نجاح الرئيس دونالد ترامب الاقتصادي
شئنا أم أبينا، هذا الرجل العصاميّ بنى نفسه بنفسه، وصنع إمبراطورية عقاريّة وثراءً لا أوّل له ولا آخر، ومن الممكن أن نَجِد في قصّته ما نتعلّمه منه أو ما يحفّزنا في التجارة والأعمال.
وهو تلميذٌ صغير، ظهر حُبّه للزّعامة والقيادة، لكن في الاتجاه الخطأ؛ إذ تسبّب في العديد من المشاكل في المدرسة، مما أجبر والده على إرساله إلى الأكاديميّة العسكريّة لتضبط أفعال الشّغَبِ لديه، كان منذ صِغَرِه يحبّ العقارات وبناءها من خلال عمل والده في هذا المجال، مما جعله يذهب إلى مختلف الأماكن التي يزورها الأغنياء؛ للتّعرف عليهم والتعلّم من تجاربهم.
صفقاته الأولى
“لن يضرّك أبدًا شراء قطعة أرض جيدة في سعرٍ متدنٍّ.” -دونالد ترامب
نتيجة لظروف اقتصادية غير مواتية، بدأ سوق العقارات يتراجع في مانهاتن، وهنا أدرك ترامب أنّ هذه فرصته، وبدأ يُفاوِض ويتفاوض من أجل صفقته الأولى في حياته، وهو ما زال في الـ27 من عمره، ولم يسبق له أن بَنَى أيّ شيء.
في نهر هدسون كانت هنالك قطعة أرض مهجورة، وأراد أن يشتريها، وقَبِلَ أن يتفاوض مع مالك الأرض. قرّر تأسيس شركته؛ مؤسسة ترامب عام 1973، حيث أراد أن يترك أثرًا في عقل المالك ليوحي أنها شركة كبيرة راسخة، وبالفعل نجح الأمر، وحصل على صفقته الأولى، وبعدها اشترى قطعة أرض في شارع ويست 34، رغم معارضة البلدية والكثير من المنافسين، ووعد الجمهور أن يبني مركزًا تجاريًا بسعرٍ أقل مما وضعه البلدية، وهذا ما فعله!
سلّط ترامب نظره على فندق الكومودور في وسط المدينة، والذي كان يعاني وقتها من مشاكل مالية، وبمساعدة مهندسٍ معماريّ. أعاد ترامب تصميم هذا الفندق، وتعاقَد مع إدارة فنادق حياة، ومع عدة بنوك أقرضوه المال لتحقيق كل ذلك، وفي عام 1980 افتتح الفندق في نجاح باهر.
ميلاد برج ترامب
منذ انتقاله إلى مانهاتن، وهو يسلّط نظرَه على قطعة أرض، كان حلمه أن يبنِيَ برجًا من 68 طابق مخصّص للأثرياء ورجال الأعمال، وبدأ في حلمه وحققه، حيث استمرّ بناؤه 4 سنوات، يحوي هذا البرج شلال ماء يمتدّ لـ 7 طوابق؛ هذا الشلّال شَهِدَ الكثير من الاعتراضات من المنافسين وغيرهم، وأصبح هذا الشلال مكانًا سياحيًا يزوره العديد من السياح في العالم، بعدها استمرّت صفقاته الناجحة خارج أمريكا، وأصبح استثماره في ملاعب الغولف والنوادي وغيرها.
استحوذ ترامب على حقوق البرامج التلفزيونية خاصة برنامج ملكة جمال أمريكا. وبعدها صوّرَ البرنامج الشهير”المتدرب”مما دَفَعهُ إلى عالم الشُّهرة، حيث كان يدفع 50.000 دولارًا لبَثِّ كلّ حلقة، وبعد الشهرة التي حققها هذا البرنامج، أصبح يحصل على أجر يقدّر ب3 ملايين دولارًا في الحلقة الناجحة. بعد ذلك لم تَسِر الأمور في أفضل مسار.
إفلاس ترامب
في مطلع التسعينات، هجم كسادٌ على المدينة، أجبره على التوقف عن سداد أقساط قروضه من البنوك البالغة 3.5 مليار دولار، ومما زاد الطين بلة؛ اقتراضه بفوائد ربوية أكثر من السعر السائد في السوق؛ لثقته أنه قادرٌ على دفع هذه المبالغ والديون، عام 1991 أعلن إفلاسه لأول مرة، وفوق ديون شركاته، بلغت ديونه الشخصية 900 مليون دولار، تراكمت بسبب نمط حياته المعتمد على البذخ الشديد، لكنه لم يكن ممّن يستسلمون بسرعة.
عودة ترامب
اعتمد ترامب على قدرته على عقد الصفقات للخروج من هذه الأزمة الشديدة، خسِر البنوك والدائنون الملايين أثناء تسهيل وتحويل ممتلكات ترامب إلى أموال، وهذه المشكلة أجبرتهم على إعادة جدولة ديون ترامب المتبقّية، وخفّضوا الفائدة على الدَّيْن، وأعطوه فترة أطول ليردّ لهم قروضهم، وفي 1992 تمّ إعلان إفلاس فندق ترامب بلازا، هذه المرة تنازل ترامب عن 49% من ملكية الفندق لدائنين؛ مقابل حصوله على شروط أسهل لسداد الديون، والتي بلغت 550 مليون دولارًا، وبعدها في عامين كان قد سدّد أغلب المستحقات عليه.
كان الثّمن مرهقًا عليه؛ إذ أُجبِرَ على التنازل عن الممتلكات المقرّبة إليه، عام 1995 واجه مصاعب مالية واقتصادية، إذ توقّفت شركاته عن تحقيق الأرباح، وازداد الدَّيْن المُستَحَقّ عليه عن 2 مليار دولار، وقد استمرّ الوضع صعبًا حتى قرر عام 2004 إعادة جدولة ديونه؛ إذ باع حصّته من الشركات لدائنين، مقابل التنازل عن الديون، واستمرت إفلاسات مشاريعه التي تَعَرّض لها إذ عَرَف كيف يخرج منها ويسدد ما عليه. في بداية عام 2017 اشتُهِرَ أنّه أحد أكبر أثرياء أمريكا من العصاميين، إذ تُقدّر ثروته ب 3.5 مليار دولار، يملك الآن 18 أرض من أراضي منهاتن، كما أنه كان سببًا في تغيّر شكل مدينة نيويورك. في نفس العام حقّق حلمه الكبير ليصبح الرئيس الأمريكي الأكبر ثراءً من قَبلِهِ من الرُّؤساء .
كتب الرئيس ترامب
سواء كتبها أو حصل على مساعدة في كتابتها :
أول كتاب “فن الصّفقة” (the art of the deal)؛ شَرَح فيه ترامب كيف نجح في حياته وأجاب على عدد من الأسئلة الموجهة إليه، تمّ بيع أكثر من 3 مليون نسخة من هذا الكتاب.
الكتاب الثاني “البقاء في القمة “(surviving at the top)؛ وفيه شرح كيف بقيَ في القمة التجارية، ورحلته من الإفلاس إلى الازدهار.
الكتاب الثالث “فن العودة” (the art of the comeback)؛ وفيه شرح كيف خرج من ديونه التي كادت أن تقضي عليه.
الكتاب الرابع “أمريكا التي نستحقها” (the america we deserve)؛ تحدّث عن سياسة أمريكا والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تعاني منها أمريكا، وعن رؤيته المستقبلية لبلاده.
والكتاب الخامس “كيف تصبح ثريًا” (how to get rich).
مقولته الشهيرة “أهم شيءٍ في الحياة أن تحبّ عملك، فهذه هي الطّريقة الوحيدة لأن تكون بارعًا فيه”