التيقظ، كيف تتجنب حياة الغفلة؟
هل سبق وقدت السيارة بأحدهم ثم اكتشفت عند الوصول أنك غير قادر على تذكّر أي شيء مما حصل طيلة اليوم؟
هل تناولت مرة علبةً كاملةً من البسكويت بينما كنت قد نويت تناول قطعة واحدة؟
أو هل ظللت ساهرًا لوقت متأخر أكثر مما قررت وقضيت الليل تشاهد في كل مرة ‘‘حلقة أخرى‘‘ من مسلسل تلفزيوني؟
كل هذه السُّلوكات تعدّ أمثلة عن الغفلة وعدم التيقظ.
عندما نعيش على هذا النحو، فنحن أنصاف متيقظين وبالكاد نعيش حيواتنا.
ما هو التيقظ؟
عندما نكون متيقظين فنحن أشد وعيًا بأفكارنا وأفعالنا وما يحدث من حولنا. يمكننا حينها أن نتفطن لغروب الشمس أو ننصت بانتباه لما يقوله صديق ناهيك عن تخطيطنا لما سنجيب ونردُ فيما بعد. أيضًا نحن أشد إدراكًا لأحاسيسنا ورؤانا.
يُعرِّف “جون كابات زين” وهو شخص عمل كثيرًا من أجل جعل هذا المفهوم -التيقظ- أكثر رواجًا وشعبية، فيقول:
“التيقّظ يعني أن تنتبه في الوقت الحالي دون أحكام مسبقة.”
قرّرنا بكل وعي لأيّ شيء نريد أن ننتبه، وإنّنا غير منزعجين بسبب ما مضى ولا نخطّط لما سيحصل لاحقًا ولسنا بصدد محاولة إيقاف أو السّيطرة على أفكارنا أو مشاعرنا بل إنّنا نلحظهم نرقبهم فقط.
لماذا أصبح التيقظ معروفًا اليوم؟
يعتقد الكثيرون أنّ الحياة أصبحت أكثر تعقيدًا، وأنّ انتشار وسائل التقنية الحديثة تعني أنهّ لدينا دائمًا ما ننجزه وأنّه لا توجد الكثير من الفرص لأن نكون واعين لذواتنا.
إذ يقوم النّاس عادة بمهمّتين أو ثلاث في نفس الوقت: كتابة رسالة قصيرة، ومشاهدة التلفاز أو حتّى مشاهدة شاشة الهاتف الجوّال، والمشي في الشّارع.
يعمل النّاس لساعات طوال ويحملون بقيّة المهام للقيام بها في المنزل.
يمكن لهذه الممارسات أن تسبّب لنا الضّغط النفسيّ، ممّا يجعل من عمليّة التيقظ وسيلة للتقليص من هذا الضّغط.
ما هي إيجابيّات التيقظ؟
يؤكّد الباحثون أنّ عمليّة التيقظ تقلّص من الضّغط النفسيّ ومن الاكتئاب. إذ تساعد على التّركيز، وتقوّي الذاكرة، بالإضافة لقدرتها على منح تفكير أكثر وضوحًا.
يمكّن التيقظ الفرد من السيطرة والتّحكم في الألم أحسن من ذي قبل ومن الحصول على نوم أشد راحة ومن إنقاص الوزن أيضًا؛ لأنّك لن ترغب مجدّدًا في التهام علبة بسكويت كاملة دون تفكير ولا انتباه!
كيف تصبح أشدّ حذرًا ويقظة؟
يُحتفل في الثاني عشر من سبتمبر باليوم الرّسمي للتّيقظ، وربما يمكن اعتبار هذا اليوم فرصة جيّدة لاعتماد بعض تقنيات التّيقظ وملاحظة الفروق التّي قد تحصل، لكن من المؤكّد أنّه يمكن تجربة هذه الخطوات خلال طيلة أيّام السّنة.
يمكنك الآن مباشرة أن تجرّب إحدى التّقنيات البسيطة جدًا، و تتمثّل في إغماض عينيك لبضع ثوانٍ وعدّك لكم من صوت يصلك، هذا سيساعدك حتمًا على التّركيز على ما يحصل الآن.
أمّا عن الطريقة الأخرى فهي أن تجمّع تركيزك على نصيب من الطّعام: ثمرة عنبٍ على سبيل المثال. عوضًا عن أن تأكلها دون تفكير، تمهّل.
تأمّل الثّمرة مليًّا واستشعر ملمسها بين أناملك، تشمّمها ثمّ تذوقها، كُلها ببطء واستشعر لذّتها.
كلا الطريقتين ستجعلانك تتمهّل وتركّز على الّلحظة الحالية، وعلاوة على ما سبق توجد أفكار أخرى عديدة يمكنك مطالعتها عبر الاتّصال الفوريّ بشبكة الانترنت إن أردت فعلًا تجربة مبدأ التيقّظ.