وداعًا للكيلو جرام القديم
علماءُ الفيزياء يضعون تعريفًا جديدًا للكيلوجرام
اجتمع العلماءُ من أكثر من ستّين بلدًا في المؤتمرِ العام السّادس والعشرين للأوزان والمقاييس في فرساي، فرنسا، وصوّتوا بالإجماع على تعريف جديد للكيلو جرام القياسي، استنادًا إلى الثوابت الماديّة الأساسية بدلًا من تلك القطعة المحفوظة منذ أكثر من مئة عامٍ في قبو فرنسي.
سيدخل التغيير حيّزَ النفاذ في 20 أيار/مايو 2019، وعندما يحدث ذلك فإنّه يعني أنّ جميع وحداتنا القياسيّة تعرّف الآن باستخدام الثوابت الفيزيائية، بدلًا من الأجسام المادية.
والكيلو جرام هو واحدٌ من سبعِ وحدات أساسيّة في النّظام الدوليّ للوحدات، وهو يحدّد جميع القياسات الأخرى.
-الوحدات الأساسيّة الست الأخرى هي المتر، والثانية، والمول، والأمبير، والكلفن، والقنديلة.- وبالرّغمِ من أنّ الكثير من الناس يغفلون عن أهميّة تلك الوحدات، إلّا أنّ هذه الوحدات السّبعة تدعم كلّ شيء في الكون؛ إنها تضمنُ الاستقرارَ في التّصنيع والتّجارة والابتكار العلميّ، وأكثر من ذلك.
أسطوانةٌ لامعة في قبو سري
منذ عام 1879 عُرِّف الكيلو جرام رسميَّا باستخدام أسطوانة من البلاتين إيريديوم تسمى Le Grand K أو النموذج الدوليّ الأوليّ للكيلو جرام، واحتُفِظ به تحت ثلاثة قوارير متداخلة من الزجاجِ في قبو يتم التحكمّ في درجةِ حرارته أسفلَ المكتب الدوليّ للأوزان والمعايير في مدينة سفرس الفرنسيّة، يُطلَق على تلك الأسطوانة المعدنيّة اللامعة المصنوعة من سبيكة البلاتين وإيريديوم اسم Le Grande k أو Big k، وبالتّالي فإنّه لو تخيّلنا أنّ ذلك النموذج قد تعرّض للخدش أو نقص وزنُه قليلًا فإنّ قيمة الكيلو جرام القياسيّ ستنقص بدورها، وبالطّبع ذلك سيؤثر على مقاييس أخرى للوزن، مثل الباوند والأوقية؛ والّتي تمّ تعريفها اعتمادًا على نموذج الكيلو جرام القياسي.
وطوال 139 سنة الماضية وزّعت عدّة نسخ من الكيلو جرام القياسي في جميع أنحاء العالم، لكي يتمكّن عددٌ أكبر من الناس من معايرة الأوزان والتدابير، ولكن ولأنّ هنالك تناقضات بين “لو غراند K” ونسخها المنتشرة حول العالم فقد خشي الكثيرُ من العلماء من أنّه إذا كان تعريفنا الرسميّ للكيلو جرام قد تعرّض للتغير على الرّغم من التّدابير الصارمة للحفاظ على تلك الأوزان المرجعيّة في مأمنٍ من عوادي الزمن، ولكي نقطع الشك باليقين فإنّ الكيلو جرام القياسي”Le Grand k”ونسخه العديدة ستحال إلى الاستيداع بدءًا من مايو القادم حيث يتمّ تعريف الكيلوغرام الرّسمي بواسطة ثابت بلانك، ذلك الثابت الفيزيائي الشّهير والّذي يصف حجم أصغر حزمة ممكنة من الطاقة، ولأن ثابت بلانك ذو مقدار ضئيل بشكل لا يصدق يُقاس بجهاز متخصص يسمى توازن كيبل.
كيف يُقاس وزن شيءٍ ما؟
حسب الطريقة التقليدية، عادةً يُستخدَم الميزان حيث توضع كتله معروفة في كفّة واحد والجسم المراد قياس كتلته في الكفّة الأخرى. وبفضل قوّة الجاذبية يمكنك معرفه مقدار وزن هذا الجسم بالنسبة للكتلة المعروفة.
أمّا بالنّسبة للطريقة الحديثة في قياس الوزن باستخدام توازن كيبل فيتمّ الاستغناء عن إحدى الكفتين ويُستخدم بدلًا منها ملف في حقل مغناطيسيّ، وبدلًا من استخدام قوّة الجاذبيّة لتحقيق التوازن بين الكتلة فإنّنا نستخدم القوّة الكهرومغناطيسية، ومن خلال مقارنة الكتلة بهذه القوة الكهرومغناطيسية، يمكن للعلماء إجراء قياسات صارمة لثابت بلانك. مع الطريقة الجديدة، يمكن للعلماء الآن قياس الكيلو جرام بهامش خطأ يبلغ جزء من مئة مليون ما يعادل تقريبًا ربع وزن رمش العين. لكن تبقى هناك مشكلة بسيطة تتمثّل في التكلفة الباهظة والتكنولوجيا المتطوّرة المتعلّقة بجهاز توازن كيبل، فهو لا يتوفر سوى في اثنين فقط من معامل الفيزياء حول العالم ، ولكن الأمل يظلّ بأنّنا في نهاية المطاف سوف نتمكّن من أن نزن أي شيء بدقّةٍ دون الاضطرار إلى أن نطير إلى فرنسا للمقارنة مع “Le Grand K”.
في النّهاية نترككم مع هذا الفيديو الممتع: