعضها البعض، حينها قرر آينشتاين العودة لنظريته حول توسع الكون التي أثبتها بالرياضيات.

ومن هنا بدأت تتراجع الفكرة الفلسفية حول أزلية الكون وبدأ العلماء يعتقدون أن الكون له بداية، لأنه إذا كان الكون يتوسع فهناك نقطة حيث بدأ كل هذا التوسع.

نظرية التضخّم

بقي الانتظار إلى حدود ١٩٧٩، لكي ينشر الفيزيائي آلان غوث مقالة تشير إلى ولادة نظرية جديدة مبنية على النسبية العامّة، هذه النظرية كانت بدايتها مجرّد محاولة لتحديد الجسيمات الأولى التي تشكّلت في الكون، فاكتشفت هذه النظرية أنه خلال زمن بلانك (١٠أس -٤٤ من الثانية) من المفردة، والمفردة هي لحظة بداية الكون؛ أن الزمكان خاض لحظة توسّع رهيبة وهي سبب توسّع الكون، وسمّيت هذه اللحظة بالتضخّم، وهي التي أعطت للنظرية اسم نظرية التضخّم، وتلك اللحظة توضّح لماذا سمّي الانفجار العظيم بهذا الاسم.

وحصل آلان غوث حسب المعادلات وبعد تمثيلها، على بطاقة تعريفية للكون خلال زمن بلانك وكان لها هذا الشكل.

 

حقبة بلانك

خلال حقبة زمن بلانك تشكّلت جسيمات مثل الكواركات والكواركات المضادة والغليون، ولكي يتحقق العلماء من صحّة هذه النظرية أرسلوا تلسكوب COBE سنة ١٩٨١، وتلسكوب WMAP سنة ٢٠٠١، قامت هذه التلسكوبات بتحديد الأشعّة الموجودة في الفراغ والتي صدرت خلال حقبة بلانك، يعني زمن التضخّم، فحصلوا على نفس النتائج النظرية وبالتالي تم اثبات النظرية بالملاحظة المباشرة.

وحاليًا ظهرت العديد من المقالات العلمية حول نظرية التضخم، وفي هذا الصدد تم اطلاق سنة ٢٠٠٩ تلسكوب بلانك الذي قدّم العديد من الدلائل حول صحة نظرية التضخّم، وبالتالي فإن نظرية التضّخم التي تشير بأنّ للكون بداية صحيحة ١٠٠% وهذه البداية تسمّى حاليًا بالانفجار العظيم.

نظرية التضخّم الأبدي

وأخيرًا انتصرت الرياضيات على الفلسفة الماديّة، وأصبح من أهم المناهج العلمية بناء نظرية باستخدام الرياضيات يتم بعدها اختبارها تجريبيًا أو اختبارها باستخدام نظريات أخرى مثبتة.

لم يستسلم الفلاسفة الماديين؛ حيث بدأوا بطرح فرضيات على أنّ الكون ليس له بداية من الانفجار العظيم، فقط نتاج من اصطدام أكوان أخرى وكل كون هو نتاج من اصطدام كونين آخرين، وهو ما يشكّل انفجارًا عظيمًا.

ولكي يتحقّق العلماء من قول الفلاسفة الماديين، تمكّن كل من أليكس فلنكين وأندري لين من نشر مقالة سنة ١٩٨٣ عن التضخم الأبدي، وهو محاولة من العالِمين أليكس وأندري من اكتشاف أسرار ما وراء التضخّم والانفجار العظيم، فأشارت نظرية التضخم الأبدي إلى وجود انفجارات عظيمة أخرى خارج كوننا تحدث في كل لحظة، ولكن لم يتقبّل العلماء فكرة وجود أكوان أخرى لأنها لم تختبر بعد هذه النظرية.

نظرية إيفرت

نعلم أنّه في ميكانيكا الكم أنّ أي جسيم قَد يكون في العديد من الحالات في نفس الوقت، يعني لو كنت في المجال الكمّي فيمكن أن أكون نائمًا في المنزل وأدرس في المدرسة في نفس الوقت، وهذا هو المبدأ نفسه الذي اختبره شرودنجر بتجربة ذهنية تسمّى (قطة شرودنجر)، والتي يمكن أن تكون حيّة وميّتة في نفس الوقت، فلتفسير هذه التجربة الذهنية لظواهر تحدُث في المجال الصغير جدًا؛ ظهرت نظرية تسمّى بنظرية إيفرت، أو نظرية الحالات النسبية أو نظرية العوالم المتعددة، والتي تُشير إلى أنّه قبل فتح الصندوق يكون القط ميّت وحي في نفس الوقت، هذا يعني أنّ العوالم المتعددة المتفرّعة تشابكت في تلك اللحظة، ولكن بعد فتح الصندوق ستشاهد القطّة إمّا حيّة أو ميّتة، هذا يعني أنّه انتهت فترة التشابك الكوني بين العوالِم.

وهناك العديد من الحِجج العلميّة لنظرية إيفرت مثل التشابك الكمومي والتراكب الكمي وغيرها من الظواهر التجريبية الأخرى التي تحدُث في المجال الصغير جدًا.

نظريات أخرى تشير إلى تعدد الأكوان

التضخّم الأبدي ونظرية إيفرت يشيران فعليًا لأكوان متعددة، وهما نظريتان منبثقتان من أهم أسس الفيزياء، من نظرية التضخّم والنسبيّة العامّة وميكانيكا الكمّ، ومؤخرًا ظهرت نظريات جديدة مثل نظرية الأوتار الفائقة، نظيرة راندال ساندارم، نظرية m، نظرية f، نظرية البراونات، نظرية الكون الغشائي، الجاذبية الهولوجرافية وغيرها.

كلها تشير إلى أنّه توجد أبعاد اضافية وأكوان موازية وعوالم متعددة. هذه النظريات لم تأتِ بالصدفة، وإنما كانت محاولات لحل أهم المسائل في الفيزياء، مثل سبب ضعف الجاذبية ومحاولة لتوحيد القوى الأربعة في الطبيعة، ومسألة الكتلة وبوزون هيجز وطاقة الفراغ والزمن.

هذه النظريات اجتمعت على فكرة واحدة وهي أننا نعيش في كون فيه ثلاثُ أبعادٍ مكانية بالإضافة للبعد الزمني؛ ولو شاهدنا المجال الصغير جدًا الأصغر من الكوانتم سنجد أبعادًا اضافية تتمثل في عشر أبعاد في نظرية الأوتار الفائقة، ولو شاهدنا كوننا من الخارج سنجد بعدًا خامس وهو بعد جاذبي، يعني أنه لا مكانيّ ولا زماني، لأنه يحتوي على جسيمات الجاذبية وهذا البعد الجاذبي يسمّى بالBulk، وهذا البولج حسب نظرية راندال ساندارم يوجد كون آخر موازٍ لكوننا، وحسب الجاذبية الهولوجرافية تمكّنا من تحديد هندسة البعد الجاذبي بل وتمكّنا من اضافة أبعاد أخرى.

 

 

بعد جاذبي

ماذا عن أشباهك في الأكوان الأخرى؟

ربما جعلتكم تدورون في دوامة، لكن هذا ما وصلت له الفيزياء، والغريب هو أن هذه النظريات لا تُشير إلى أن كوننا أو باقي الأكوان ليست لها بداية كما يقول الفلاسفة المادّيون، لكن كل هذه النظرية تشير إلى أن كل شيء له بداية حتى الأكوان الأخرى، وهذا ما جاءت به نظرية التضخّم الأبدي.

وسيلة التواصل بين هذه الأكوان هي الجاذبية حسب نظرية راندال ساندارم، ولا توجد أي نظرية فيزيائية برهنت رياضيًا على أنه في كون موازٍ آخر شبيهك الذي يُمكن أن يكون ملكًا، هذه فقط إما محاولات لتقريب وشرح الفكرة، أو أنها خيال علمي مبني على النظرية.

العلم مبنيٌّ على نشر المقالات بالمعادلات أو الملاحظة والتجارب، وليس آراء وفلسفة وخيال، حتى أنّ فكرة أنّه لولا أكوان موازية أخرى لما وجد كوننا فهي فكرة خاطئة؛ لأنه وحسب نظرية الأكوان الموازية فإنّ لكل كون قوانينه الخاصة به، وكل كون له بدايته الخاصة ونهايته.

هل جاء كوننا بالصدفة؟

بعدما ترسّخت فكرة الأكوان المتعددة، تم ربطها بفكرة تشكّل الحياة بكوننا عن طريق الصدفة، بتبرير أن الاحتمالات تتيح لنا أكوان لانهائية بمواصفات مختلفة كل مرة، فلن يكون من الصعب إذن وجود حياة بأحد تلك الأكوان، لكن لأي مدى هذه الفكرة صحيحة؟

 

معادلة الأنتروبي

“الأنتروبي” مقياس فيزيائي لقياس تدفّق الطاقة، فكلما زادت الأنتروبي كلما زادت العشوائية وبالتالي الصُدف، ولكن عند الانفجار العظيم كانت نسبة الأنتروبي قليلة جدًا بل حتى أقرب من الصفر، هذا يعني أنه لا توجد أي امكانية لحدوث الصدفة في بداية الانفجار العظيم.

اكتشف العلماء هذه المعادلة التي تدرس الأنتروبي الخاصّة بالكون، والتي تُبطِل تلقائيًا أن الكون خُلِق من صدفة، وهي نفسها المعادلة التي تم استعمالها لبناء نظريات أخرى فيزيائية مثل الجاذبية الهولوجرافية.

انتروبي الكون تُشير إلى أن كوننا كان منتظمًا منذ البداية أكثر مما عليه الآن، بل حتّى أن كميّة المعلومات خلال (مفردة) يعني عند الانفجار العظيم، كانت كبيرة جدًا، فلا وجود للصدفة عند تشكيل كوننا بين العديد من الأكوان الأخرى، هذا فقط هو رأي الفلاسفة الماديين الذين يزعمون أن الحياة في هذا الكون صدفة من العديد من الاحتمالات لأكوان موازية أخرى، لكن نعلم أن الصدفة مضروب في الصدفة مضروب في الصدفة ..الخ لم يعد صدفة، وسأشرح هذه النقطة.

 

العديد من الصدف = قانون

نحن نعيش على الأرض، والتي فيها نسبة ٧٥% من الماء، فلماذا لم تمج علينا كل هذه البحار من كل جانب ربما ستقول بأن القمر وبفضل جاذبيته جعل البحار مستقّرة بواسطة المد والجزر، ولماذا يوجد القمر على هذه المسافة من الأرض حتى يؤثر على البحار، ولماذا الأرض على مسافة من الشمس لو اقتربت قليلًا لاحترقت، ولو ابتعدت لتجمدت، ولماذا هناك حقل مغناطيسي حول الأرض يحمي الأرض من الأشعة الحارقة الصادرة من الشمس.

مجموعتنا الشمسية توجد في منطقة داخل مجرّة درب التبانة، بحيث ليست في منطقة أي ثقب أسود، بل حتى أقرب ثقب أسود بعيد عن الأرض ٢٤ ألف سنة ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال السنة، وسرعة الضوء هي أقصى سرعة)، مسافة خيالية! بل حتى لماذا لم تتعرض مجرّة درب التبّانة بما أنها قديمة جدًا للاصطدام مع أي مجرّة أخرى منذ زمن، ولماذا مجرة أندروميدا الأقرب من مجرتنا لم تصطدم معها .

وإذا كان كوننا ضمن أكوان موازية أخرى فأين نحن من هذه الصدفة؟ كيف يمكن أن نقارن عقلنا الصغير مع هذه الأبعاد، بالفعل لن يتحمّل، نفكّر ونتأمل ونبحث ولكن لا نستطيع الدعوة بأن كل شيء جاء من الصدفة.

لماذا نطلق تسمية “أكوان”؟

حتى الآن تم الإثبات علميًا أنه ليس بمقدور أي نظرية فيزيائية الرجوع خلف الانفجار العظيم، بل حتى أن أكبر نظريات علم الكون وهي نظرية التضخم، تقف عاجزة عن الرجوع خلف زمن بلانك.

 

لا يمكن الرجوع وراء الانفجار العظيم

اذا كانت كل هذه النظريات أشارت إلى أشياء عظيمة، فلماذا نسمّيها بالأكوان، لماذا لا نختار لها اسم مثل المجرّات أو العناقيد المجريّة، لماذا هي بالضبط “أكوان”؟ هذا السؤال يجعلك تفهم ماهيّة الأكوان المتعددة أو الموازية، فالأكوان تم الكشف عنها في النظريات لا يمكن الوصول إليها اطلاقَا، ولو سرت بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فلن تصل لها.

هذه الأكوان الأخرى لها فضاءات خاصة بها أو زمكان خاص بكل منها، ولكي تسافر إلى هذه الأكوان عليك اختراق غشاء الزمكان في عالمنا، لكي ترى البعد الخامس، وهذا مستحيل، لذلك نسمّيها بالأكوان لأنها لا تنتمي لنفس نظامنا الكوني، بل حتى أن المعادلات أشارت إلى أنه توجد داخل كل كون قوانين فيزيائية مختلفة عن كوننا.

معادلات الأكوان الموازية

لكي نتكلّم عن معادلات الأكوان الموازية، سأستعرض تلخيص مع معادلات بشكل مختصر.

الفعل في الزمكان يعبّر عنه بالجملة الرياضية التالية

((I= ∫ d^4x(L_matter+f(R

بحيث أنL_matter خاص بطاقة المادّة،  ويمثل جميع جسيمات نظرية الحقول الكمومية.

و  تمثّلf(R) جميع أنواع الجاذبية بصفات عامّة

وهذا الترميزd^4x يمثّل وحدة الحساب التفاضلي في الأربعة أبعاد الخاصّة في الزمكان

وهذا ∫ هو تكامل كل الأجزاء السابقة.

والنتيجة أنه لو قمنا باشتقاق الفعل، سنحصل على معادلة الحركة، مثل معادلة أينشتاين في النسبية العامّة R_μν-1/2 g_μν R=8πG/c^4 T_μν ، ومعادلة شرودنجر في ميكانيكا الكم Hψ=Eψ  ، ومعادلة نيوتن في ميكانيكا نيوتن F ⃗=ma ⃗. معادلة الحركة تتغير من نظرية  إلى أخرى، ولكن هدفها تحديد تطوّر الظاهرة الفيزيائية.

في حال استعصى علينا إيجاد حل الظاهرة الفيزيائية، نعود للفعل السابق ونقوم بتغيير بسيط وهو إضافة بُعد على هذا الشكل.

I=∫d^5 x(L_matter+f(R))
I=∫d^6 x(L_matter+f(R))
I=∫d^7 x(L_matter+f(R))

وبالضبط سيزداد جزء في هذا الفعل، وعند اشتقاق هذا الفعل سنحصل على معادلات الحركة، ولكن هذه المرّة في خمسة أبعاد، وبعدها نقوم بدراسة الظاهرة، إن تم حلّ المشكلة سنقول بأننا أنتجنا نظرية فيزيائية في خمسة أبعاد، وإن لم تُحلّ المشكلة سيكون علينا إضافة أبعاد أخرى حتى تُحلّ المسألة الفيزيائية.

فحتّى نظرية الأوتار الفائقة هي محاول للفيزيائيين لحل مسألة توحيد الجاذبية مع قوى الطبيعة الأخرى (القوة النووية الضعيفة والقوة النووية القوية، والقوة الكهرومغناطيسية) وكانت النتيجة هي أنّه لتوحيد قوى الطبيعة الأربعة علينا إضافة ٦ أبعاد أخرى وبالتالي سنُصبح نعيش في ١٠ أبعاد. وجاءت نظرية m لكي توحّد نظرية الخمسة للأوتار الفائقة وأضافت بعدًا سادسًا، وحلت المشكلة، وحين تسمع أنه تم إضافة بعد آخر فاعلم انه هناك وجود عوالم أخرى لا نراها نحن، بل حتى أن نظرية m تنبأت بوجود الغشاءات، وهو أوراق كونية تستطيع ان تشكل داخلها كل كون.

والغريب لماذا يتم حل المسائل الأخرى بإضافة أبعاد جديدة، هذا يعني أننا لا نرى الحقيقة بالملاحظة، فهناك أشياء خفيّة وعظيمة ولا زلنا نجهلها.

من المهم التذكّر أننا يجب أن نبقى على اطلاع على مجريات العلم وأخذه من مصادره المدعّمة بالرياضيات، وعدم أخذ الفلسفات أو الخيال المبني على العلم كأنها حقائق مطلقة لا جدال فيها، وبذات الوقت علينا أن لا ننجرف وراء تيارات تراشق اتهامات التكفير والإلحاد والطعن في المصداقية العلمية بدون دليل، بالنهاية العِلم يبقى موضوعيًّا لا يحابي آراء أحد، معتمدًا على البناء الرياضي الصحيح والتجربة. نقرأ الكثير من الأفكار والفلسفات المبنية على العلم، سواء من علماء أم كتّاب ومفكّرين، لكنّها آراء غير ملزِمة حتّى يكون عليها دليل علمي يُجمِع عليه المجتمع العلمي.

اقرأ أيضًا: من مصباح أديسون إلى قطة شرودنجر

المصادر والمراجع الأخرى:
نظرية التضخم
 https://cds.cern.ch/record/548965/files/0204294.pdf 
https://web.stanford.edu/~alinde/1984.pdf
https://www.lsw.uni-heidelberg.de/users/mcamenzi/Day_6_Cosmo_Inflation_SS09.pdf
نظرية التضخم الأبدي 
https://arxiv.org/pdf/astro-ph/0002156.pdf 
https://arxiv.org/pdf/hep-th/0702178.pdf
نظرية إم ونظرية الأوثار
http://www.nucleares.unam.mx/~alberto/apuntes/bbs.pdfhttps://arxiv.org/pdf/hep-th/9811019.pdf
الجادبية الهولوغرافية
https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/JHEP03%282014%29070.pdfhttps://arxiv.org/pdf/1110.5249.pdfhttps://arxiv.org/pdf/hep-th/0212292.pdf
أنتروبي الكون الهولوغرافية العامة ب د بعد
https://arxiv.org/pdf/1603.05713.pdfhttps://journals.aps.org/prl/pdf/10.1103/PhysRevLett.120.201602https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/JHEP08(2015)031.pdfhttps://uwspace.uwaterloo.ca/bitstream/handle/10012/13551/Hennigar_Robie.pdf?sequence=3

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: مصطفى بوسدر

تدقيق لغوي: ندى ناصر

تدقيق علمي: دعاء أبو عصبة

تحرير/تنسيق: دعاء أبو عصبة

الصورة: مصطفى بوسدر

اترك تعليقا