هل بإمكاننا منع الانتحار ؟

4 طرق مهمة للتقليل من محاولات الانتحار

تبعًا لسجل معدل الوفيات الحديث للسيدة كيت سباد والسيد أنثوني بوردين، السؤال الشائع الذي يتردد دائمًا في الذهن هو” هل من الممكن منع الانتحار في حال أراد الشخص حقًا الموت؟” في هذه الحالة يُهيَّأ لك بأن السؤال بسيط جدًا ولكن في الحقيقة هو أعقد بكثير مما نتخيل. الجزء الأول بسيط: نعم، يمكننا تقليل محاولات الانتحار إذا لم تكن ممنوعة تمامًا. أما بالنسبة للجزئية الثانية، فهي أكثر تعقيدًا وتتطلب بعض المحددات إذا أراد هؤلاء الأشخاص حقًا الموت. والآن لنستعرض لكم الطرق التي نعرفها لكيفية حماية الحياة قبل معالجة الجزئية الثانية من السؤال.

أوضحت التقارير أن هناك 4 طرق مهمة للتقليل من محاولات الانتحار ألا وهي:

1- الحد من إمكانية لجوئهم إلى طرق الإيذاء الجسدي العنيف:

تعتبر عملية مساعدة من يعانون من اضطرابات انتحارية قبل لجوءهم لاستخدام طرق قاتلة ومؤذية من أكثر العوامل فعالية في جعلهم يتراجعون عن قرار الانتحار والتخفيف من حدة هذه الاضطرابات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة حواجز على الجسور التي قد يُقدِم من يعاني من اضطرابات انتحارية على استخدامها لإنهاء حياته، وكذلك إخفاء الأسلحة النارية والأدوية عن أعينهم حتى لا يتمكنوا من الوصول إليها. وتعتبر كل تلك الأمور في سبيل إعطاءهم فسحة من الوقت للتفكير مليًا قبل الشروع بإنهاء حياتهم.

2- الدور الهام لوسائل الإعلام في وصف الانتحار:

أكثر من 100 عام من البحث، توضح أنه هناك بعض الطرق التي تستعرضها وسائل الإعلام عن الانتحار، وأساليب مثيرة ومشجّعة لوصفها فكل ذلك قد يؤدي إلى ما يسمى بِـ “عدوى الانتحار أو التقليد الأعمى له”. لذلك فالسعي إلى تشجيع وسائل الإعلام لاتباع بعض التوصيات للتقارير الآمنة وتشجيع هوليود لاستخدام بعض التوجيهات التي تبين أن التعامل مع الانتحار من الممكن أن يقلل من خطر العدوى وأيضًا مساعدتها في جعل عامة الشعب يعرفون أكثر عن الإشارات التحذيرية والعوامل الخطرة التي تسبق الانتحار وأن عامل المساعدة متاح.

3- عدم اعتبار الأمراض النفسية وصمة عار:

أكدت الدراسات أنه ما يقارب 90% من الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب انتحارهم كانوا يعانون من بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب، وذهان الهوس الاكتئابي، والانفصام، وفقدان الشهية، والإفراط في استعمال المخدرات. كل هذه الأمور من الممكن أو من غير الممكن إدراكها أو تشخيصها. وكما يُعرف أن الخزي والعار وسوء الفهم تجاه المشاكل النفسية يقود الكثير من الأشخاص لعزوف عن العلاج إذ يعتبر العلاج بتبادل أطراف الحديث من أكثر أنواع العلاج فعالية.

إعلان

4- التواصل:

أكدت الكثير من البيانات أن المجتمع يعتبر من أقوى الوسائل للمساعدة في التقليل من الانتحار، البشر هم مخلوقات وانعزالهم يُشعرهم بالألم، وهذا لا يعني أن كل الأشخاص الذين ماتوا منتحرين لم يكن لديهم أصدقاء وعائلة أو ديانة يتبعونها، بل إن الأغلبية يشعرون بالوحدة بسبب تلك الأمراض الكامنة أو أنهم يفرضون العزلة على أنفسهم. لذلك انسحاب بعض الأفراد من أصدقائهم ومن بعض النشاطات التي يستمتعون بها يعتبر من المؤشرات التحذيرية للانتحار.

هل حقًا أراد المنتحرين الموت؟

هناك اقتباس عظيم للكاتب ديفيد فوستر والاس (الذي مات منتحرًا في عام 2008 بعد معاناته مع الاكتئاب لمدة 20 عام) في روايته ” Infinite Jestwish” حيث أنه تصدى لهذا السؤال وقال:

“ما يسمى بالشخص المصاب بالاكتئاب النفسي، هو شخص يحاول قتل نفسه ولا يفعل ذلك بسبب اليأس أو بسبب أي قناعة مجردة بأن التزامات الحياة لا تنسجم معه. وبالتأكيد لم يقدم على الانتحار كون أن الموت أصبح يلفت انتباهه فجأة. إن الشخص الذي يكتم محنة كبيرة في صدره يصل إلى درجة يفقد بها صوابه فيقتل نفسه بنفس الطريقة التي يلقي بها الشخص المحاصر بالنيران نفسه من نافذة إحدى ناطحات السحاب. فعلينا ألا نخطئ تجاه الأشخاص الذين يلقون أنفسهم من النوافذ عندما تلتهم النيران المكان الذي تواجدوا به. فخوفهم من السقوط من على قمة عالية مماثل تمامًا لشعورنا عندما نطل من نفس النافذة لنستنشق الهواء، فعلى سبيل المثال الخوف من السقوط دائمًا موجود أما الأمر المتغير فهو الفظائع الأخرى فمثلًا ألسنة اللهب عندما تقترب من الإنسان يصبح السقوط المميت أقل روعة عليه من الرعب السابق، فإنه الخوف من النيران وليس الرغبة بالسقوط ولكن لا يوجد أحد على الرصيف ينظر للأعلى ويصرخ ” كلا، لا تفعل هذا” ولا أحد يقل لك “اصمد، تمهل يا هذا”، ومن الممكن أن تفهم القفزة. ليس صحيحًا. يجب أن تكون قد حوصرت شخصيًا وشعرت بألسنة اللهب لتفهم حقًا أن الخوف أكبر بكثير من السقوط.”

بطريقة أخرى

ما عرفناه من هذا البحث أن الأشخاص الذين ماتوا منتحرين سعوا جاهدين للتخلص من مشاعر الألم واليأس ولكنهم لم يريدوا الموت، أما الشيء المفقود في المثال المذكور في الرواية السابقة، أن الشخص يفكر بالقفز من أعلى المبنى ليتجنب الحريق ولكن من المحتمل أنه لم يتمكن من رؤية الحريق يتسلل اليه أو أن طفاية الحريق قد تساعد في إنقاذه، أو أنه لم  يسمع صوت صفارات الإنذار التي يطلقها طاقم الإنقاذ القادم لمساعدته. حيث أنه في كل الطرق المتوفرة حاول ذلك الشخص إنقاذ حياته ولكنه لم يستطع التحمل أكثر. ألسنة اللهب شديدة الحرارة, وفي هذه اللحظة خصيصًا لا يستطيع الفرد إدراك مدى الألم الذي سوف يتسببه لأحبائه عند فقدانه أو كيف ستكون الحياة جميلة غدًا. لأنهم اليوم سوف يموتون حرقًا.

العلاج النفسي وبعض العلاجات مناسبة لمنع الانتحار

لكن إن العلاقة مع المعالج النفسي تساعد على درء مشاعر العزلة وتساعد المرضى على المعرفة بأن هناك خيارات أخرى غير الإنتحار، حيث إن العلاج بالتحليل النفسي يعطي فرصة للشخص الذي يكافح من أجل علاج اضطراباته للحصول على شخص يستمع إلى أكبر مخاوفه ويفهمها ويتعامل مع الفرد كأنه شخص فريد من نوعه.

منع الانتحار أمر شبه مستحيل

ولكن في الحقيقة ارتفع معدل الانتحار في الولايات المتحدة بطريقة مفزعة إلى ما يقارب 30% منذ سنة 1999. وهذا يستدعي إعادة النظر بشكل حاسم في سياسات الصحة العامة وإلى أسُس تمويل نظام الرعاية الصحية لدينا، إضافة إلى ردة فعل المجتمع تجاه العلاج النفسي. ونتمنى أن نقدر على تعميق معرفتنا عن الإشارات التحذيرية والعوامل الخطيرة التي تدل على بوادر عملية الانتحار وبهذه الطريقة تستطيع إنقاذ الكثير من الناس وإعطاءهم الدعم الذي يحتاجونه. فلذلك تستطيع أن تكون الشخص المسؤول عن كشف الحريق أو أن تكون من طاقم الإنقاذ.

في النهاية، يدًا بيد نستطيع جميعنا التعامل مع مشاكل الانتحار والتقليل منها.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: بتول الدليقان

تدقيق لغوي: آلاء الطيراوي

اترك تعليقا