مثالية الوالدين من شأنها أن تخلق طفلًا مهووسًا بالكمال – ترجمات
النقاط الرئيسة في المقال:
- مستويات الكمال غير الصّحي تنتقل من الوالدين إلى الطفل.
- ينشأ السعي نحو الكمال من عوامل مختلفة بما في ذلك العوامل الجينية، والطِّباع الشخصية، والعلاقات الاجتماعية.
- إن السعي نحو الكمال من شأنه أن يفضي، في كثير من الأحيان، إلى الأذى النفسي عوضًا عن أن يكون ذا نفع.
في دراسة جديدة نُشرت في مجلة “ Research in Personality” “البحث في الشخصية” تم تفسير كيفية انتقال المستويات غير الصحية للسعي نحو الكمال من الآباء إلى الأبناء.
بعد وقت طويل من البحث، وبمشاركة عدد من المتعاونين، والعمل الحثيث للباحثين اللذين يقودان العمل على هذا البحث مارتن م. سميث من جامعة بريتيش كولومبيا، وسيمون شيري من جامعة دالهوزي.
استقر الباحثون على فكرة السعي للكمال وارتباطها بالأبوة والأمومة، وذلك بعد إجراء العديد من الدراسات السابقة والتي تفترض أن السعي وراء الكمال من شأنه أن يسبب الأذى النفسي أكثر ممّا قد يجلبه من النفع.
“من خلال عملي كطبيبة نفسية قد شهدت العديد من الشباب الذين يتم دفعهم وانتقادهم عن طريق أمهات وآباء متطلبين إلى درجة قد تصل بهؤلاء الشباب إلى مرحلة المرض النفسي” ،على حد تعبير شيري، ” في الحقيقة إن البيئة المنزلية التي تتسم بانتقاد الوالدين وأوامرهم هي بيئة حاضنة للهوس بالكمال إلى حد المرض بالنسبة للأطفال”.
وما يميز السعي للكمال، وفق رأي الباحثين، ثلاث نقاط أساسية:
- المثالية المتمحورة حول الذات أو المثالية الذاتية، وهي الميل لبلوغ الكمال الذاتي.
- المثالية المتمحورة حول الغير، أو الميل لطلب الكمال من الآخرين.
- المثالية المفروضة اجتماعيًّا، أو الميل للاعتقاد بأن الآخرين يطالبونك بأن تكون مثاليًّا.
يوضح سميث “كشفت النتائج التي توصلنا إليها عن أن الأشخاص الذين لديهم آباء أو أمهات يشجعونهم دون كَلٍ أو ملل على تقديم الأفضل، ويرفعون معاييرهم باستمرار، فإنهم غالبًا ما يتصفون -بشكل أكبر- بالمثالية الذاتية، والمثالية المتمحورة حول الآخرين، والمثالية المفروضة اجتماعيّا.”
وجد الباحثون أن الانتقاد الموجه من الوالدين إلى الأطفال، والذي يعدُّ أسلوب تعامل انتقادي وعقابي في حال لم يحسن الأطفال التصرف كما يجب، أو قد يكون في شكل ردة فعل سلبية للوالدين عند ارتكاب الأطفال لخطأ ما، وإن ذلك يدفع الأطفال لتبني مستويات أعلى من المثالية المفروضة اجتماعيًا. في حين أن توقعات الوالدين، والتي تعكس معايير الأهل الشاهقة واللاوقعية، غالبًا ما تدفع الأطفال نحو مستويات أعلى من المثالية الذاتية، والمثالية المتمحورة حول الآخر، والمثالية المفروضة مجتمعيًّا.
“لقد وجدنا أنّ الآباء والأمهات المتطلبين، والذين يبالغون بالانتقاد يربُّون أطفالًا ينشدون الكمال”، على حد تعبير شيري، “تحديدًا الوالدان المفرطان بالانتقاد، والمتطلبان، واللذان يفرضان سُلطتهم لدرجة التّحكم بأطفالهم، فإنهما يربيان أطفالًا متطلبين، ويتسمون بالنقد الذاتي، والسعي نحو الكمال، أطفالًا يؤرقهم شعورٌ باقترافهم الخيبات في حق الآخرين.”
وفقًا للباحثين فإن السعي نحو الكمال هو نتيجة لعدد لا يحصى من العوامل المختلفة. عوامل بيولوجية تشمل العوامل الجينية والطِّباع. وكذلك علاقات الشخص مع عائلته، وأصدقائه، كما أن العديد من العلاقات الاجتماعية الأخرى من شأنها أن تؤثر أيضًا. بالإضافة إلى أنه لا يمكننا أن نغض الطرف عن الضغوطات الاجتماعية والثقافية في سبيل بلوغ الكمال.
ومما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا أن الباحثين لاحظوا تأثير هذه العوامل على بعضها البعض.
“لتنشئ شخصًا ينشد الكمال، فإن الأمر يحتاج إلى قرية بأكملها!” كما أشارت شيري.
“أنت بحاجة إلى والدين، وأشقاء، وزملاء، وثقافة (مثل: وسائل الإعلام الاجتماعية والشعبية)، وأماكن عمل، ومدارس، وجيران.. كل أولئك يلعبون دورًا في خلق شخصية إنسانٍ ساعٍ نحو الكمال والمثالية، بالإضافة إلى دور الجينات في ذلك.”
يقترح الباحثون بعض النصائح للوالدين الذين يدفعون –غير متعمِّدين- أبناءهم نحو المثالية والكمال:
- حاول أن توصل لطفلك فكرة أنك تقدِّره لذاته، لا بناءً على ما يفعله وما يقوم به.
- جاهد لتكون أقل تحكُّمًا، وانتقادًا، ولا تبالغ في حمايتك لطفلك.
- علِّم أطفالك التسامح، والتّعلم من أخطائهم.
- أخيرًا، ركِّز على العمل الجاد، والالتزام بدلًا من التركيز على فكرة بلوغ الكمال.