دراسة جديدة: الهِجرة للولاياتِ المتحدة تغيِّر من ميكروبات الشخص
أدِلّة جديدة يقدمها الباحثون تُظهر تحوّل جراثيم أمعاء المهاجرين واللاجئين، فورَ وصولهم للولايات المتحدة
يُطلِعُنا الباحثون في جامعة مينيسوتا بالشراكةِ معَ الصحةِ والعافية الصوماليّة اللَّاتينية والهمونغية، على أدلةٍ جديدةٍ تفيد بحدوث تحوُّل سريع للجراثيم الموجودة داخل القناة الهضمية للمهاجرين واللَّاجئين إلى الولايات المتحدة بعد وصولهم إليها. وتشير هذه الدراسة -التي نشرت في مجلة “Cell/الخلية” في الأول من تشرين الثاني- إلى أثر هذا التحوّل على بعض الأمور الصحيّة كالسمنةِ والسكري.
يقول عالم الكمبيوتر وعالم الأحياء الكمي في جامعة مينيسوتا، دان نايتس: “لقد وجدنا أنّ القادمين من جنوب شرق آسيا يفقدون ميكروباتهم المحلية فورًا بعد وصولهم للولايات المتحدة، ويكتسبون ميكروبات أجنبية (غريبة) من النوع الأكثر شيوعًا لدى الأمريكيين والأوروبيين، لكنّها ليست كافيةً للتعويض عن هذه الخسارة في الميكروبات المحلية؛ لذا نجد خسارةً كبيرةً في التنوّع”.
ويقول أيضًا: “لدى الأشخاصِ الذين يقطِنُون في الدول النامية تنوّع كبير في البكتيريا المفيدة داخل الأمعاء مقارنةً مع هؤلاء الذين يقطِنون في أمريكا، ومن المدهش رؤية هذا التنوّع لدى المهاجرين”.
إنّ تنَوّع مجتمع مينيسوتا الكبير بسبب اللاجئين والمهاجرين -من جنوب شرق آسيا، خاصةً من همونغ وكارين، والأقليّات العِرقية القادمة من الصين وبورم- ساعد في إجراء بحث يكون منهجهُ قائمًا على هذا التنوع.
يقول المؤلف باجو فانجاي: “تُعتبَر السمنة مصدر قلق كبير بالنسبة لمجتمعات «همونغ وكارين»، وفي دراساتٍ أخرى هناك ميكروبات مرتبطة بالسمنة، وما أردنا التأكد منه في هذه الدراسة هو إن كان هناكَ روابط محتملة لدى المهاجرين تجعل أي نتائج ذات صلة ومُتاحة للمجتمعات. هذه المجتمعات غير محصَّنة، لذا نحنُ حريصون أن نجعل جميع طرقنا على قدرٍ عالٍ من الحساسية لتحقيق الهدف من هذا البحث”.
أجرى نايس فانجاي وفريقه مقارنة للميكروبات المعويّة للأشخاص الذين يعيشون في تايلاند من همونغ وكارين والأشخاص الذين هاجروا للولاياتِ المتحدة بالإضافة لأبنائهم، كما أنّهم استطاعوا متابعة 19 لاجئ من الكارين أثْناء انتقالهم من تايلاند إلى الولايات المتحدة، ممّا يعني إمكانية فهمهم كيفية تغيّر الميكروبات المعوية عند اللاجئين خلال المدة (من أول ستة إلى تسعة أشهرٍ من هجرتهم).
وقد وجدَ الباحثون تغيّراتٍ هامة حدثت خلال هذه الفترة واستمرت حتى بعد هذه المدة، حيث قامت سلالات البكتيريا الغربية باستبدالِ سلالات البكتيريا غير الغربيّة من جنس (بريفوتيلا)، إلا أن هذا التغريب استمر عبر العقدِ الأوّل من الإقامة في الولايات المتحدة، إذ كلّما طالت مدة الإقامة في الولايات المتحدة قلّ تنوع الميكروبات. وقد عزا البعض هذه التغييرات إلى نوعية الطعام الذي يتناوله المشاركون -طعام غربي- لكن هذا لا يفسِّر كلِّ التغيُّرات.
كانت هذه التغيرات أكثر وضوحًا في أطفالهم “لسنا متأكدين لماذا يحصل هذا، قد يكون بسبب ولادتهم في الولايات المتحدة، أو نشوئهم في ظلّ نظامٍ غذائي مشابه تمامًا للنظام الغربي، لكن ماهو واضح هو فقدان التنوع عبر الأجيال، وقد لوحظ هذا الأمر مسبقاً عند الحيوانات وليس عند البشر” هذا ماقاله نايتس.
رغم أنّ البحثَ لم يؤسّس لعلاقة سببيّة بين تغيّرات الميكروبات لدى المهاجرين ووباء السِمنة، إلا أنَّه أظهر علاقة متبادلة: التغريب الأكبر للميكروب صاحَبَهُ سمنة أكبر. ويعتقد نايتس أنّ هذا البحث يُخبرنا الكثير عن صحتنا؛ فعندما تنتقل لبلدٍ جديدة أنت تلتقط ميكروبًا جديدًا، وهذا لا يغيّر فقط أنواع الميكروبات الموجودة لديك، إنّما أيضًا يُغيّر الإنزيمات التي تحملها والتي قد تحدّد لك أنواعَ الطعامِ الممكن هضمها، وكيف سيؤثر هذا النظام الغذائي على صحتك، ويقول أيضًا: “لايعتبر هذا الأمر سيئًا دائمًا، لكِنَّنا نرى أنّ تغريب الميكروبات مرتبطٌ بالسِمنة لدى المهاجرين، لذا من المُمكن أن يكون ذلك موضوعًا مثيرًا للبحثِ مُسْتقبَلًا لعلاج السِمنة، سواءً على نطاقِ المهاجرين أو على نطاقٍ أوسع من ذلك.
تم دعم هذا البحث مِن قِبَل: معهد العلوم السريريّة والترجمة، معهد الحياة الصحيّة والأغذية الصحية، مكتب التنوع والدراسات العليا في جامعة مينيسوتا.