العالم الافتراضي إذ يهدد “عقل المجتمع”
في خضم ما يشهده العالم من تطورٍ تكنولوجيٍّ وثورات إلكترونيّة ومعلوماتيّة وما نتج عنها من أمور كثيرة منها العوالم الافتراضيّة التي مسحت حدود الدول واخترقتها، وجد الباحثون أنفسهم أمام مجموعة من الأسئلة المتعلّقة أساسًا بموضوع “الدولة” نفسه[1].
فالدولة التي ترى أنّ الفلسفة “عقل المجتمع” باتت اليوم مُهدَّدة، وبالتالي وجدت الفلسفة -التي كان لها الفضل في صناعة “مفهوم الدولة” – نفسها في ظلّ التكنولوجيا الكونيّة المعاصرة أمام أمرين:
الأول؛ أنّها مسؤولة عن تطوير التأسيس الفلسفيّ لمفهوم الدولة بما يتناسب مع الوضع الجديد.
والثاني؛ أنّها لم تعد قادرة على التغاضي عن مخاطر العوالم الافتراضية على سيادة الدولة الوطنية.
وعلى الرغم من أن مفهوم الدولة يقوم بجانب أساسيّ منه على الجهاز التقنيّ، فإن على فلسفة الدولة مواجهة الخطر الآتي من تلك العوالم الافتراضية. ومن هنا يبرز السؤال الأساسي – الإشكاليّة – الآتي: هل يمكن تطوير مفهوم الدولة بما يتلاءم مع هذا الوضع الجديد؟ وهل يستيطع الإنسان المعاصر بناء دولة كونيّة تتماشى مع ذلك؟
الدولة ومراحلها التاريخية
أ – نشأة الدولة:
لم ترسُ آراء المفكرين والباحثين على تفسير وحيد لنشأة الدولة، بل تعدّدت وجهات النظر في تفسير الدولة بوصفها ظاهرة اجتماعيّة وسياسيّة، ناهيك عن أن مسألة الدولة من أكثر المسائل تعقيداً وصعوبة، و”لعلّ العلماء والكتّاب والفلاسفة البورجوازيين لم يشوّشوا مسألة كما شوّشوا هذه المسألة”[2].
وانطلاقًا من هذا، لم يتفق المفكرون والفقهاء على تعريف موحّد للدولة، بل نحا كلٌّ منهم في تعريفه منحىً خاصًا يتماشى مع فكرته عن الدولة، وحرص كل منهم أيضًا على إبراز فكرته في التعريف الذي أدلى به فـ “تُرتّب على ذلك كثرة التعريفات وتباينها”[3].
ويكاد معظم المفكرين يجزم بأنه “لا يمكن أن توجد نظريّة عامة للدولة”[4]. لكن هذا التعدّد في تفسير نشأة الدولة قام في معظمه على ثلاثة أنواع من النظريات هي:
– نظريات ترى أن الدولة نشأت كظاهرة قوة.
– نظريات ترى أن الدولة نشأت نتيجة تعاقد إرادي.
– نظريات ترى أن الدولة نشأت بإرادة إلهية.
واللافت أن معاجم اللغة لم تخرج عن هذا الإطار في تفسير معنى الدولة لغةً. وفي معجمين من أمهات المعاجم العربية نقرأ ما يدعم هذه النظرة. وجاء في المعجم “الغني” ما يلي:
“الدولة: مصدر: الاستيلاء والغلبة؛ كانت للغزاة دولة لم تدم طويلاً.
وجاء في المعجم “المحيط”: دولة – جمع: دول. 1- الدول الحديثة: نظام البلاد وجهازها الإداريّ والسياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ.
وأصل كلمة دولة (State) يعود إلى اللغة اللاتينية، وبالذات كلمة (Status) التي تعني الحالة المستقرة. ولم تأخذ الكلمة مدلولاً سياسيًّا إلا في العهد الروماني عندما أقيمت الجمهورية. ولم تدل هذه الكلمة على مدلولها الحالي إلا بعدما استخدمها مكيافيلي في كتابه الشهير “الأمير”، حين عرّف الدولة بأنها “كل هيئة يكون/ أو كان لها سلطة على الشعوب، وهي إما جمهوريات أو إمارات”. وتقلّب هذا المفهوم ارتقاءً وانحطاطًا، حتى استقر في الفقه القانونيّ والسياسيّ الحديث، غير أن ذلك لا ينفي استمرار المناقشات حول هذا المفهوم حتى الآن.
تعريفات متعددة للدولة:
قدمت المراجع المتخصصة بدراسة النظم السياسيّة في تمهيدها لمباحثها[5] تعريفات سيقت قديمًا في الدولة أمكن الإفادة منها من باب العرض، كتعريف المفكّر السويسري بلونتشلي (BLUNTSCHLI) للدولة أنّها “جماعة مستقلة من الأفراد يعيشون بصفة مستمرة على أرض معينة بينهم طبقة حاكمة وأخرى محكومة”[6].
وعرفها الفقيه الفرنسي كاريه دي ملبير (CARRE DE MALBERG) أنّها “مجموعة من الأفراد مستقرة على إقليم معيّن ولها من التنظيم ما يجعل للجماعة في مواجهة الأفراد، سلطة عليا آمرة وقاهرة”[7].
وكذلك عرف المفكر بونار (BONNARD) في مقالة عن “النظرية القانونيّة للدولة”[8]، الدولة أنّها “وحدة قانونيّة دائمة تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونيّة معيّنة في مواجهة أمة مستقرة على إقليم محدد، وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة وعن طريق استخدام السلطة التي تحتكرها”.
هذا بعض مما ورد في تعريف الدولة، وانطلاقًا من ذلك، لا بد من الولوج إلى الحديث عن الدولة من خلال عرض نظريات من اعتبرها ظاهرة قوة وكذلك من اعتبرها ظاهرة توافق، خصوصاً أن “المرء من دون دولة ليس شيئاً وليست له أي حقوق ولا أي أمن (..) وعلى الأرض لا خلاص خارج إطار دولة منظمة”[9].
الدولة ظاهرة قوة:
ترتكز النظريات التي تفسر الدولة بأنها ظاهرة قوة على فكرة أساسية مفادها أن السلطة السياسية تعبّر، قبل كل شيء، عن ظاهرة قوة وإكراه. وهي تكون دائمًا في حوزة من يمكنه فرض سيطرته على الآخرين، أي “إن الدولة هي آلة لصيانة سيادة طبقة على طبقة أخرى”[10].
فجوهر الدولة يكمن في الإكراه الذي يظهر بأشكال مختلفة. وشدّد علم الاجتماع والانتروبولوجيا السياسية على هذه الفكرة، أي سلطة القهر والإلزام التي هي أساس نشوء المجتمعات القديمة والحديثة على السواء. وهناك من يعتبر أن “الدولة الحديثة لا تتميز عن المجتمعات الأخرى إلا بدرجة تطور تنظيمها السياسي وتعقيده، لذا أمكننا القول إن عنصر الإكراه قائم فيها بحكم طبيعتها”[11].
وسيقت في هذا الإطار نظريات عدة لمفكرين وفلاسفة أيّدوا فكرة نشوء الدولة بسبب الصراعات بين الجماعات البشرية البدائيّة، ورد عرض بعضها في عدد من المراجع[12] التي تناولت علم السياسة فسردت تعريفات مفكرين منهم شانتبوت B. Chantebout الذي تحدث عن مرحلتين في تكون الدولة:
في المرحلة الأولى ينشأ صراع بين مختلف الفئات الاجتماعية. وفي المرحلة الثانية تُنشِئ الفئة المنتصرة جهاز إكراه مهمّته تنفيذ مشروع التنظيم الاجتماعيّ الذي اختارته، وهذا الجهاز هو الدولة.
وكذلك يقول ليون ديغوي Leon Duguit إن نشوء الدولة رهن ببروز تمايز سياسيّ في المجتمع. وهذا التمايز ينشأ داخل مجتمع من المجتمعات في حقبة من حقبات تطوره التاريخيّ.
ويستنتج مما سبق أن نشوء الدولة هو نتيجة ظاهرة القوة، والسلطة هي جوهر الدولة، ولا وجود لدولة من دونها.
الدولة: ظاهرة تعاقد اجتماعي
في مقابل من يعتقد بأن الدولة ظاهرة قوة، ثمة من يرى أنها ظاهرة تعاقد اجتماعي، منتقدًا التوجه السابق خصوصًا أنه يعطي صفة الدولة لكل جماعة تظهر داخلها الأشكال الأولى للتمايز بين أقلية مسيطرة وأكثرية خاضعة.
وينقل فرنسوا شاتليه[13] عن الفيلسوف الانكليزي توماس هوبس (1588-1679) قوله في كتابه الشهير “لفياتان” Leviathan الذي نشره عام 1651، إن الإنسان فاسد في طبعه، فهو “ذئب للإنسان”، والمجتمع غير المنظم هو غابة يسودها حق الأقوى أي “قانون الذئاب”. فالناس المشتتون في الحال الطبيعية هم قوى تحركها الرغبة التي لا يحدها شيء سوى العجز المادي الذي يمكنهم أن يصابوا به، وهم يسعون إلى إشباع رغبتهم.
لكن رغبة القوة ورغبة الحياة بسلام تتناقضان، لذلك يجب – من أجل حماية الإنسان من عيوبه بالذات – تنظيم المجتمع الذي هو مجبر على العيش فيه. وهذا يتم ببناء سلطة عليا قوية وقادرة على فرض النظام الذي يزيل العنف الطبيعي ويحل محله السلم الاجتماعيّ في سبيل تحقيق مصالح المواطنين. وقيام السلطة يكون بقرار فرديّ، وهو عقد ضمني يتنازل بموجبه الناس عن حريتهم ويتركون أمر حماية مصالحهم إلى السلطة التي هي الدولة.
وهذا يعني أن إنشاء المجتمع السياسيّ للدولة، يفترض أن المواطنين قد اتفقوا جميعًا على التخلي الكليّ عن قوتهم الفردية، ونقلها إلى السلطة العامة.
ويرى هوبس أن سيادة الدولة هي سيادة مطلقة، معتبرًا أن السلطة ذات السيادة هي أقل أذى من انعدام السلطة. فسيادة الدولة المطلقة أفضل من خطر الفوضى التي تؤدي إليها الحرية الفردية الأنانيّة، لكن على هذه السلطة واجب العمل على تأمين السلم الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، استعاد جون لوك (1632-1704)[14] حجج مواطنه هوبس، في شكل مغاير ليصل إلى نتيجة معاكسة، مستنداً إلى فكرة العقد الاجتماعي. ويوضح لوك أن المجتمع في الحال الطبيعية يملك القدرة على تنظيم ذاته بانسجام دون أن تكون ثمة حاجة إلى الاستعانة بالنظام السياسيّ، وأن ما يلزم بقيامها هو العجز الذي يواجهه مجتمع كهذا عندما يكون انتماؤه الطبيعي مهددًا من أعداء داخليين وخارجيين. فلا مفرَّ من إقامة سلطة.
فالعقد الاجتماعي ليس عمل ارتهان، لكنه تسوية ضرورية تجعل الشعب مؤتمنًا حقيقيًا على المصلحة العامة. ولا يمكن للدولة أن تتوانى عن أداء مهمتها المتمثلة بالخير العام، ولا أن تخالف أحكام الحقوق الطبيعية.
لكن للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (1712-1778)[15] رأيًا مختلفًا يسوقه أثناء حديثه عن نشأة الدولة في كتابه “العقد الاجتماعي”، فيعتبر أن الإنسان خلق صالحاً، والمجتمع السياسي المثالي يفرض وجود نظام اجتماعي.
وهذا النظام لا يمكن أن يقوم إلا على ميثاق إراديّ، هو “العقد الاجتماعي” الذي يتلخص بأن يضع كل واحد من الناس شخصه وكل قوته تحت قيادة إرادة عامة عليا، فينشأ عن هذا العمل الترابطي هيئة معنوية وجماعية، شخص عام، بدلاً من الشخص الخاص بكل متعاقد. هذا الشخص العام الذي يتكون بواسطة اتحاد كل الأشخاص المتعاقدين، هو الدولة.
وبين هذا وذاك، قدم موريس هوريو Maurice Haurio وهو رجل قانون فرنسي[16]، تفسيراً آخرَ لنشوء الدولة، اعتبر فيه أنها لم توجد منذ فجر التاريخ بل ظهرت على مرحلتين في سياق عملية تاريخية. ففي المرحلة الأولى يؤدي عامل القوة الدور الأساسي داخل الجماعة البشرية، ويستعمل من قبل الحكام لتشديد قبضتهم على الجماعة.
أما في المرحلة الثانية، فيعي المحكومون أهمية دور الحكام، وضرورة وضع هيكلية للتنظيم الاجتماعي، فيلتزمون بتحقيق الفكرة التي يعمل من أجلها الحكام. هذا الرضى والقبول من جانب المحكومين يؤدي إلى إنجاز عملية تكوين الدولة، وإضفاء الشرعية على الحكام[17].
وكان التفسير الاجتماعي برز أيضاً لدى المفكرين الإغريق وأبرزهم أرسطو[18] الذي اعتبر في حصيلة دراسته لمعظم النظم السياسية وتحليله دساتير الحواضر اليونانية في عصره، أن الدولة تنشأ نتيجة تطور تاريخيّ يبدأ بالأسرة وهي النوع البدائيّ للمجتمع، ويمر بالقرية، وهي اتحاد أسر عدّة، ويصل إلى الدولة التي هي المرحلة العليا للمجتمع. والصفة المميزة للدولة في رأيه هي أنها توفر الظروف اللازمة للحياة المتمدنة المتعددة الحاجات، وهي لا تستمر في النمو إلا لكونها توفر حياة فاضلة للأفراد وتشبع رغباتهم الأكثر تمدناً والأكثر دلالة على طبيعتهم (..) فماهية الإنسان لا تتحقق إلا في الدولة التي تتميز عن غيرها بكونها نمط حياة، والإنسان الذي يمكنه أن يعيش من دونها، إما أن يكون حيواناً وإما أن يكون إلهاً.
النظريات الدينية
أجمعت النظريات الدينية على تفسير الدولة والسلطة تفسيرًا يرجع بهما إلى إرادة أسمى من إرادة البشر، إرادة إلهية عليا، أي إنها ترد نشأة الدولة وسلطتها السياسية إلى قوة فوق قوى البشر وإرادتهم تلك هي قوة الله وإرادته. فأنصار هذه النظريات أو “المذاهب التي تنسب السلطة إلى الله”[19] يقولون إن الدولة من خلق الله والسلطة فيها هي سلطة الله وبذلك فإن الدولة ليست مؤسسة سياسيّة إنسانيّة إنما هي من أنظمة ما فوق الطبيعة أو ما وراءها.
وتدرجت هذه النظريات، التي تعتبر من أقدم النظريات التي علّلت نشأة الدولة وبرّرت السلطة فيها، في ربطها بين سلطة الدولة والإرادة الإلهية تدرجًا يخفف من هذه الرابطة بالقدر الذي كان يتاح فيه للعقل الإنسانيّ أن يحقق خطوة إلى الأمام في طريق النظرة العلمية للأمور “وبدأ الأمر باعتبار أن الحاكم من طبيعة إلهية فهو إله على الأرض”[20]. ثم تدرج الأمر لاحقًا حتى اعتبر الحاكم مختارًا من الله اختيارًا مباشرًا لممارسة السلطة باسمه على الأرض.
إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلاً بعد بزوغ فكرة الإله الواحد وانتشار بعض الأفكار الفلسفية وبخاصة الإغريقية، فأصبح من غير المستساغ أن يعتبر الحاكم إلها أو ابناً للإله.
الفلسفة الحديثة
ولا بد في سياق تقديم النظريات التي عرّفت الدولة، من تقديم مقتضب لتعريفين سيطرا على الفلسفة الحديثة وهما تعريفا هيغل وماركس اللذين شغلا المفكرين برؤيتيهما وتناقضهما.
فالدولة عند هيغل أحد منجزات العقل، ولا وجود للإرادة الفردية هنا لأن الدولة تعبر عن روح الجماعة والإرادة العامة، والفرد ليس إلا عضواً في الإرادة العامة التي تعمل بذاتها ولذاتها. فالدولة هي الإرادة الشاملة، والعقل معيار تحليل لشكل الدولة.
ويعرف هيغل الدولة بأنها “الوجود بالفعل للفكرة الأخلاقية”[21]، فهي الروح الأخلاقيّ من حيث هو إرادة جوهرية تتجلى وتظهر وتعرف وتفكر في ذاتها، وتنجز ما تعرف بمقدار ما تعرف، وتوجد الدولة على نحو مباشر في العرف والقانون، وعلى نحو غير مباشر في الوعي الذاتي للفرد ومعرفته ونشاطه، في حين أن الوعي الذاتي بفضل ميله تجاه الدولة، يجد فيها – بوصفها ماهيته وغاية نشاطه ومحصلته – حريته الجوهرية.
أما ماركس فيرى أن الدولة ليست سوى بنية فوقية سياسية وقانونية تعكس واقع علاقات الإنتاج القائمة في البنية التحتية للمجتمع. ويعتبر أن الصراع الطبقي يؤدي إلى تحول الدولة من سلطة البرجوازيّة إلى سلطة البروليتاريا، ثم يدخل المجتمع مرحلة الاشتراكيّة، فالمرحلة الشيوعية، التي تزول معها الطبقية زوالاً تاماً، فتضمحل الدولة وتزول بزوال سبب وجودها لأنها نشأت أساسًا بفعل التناقضات الطبقية.
ووفقًا للينين في كتابه “الدولة والثورة”، فإن ماركس يرى أن الدولة لا يمكن أن تنشأ وأن تبقى إذا كان التوفيق بين الطبقات أمرًا ممكنًا. الدولة هي هيئة للسيادة الطبقية، هيئة لظلم طبقة من قبل طبقة أخرى، هي تكوين نظام يمسح هذا الظلم بمسحة القانون ويوطده، ملطفاً اصطدام الطبقات. فـ “الدولة تشكل غلافًا براقًا للسيطرة الاقتصادية على الطبقات المستقلة، وأداة لتعزيز هذه السيطرة”[22].
ب – مفهوم الدولة وأنواعها:
كما تفاوت الأمر في تفسير نشأة الدولة، فإنه أيضًا تفاوت في تقديم مفهوم واحد للدولة. وقيل إن الدولة هي مجموعة العلاقات المنظمة والقائمة بين الأشخاص الذين يتمتعون بصفة المواطنة.
وهذا المفهوم ارتبط بمفهوم “المدينة – الدولة” الذي كان سائداً في اليونان القديمة حين كانت المدينة وملحقاتها تؤلف دولة لها مقومات الدولة العادية، أي الأرض والشعب والسلطة الممارسة على الشعب الذي يعيش على هذه الأرض.
وسبق نشوء الدولة أنواع أخرى من التنظيم السياسيّ كالقبائل والحواضر والإمبراطوريات القديمة والأنظمة الإقطاعية، ومن الممكن أن تنشأ مستقبلاً مؤسسات وأنواع جديدة من البنى السياسية لتحل محل الدولة.
فالدولة تمتاز عن غيرها بوجود سلطة مؤسسة، سلطة قائمة على قواعد حقوقية، أي إن “الدولة هي البنية القانونية والسياسية والتنظيمية المولجة إدارة كيان وطني في مختلف جوانب حياة مواطنيه”[23]، وهي كيان سياسي، وكيان حقوقي. ووضعت لنشوئها شروطا يجب توافرها، أبرزها اجتماع ثلاثة عناصر هي: الأرض أو الإقليم، والشعب، والسلطة السياسية ذات السيادة، و”وفقاً للرأي السائد لا تنشأ الدولة إلا بتوافر الأركان الثلاثة”[24].
أولاً – الأرض أو الإقليم:
يؤدي الإقليم الذي تقوم عليه الدولة دورًا سياسيًا بالنسبة إلى ممارسة السلطة. فهو يسهم إلى حد بعيد في تحديد هوية الجماعة ويحدد من ناحية أخرى الإطار الجغرافي الذي تمارس الدولة سلطتها ضمنه. والإقليم يشكل بالنسبة إلى الجماعة رمزًا وحاميًا لفكرة الوطن في آن و”في التآلف بين الأرض وفكرة الوطن يكمن جوهر الأمة”[25].
ثانياً- الشعب أو الجماعة البشرية:
تفترض الدولة، بصفتها مجتمعًا سياسيًا منظمًا، وجود جماعة بشرية أو شعب على البقعة الجغرافية التي تمتد عليها. فأرض لا يعيش عليها شعب لا يمكن لها أن تكون دولة مهما اتسعت مساحتها. فالشعوب التي تعيش حياة الترحال متنقلة من مكان إلى آخر، لا هوية وطنية لها ولا تمتلك الشعور الوطني السائد عند الشعوب المستقرة في حيز جغرافي محدد وثابت، لذا “لا بد من رقعة من الأرض يطلق عليها اسم الإقليم يقيم عليها سكان الدولة”[26].
ثالثاً: السلطة وإطارها الجغرافي:
الإقليم هو الإطار الذي تمارس ضمنه سلطة الدولة. وهو المجال الجغرافي لعمل هذه السلطة، ويشكل الحيز الطبيعي الذي يمارس فيه الحكام وظائفهم. فالإقليم له أهمية كبرى بالنسبة إلى الدولة لأنه المرتكز المادي للسلطة و”من دون الإقليم لا يمكن أن تنشأ دولة”[27].
وتفرض أهمية إقليم الدولة رسم حدود واضحة له. ولهذا الإقليم امتدادات تمارس الدولة حقها عليها، كحدود المياه والأجواء.
ج – الدولة الحديثة وتحدياتها
يرجع معظم الباحثين تاريخ نشأة “الدولة الحديثة” إلى معاهدة “وستفاليا” -West Phalia- عام 1648[28] التي أنهت الحرب الدينية في أوروبا بين الكاثوليك بزعامة إسبانيا والبروتيستان بزعامة فرنسا، وينسب إليها الفضل في التغلب على التحديات الخارجية القائمة آنذاك والمتمثلة في الكنيسة الكاثوليكية والإمبراطورية الرومانية المقدسة، إلى جانب التحديات الداخلية المتمثلة في الإقطاع وأهدافه الانفصالية، لتعطي شهادة ميلاد للدولة الوطنية، وترسخ فكرتها بمظهرها الداخلي والخارجي.
ففكرة «الدولة» كانت تتعارض مع الحلم القديم لفكرة السيادة العالمية في طابعها المثلث: الروماني والمسيحي والجرماني. وهي تقوم في شكلها الحديث، على إقليم له حدود (تخوم) ثابتة نسبياً، وهي مكلفة بالسكان الذين يقطنونها، وهي في النهاية ذات سيادة -Sovereignty-، لا تخضع من حيث المبدأ لأي سلطة أعلى، وتعترف بها الدول الأخرى بهذه الصفة.
ويقول جاك دي فابر إن «الدولة تثير في الذهن أولاً فكرة السلطة، ونعني بها السلطة الفعلية والمحمية والمنظمة. وهي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي، تكفل الأمن لنفسها والرعاية لبنيها ضد الأخطار الخارجية والداخلية، وتحقيقاً لهذا الغرض فإنها تملك القوة المسلحة والكثير من وسائل الإكراه والقمع»[29].
أما عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر Weber (1866-1945)، فقد رأى أن للدولة الحديثة احتكار العنف والقسر المادي المشروع، فهي وحدها التي تحتفظ بحق القيام بأعمال الشرطة في الداخل والحرب في الخارج.
ركيزتا الدولة الحديثة:
ووفقًا لذلك فإن الدولة الحديثة غدت تتألف من عنصرين رئيسيين هما:
- المجتمع -Societas- أو ما كان يسمى عادة «المجتمع المدني» -Societas Civilis، وهذا المجتمع يوجه إلى تحقيق الغايات التي من أجلها يضطر الناس إلى أن يعيشوا «مجتمعين» أي «معاً».
- السلطة العليا ذات السيادة التي تحكم هذا المجتمع، وتسمى «الجلالة» -Majestas-، «والسلطة العليا» -Summa Potestas-، و«السيادة» -Supremetas- (Sovereignty).
ت – آفاق العولمة وتداعياتها على الدولة
استقرت الدولة التي نشأت ما بعد “وستفاليا” على حالها حتى جاءت أمواج بحر العولمة المتلاطمة في تسعينيات القرن المنصرم، حتى فرضت – ولا تزال – مفردة “العولمة” حضورها في كل بحث وكتاب ومطبوعة خصوصًا أن خصومها بالكلمة والفعل[30] أكثر كثيرًا من مؤيديها، مما عقد أي محاولة للإحاطة بها وبتداعياتها على الدولة.
فالعولمة تعرف بأنها الانتقال السريع للأفراد والأموال والأفكار عبر العالم، مما يعني مضاعفة الاتصالات والعلاقات في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتتحرك بسرعة عبر الكرة الأرضية وتتجاوز الحدود بين الدول وتذوبها بعد أن كانت تلك الحدود والقيود تعوق الاتصال والتشابك العالمي فى كل المجالات.
الآثار الاجتماعية:
ويبدو أن من آثار العولمة زعزعة الاستقرار الاجتماعي من خلال تقويض أركان النظم الاجتماعية إذ “إن التوسع الطليق للسوق من شأنه أن ينطوي على خطر تمزيق النسيج الاجتماعي ونسق القيم الإنسانية للمجتمعات”[31] التي ترتكز على دراسة أساسية تعتبر بمثابة قواعد النظام الاجتماعي وهي[32]:
– الاقتناع أو العقيدة (La Croyance): الانتقام من شرعية المؤسسات الحاكمة في الدول، مما يترتب عليه انتزاع الثقة من أفراد المجتمع اتجاه حكامهم وزوال قيم الالتزام والاجتهاد وإتقان العمل والتسامح والعدالة، وحل محلها قيم الانتهازية والتحايل والتعصب والمحاباة إلخ.
– الإكراه (La Contrainte): باتت الحكومات في عصر العولمة مكبلة الأيدي غير قادرة على فرض النظام بشكل حازم وصارم بالاعتماد على الأساليب التقليدية، المتمثلة في الإكراه، بسبب ظهور مبادئ العولمة كحقوق الإنسان والإصلاح السياسي إلخ.
– المصلحة (L’Intérêt): عدم قدرة الدولة على تقديم الحافز للانصياع لأوامرها وقراراتها بسبب ضعف قوة المكافأة لديها، ومن ثم لم يعد الالتزام بالنظام الاجتماعي التي تسهر عليه الدولة يحقق أي مصلحة للمواطن.
موجات العنف:
وفي موازاة ذلك، تلقى على العولمة مسؤولية انتشار التطرف والإرهاب وازدياد الهجرة، داخل الدول، مما انعكس سلباً على الوظيفة الأمنية للدولة فضعفت قدراتها على مواجهة أعداد المهاجرين إليها ومكفاحة العصابات والمنظمات الإرهابية وشبكات تهريب المخدرات. فالعولمة أحدثت “موجات متواصلة من العنف لم يسبق لها مثيل من حروب عالمية وصراعات وتصفية عرقية”[33].
وهذا ما جعل قلة قليلة من الدول قادرة على بناء استراتيجية دفاعية لوحدها حتى أن الأمن لم يعد وطنيًا بل أصبح أمن البشرية جمعاء، إذ إن “الدول لم تعد تحتكر القوة، حيث أن نمو الإرهاب العابر للقومية يجسد ذلك”[34].
فالدولة التي تتفاعل مع العولمة على ميدان السيادة كونويا هي ذاتها التي تواجه تحديات أخرى ذات صلة بالهوية والشرعية والمستقبل، خصوصاً أن العولمة تدعو إلى الاندماج فيما دول كثيرة بنت شرعيتها وأسس وجودها على التميز والإقليمية. فالعولمة هنا تبدو وثيقة الصلة بتلك التحولات بل وفي مقدمة تمثلاتها والتعبير عنها، خصوصاً أن “العلاقة بين العولمة والدولة عميقة ومتأصلة في رحم التحولات ذاتها”[35].
وفي هذا الإطار، يطرح وليام إبيتبول وبول ماري كوتو موضوع السيادة الذي يقف ضد العولمة، ويذهبان إلى نفنيد ودحض دعوى أنصار العولمة القائلة بأن “السيادة الوطنية عفا عليها الزمن، أنها مرحلة تاريخية يجري تجاوزها نحو عالم يتجاوز الوطنيات”[36].
ويؤكد الكاتبان على ضرورة التمسك بالسيادة لأنها الصخرة الوحيدة التي تتحطم عليها العولمة التي تطرح ايديولوجيا تهدف إلى سيادة نمط ومنظومة معينة على الصعيد العالمي.
ويتفق خصوم العولمة على أنها تعمل على إفراغ الدولة من محتواها والقضاء على سلطتها في شتى المجالات، حتى أن بعضهم يرى أن العولمة حضارة الغرب سواء كانت المجتمعات الاشتراكية أو المجتمعات الرأسمالية “كامنة في منظومة الاستنارة والفكر المادي بشكل عام والعلمانية”[37] و”هي مصطلحات مرادفة لمصطلح الحداثة رغم أن الحداثة عند المسيري ذات دلات سلبية”[38].
وهناك من ربط العولمة بالمبدأ القديم الذي تعتمد عليه الليبرالية “دعه يعمل دعه يمر”، وهو مبدأ الأسواق الحرة والتجارة الحرة وتغليبهما على كل القيم الأخرى، إلا أنه يرى أن العولمة هي “المرحلة الأخيرة للنظام الرأسمالي العالمي، وأن الأزمة التي يشهدها في الكثير من المناطق هي أزمة الرأسمالية”[39].
د- العالم أمام اكتساح الانترنت
لم يشعر الإنسان العادي باكتساح التكنولوجيا إلا خلال العقدين الأخيرين عندما انتشر الانترنت وبدأ بتحويل العالم إلى قرية واحدة. فالتكنولوجيا التي امتلكها الإنسان وجعلته يغزو القمر منذ ستينيات القرن العشرين ومكنته من صناعة صواريخ عابرة للقارات وقنابل نووية ذات قوة تدميرية هائلة، بقيت إلى الأمس القريب بأيدي الدول الكبرى وصانعي قراراتها ونخبها الاستخباراتية، إلى أن جاءت تسعينيات القرن نفسه وانتقل استخدام الانترنت من الشأن العسكري الأمريكي إلى المجتمع المدنيّ وراح يوصل الناس من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، بعضهم ببعض من خلال أجهزة الكومبيوتر ولاحقًا أجهزة الجوال.
ما هو الانترنت؟
الانترنت هو شبكة عاليمة من الحاسبات الآلية (الكومبيوتر) تعرف بـ “شبكة الاتصالات العالمية” التي تسمح لكل مستخدميها بالدخول إلى أعداد متزايدة باطراد من المواقع الفردية على تلك الشبكة. وهذه المواقع تقدم عمليًا معلومات عن أي شيء وكل شيء وتشمل من بين ما تشمل: محتويات الصحف اليومية، وأسعار السلع في مختلف المتاجر المحلية والخارجية، ومقتنيات المكتبات العامة وأخبار الرياضة، والقيل والقال والصور والموضوعات الجنسية، وكذلك ما يعرف باسم مواقع الدردشة التي من خلالها يستطيع الناس الاتصال ببعضهم عبر الشبكة والتعبير عن هواياتهم وميولهم وآرائهم في شتى الشؤون[40].
وهذا ما جعل العالم يعيش في مجتمع ما بعد الصناعة أو ما بعد الحداثة، وهو مجتمع رقمي عالمي، أفرز بدوره ما بات يعرف بالإنسان الرقمي والإنسان الانترنتي، الذي يسأل نفسه: ماذا سيحصل بعد؟ بدلاً من السؤال التقليدي: ماذا سنفعل[41]؟
المجتمع الافتراضي:
وهناك من يعرف المجتمعات الافتراضية بأنها “مجتمعات وجماعات انترنتية تجذب مزيداً من الناس ومستخدمي الانترنت، لفعل أي شيء يمكن عمله في العالم الطبيعي، والفرق أو الاختلاف هو أن أعضاء هذه المجتمعات الرقمية يتفاعلون بفعل التكنولوجيا مرات عديدة ولساعات عديدة في أي وقت بشكل منفتح باستخدام النص وربما الأصوات والصورة والفيديو على شاشات الحواسيب”[42].
وهذه المجتمعات الرقمية والافتراضية كانت انطلاقتها من مقاهي الانترنت في عام 1996 في المملكة المتحدة ثم انتشرت في الكثير من الدول منذ سنوات قليلة وكان الدافع إلى ذلك تحقيق هامش ربحي من خلال المزاوجة بين خدمتين، خدمة المقاهي التقليدية، وخدمة الإيجار في شبكة الانترنت.
وأدى هذا الأمر إلى ما أصبح يعرف بـ “ادمان الانترنت”. واستخدمت مصطلحات كثيرة للتعبير عن الاستخدام السلبي لشبكة الانترنت منها اضطربات ادمان الانترنت الذي وصف بأنه “اضطراب التحكم في الاندفاعات في استخدام الانترنت بدون هدف مقصود، والذي لا يتضمن السكر أو فقدان الوعي”[43].
أما التعريف الإجرائي لمفهوم الاستخدام السلبي لشبكة الانترنت، فهو مداومة الأزواج أو الزوجات على ممارسة التعامل على شبكة الانترنت لفترات طويلة قد تصل إلى حد الإدمان دون ضرورات مهنية أكاديمية من خلال ارتياد غرف الدردشة أو إدمان المواقع الإباحية مما يؤدي إلى ضعف الروابط العاطفية بين الزوجين نتيجة إنشغال أحدهما أو كليهما بشبكة الانترنت بشكل مستمر.
ويعرف إدمان شبكة الانترنت بأنه: حالة انعدام السيطرة والاستخدام المدمر لهذه الوسيلة التقنية وتتشابه الأعراض المرضية المصاحبة له بالأعراض المرضية المصاحبة للمقامرة المرضية[44].
وهناك من يعرفه بأنه “متلازمة الاعتماد النفسي للمداومة على ممارسة التعامل مع شبكة الانترنت لفترات طويلة أو متزايدة، ودون ضرورات مهنية أو أكاديمية (بل على حساب هذه الضرورات وغيرها) مع ظهور المتحطات التشخيصية المألوفة من الإدمانات التقليدية من قبيل التكرارية والنمية والإلحات والهروب والانسحاب من الواقع الفعلي إلى واقع افتراضي كما يكون السلوك في هذه الحالة قهريا عنديا ومتشبثا بحيث يصعب الإقلاع عنه دون معاونة علاجية للتغلب على الأعراض الانسحابية النفسية[45].
وفي حين يرى بعضهم أن ذلك التدفق الاتصالي الهائل إثراء لفكر الإنسان، يرى فيه آخرون انتهاكًا عقليًا وضغطًا نفسيًّا واضطرابًا عقائديًّا[46]. فكثير من الباحثين عبر عن تخوفه من الآثار الاجتاعية الضارة نتيجة تعامل أفراد الأسرة مع شبكة الانترنت، إذ ذهب كثيرون إلى أن ذلك التعامل ربما يؤثر على العلاقات الاجتماعية بين أفرادها من ناحية، بل وربما على أداء الأسرة لوظائفها الثقافية، من ناحية أخرى. وليس أدل على ذلك من حديث رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير عندما قال صراحة “إنني أخشى تفكك حياتي الأسرية بسبب هذه التكنولوجيا الجديدة”[47].
سلطة الفرد:
كما تجاوزت التقنية، مدعومة برغبة الإنسان الفطرية في التحرر، هياكل الدول التقليدية التي ترى في الفرد كائنًا اتصاليًّا متقبلاً يقف تأثره داخل حدود ما يتأثر به المجتمع. ولكن الحاصل أن سلطة الفرد عبر وسائل التواصل الاجتماعي تزداد يومياً، ولا سيما في الدول النامية، وهذه السلطة ستصطدم، عاجلا أم آجلاً، بكل محاولة لإعادة هيكلة وسائل الإعلام التقليدية وتنظيمها. فالهيكلة الكلاسيكية القديمة ستجابهها تحررية فردية تسعى إلى فرض نفسها، ليس في ملكية الوسيلة الإعلامية وتبادل المعلومات دونما إقصاء فقط، ولكن في التأسيس لمؤسسات فردية في الاتصال وإدارة مختلفة للمشهد الإعلامي أيضاً[48].
وفي ضوء ذلك، ضعفت أو تراجعت قوة العلاقات الاجتماعية التقليدية ما بين الأفراد لمصلحة العلاقات الافتراضية، وذلك مع إزالة الموانع الجغرافية والاقتصادية واللغوية للتواصل. فقد استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي أن تنشئ “مجتمعًا افتراضيًّا” حيًّا وتفاعليًّا ويتشابه في معظم الأحيان وفي كثير من سماته مع المجتمع الواقعي، حيث يمكن التواصل المستمر عن بعد دون عوائق ملموسة. وبالتالي، تتحول حياة الفرد تدريجيًا لتكون قائمة على “التواصل الإلكترونيّ”، والعيش في “العالم الافتراضي”، وتكوين “الأسرة الافتراضية”، ضمن “المجتمع الافتراضي”.
قيم جديدة:
وهذه العلاقات الجديدة والعابرة للحدود، أدت وتؤدي إلى ظهور قيم ومبادئ جديدة نتيجة للتداخل والتفاعل بين التقاليد والأعراف المحلية ونظيراتها الأجنبية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نوع من “عولمة” القيم والمبادئ التي تتبعها غالبية البشر، مع ظهور أقليات تقاوم مثل هذا التوجه تتجه أحياناً إلى التطرف في المقاومة[49].
ومن أهم الأمثلة على مثل هذه العلاقات، مجموعة “أنونيموس” (anonymous) التي ظهرت عام 2003 وبدأت كمجموعة غير مترابطة تعيش في العالم الافتراضي من الأفراد المهتمين بالقرصنة والالكترونية، وذلك للتواصل والتنافس في تطبيق “مقالب الكترونية”. لكن هذه المجموعة تطورت بمرور الوقت لتنتهج مبادئ وقيماً معينة ترتبط بالحريات سواء الرقمية أو الفردية، وتقوم بعمليات قرصنة الكترونية شديدة الخطورة دفاعاً عن هذه المبادئ، مثل هجومهم على موقع وزارة العدل الأمريكية ومواقع شركات ترفيه كبرى في عام 2012، اعتراضًا على ما اتخذ من إجراءات قانونية تجاه أحد أشهر مواقع تحميل ومشاركة الأفلام والأغاني “يوتيوب”.
وكذلك قدمت المجموعة دعمًا فنيًا لعدد من الثورات العربية وحركة “احتلوا وول ستريت” من خلال اختراق مواقع حكومية. كما قامت بهجمات الكترونية خطرة دعماً لمؤسس “ويكيليكس”، جوليان أسانج، بعد صدور قرار اعتقاله، عقب نشرات آلاف الوثائق العائلة للحكومة الأمريكية.
ولعل من الدلائل على قوة تأثيرهم السياسي عالمياً، وخاصة بين الشباب، أن الحركات الثورية قد تبنت جزئيًّا شعارهم المميز، قناع “جاي فوكس” (Guy Fawkes) او ما عرف إعلاميا بقناع “فنديتا” (Vendetta)[50].
ويمكن إجمال سمات مجتمع المعرفة فيما يلي: الاتصالية العالية، والمشاركة الفعالة في إغناء المحتوى الرقمي، ونشر المعرفة، ودعم التطوير والبحث العلمي، وإتاحة التعليم المتطور والنفاذ إلى الثقافة والمعرفة والتقنيات الحديثة لجميع أفراد المجتمع، والنمو الاقتصادي المعتمد على التكنولوجيا المتطورة وهو ما يدعى باقتصاد المعرفة[51].
وكذلك حصل تغير جذري في مفهوم العمل ومجالاته وآلياته ومهاراته، مما أسهم في بروز مجموعات جديدة من الأعمال والوظائف المرتبطة بالمعارف والمعلومات، وأصبحت التجارة الرابحة هي “تجارة المعرفة”، وبات التجار الأكثر حظا هم تجار المعلومات.
ه – شبكات التواصل الاجتماعية وعوالمها الافتراضية
يتصف عصر التواصل الاجتماعيّ التقني الذي يعيشه العالم حاليًا بانتشار “الشعور بالذاتية”، وقدرة الفرد على التأثير في عالم مفتوح، من خلال وسائل تعبير منخفضة التكاليف وواسعة الانتشار، كما يتسم بالتنوع “اللامتناهي” في الرسائل الإعلامية والمحتوى الإعلامي[52]، وبأنه قادر على انتهاك حقوق النشر والملكية الفكرية ويسمح بارتكاب الجرائم عن بعد ويزيد تعقيد منظومة الأمن الالكتروني ويشجع الروابط العابرة للحدود، فالفرد على اتصال بالعالم الخارجي دون أن ينتقل من مكانه، وعندما تختفي المسافة “يصح للأفكار أجنحة”[53]، حيث تسهل مشاركة الآخرين في الأفكار، الأمر الذي ينعكس على السلوك الفرديّ والجماعيّ.
المفاهيم والدور:
تعرف وسائل التواصل الاجتماعيّ أو شبكات الإعلام الاجتماعيّ (NETWORKS) بأنها مواقع (WEBSITES) أو تطبيقات أخرى (APPLICATIONS) مخصصة لإتاحة القدرة للمستخدمين للتواصل فيما بينهم من خلال وضع معلومات وتعليقات ووسائل وصور إلخ[54] وبالتالي، يغطي مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي المستخدم في هذه الدراسة جانب البرمجيات والتطبيقات (SOFTWARE)، ولا يغطي جانب الأدوات المستخدمة (HARDWARE) كالأجهزة المختلفة من الحواسيب المكتبية والنقالة واللوحية والهواتف الذكية وتقنيات الاتصالات، مع ملاحظة أن التقدم التقني المتسارع في الأدوات وإمكاناتها يعتبر من أهم العوامل الحاكمة لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وظهور الابتكارات المتتالية في مثل هذه الوسائل، إذ أكد كثير من الخبراء التقنيين أن وسائل التواصل الاجتماعي تسيطر في الوقت الراهن على نحو 71 % من السوق الإعلامية والاتصالية عالمياً[55]، خاصة مع انتشار الهواتف النقالة الذكية والكمبيوترات اللوحية وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تتيح الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي.
منبر من لا منبر له:
لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي “منبر من لا منبر له”، فكل من لا يملك القدرة على الظهور في وسائل الإعلام المختلفة أو يعتلي أي منبر إعلامي، يستطيع بث ما يريد ليستقبله عدد كبير من المتابعين، كما أضحى المستخدم “مراسلاً إعلاميًَا”، سواء في النقل المباشر للصورة من مكان الحدث نفسه والأخبار الفورية أو في التعبير عن مواقفه تجاه الأحداث الجارية، ومن ثم التأثير في الرأي العام أو على الأقل تثقيفه حيال قضايا وموضوعات معينة، ولذا فإن هناك مواقع شخصية متنوعة تجري متابعتها بأعداد هائلة، فضلاً عن أن وسائل التواصل الاجتماعي تبث بشكل فوري وسريع ومتتال من الصعب أن تجاريها فيه وسائل الإعلام المرئية من جانب، كما أنها تعد وثيقة حية على الأحداث من جانب آخر، ويمكن أن يتابعها آلاف المشاهدين، بل الملايين وقت حدوث أي طارئ من جانب ثالث[56].
ويعتبر مفهوم وسائل التواصل الاجتماعيّ الالكترونية من وجهة نظر بعض الباحثين، أضيق من مفهوم أعم وهو مفهوم الاعلام الاجتماعي (SOCIAL MEDIA) وذلك من خلال مجموعة من الأمور[57].
تطور وسائل التواصل:
إلا أن اللافت أن وسائل التواصل الاجتماعي آخذة في التطور والازدياد إذ كل يوم ينبت تطبيق جديد يجذب الملايين، وليس معلومًا ما سيقدمه الغد وما سيعكسه ذلك من تغييرات على كثير من المسلمات الراهنة، إلا أن الأكيد سيصبح في الغد واقعًا معيشا يلزم أن يتأقلم معه الإنسان دون صدمة معرفية أو إشكالية في التعامل[58]. وفي هذا السياق، أصدر مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي تقريرا في ديسمبر 2012 بعنوان “الاتجاهات العالمية 2030: عوالم بديلة”، أشار فيه إلى دور التقنية المعاصرة في تمكين الفرد من أداء دور مؤثر على مستوى العالم من خلال التوسع في استخدام “الإعلام الاجتماعي” (Social Media)[59] الذي بات إحدى القوى الفاعلة على المستوى الدولي.
من القبيلة إلى الفيسبوك:
ولقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى التحول من “القبيلة إلى الفيسبوك”. فإذا كانت “القبيلة الواحدة تتكون من بطون وأفخاذ متفرقة وعصبيات متعددة، فلا بد من عصبية أقوى تلتحم فيها جميع العصبيات وتنصهر، وتصير كأنها عصبية واحدة كبرى، وإلا وقع الافتراق المفضي إلى الاختلاف والتنازع”[60]، وإذا كان كل حي أو بطن من القبائل عصبة واحدة لنسبهم العالم، ففيهم أيضاً عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاماً من النسب العام لهم، فهو أمر ينطبق بصورة رئيسية على منظومة التواصل وسائل التواصل الاجتماعي، فلكل مجموعة تتصل على أي وسيلة تواصل اجتماعي توجهات ورؤى واحدة كأنها عصبية قائمة بذاتها، كما أن المستخدم لا يتخلص من عصبيته الأصلية. لذلك يمكن القول إن لوسائل التواصل الاجتماعي “عصبيات افتراضية” وهي سمة البنية الاجتماعية الجديدة في المجتمع الكوني الكبير[61].
أما إذا أخذنا القبيلة وفق مفهومها المتعارف عليه بأنها “كيان اجتماعي اقتصادي سياسي يضم عائلات تجمع بينها القربى وتنتسب إلى أب واحد أو جد واحد”[62]، فإن وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا فيسبوك، قد أسهمت في تشكيل قبائل من نوع جديد تضم كيانات وعائلات يربطها العالم الافتراضي، ومن ثم انتقل الفرد من روابط القبيلة إلى الفيسبوك، وجرى تغيير ثنائية “العصبية والقبيلة” إلى ثلاثية العصبية الافتراضية المشتركة، وقوة رابطة وسيلة التواصل الاجتماعي، والشعور بوحدة الهدف والمصالح. و”إذا كان المجتمع القبلي يتميز بالبساطة وترسخ التقاليد والعادات فيه، فكذلك حال مجتمع وسائل التواصل الاجتماعي الذي يواكب المتغيرات ببساطة ويتسم بتقاليده وروباطه السهلة، وإذا كانت العصبية هي أساس قوة القبيلة وتعمل على تغليب المصلحة القبلية على المصلحة الوطنية أو الصالح العام، فكذلك هي حال العصبية الافتراضية التي تعد عماد قوة وسائل التواصل الاجتماعي وترسيخها للعلاقات بين الأفراد، وتأثيرها في توجهاتهم فنحن نشهد تطور منظومة اجتماعية جديدة تكون وسائل التواصل الاجتماعي أحد أهم مرتكزاتها، بل إنها تمضي باتجاه تشكيل عصبية افتراضية لها مفرداتها ولغتها وثقافتها”[63].
فجوة الأجيال:
وإلى جانب ذلك، هناك تأثيرات عدة لوسائل التواصل الاجتماعي منها تعميق الفجوة الثقافيّة والحواريّة والتواصليّة بين الأجيال، والمقصود ليس الفجوة بين الأجيال الراهنة فحسب، بل في المستقبل أيضاً، وستزداد الفجوة طرديا، أي كلما زادت قدرات وسائل التواصل الاجتماعي وإمكاناتها وعدد مستخدميها، ازدادت الفجوة بين كل جيل والذي يليه. وإذا كانت المجموعات ذات الاهتمام المشترك تتواصل ضمن مجتمعات إلكترونية كما لو كانت مجتمعاً حقيقيا، فإن ذلك وحده لا يكفي لتوليد قيم المجتمع التقليدي، القائمة على الولاء للمجتمع والإحساس بالهوية المشتركة، كما أن مفهوم المجتمع الافتراضي نفسه يعمل في اتجاه معاكس لمفهوم سيادة الدولة القائمة على حدود جغرافية تسمح بمحاسبة من يلحق ضرراً بالمجتمع[64].
تأثيرات اليوم والغد:
وفيما يلي تأثيرات مباشرة وغير مباشرة لوسائل التواصل الاجتماعي، بعضها سيحدث تأثيره بعد فترة زمنية تتوقف مدتها على اعتبارات عدة منها: عمر المستخدم وطبيعته الشخصية وتركيبته “العقائدية – النفسية”، وتشمل[65]: التفكك الاجتماعي، وتغير منظومة القيم الاجتماعية، والانفصال عن الواقع والعيش في العالم الافتراضي، وأرامل الانترنت، والإشباع والاحتياجات العاطفية، وفقدان الرغبة في التغيير الذاتي.
وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد أتاحت التواصل الحضاري والإنساني، فإنها قد أفرزت في المقابل العديد من السلبيات، كما أسهمت فيما يمكن تسميته “عولمة الجريمة”، وارتبط بهذه الوسائل العديد من جرائم المعلومات، منها انتحال الشخصية والذم والتشهير والتحقير والإهانة عبر الانترنت، والنصب والاحتيال والقرصنة، وانتهاك المعلومات الشخصية الإلكترونية، والتحرش والمضايقة عبر برامج المحادثة والمدونات الشخصية، والاعتداء على الخصوصية وجرائم التحريض وإثارة الفتن الدينية والعرقية[66]، وبالتالي فإن استخدام هذه التطبيقات يؤدي إلى تداعيات أمنية واجتماعية سلبية على الدولة وسيادتها، فهل لا تزال الدولة قادرة على ضبط شعبها وحماية سيادتها؟
[1] راجع: “فلسفة الدولة أمام التكنولوجيا الكونية”، د. مالك الققور، دار أوراق، القاهرة، 2021.
[2] – فلاديمير ألييتش أوليانوف المعروف بــ “لينين”، (1870 – 1924)، الدولة والثورة: تعاليم الماركسية حول الدولة ومهمات البروليتاريا في الثورة، موسكو، دار التقدم، 1918، نسخة pdf، www.marists.org
[3] – محمد كامل ليلة، النظم السياسية – الدولة والحكومة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1969، ص 24.
[4] – نيكولاس بولانتزاس، نظرية الدولة، ترجمة ميشال كيلو، دار الفارابي، بيروت، 2007، ص 16.
[5] – راجع، محمد كامل ليلة، النظم السياسية – الدولة والحكومة، ص 25.
[6] – المصدر نفسه
[7] – المصدر نفسه
[8] – مقالة النظرية القانونية للدولة، نشرها بونار في “مجلة القانون العام”، سنة 1922، صفحة 25.
[9] – جوزيف شتراير، الأصول الوسيطة للدولة الحديثة، ترجمة محمد عيتاني، دار التنوير، بيروت، طبعة ثانية، 2005، ص 7.
[10] – لينين، الدولة والثورة: تعاليم الماركسية حول الدولة ومهمات البروليتاريا في الثورة، www.marists.org
[11] – عصام سليمان، مدخل إلى علم السياسة، ص 188
[12] – انظر عصام سليمان، مدخل إلى علم السياسة
[13] – انظر فرانسوا جان دي شاتليه (١٧٣٤-١٧٨٨)، تاريخ الأفكار السياسية، ترجمة خليل أحمد خليل، معهد الانماء العربي، بيروت، 1984
[14] – المصدر نفسه
[15] – عصام سليمان، مدخل إلى علم السياسة، ص 188 – 189
– [16] راجع فرنسوا شاتليه، تاريخ الأفكار السياسية
[17] – نزار يونس، الطريق إلى الدولة، دار المسار، بيروت، 2004، ص 102
[18] – انظر جميل صليبا، تاريخ الفلسفة العربية، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1989
[19] – عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، القاهرة، 1966، ص 37
[20] – يحيى الجمل، الأنظمة السياسية المعاصرة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ص 71
[21] – هيغل، جورج ويلهام فردريك (1770 – 1831)، أصول فلسفة الحق، المجلد الأول، ترجمة امام عبد الفتاح امام، مكتبة مدبولي، القاهرة، ص 497
[22] – عصام سليمان، مدخل إلى علم السياسة، ص 207
[23] – نزار يونس، الطريق إلى الدولة، ص 93
[24] – محمد كامل ليلة، النظم السياسية – الدولة والحكومة، ص 27
[25] – عصام سليمان، مدخل إلى علم السياسة، ص 178
[26] – محمد كامل ليلة، النظم السياسية – الدولة والحكومة، ص 28
[27] – محمد كامل ليلة، النظم السياسية – الدولة والحكومة، ص 28
[28] معاهدة «ويست فاليا» – west Phalia عام 1648، جاءت بعد حرب الثلاثين عاماً في أوروبا، والتي قضت باسم الدين على 30% من سكان وسطها، ومنها أنبثق نظام الدولة الحديثة، المتمثل في نظرية «السيادة».
[29] جاك دي فابر: الدولة، ترجمة: أحمد حسيب عباس، مراجعة الدكتور ضياء الدين صالح، الألف كتاب (164)، مكتبة نهضة مصر ومطبعتها، 1958، ص – 2
[30] المظاهرات الصاخبة والأنشطة والفعاليات المختلفة التي رافقت اجتماعات ولقاءات ممثلي دول العولمة في كل مكان اجتمعوا فيه، في سياتل/ 1999 وفي مؤتمر التجارة العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا في نفس العام ومؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية في بانكوك/2000 والمؤتمرات اللاحقة وصولاً إلى قمة الثمانية التي عقدت في منتجع ايفيان الفرنسية في ايار 2003.
[31] بيرناركاسن “إنقاذا للمجتممع”، في العولمة الانقاذ أم الطوفان، تحرير فرانك جي. لتشنرو جون بولي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2004) ص 22.
[32] BOUDOUIN, J: Introduction à la science politique (Mémentos Dalloz, Paris, 1989) P 27
[33] حسين كامل بهاء الدين، الوطنية في عالم بلا هوية (القاهرة دار المعارف، 2000) ص 82.
[34] ديفيد هيلد وانتوني ماكيرو، العولمة والعولمة المضادة، ترجمة د. مالك عبيد أبو شهيوه (طرابلس: دار الرواد، 2005)، ص 43.
[35] عمران محمد الميرغني ، العولمة وأثرها على سيادة الدولة ، ص 13.
[36] وليام ابيتول وبول ماري كوتو، “السيادة ضد العولمة”، في العولمة بين الأنصار والخصوم، ص 41.
[37] عبدالوهاب المسيري، “العولمة والشرق أوسطية”، في الإسلام والعولمة، القاهرة، الدار القومية العربية، 1999، ص 83.
[38] محمود أمين العالم، العولمة وخيرات المستقبل، ص 21.
[39] رفعت العوضي، “الخطوط الأولى لمواجهة العولمة”، في الإسلام والعولمة، القاهرة، الدار القومية العربية، 1999، ص 166
[40] جون سكوت، جوردون مارشال، موسوعة علم الاجتماعة، ترجمة أحمد زايد، محمد الجوهري، عدلي المسري، مج 1، ط 2، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2011، ص 205.
[41] نسيم الخوري، الإعلام العربي وانهيار السلطات اللغوية، لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، 2005، ص 429
[42] على محمد رحومة، علم الاجتماع الآلي، مقاربة في علم الاجتماع العربي والاتاصل عبر الحاسوب، سلسلة عالم المعرفة، ع (347) الكويت 2008، ص 45.
[43] Young. K, Internet addiction: The emergence of anew clinical disorder ‘paper presented at the 109th. Annual meeting of the American Psychological Association, August 11-1996, Toronto, Canada, P 244
[44] Bread. K.w Swolf, F. M zool: Modification in the proposed diagnostic criteria for internet addiction, Cyber sociology, Behav, (3), 1997, P 377
[45] حسام الدين محمود عزب، إدمان الانترنت وعلاقته ببعض أبعاد الصحة النفسية لدى طلاب المرحلة الثانوية، الوجه الآخر لثورة الإنفوميديا، معهد الدراسات العليا للطفولة، جامعة عين شمس، مشار إليه في المؤتمر العلمي السنوي للطفل والبيئة في الفترة من 24 – 25 مارس 2001، ص 282.
[46] هادي نعمان الهيتي، الاتصال التلفزيوني الفضائي الدولي الوافد واحتمالات تأثيره السياسي في الوطن العربي، لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، 2003.
[47] مجلة العربي، عدد 58، مارس 2001، ص 131.
[48] جمال الزرن، تدويل الإعلام العربي الوعاء ووعي الهوية، سوريا: دار صفحات للدراسات والنشر، 2007، ص 126.
[49] انظر جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، (دار النشر والمدينة والتاريخ غير موجودة) ص 62 وما بعدها.
[50] للمزيد من التفاصيل حول مجموعة “أنونيموس” أنظر:
Anonymous (internet Group), the New York Times (http://topics.nytimes.com/top/refernce/timestopics/organizations/a/anonymous_internet_group/index.html.) (accessed February 5, 2013)
[51] بناء مجتمعات واقتصاديات المعرفة، سلسلة نحو مجمتع المعرفة (53)، جامعة الملك عبدالعزيز، مركز الدراسات الاستراتيجية، 2013، ص 33
[52] خالد وليد محمود، شبكات التواصل الاجتماعي وديناميكية التغيير في العالم العربي، لبنان: مكتبة النيل والفرات، 2011، ص 69
[53] انظر: David Singh Gtrewal, Network Power (New Haven, CT: Yale University Press, 2008) pp. 19 – 20
[54] انظر: OXFORD UNIVERSITY PRESS, ‘SOCIAL NETWORK’ DEFINITION, (HTTP://OXFORDDICTIONARIES.COM/DEFINITION/ENGLISH/SOCIAL_NETWORK), (ACCESSED FEBRUARU 4, 2013)
[55] انظر: L.J PRESCOTL. ‘SOCIAL NETWORK’, MEDICAL REFERENCE SERVICE QUARTERLY, OCTOBER 2012. PP. 119 – 120
[56] انظر جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، (دار النشر والمدينة والتاريخ غير موجودة) ص 27 وما بعدها.
[57] انظر: L.J PRESCOTL. ‘SOCIAL NETWORK’, MEDICAL REFERENCE SERVICE QUARTERLY, OCTOBER 2012. PP. 119 – 120
[58] جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، ص 9
[59] انظر:
USA NATIONAL INTELLIGRNCE, GLOBAL TRENDS 2030: ALTERNATIVE WORLDS, WHASHINGTON D.C. DECEMBER 2012, P.11
[60] عبدالرحمن بن محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، اعتناء ودراسة: أحمد الزغبي، لبنان: شركة دار الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، 1975، ص 381.
[61] انظر جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، (دار النشر والمدينة والتاريخ غير موجودة)، ص 11
[62] القاموس الاجتماعي، مصر، دار النهضة للطباعة والنشر، 1975، ص 381.
[63] جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، (دار النشر والمدينة والتاريخ غير موجودة) ص 12
[64] بسيوني إبراهيم حمادة، دراسات في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال والرأي العام، مصر: عالم الكتاب، 2008، ص 79.
[65] انظر جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك، (دار النشر والمدينة والتاريخ غير موجودة) ص 68 وما بعدها
[66] حسنين شفيق، الإعلام الجديد والإعلام البديل تكنولوجيا جديدة في عصر ما بعد التفاعلية، مصر: دار فكر وفن للطباعة والنشر، 2010، ص 128.