خرافة “أنماط التعلم” لا تزال سائدة بين المعلمين ولا ملامح على أفول نجمها
تعتبر فكرة تعلُّم الناس على نحوٍ أفضل حينما يُدَرَّسون بالطريقة التي تناسب «نمط التعلم» الخاص بهم -سواء كان سماعيًا أو حركيًا أو بصريًا أو الثلاثة معًا- خرافةً على نطاق واسع.
أشارت الأبحاث أن المتعلِّمين لا يستفيدون كثيرًا من أسلوب التعلم الذي يفضلونه، وأن أفكار الأساتذة والطلاب حول ما تؤديه أنماط التعلم مختلفة، وأنه ليست لدينا فكرةٌ كاملةٌ بخصوص مقدار ما نتعلمه بالفعل من أنماط التعلم المختلفة.
وبرغم هذا الدليل فإن نسبةً كبيرةً من الناس -بما فيهم العامَّة والمعلِّمون وحتى أولئك الذين لديهم خلفيةٌ في علم الأعصاب- ما يزالون مؤمنين بهذه الخرافة، وقد نُشِرَت مراجعةٌ في مجلة Frontiers in Education والتي لم تجد أي دلالات على التغيِّر.
نظر الفريق في المقالات المنشورة بين عامي 2009 و 2020 التي ركزت على الثقة بأنماط التعلم، فضمَّ بيانات 15 ألف شخصٍ في التحليل، واستَبعَد المقالاتِ التي لم يشارك فيها معلمون أو معلمون متدربون، واستُبعِدت كذلك الدراسات الاستقصائية التي لم تركز على ما إذا كانت أنماطُ التعلم موجودةً بل على آراء أخرى، مثل ما إذا كانت أنماط التعلم تفسر الفروقات في الإنجاز مثلًا.
بشكل عام، اعتقد 89,1 % من المشاركين أن الناس يتعلمون بشكل أفضل إذا ما دُرِّسوا بالشكل الذي يناسب نمط التعلم المناسب لهم، ومجمل 95,4 % من المدرِّبين آمنوا بجدوى أنماط التعلم -نسبة أعلى قليلًا من المعلمين المؤهلين الذين شاركوا الاعتقاد ذاته-.
ولم يكن هناك انخفاض ملحوظ في مستوى الإيمان بجدوى أنماط التعلم في الدراسات المجرية في الآونة الأخيرة، على الرغم من الدحض لتلك الخرافة على نطاقٍ واسعٍ سواء في النشر الأكاديمي أو وسائل الإعلام الرئيسية.
وكان لهذا تأثيرٌ على عمل المعلمين؛ في الدراسات السبعِ التي قاست انتهاج أساليب التدريس المطابقة لأنماط التعلم أو الاستخدام المخطط لها، قال 79,7 % من المعلمين أنهم انتهجوا أو اعتزموا انتهاج أساليب تدريسٍ مطابقةٍ لأنماط التعلِّم المناسبة للطلاب، وأَحدَثت التدخلاتُ التي عُنيت بإنكار تصديق المعلمين بأنـماط التعلم فرقًا صغيرًا، ومع ذلك فإن الدراساتِ الأربعَ التي وظَّفت التدريب لتلك الأغراض انخفضت فيها نسبة التصديق بجدوى أنماط التعلم من 78,4% إلى 27,1%.
تبدو خرافة أنماط التعلم منتشرةً أكثر من أي وقتٍ مضى، لكن السبب الذي يكمن وراء تصديق المعلمين لها أقل وضوحًا. ربما يكون قد رُوِّج لها أثناء تدريبهم، أو أن المعلمين يعملون مع طلابهم بالطريقة التي عمل بها معلموهم مع، أو أن محاولات دحض الأسطورة لم ترقَ إلى المستوى المطلوب وبالتالي لم تصل إلى المعلمين.
لكن من الممكن أن يكون الباحثون قد ساهموا في انتشار الخرافة مع تطوير أبحاثهم كما يشير الفريق.
في دراسات عدة مشمولة فإنه لم يكن هناك أي مؤشرات عن جودة الردود المُدلى بها في الدراسة الاستقصائية مما أثار تساؤلات حول تعميم النتائج، كتب الفريق: «لا تستخدمُ أيٌّ من تلك الدراسات عينةً تمثيلية، وقليل من تلك الدراسات يتضمن معلوماتٍ كافيةً للسماح بحساب معدل الاستجابة»، وأضاف مؤلفو الدراسة: «كما يمكن أن تكون الاستبيانات المستخدمة في الدراسات أكثرَ وضوحًا حول ما تعنيه بالضبط (مطابقة) التدريس مع أنماط التعلم».
ويمكن أن تأخذ الأبحاث المستقبلية بعين الاعتبار نتائج التدريس المطابق لأنمـاط التعلم من حيث إذا استمرت الخرافة وهل لها تأثير مهم على كيفية تعلم الناس.
إن دراسة كيف يمكن للتدريب أن يثقِّف المدرِّسينَ حول خرافة أنماط التعلم قد تساعدنا على فهم كيفية انتشارها وسبب ثباتها، وقد تساعد الطلاب على الاستفادة من التعليم بأقصى ما يمكن في الوقت عينه.