لماذا نرى بوارق أمل في مستقبل الصحافة العلمية

تناولْ التوتَ الأزرق لغناه بمضادات الأكسدة، قم بالتمارين الرياضية يوميًا باعتدال لينعم قلبك بالصحة المثلى، وخذ لقاحاتك لكي تمنع الأمراض. تتأثر قراراتنا وسلوكنا بما نقرأه أو نراه أو نسمعه، ويمكن لأجزاء كثيرة من حياتنا، من الطعام الذي نأكله إلى نوعية نومنا، أن ترتبط بطريقةٍ ما بالبحث العلمي.
يمكن لوسائل الإعلام -التي تهدف
لزيادة المعلومات والجذب- أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إمطار القُرّاء بوابل من الإثارة أو المبالغة غير المبررة أو القصص العلمية غير الدقيقة التي تصوغ حياتنا اليومية وكيفية إدراكنا لقيمة العلم. لكن يمكن تجنب ذلك إذا قام الصحفيون العلميون بتحديث طريقتهم في إخبار القصص. وإذا فهم القرّاء كيف ينبغي أن تكون الصحافة العلمية الدقيقة والمتوازنة، فسيكون بمقدورهم تمييز القصص الجيدة عن القصص غير الجيدة، وتبنّي اختيارات  صائبة.
مستقبل الصحافة العلمية مثير ومحفوف بالمخاطر في نفس الوقت. يمكن لأولئك الذين يرغبون بدخول المجال اتباع التقاليد كنقل المعلومات من خلال منصة واحدة أو إعادة صياغة كيفية سرد القصص العلمية، فهو خيار لم يعد بإمكاننا تجاهله.

في الصيف الماضي، شارك طلاب متخرجون من جميع أنحاء العالم في Projected Futures، وهي مدرسة صيفية مكثفة تسعى إلى إعادة التفكير في كيفية تواصل العلوم مع المجتمع. توصلنا إلى بعض الطرق الأساسية لتأليف قصص علمية أفضل وتعزيز الاهتمام والثقة في العلم.

كيف يمكننا أنسنة العلم غير المكتمل

العلم ليس خلقًا عقيمًا ومعصومًا من الحواسيب والآلات اللامعة الغريبة، بل هو سعي بشري يملؤه الفضول والإحباط والغموض والإثارة، نادرًا ما يكون سلسلة من لحظات (وجدتها eureka) المثيرة. إنه عمل مضنٍ بطيئ مليئ بالتحديات كما أنه تعاوني وتنافسي.
إليكم قصة قديمة: علماء يجدون علاجًا جديدًا للسرطان وكان يختبئ في القهوة طوال هذا الوقت. تلذذ بقهوة اللاتيه الصباحية. هذا التركيز على الإنجازات المبهرة متحولة الصيغة، يجعل من السهل تفويت الصورة الأكبر.غدًا قد تفصّل مقالة بحثية أخرى آثار القهوة الصباحية المعزّزة للسرطان.

غالبًا ما تُترك هذه النقاط غير متصلة، ما يجعل القرّاء يعايشون آمالًا زائفة وتوجسًا وارتباكًا حول العملية العلمية.

قد يشعر الباحثون بالانفعال والانزعاج أو بالابتهاج إن كانوا محظوظين، بسبب البنية المعرفية دائمة التغير. لهذا السبب تبقى القصة العلمية غير مكتملة.
تحتاج الصحافة العلمية إلى احتواء القيود والغموض والاعتراضات التي تحد مواضيعها، ولجلب الناس إلى الجبهة الأمامية. كما ينبغي أن تضم الجهود التعاونية للباحثين، إضافةً إلى الجوانب الإشكالية التي تعاكس الأدلة المتاحة. وهذا يعني الابتعاد عن أسطورة العبقري الوحيد والبحث عن معلومات من أكثر من مؤلف رئيسي.

غالبًا ما يعرف طلاب الدراسات العليا وما بعدها التفاصيل الأكثر حميمية للتجربة، ويدرك المتدربون اللامعون مساهماتهم الفاعلة وطبيعة العلم التعاونية، الأمر الذي يدفعهم إلى أن يكونوا أكثر انفتاحًا، وهي نقطة إيجابية بالنسبة للصحفيين.

إعلان

من هم حلفاؤنا؟

ينبغي أن يتولى الصحافة العلمية الصحفيون المدربون في مجال العلوم والعلماء المدربون في مجال الصحافة. سيؤدي هذا إلى إثراء فهم الجمهور للعلم من وجهات نظر متعددة ويمنع إعطاء النتائج أكثر من أهميتها والادعاءات المضللة من الانتشار.
ولكن لا ينبغي أن يقتصر التنوع في الصحافة العلمية على خلفية الشخص المهنية أو الأكاديمية، فضمّ الأفراد الذين لا يحظون بالتمثيل المناسب أو المهمشين أمر ضروري.

لدى الاستطلاعات القليلة التي تقدم تقريرًا عن التركيبة السكانية لصحفيي العلوم معدلات استجابة سيئة للغاية، مما يجعل من الصعب إجراء نقاش مطّلع حول كيفية تعزيز التنوع في المهنة. وجد استطلاع J-Source في 2016 ل 125 من الصحفيين الذين لهم أعمدة خاصة، إن التركيبة السكانية تميل إلى حد كبير نحو الأفراد البيض والذكور ومتوسطي العمر ذوي الميل للجنس المقابل. وبالمثل، عندما يتعلق الأمر بمن تُجرى المقابلات معهم، وكشفَ تحليل 2016 لوسائل الإعلام الكندية الرئيسية أن المصادر التي يمثلها الذكور تشكل 71 في المائة من جميع الاقتباسات وتفوق عدد النساء في كل فئة مهنية.

لحسن الحظ، تعمل منصات جديدة على توسيع نطاق الوصول إلى المجال العام. حيث تنادي المجموعة الكندية Informed Opions والمنظمة العالمية 500 Women Scientists بزيادة عدد المصادر المتنوعة في الصحافة العلمية، لكن يحتاج صحفيو العلوم إلى استخدام هذه الموارد بفعالية، والانتباه إلى أي تحيزات متضمنة في تقاريرهم.

هل يمكن أن نكون أكثر عالمية؟

سيعود تنويع المحتوى المرتبط بالعلوم بالفائدة على فهم الجمهور للعلوم على الصعيدين المحلي والعالمي. فبينما تجري المعاهد المرموقة في كثير من الأحيان دراسات أكثر تكلفة، يمكن لمراكز الأبحاث الأقل شهرة أن تستفيد من الدعاية.

وعلى الرغم من أن دور وسائل الإعلام لا يتمثل في تسويق المؤسسات أو الأفراد، من أجل تحقيق نظرة متوازنة، يجب علينا أيضًا أن نغطّي المؤسسات العامة الأصغر حجمًا وذات المصداقية التي لا يتم الترويج لها عادةً عن طريق الوكالات المانحة أو فرق العلاقات العامة. يمكن أن يُترجم تسليط الضوء الإضافي هذا إلى المزيد من فرص التمويل للأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المؤسسات المرموقة ويساعد في مكافحة عدم المساواة.

تميل وسائل الإعلام الغربية إلى التركيز على المصادر الأكاديمية في أوروبا و أمريكا الشمالية. ركزت دراسة في 2017 للتغطية الإعلامية الكندية للعالم النامي، إلى حد كبير على النزاعات والكوارث. يمكن للمزيد من التركيز على البحوث العالمية أن يعزّز الاهتمام بالتبادل الثقافي ويزيد من فهم الجمهور لطبيعة البحث العلمي العالمية.

نحو مستقبل أكثر تعاونًا

تدخل أشكال جديدة من رواية القصص -من قصص انستجرام إلى البث الصوتي (بودكاست) إلى الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي- إلى الصحافة.
بين المواضيع المعقدة التي نغطيها وظهور منصات رقمية جديدة نحتاج إلى إتقانها، ستتغير الفكرة القديمة عن الصحفيين العلميين الذين يعملون بمفردهم.

نادرًا ما يكون لدى صحفيي العلوم، الذين غالبًا ما يكونون مستقلين، الموارد أو الوقت لتحسين القصة عبر المنصات. ولكن يمكن لشبكة من الموصلين، كلٌ منهم يتمتع بخبرة ومهارات وأدوات مختلفة، أن تحول القصص إلى عمل تعاوني.
يجب أيضًا تكييف قصصنا لتكون أكثر توفرًا. على سبيل المثال، يمكن قراءة قصة مطبوعة وتسجيلها كقصة صوتية، والتي أنجزتها بعض الصحف مثل The New Yorker، وWired وHakai Magazine.

إن عمل مراسلي العلوم، كعمل الباحثين الذين يقومون بتغطيتهم، مليء بالفضول والإحباط والغموض والإثارة. إنه عمل مضنٍ دائم التغير ولكن من خلال العمل سويًا وممارسة الإبداع، سيتم سرد القصص الجيدة التي تستحق الاهتمام.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: نيرمين

تدقيق لغوي: ندى حمدي

اترك تعليقا