الفن والصدمة: من الغرابة إلى السخرية

الفن: هذه كلمة لا يوجد لها تعريف(1)

كان هذا ما كتبه الكاتب والصحفي الأمريكي «امبروز بيرس – Ambrose Bierce» في كتابه المسمّى “قاموس الشيطان” (The Devil’s Dictionary) وهو قاموسٌ ساخر، حين حاول أن يقدِّم للقارئ تعريفًا للفن، فَمِن خلاله نحن لا نكتشف فحسب الطبيعة العجيبة للفن أحيانًا التي لا يمكن تقييدها بمجرّد تعريفٍ ميكانيكيٍّ؛ بل عالمه المفتوح اللا نهائي الذي يقبل بكلِّ شيءٍ جديدٍ ومُبتَكر.

يقوم الفنّ بدفع المتلقِّي قويًا نحو انفعالاتٍ ومشاعر جامحة، فيأتي مرة حاملًا نفسه بهدوء ليريح أعصابه، ومراتٍ أخرى ليمرّر إليه شعلةً من الجمال وهو يتأمَّل موضوعاته. غير أنَّه في البعض من الأعمال يشحنُ كلّ الفضاء بالمزيد من القلق واليأس، ويصدم متلقِّيه عبر صورٍ مباشرةٍ أو إيحاءاتٍ تهكُّميّة تبعثُ على الضحك، لكن هذا لا يعني بتاتًا أنَّه يستبعد إثارة الفكر والحسِّ النقديّ.

وإذا وجدنا الشيطان يرمز إلى السخرية والفجور فعند الفنِّ شياطينه الكثيرة أيضًا، ولأجل ذلك سنلاحظ في بعض النماذج التي حفرنا فيها إلى حدٍّ ما، واخترناها بشكل عشوائيّ لا يهدف إلى أيّ نظامٍ أو تسلسلٍ: هذا النوع من الدعابة والسخرية التي تختلط بالواقعيَّة الرثَّة من أوّل فنان قوطيّ شهد اِحتضار القرون الوسطى واِنبعاث عصر النهضة، إلى فنانين طليعيين ومعاصرين، لنعود مجددًا إلى عصر النهضة.

موسيقى المؤخرة

يُعرَف الفنَّان الهولنديّ هيرونيموس بوش برسوماته الغرائبيَّة الباعثة على الرعب، وقد يراها البعض سرياليَّة سابقة لأوانها. فهي تغرق في الرمزيَّة لدرجة أرغمت البعض على إحالة مصدرها إلى افتراضٍ يفيد بانضمامه لطائفة سريَّة أو هرطقة، أو استعماله المواد المخدِّرة واستلهام فنِّه من الهلاوس والأعراض الناتجة عنها. (2)

وبإمكاننا بعيدًا عن هذه المزاعم إسناد أعماله إلى رؤية تأمليّة وفكر إصلاحي يقوم بحشو عمله بدلالاتٍ أخلاقيَّة، عبر استعمال أشكالٍ عجائبيَّة يتخيَّلها أو يدمج بعض الأشكال الحيوانيَّة والأسطوريَّة التي عُرِفت في وقته، لا سيَّما استلهامه من الفن الجروتسكي (Grotesque) الذي انتشر في القرون الوسطى وهو أسلوب تزينيي يجمع بين النباتات والكائنات الأسطوريَّة أو الحيوانات.

إعلان

ويشير «كارل لينفرت – Carl Linfert» مؤلّف كتاب “Bosch” بأنَّ هذا الأخير لم ينتسب إلى أي هرطقة، أضف إلى ذلك أنَّه لم يكن متشدّدًا أو متمسّكًا بمظاهر العبادة السائدة في عصره. ويعدِّه -مثل جميع المختصين والنقاد- فناناً “مجدِّدًا” و “استثنائيًا” تجاوز التقاليد الفنيَّة السائدة في عصره والإطار النظريّ للقرون الوسطى فسَبَق وقته، يكتب ما يلي: “من خلال أعماله يمكن بوضوح معرفة كم كان غريبًا بالنسبة لزمنه ومكانه”. (3)

وعبر تميُّزه وعبقريته، يأتي عمله الفنيّ المُدهش “حديقة المسرّات الأرضيّة” (The Garden Of Earthly Delights). وهي لوحة ثلاثيَّة (Triptych) تصوِّر الجنة والجحيم مقسَّمة إلى ثلاثة أجزاء، وتشتمل حسبما يصرِّح كتاب كارل لينفرت السابق ذكره على ألغاز وأحاجٍ كثيرة لم تُحلّ جميعها إلى يومنا هذا. (4)

 

The Garden of Earthly Delights (1503 – 1515)

 

وتحتوي هذه اللوحة على مخلوقاتٍ بشريَّة و غير بشريَّة، فيها عددٌ من مظاهر الاحتفال والنعيم واللّذة، هذه الصور المبهجة التي يراها مؤرّخ الفن ومفسِّر بوش «ويلهم فرينجر – Wilhelm Fraenger» على أنَّ الموت والفناء يقبع فيها رغم كل صور الشهوات والسعادة مثلما تُرى ظاهريًا. (5)

 

تفاصيل من اللوحة

 

ونستطيع في جزئها الذي على اليمين رؤية جحيم بوش الذي تخيَّله، مكتشفين آلاتٍ موسيقيَّة مختلفة. وتذهب بعض التأويلات إلى أنَّ هذه المعازف تشير إلى الموسيقى الماجنة أو الشيطانية مع تأويلاتٍ نسبيَّة أخرى ترتبط بحالة من التفسُّخ المجتمعي والكهنوتي.

 

 

تفاصيل من اللوحة
ورغم النزعة التشاؤمية الملتصقة بفنه القوطي والانفعالات التي يخلقها في نفس المشاهد عبرَ صورٍ مرعبة تبعث على الهلع، إلَّا أنَّ الباروديا لا تنفصل عن ما ينتجه. فنستطيع على سبيل المثال أن نلمح في الجزء السابق ذكره وبشكل ساخر ومحيَّر مؤخِّرة شخص مكتوب عليها “نوتات موسيقيَّة” وإلى جانبه كتاب على صفحاته نفس لغة الموسيقي.
 
 
تفاصيل من اللوحة

 

ونتيجة للشكل السابق قامت الطالبة «إيميليا هيمريك –  Amelia Hamrick» من جامعة أوكلاهوما بقراءة النوتات وتحويلها إلى موسيقى المؤخرة، أو كما وُصِفت “أغنية المؤخرة ذات 600 سنة القادمة من الجحيم”. (6). ولم يعرف المختصون حقيقة أي مقطوعة اعتمد عليها هيرونيموس بوش في هذه المؤخرة، وإذا ما كانت معروفة أساسًا، أو من اختراعه، أم هي في الأصل تجسِّد موسيقى شيطانيّة ما.

غير أنَّ تلك القراءة لم تنل قبول البعض لتندفع انتقادات حولها مثلما كتب كاتبُ مقالات يدعى”إيان بيتيواي” بحثًا من ثلاثة أجزاء؛ يحاول مثلما هو مرجَّح أكثر إثبات أنَّ موسيقى بوش لا يمكن قراءتها على الإطلاق، وكل محاولة لأجل إنجاز هذه المهمة ستكلَّل بالفشل مثل محاولة الطالبة وغيرها، ولقد قدَّم أدلَّة من شأنها أن تقنع القرَّاء والباحثين باستحالة المحاولة. ويستنتج أيضاً أنَّ موسيقى بوش تحيل إلى العجز عن عزفها فهي وكما يذكر قد عوقبت بالصمت الأبدي. (7)

 

تفاصيل من اللوحة

وهذه المؤخرة ليست الوحيدة في لوحة بوش، فنحن نرى أيضاً وعلى نحو هزلي مؤخرة الزهرة -إذا جاز تسميتها هكذا- وهي واحدة من المؤخرات التي نبتت فيها زهرتين وهناك واحدة ثانية تخرج منها طيور سوداء مع أخرى غيرها.

تفاصيل من اللوحة

 

ولا تقتصر لمسات الرعب والغرابة عند هيرونيموس بوش على هذه اللوحة فحسب، وإنَّما تحيط بظلالها على الكثير من أعماله الذي كرَّس نفسه لأجلها، وذلك ما يجعله مع الفنان بيتر بروجل الذي تأثَّر به من أكثر الفنانين الهولندين استثنائيةً في عصره.

صفعة العذراء

يتميَّر الفن الحديث بإحداث الدهشة في الأعمال الفنيَّة عبر نزعته الساخرة والنقديَّة، والمبهمة أحيانًا التي تقلب التقاليد الفنيَّة الكلاسيكيَّة رأسًا على عقب، بالرغم من مبالغات الفن المعاصر غير المسبوقة التي تتجاوزه.

ومن خلال الفنان الطليعي الألماني ماكس إرنست يمكننا مشاهدة لوحة ساخرة تحرِّضنا على التأمُّل عبر لوحته التي أتتنا بعنوان نختصره بـ “السيدة العذراء تضرب المسيح الطفل أمام ثلاثة شهود” The Virgin) Spanking The Christ Child Before The Three Witnesses)

 

The Virgin Spanking The Christ Child Before Three Witnesses: Andre Breton, Paul Eluard, and The Painter (1926)

 

ومثلما نعلم فإنَّ الإنجيل نقل إلينا سيرة السيد المسيح والأحداث المهمة فقط التي يمكن أن تفيد الجماعة المسيحيَّة في فهم الإيمان والعمل به. وبذلك فنحن لا نعرف الكثير عن طفولته، رغم بعض المحاولات التي نقرأها في الأناجيل المنحولة التي تنقل له صور وقصص طفولته كما تزعم.

لكننا مع لوحة ماكس إرنست باستطاعتنا التعرُّف على المسيح من زاوية أخرى لم نعتدها، فلا أحد ربما تخيَّل المسيح وهو طفلٌ صغير، وفي حدثٍ محرجٍ مع السيدة العذراء وهي تقوم بضربه أو تأنيبه أو تغيير ملابسه. فلو ذُكِرت في الواقع مثل هذه السلوكات والمظاهر سيُظهِر هذا المسيح في منظر بشريٍّ حقيقيٍّ أكثر منه إلهي رغم ناسوته.

 

 

في هذه اللوحة التي تم اعتبارها في تلك السنوات تجديفًا على الرب، ننظر إلى المسيح كطفلٍ عارٍ يبلغ من العمر تقريبًا خمس سنوات – تبعًا لما يخمِّنه البعض ويمكن أن يكون أقل بكثير- وهو على حجر العذراء، حيث تقوم هذه الأخيرة بصفعه على قفاه الذي أصبح متورِّدًا بسبب الضرب، ربما لسببٍ اقترفه، ويد العذراء إلى الأعلى أما الأخرى فتحمله، ويظهر أنَّ هناك ثلاثة أشخاص يختلسون النظر في هذا الموقف وهم الفنان نفسه مع أندري بريتون وبول ايلوار وهم رفقائه في الفن. (8)

ربما تبدي اللوحة مثلما نلاحظ جانبا قويًا وجامحًا لم نره كثيرًا في الإنجيل من شخصية العذراء، فهي ليست والدة الإله فقط لأنَّها أنجبته وخضعت لمصيرها ومصيره؛ وإنَّما هي كذلك المرأة التي قامت بتربيته مثل أيِّ أمٍّ عادية مع أبنائها فهي هنا لها سلطة على المسيح الإله بملابسها الحمراء والزرقاء التي ترمز إلى القداسة عكسه هو المجرًد من ملابسه.

لقد صوَّرت اللوحةُ المسيحَ بناسوته بشكل واقعيّ وكطفل مشاكس مثل غيره من الأطفال، في منظرٍ طبيعيٍّ يجعل المسيح إنسانًا أكثر من إله على عكس ما وصل إلينا عبر الأيقونات المسيحيَّة والجداريات التي صوَّرته في منظرِ جلالٍ وغموض بطفولته. إنَّ هذا العمل في النهاية مميَّز ومثير للصدمة على نحو مَرح، يتفوَّق ربما على لوحة “هانز هولباين الابن” الذي يصوِّر فيها المسيح بعد موته بالجسد بشكل مأساوي ومفرط في الواقعيَّة، فهو ينتصر لمريم العذراء والدة الرب الذي يجعلها مركز الصورة لا المسيح.

بَوْل المسيح

بوسعنا الافتراض بعدم وجود رجلٍ أو إلهٍ سُخِر منه كالسيد المسيح. والسخرية في بعض الأحيان -لا سيّما عندما يتعلَّق ذلك بالفن- لا تدل على الازدراء أو الإلحاد وإنَّما هي بابٌ آخر قد فُتِح لرؤيةٍ متجدَّدة لموضوعات الفن التاريخيَّة والدينيَّة والاجتماعيَّة، ومع ذلك فقد ظلَّت هذه الديانة صامدة لقرون عديدة.

في عمل أثار امتعاض الكثير نجد الفنان الأمريكي أندري سيرانو يقدِّم في سنة 1987 صورة فوتوغرافيَّة عنونها بـ “بول المسيح” (Piss Christ) وذلك بعد أن غمسها في بوله. وقد لقي هذا العمل انتقاداتٍ وهجومًا كبير من النقاد والجمهور.

 

 

Christ Piss (1987)

 

وحصلت احتجاجاتٌ سار فيها ألف شخص من المسيحيين الذين عارضوا وجودها في أحد المعارض بفرنسا، من بينهم شخصية سياسية بارزة من اليمين. وهذه الواقعة لم تنتهِ هنا؛ لأنَّ جماعةً من الشباب المسيحيين الغاضبين اقتحموا المعرض في “أحد الشعانين” بينما أخفى واحد منهم د مطرقة حملها معه متعمِّدًا إلحاق الضرر بالعمل الفني، فاستطاعوا تدميره جزئيًا رغم تصدّي الحراس لهم. ولقد وقعت ردودٌ مشابهةٌ لذلك في بلدان أخرى. ولقد تحدَّث تاجر أعمال فنيَّة بفرنسا عن آلاف الايميلات التي وصلته تنتقد صورة سيرانو، ووصف وقتها تلك الأجواء بأنَّها “عودة للقرون الوسطى”. (9)

الصورة الفوتوغرافية بعد محاولة تدميرها

 

ويتحدَّث الفنان صاحب العمل بعد عدّة سنوات مع صحيفة “الغارديان” (The Gardian) حول عدم وجود رغبةٍ في أن تكون صورته مفهومة توحي بأمرٍ ما أو تصل إلى أمر معيَّن فهو يقول: “عندما كنت أنجزُ عملي “بول المسيح” لم أكن أحاول تحقيق أي فكرة”. ويستمر قائلًا “أودّ أن أقول ولو كان ذلك متأخرًا أنَّ بول المسيح يعبِّر عن عملي ليس فقط كفنان ولكن كمسيحي”. (10)
لكنه قد صرَّح من جهة أخرى أنَّ هذا العمل يُمثِّل الصوت الذي ينتقد استغلال الدين، والعبث به لأجل مصالح البعض وبدافع المصلحة التي تهدف إلى الربح. (11)

ولدى سيرانو أعمال دينيَّة أخرى مثل “صليب الدم” (Blood Cross) ويناقش مشكلةً تتعلّق بهذا الرمز هي أشبه بمفارقة فيقول: “المميز في موضوع الصليب نفسه؛ هو أننا نعامله على أنَّه إكسسوار للزينة. فأنت لا تصاب بالفزع عندما تراه، مع أنَّ ما يجسده هو عملية صلب رجل”. (12)

Blood Cross (1985)

 

ويهاجم أندري سيرانو، جيسيي هيلمس وهو عضوٌ بارزٌ في مجلس الشيوخ الأمريكيّ قائلًا: “إنني لا أعرف السيد أندريه سيرانو، وأتمنى أن لا ألتقي به أبدًا. لأنه ليس فنانًا، وإنَّما شخصٌ أبله”. (13)

إنَّ عمل سيرانو السابق ليس الوحيد من نوعه، فقد أنتج عملًا يماثله يدعى بـ “بول الآلهة” (Piss Deities) بعد أن تلاعب  الطريقة نفسها بصور البابا وإبليس. (14)
تقول الناقدة “لوسي ليبارد” وهي تصف العمل الأوَّل بالجميل والمتقن، وأنَّه ليس بالشيء الجديد لأنَّه يملك جذورًا لما تعوَّدت الكنيسة الكاثوليكيَّة على فعله من تكديس للدماء والعظام، فسوائل الجسد في الثقافة المسيحيَّة تعبِّر عن الألم والخلاص. (15)

لقد سبق للفنان نفسه انجاز أعمال أخرى مفاجئة ومختلفة لكنها مُحمَّلة بنفس عنصر المفاجأة والدهشة، غير أنَّ صورته تلك تحرِّك النفوس الساخطة بجنون مع أخذ عنوانها المحرج في عين الاعتبار.

شارب الموناليزا

يشتهر الفنَّان الفرنسي مارسيل دوشامب بعمله الشهير “المبوَّلة أو النافورة” وبقية أعماله الجاهزة (ready made) التي تثير جدالاتٍ واسعةً لم تتوقَّف بعد. فهي أعمال لم يقم مارسيل دوشامب بصنعها، أو إجراء تعديلات وتحريفات عليها باستثناء توقيعه الذي ينسبها إليه كفنان وعرضها داخل معرض، وبذلك فهي تصبح أعمالًا فنيَّةً حتى لو كانت قد وجدت بفعلِ السطو، وذلك بمجرد التوقيع عليها وإقحامها داخل المتاحف والمعارض.

 

 

Fountain (1917)

 

وبوصفه فنانًا دادائيًا يجسِّد الفن المضاد الذي يتمرَّد على الأعراف الفنيَّة ويسخر من المجتمع البرجوازي ويستفزه، قام مارسيل دوشامب بتنفيذ عملٍ فني بارز مستعينًا بأشهر لوحة في تاريخ الفن هي الموناليزا. هذه الصورة التي تمثل حالةً جامدةً وباذخةً من تاريخ الفن والنقد وجماليات قصوى مع إفراطٍ رومانسي في الثناء عليها بشكل ملائمٍ لتقديس الأساطير والمقدَّسات.

ولم يكتفي مارسيل دوشامب هذه المرة بعرضها كما هي بالضبط؛ بل قام بتحريفها وجعلها بملامحَ ساخرة عبر رسم شاربٍ على وجهها ولحيةٍ على ذقنها. وقد عنون هذه اللوحة بـ “L. H. O. O. Q” وهي تشير إلى عبارة (she’s got a hot ass) -إنَّها تملك مؤخرة مثيرة-. (16)

 

 

فمارسيل دوشامب هنا لم يسخر من الموناليزا بل من النخبة وواقع الفن الذي يقدِّم نفسه في شكل مثاليّ يبعث على الجمال والفخر والتقدُّم ويجسِّد المثل العليا ناهيك عن سخريته بتناسقه وتناغمه الشكليّ والفكريّ الذي يدعِّيه.

ويكتب الفيلسوف الفرنسي “مارك جيمينز” عن الدادائيَّة بشكلٍ عام ومارسيل دو شامب بشكلٍ خاصّ: “إنَّ اقتحام شيء صناعيّ أو فنيّ مجال الفن، سواء تم توقيعه وتعديله أم لم يتم، لا يشوِّش الإدراك الجمالي المألوف فقط، و إنَّما يقطع صلته بنسق التمثَّل الفني الذي نشأ منذ قرون عدّة في الغرب والمساس بهذا النسق قد يعرّض التعريف التقليدي للفن لإعادة النظر”. (17)
ومع أنَّ العديد من المختصين مثل علماء الجمال ونقاد وفلاسفة الفن لا يعتبرون أشياء مارسيل دوشامب الجاهزة فنًا، إلا أنَّه مهما أنفقوا من وقتٍ على دراساتهم وأبحاثهم لحلّ إشكالية ماهيّة الفن أو متى يمكن أن نقول عن عملٍ فنيٍّ أنه فن، فسوف تبقى محاولات مارسيل دوشامب الفنيَّة وباقي اتجاهات الفن الطليعية مع المعاصرة التي أحدثت خلخلةً ببناءه تُعتبَر مهمة ليس في إنتاجات الفنّ فحسب بل في الإطار النظري والفلسفي له.

جِماع مع الأخطبوط

عندما ننتقل إلى الفنان الياباني كاتسوشيكا هوكوساي الذي يُعرَف أكثر بلوحته “الموجة العظيمة” (The Great Wave) التي حققت نجاحًا تاريخيًا، سوف تدهشنا لوحته الغريبة “حلم زوجة الصياد” (The Dream of The Fisherman”s Wife) ونحن نشاهد موقفًا جنسيًا مفاجئًا بين زوج من الأخطبوط أحدهما ضخم والآخر صغير مع امرأة تبدو مستسلمة للنشوة.

The Dreams of The Fisherman’s Wife (1814)

 

ويجب علينا الأخذ بعين الاعتبار أنَّ عنوان هذه اللوحة لم يأتِ من الفنان نفسه بل هو عنوانٌ إضافيٌّ لها، وأما العنوان الياباني الأصلي فهو “الأخطبوط وصائدة اللؤلؤ” (Octopus and Shell Diver).

وقد عرفت اليابان تقليدًا قديمًا جدًّا يمتدُّ إلى مئات السنين وفيه نعثر على فتيات ونساء كن يغصن أو يبحثن عن اللؤلؤ في البحر وبقية الكائنات البحرية والأشياء الثمينة وقد عُرفن بلقب “آما” (sea woman) الذي يعني “سيدة البحر” أو “ابنة البحر”. كما استمر هذا التقليد حتى وقت قريب من عصرنا فوصلتنا عدة صورٍ لهن فكنَّ أحيانًا عراة أو يرتدينَ أزياءً مخصصةً لهذه المهمة. (18)

وبذلك فالعنوان الأصلي وما يشابهه بعيدًا عن الشائع كما يكتب عنه واحدٌ من المتلقِّين للفن: هو الأنسب، والسبب حسب اعتقاده هو وجود ارتباطاتٍ تاريخيَّة وسياقيَّة أيضًا تجعل من المرأة بمنظر قوَّة وفي وضع استقلالي بسبب عملها في الغوص بحثًا عن المحار واللؤلؤ وهو الأمر الذي كانت تفعله بعض النساء اليابانيات كما ذكرنا سابقًا. على عكس العنوان الأوَّل الذي يجعلها مجرد زوجة صياد وحيدة تنتظره وتتخيَّله ربما على الهيئة التي رأيناها في الصورة. (19) والحقيقة أنَّ هذا التأويل الانطباعي بِغَضّ النظر عن نقائصه فيه جانبًا من الصواب.

لقد فسَّر الناقد الفرنسي “إدموند دي غونكور” اللوحة على نحوٍ مجازي حين ظنَّ أنَّها تصوّر أهوال ومتعة الموت. (20) وحصل في وقتٍ من الأوقات سوء فهم عندما اعتبِر محتواها على أنَّه تصويرٌ لحادثة اغتصاب (21) غير أنَّ العمل مبني على أحد الحكايات في الميثولوجيا اليابانيَّة وهي عن أميرة تصيد اللؤلؤ تدعى”تاماتوري” تساعد زوجها في مهمةٍ مستحيلةٍ لأجل استرجاع لؤلؤة سرقها من عائلته التنين “ريوجين” إله البحر، لتغوص نحو قصره في أعماق البحر وتسرقها، ويحدث أن يتم ملاحقتها من قبل أتباع الإله من حيوانات مثل الأخطبوط. ورغم اقترابها من النجاح إلا أنَّها تفقد حياتها قبل الوصول إلى سطح البحر. (22)

أما “النص الياباني” الذي كتبه هوكوساي على اللوحة والذي يمثِّل مفتاحًا جديدًا لحلِّ ألغازها؛ فنُقِل أخيرًا إلى الإنجليزيَّة بفضل ترجمة جيمس هيتون وتويوشيما ميزوهو خلال التسعينيات، وإليكم بعض المقتطفات -مِن الوسيط الإنجليزي- التي هي جزء من حوار أبطاله هم الأخطبوط الضخم والصغير، مع المرأة التي لُقِّبت بالفتاة البتول، وهو حوار محرج أفرط في الشبقيَّة وكان مباشرًا جدًّا بين شخصيات العمل.

يقول الأخطبوط الضخم: “في هذا اليوم العظيم أمنيتي قد تحققت في النهاية. أخيرًا أنتِ في متناولي. مهبلكِ ناضج وممتلئ، كم هو رائع وأفضل من البقية، حتى أمص وأمص وأمص المزيد. وعندما نكمل كل هذا ببراعة سوف أقودك إلى قصر التنين إله البحر وأحميك”. (23)

وترد المرأة المستمتعة قائلة: “أيَّها الأخطبوط البغيض، أنت تجعلني عندما تمص فتحة مهبلي ألهث… نعم هناك، مع هذه المجسات، المجسات، عميقاً…” (24)

وتكمل المرأة كلماتها التي تصبح مجرد تأوَّهات بذيئة غارقة في النشوة. وأمام الرد الثاني للأخطبوط الكبير بإمكاننا بسهولة أن نكتشف وعيه بنفسه وقوته الجنسيَّة في هذه القصة الصغيرة من العمل فحيوان الأخطبوط يحيل في الثقافات الشعبيًَة والأساطير إلى الشهوة والجنس، كما أنَّ مجساته القضيبية -إن جاز لنا التشبيه- لا تعوّض فحسب عضو الرجل الغائب بل تتعداه لكثرتها وكبر حجمها في اللوحة، ولهذا نجده يسألها في النص التالي:

“كيف تشعرين مع كل هذه الأذرع الثمانية وهي ملتفة حولك؟ هل يعجبك هذا؟ آه انظري لقد انتفخ عضوك وتبلَّل بمياه الشهوة الدافئة”. (25) ويتواصل الحوار بين الشخصيات بنفس الجرأة حيث يصعب تقبُّله لدى البعض.

لا شك أنَّ هذا العمل الذي تأثَّر به عدة فنانين غربيين من أمثال النحات أوغوست رودان والرسام فيليسيان روبس مع بيكاسو وغيرهم ليس بعيدًا عن الهينتاي كما رجّح الخبراء. والهنتاي هو بورنوغرافيا يابانيَّة قد تمتاز بالعنف والغرابة كمواقفٍ أو شخصيات متنوعة ومنحرفة فتشمل أحيانًا حتى الحيوانات والكائنات الأسطورية. لن نستغرب حين نعلم بوجود فيلم ياباني قصير تم إنتاجه سنة 2017 عنوانه “حلم الفتاة صائدة اللؤلؤ” (The Dream of The Girl Diver) يستلهم موضوعه من لوحة هوكوساي.

ويسير العمل في نفس الاتجاه كما هو واضح إلى المحاكاة البورنوغرافيَّة الساخرة (باروديا) لتلك الحكاية الخرافيَّة. (26) ومهما يكن من ذلك فاللوحة تسبّب حيرةً وإرباكًا عند تفسيرها ومحاولة فهمها. ناهيك عن أنَّها ليست اللوحة الوحيدة التي تصوّر فيها النساء مع الأخطبوط على نحو إيروتيكي بل يوجد فنانون غير هوكوساي فعلوا ذلك. (27)

 

Tamatori Being Pursued Bya Dragon (Kuniyoshi Utagawa 19th)

 

ونستطيع العثور عن طريقِ إجراءِ بحثٍ صغير فقط على لوحة للفنان “كونيوشي أوتاغاوا” مع أخرى بعنوان مشابه للأولى وهي عن امرأة تغوص بحثاً عن اللؤلؤ وتصارعُ أخطبوطًا في البحر ما يجعلها تتوافق أكثر مع التاريخ النسوي حول البحث عن اللؤلؤ وعمل هوكوساي أيضًا حتى مع غياب عنصر الإباحية.

Woman Shell Diver and Octupos (Kuniyoshi Utagawa 19th)

 

ويصنَّف عمل هوكوساي ضمن رسومات “الشونجا” (Shunja) اليابانية الإيروتيكيَّة التي برع فنانون لامعون في رسمها بجرأة مثل “كيتاغاوا أوتامارو” وكونيسادا أوتاغاوا”. وتحتمل اللوحة -رغم وضوح معالمها في النهاية- عدَّة تأويلات وقراءات منفتحة يمكن قبولها معًا، غير أنَّ عنصر المفاجأة حاضر فيها دومًا.

أعمال فنيَّة أخرى

نحن نلمح في الفن المعاصر وفنون ما بعد الحداثة بمختلف اتجاهاتهم وحركاتهم، من فن مفاهيميّ (Conceptual Art)، فن الحدث (Happening Art) الدادائية الجديدة (Neo Dada) والفن الجماهيري (Pop Art) والفن البيئي (Environmental Art) وغيرها، حالةٌ من الجنون الابتكاريّ الذي جعل الفن عند العديد من الأشخاص يبدو بمنظرٍ غريبٍ جدًّا في بعض الأحيان بل يعيش اغتراباً مع نفسه، ويبتعد ربما عن الحياة اليوميَّة مع أنَّه يعتمد على وسائطَ ماديةٍ نستعملها دائمًا من أغراض منزلية ونفايات وأسلاك وآلات كهربائيَّة أو من الطبيعة وفي وسط الطبيعة.

يمكننا رؤية العمل الفني “كلوكا” (cloca) لويم ديلفوي وهي آلة تقوم بتقليد الجهاز الهضمي للانسان، ويحتوي هذا العمل على عناصر صناعية تقوم بعملية الهضم بعد ملأها بما يستلزم حدوث العملية، وبهذا فهي تستطيع إخراج الفضلات حيث قُدِّر البراز التي تصدره بـ 1500 أورو. (28)

(2000) Cloca

 

وسنلاحظ أيضًا سخرية العمل الفني الخاص هذه المرة بـ كارل أندريه المعنون بـ “تساوي 8” (Equivalent VIII) وهو عبارة عن شكلٍ من الطوب لا غير. والذي أثار بذلك استياء العديد من النقاد، وجعل أستاذ الأدب الإنجليزي كريستوفر باتلر يتساءل: “هل هذا فنٌّ حقًّا؟ أم مجرد كومة من الطوب تتظاهر بكونها فناً؟” (29)

(1966) Equivalent VIII

أما مع الفنان جيف كونز فبوسعنا ملاحظة عمله الفنيّ الكبير إلى حدّ ما الذي عنونه باسم عجينة معروفة ملوّنة شائعة بين الأطفال “play Doh”.

Play Doh (2014)
 

وهناك عمل آخر له يدعى “الفقمة الفظ: سلة المهملات” (seal walrus: trashcans) (30) ويُعرَف هذا الأخير بتنوُّع أعماله وابتكاراته لا سيّما تلك التي تحمل نزعة طفوليَّة وروحاً من الدعابة والتسلية مثل العديد من الفنانين، كما يبدو ومن أعمالٍ أخرى له متأثرًا بمارسيل دوشامب.

 

Seal Walrus: Trashcans (2003)

 

وسوف نشاهد أيضًا لوحة لفنان تعبيري ألماني الأصل هو لوسيان فرويد حفيد المحلِّل النفساني سيغموند فرويد، المعنونة بـ “مشرفة الاستحقاقات نائمة” (Benefits Supervisor Sleeping) أو مثلما تُعرَف بـ “بيج سو” (Big Sue) حيث عدَّت كأغلى لوحة لفنان لا يزال على قيد الحياة في أيام حياته قبل أن يفارقها، وهي لوحة عري لسيدة تدعى سو تيلي (Sue Tilley).

The Benefits Supervisor sleeping (1999)

 

تُعتَبر اللوحة فريدة من نوعها؛ فهي لا تخضع للمعايير الجماليَّة التي اعتدنا عليها في فنِّ العري الذي يصوِّر أجسادا رشيقة أو متوسطة الحجم في حالة من الأبهة والأناقة. كما أنَّها ليست الصورة الوحيدة للسيدة سو أو العمل الوحيد من هذا النوع للفنان لوسيان فرويد فهو في الواقع رسام اختصَّ برسم العري.

(1999) 2 Benefits Supervisor Sleeping

  

ورجوعًا إلى عصر النهضة سنصادف لوحة بورتريه مجهولة النسب تعود إلى سنة 1470 من ألمانيا، تدعى “بورتريه لامرأة من عائلة هوفر” (Portrait of a Woman of The Hofer Family) تصوِّر فيها امرأة متوسِّطة العمر من الطبقة الراقية. وتبدو اللوحة جميلة ومليئة بالتفاصيل، غير أنَّ ما يجعلها استثنائيَّة هو ذبابة رسمها الفنان بالقرب من رأس السيدة جاعلة من عمله مسلّياً ومضحكاً، ويعتقد المختصون أنَّ وجود هذه الذبابة يحيل إلى خدعة قام بتنفيذها الفنان لتنطلي على المشاهد فيتوهَّم بوجود ذبابة حقيقية على الصورة. (31)

Portrait of a Woman of the Hofer Family (1470)

 

لقد كان فنان عصر النهضة من خلال كلّ ما توفَّر له من قدرات وتقنيات في تنفيذ أعماله، يفضِّل استعمال الحيل والخدع البصريَّة أحيانًا فالبورتريه السابق ليس الوحيد الذي يرسمه الوهم.

خاتمة

يسهل علينا النفور من أعمالٍ فنيَّة لما نجد فيها من ذوقٍ يصعب أن يروق لنا، أو مواضيع نعتبرها تسفر عن حساسية ما لا سيما تلك المرتبطة بالمعتقدات الدينيَّة والاجتماعية أو السياسيَّة، ويمكن أن نعجب بأخرى لما نكتشف فيها من جمال أو قوَّة في التعبير ترغمنا على الابتسام والضحك أو حتى الحزن، بالإضافة إلى متعة النظر والتأمَّل في أفكار العمل.

وبوسعنا أيضاً أن نصرخ بموت الفن بعد رؤية بعض الأعمال التي لا نجدها حسبنا تستحق وصفها بعمل فني، غير أنَّ الفن لن يكتمل من دون الابتكار والتنوع، وهو لا يموت بل تتشعَّب اتجاهاته وتكثر أدوات خلقه وتختلف طرق التجاوب معه وإدراكه، كما أنَّ نتاجه يتراكم بلا توقَّفٍ إلَّا إذا توقَّف الإنسان عن الحياة.

—————————————

هوامش:
1 – Ambrose Bierce ,The Unabridged Devil’s Dictionary, edited By David E Schultz and S.T Joshi, The University of Georgia Press 2000, p.17
2 – يمكن الرجوع إلى الفرضيات عبر الوثائقي: The Madness Of Renaissance Art على هذا الرابط:
3 – Carl Linfert, Bosch, Translated from The Germany By Robert Erich Wolf, the New York: H.N Abrams, Published: 1989, pp.7, 8
4 – Ibid p.96.
5 – Ibid p.104.
6 – 600 Year Old Butt song From Hell Hieronymus Bosch, By Madison Boardman 
ويمكن سماع القطعة الموسيقيًَة عبر هذا الرابط:
7 – للمزيد من التفاصيل يمكن قراءة المقال بأجزائه الثلاث على هذا الرابط:

Jheronimus Bosch and The Music Hell, By Ian Pittaway: 3 parts

8 – Max Ernst _ The Virgin Spanking The Christ Child (1926): https://cutt.ly/PVpExtI
9 – Attack on ‘blasphemous’ art work fires debate on role of religion in France, By Angelique Chrisafis 
10 – Andres Serrano’s controversial Piss Christ goes on view in New York, By Amanda Holpuch 11 – Attack on ‘blasphemous’ art work fires debate on role of religion in France (.op.cit)
12 – Piss Christ By Andres Serrano, By Tori Campbell 
13 – سينثيا فريلاند، نظرية الفن مقدمة موجزة، ترجمة سعيد توفيق، رؤية، الطبعة الأولى 2019، ص:39
14 – المرجع نفسه، ص: 54
15 – المرجع نفسه، ص: 51، 52
16 – جانيس مينيك، مارسيل دوشامب الفن كعدم، ترجمة هويدا السباعي، المشروع القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2002، ص:146
17 – مارك جيمنز، الجمالية المعاصرة: الاتجاهات والرهانات، ترجمة كمال بومنير، منشورات الاختلاف منشورات ضفاف، الطبعة الأولى 2012، ص47.
18 – Meet The Female Pearl-Divers of Japan: The ‘Ama’, By Priya Shukla https://cutt.ly/0Vxt0ll
AMA-THE PEARL DIVING MERMAIDS OF JAPAN https://cutt.ly/5Vxyt4E
19 – Who titled Hokusai’s “The Dream of The Fisherman’s Wife”: https://cutt.ly/JVflR0r
20 – Katushika Hokusai, The Dream of The Fisherman’s Wife: https://cutt.ly/cVziLHE
21 – The dream of the fisherman’s wife in times of isolationism, By Omar Pérez Santiago https://cutt.ly/NVjQxdK
22 –  The Dream of the Fisherman’s Wife: https://cutt.ly/dVfcvWt

23 – (The full text of the painting) https://cutt.ly/RVzoYn4
24 – Ibid
25 – Ibid
26 – The dream of the fisherman’s wife in times of isolationism (.op.cit)
27 – The Dream of the Fisherman’s Wife (.op.cit)
28 –  مارك جيمنز، الجمالية المعاصرة: الاتجاهات والرهانات، مرجع سابق، 154.
29 – كريستوفر باتلر، ما بعد الحداثة مقدمة قصيرة جدا، ترجمة: نيفين عبد الرؤوف، مؤسسة هنداوي، 2016 (نسخة الكترونية) ص7.
30 – Shapes of an Extroverted Life, By Roberta Smith  https://cutt.ly/vVpNO9B 
31 – يمكن مشاهدة عرض متحف الفن الشهير: National Gallery حول هذه اللوحة Why does this lady have a fly on her head في قناتهم الرسمية على هذا الرابط: https://cutt.ly/BVsWXv8

 

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: سارة عمري

تدقيق لغوي: بيسان صلاح

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا