الاكتئاب والإنتاجية
الحليفان غير المُحتمَل اجتماعهما يدعمانك اليوم
تعلَّمتُ أن الخيارات التي تبدو لنا بلا معنى هي التي توجِّه حياتنا بقوة.
كنت واقفة وسط أحد المنازل ذات الطابق الواحد والمكونة من ثلاث غرف نوم وقد كان مقلوبًا رأسًا على عقب، حينما التفت إليّ عميلة سابقة وقالت: “لقد كان هذا المكان نظيفًا جدًا، لكنني تخلّيت عنه“.
ومضَت لتخبرني كيف ساهم خطيبها السابق في وضعها الحالي قائلة: “جاء إلى هنا قبل شهرين من زفافنا، مُعلنًا انفصاله عني. كنت مًحطَّمة، فتوقَّفت عن التنظيف وبدأت في تناول الوجبات الجاهزة كل ليلة”.
لقد صنعَت تلك الفوضى البسيطة كابوسًا مكوَّنًا من ثماني غرف مُكتظَّة بالوجبات المنسيَّة والعفن، حتى أنَّ قرار إزالة صناديق البيتزا كان متوقفًا على اكتئابها المُنهِك الذي دام أربع سنوات.
إننا نبني قصة تتمحورحول كآبتِنا، والتي غالبًا ما ستُملي علينا ما إذا كنا نعاني من مجرَّد اكتئاب خفيف وعرضي أو اكتئاب حاد وطويل الأمد.
ويُعتبر الاكتئاب سببًا رئيسيًا للعجز في جميع أنحاء العالم، حيث يعاني منه -في أي وقت- أكثر من 264 مليون شخص.
بينما سيكتشف ما لا يقل عن 7 في المائة من سكان الولايات المتحدة أنّهم يعانون من الاكتئاب الحاد في وقت ما من هذا العام. وقد تختلف أسباب الاكتئاب من شخص لآخر، لكن تتماثل صعوبة الشعور عند الجميع، والتأقلم على ذلك الوضع من الأمور الشاقَّة بحقّ.
يُعتبر احتمال تغلُّبك على الإصابة بنوبة اكتئاب في حياتك من الاحتمالات الضئيلة. فبدلًا من إرهاق نفسك في تلك الدوّامة، لماذا لا توجِّه طاقتك لاتِّباع خطَّة تُساعدك في أن تكون أكثر قوة ومرونة وأكثر قابلية للتعافي إذا ظهرت عليك أعراض الاكتئاب؟
قد يكون رد فعل العميلة مختلفًا في مواجهة خيبة الأمل واليأس حين قالت: “أشعر أن قلبي محطم وهذا يؤلمني بشدَّة، ولكني أرفض فكرة التوقف عن تنظيف منزلي وعدم المشي ثلاثة أميال في اليوم. يجب أن أحافظ على استمرار هذه الجوانب من حياتي”.
إنَّ الرسائل التي نحتاجها للتوقف عن الانعزال ومداواة جروحنا عندما نشعر بالاكتئاب تقف في تناقض شديد بين فكرة أننا يمكن أن نشعر بالحزن وأن نكون مُنتجين ومتمكّنين في آن واحد.
ويعتبر رفض السيطرة على القدرة في أن تكون مكتئبًا ومنتجًا في نفس الوقت ضمانًا فعليًا في استمرار اكتئابك لفترة أطول وربما تغرق في بحار الاكتئاب الإكلينيكي.
قالت عميلتي، التي فقدَت أربع سنوات من حياتها مدفونة تحت الأنقاض داخل منزلها شيئًا صدمني: “لقد خفَّ اكتئابي عدة مرات على مر السنين، أعني، كانت تأتي عليَّ لحظات حيث أشعر بالرضا التَّام، وكنت مستعدة للخروج والتنقُّل. بعد ذلك، وعندما كنت أنظر إلى كل الأوساخ والفوضى في منزلي، كنت أفقد حماسي وأنجرف في حالة من الاكتئاب مرة أخرى”.
الدافع والإلهام موجودان في “العمل”
يجعلنا الاكتئاب ننسى أنه قابل للزوال في النهاية. وإذا سمحت بانهيار كل شيء في حياتك أثناء الاكتئاب، فسيكون عليك -بعد ذلك- عمل الكثير لإعادة الأمور لوضعها الطبيعي.
وبحلول الوقت الذي تتجاوز الأمر فيه، سرعان ما ستتقهقر إلى الوراء وتغرق في المهمة المُلقاة أمامك.
لذا فكِّر في ما قد يحدث، وحدد جوانب حياتك التي يجب أن تظل فعَّالة وسليمة حتى أثناء إصابتك بالاكتئاب، والتزم بفعل اللازم للحفاظ على نفسك في الأيام القادمة.
فإذا كنت تفخر بامتلاكك أجمل مرج أخضر في المبنى مثلًا فلا تهمل زرع العشب في الخريف. وحتى إذا كنت مكتئبًا حاول أن تخرج وتنجز أمورك وسيكون الربيع قاب قوسين أو أدنى.
قد يراودك سؤال: “ماذا لو لم أشعر بالرغبة في الإنتاج بينما أشعر بالاكتئاب؟”
قال “أوبي وان كينوبي” شخصية (Star War) كلماته العظيمة :”عسى أن تكون القوة معك.” أي: (أتمنى أن يحالفك الحظ الجيد). ففي الغالب لا يوجد حل مثالي عند حلول المصاعب، لذا يجب أن نجبر أنفسنا على المُضيّ.
قبل عدة سنوات، خُضت مجموعة من الرحلات بمفردي بعد تعرُّضي لانفصالٍ عنيف وقد تساءل أصدقائي عما حدث لي. لم أكن أرغب في الذهاب وحدي. الحق يُقال، كنت خائفة وشعرت بأنني شخص مرفوض. وكنت بحاجة لأن أتشجَّع وأن أفعل شيئًا أي شيء آخر غير التعفُّن على أريكتي في عزلة وحزن.
إنَّني أقوم بلا تردد بتعليم الرجال والنساء والأطفال الاستعداد لدوَّامات الاحباط التي لا مفَّر منها في الحياة. ويقول “لاو تزو”: “إننا يجب أن نفعل ما هو صعب عندما يكون سهلًا”. خذ الوقت الكافي لبناء خطة خاصة بك للقدرة على التكيف عندما تكون في غنى عنها.
فيما يلي بعض الأفكار التي يجب أخذها في عين الاعتبار أثناء تعزيز خطتك الإنتاجية:
- العمل بشكل عكسي:
إذا كنت عُرضة للإفراط في تناول الطعام عند الإصابة بالاكتئاب، فاذهب إلى البقالة في اللحظة التي يعتريك فيها الحزن، وقم بشراء الفواكه والخضروات واعقد العزم على تناول الطعام بشكل جيد للحفاظ على صحتك.
- تواصل مع الغير:
العزلة خطيرة وتزيد الاكتئاب بشكل عام. حدد مواعيد للمكالمات والزيارات مع الأشخاص الإيجابيين في حياتك، أمَّا إذا كنت تفضِّل عدم التحدُّث عن شعورك بالحزن، فاستخدم الوقت للهروب إلى موضوع بديل أكثر مُتعة.
- التقبُّل والالتزام:
أنا لست من مُشجعي محاربة الاكتئاب من خلال الإنكار، فقد يتطلب الأمر قدرًا هائلًا من الطاقة لإقناع نفسك أنك سعيد عندما لا تكون كذلك.
فاستخدم نموذج التقبُّل والالتزام لتعزيز مسيرتك نحو الشفاء، وقل لنفسك: “أنا أتقبل حزني وأنا ملتزم بدعم نفسي من خلاله بطريقة محبَّة ومثمرة“.
إنَّ فكرة قدرتنا على الحفاظ على صحتنا العقلية على وضع الطيار الآلي وأن نكون بخير على المدى الطويل لَهي فكرة جذَّابة، رغم أنَّها في الواقع ليست كذلك. وتعتبر التغييرات العظيمة في حالتنا المزاجية، وعملنا، وصحَّتنا الجسدية إشارات نحتاج إلى التوقف عندها وإعطائها اهتمامًا خاصًا.
لا يُعد الاكتئاب أمرًا مُمتعًا. ومع ذلك، فإنه يتيح لنا الفرصة لنشهد على طبيعتنا المرنة ولندعم أنفسنا كي نكون أكثر وعيًا.
نرشح لك: 8 طرق ساعدتني على التغلب على الاكتئاب وزيادة الإنتاجية
المصدر