ماذا عن الأم؟ هل هي بخير؟
كتلة صغيرة جدًا من الدماء تنمو ثم تنمو إلى أن تصبح شخصك الآن، البهجة تعم أرجاء المكان والبسمة على شفاه جميع الحضور بسبب الفرد الجديد في عائلتهم الصغيرة، ولكن دائمًا ما تكون الصورة مشوشة؛ ماذا عن الأم؟ هل هي بخير؟
تموت حوالي 70000 امرأة كل عام بسبب نزيف ما بعد الولادة بسبب فشل الرحم في الانقباض، وعند غياب الإجراء المناسب قد يؤدي إلى وفاة أطفالهن أيضًا في غضون شهرٍ واحد من الولادة. في العالم المتقدم يمكن الوقاية منه، ولكن في البلدان النامية قد يكون سببًا لوفاة الأمهات بنسبةٍ قد تصل إلى 60%، وهذا قد يضع عبئًا ثقيلًا على الأسر والنظم الصحية الوطنية. إن نصف جميع وفيات الأمهات في العالم تحدث في أفريقيا بسبب العيوب في الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمرأة، وبسبب القصور في النظم الصحية القائمة.
في العالم بأكمله هناك حوالي 80 مليون امرأة تعاني من الحمل غير المقصود، مما يؤدي إلى زيادة احتمالات المشاكل المرتبطة به، بالتالي زيادة عدد وفيات الأمهات بسبب الحمل، إنها تعتبر مشكلة صحية عامة ومهمة في جميع أرجاء العالم، وفي عام 2012 كان معدل انتشار الحمل غير المقصود بنسبة 40%، وأكثره وقع في أفريقيا، وخلال العقد الماضي كان يتراوح معدل انتشار الحمل غير المقصود بين 15 إلى 58% من حالات الحمل في بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط (58% اليمن، 38% فلسطين، 32% المغرب، 31% سوريا والجزائر، 23% مصر).
هناك دراسة أُجريت لتحديد مدى انتشار الحمل غير المقصود في سوهاج-مصر، حيث تتكون محافظة سوهاج من مدينة سوهاج و23 قرية، تم اختيار سوهاج لتمثّل المنطقة الحضرية، ومنطقتين بالقرب من المدينة (قرية تونس وقرية الشيخ مكرم) لتمثيل المنطقة الريفية، وتم جمع البيانات من خلال مسح الأسرة.
عام 2016 تم اختيار عشوائي من 540 امرأة متزوجة أعمارهن تترواح بين 18-49 سنة، وكان الحمل الأخير لهنّ قبل ثلاث سنوات لا أكثر (حتى لا يكون هناك حزازية بينها وبين أطفالها وإيصال شعور عن غير قصد بأنهم كانوا غير مرغوبين) من تاريخ جمع البيانات، من خلال الزيارات المنزلية عن طريق استبيان معتمد.
النتائج:
من 540 امرأة كان هناك 72 امرأة منهنّ (13.0%) حملهنّ الأخير غير مرغوب فيه، وحوالي 98 امرأة (17.7%) قد أُسيئت معاملتهنّ، وبعد إجراء الدراسة كان 30.7%من النساء اللواتي أُجريت عليهنّ الدراسة تعرّضوا للحمل غير المتوقع في الثلاث سنوات الأخيرة، حيث يمثل الحمل غير المقصود مشكلة صحية عامة في سوهاج، لذلك فإن تحسين المناطق الريفية وتحسين المستوى الاقتصادي والاستخدام الفعّال لأساليب تنظيم الأسرة يمكن أن يقلل المخاطر المرتبطة بالحمل غير المقصود.
(هذه النسبة تعتبر أعلى المعدلات التي أبلغت عنها الدراسات في السنوات السابقة، ولكن بالمقارنة مع الولايات المتحدة نجد أن نسبة حمل المراهقات قد تصل إلى 45%، وهذا أمرٌ نادر في مجمتعنا).
هذه النسب قد تؤدي بحياة الأم إلى خطرٍ يمكن أن نتفاداه، فالعالم في تقدم مستمر ،والتوعية أصبحت شيئًا ضروريًا ومهمًا من أجل صحة الأسرة بأكملها، والخطأ دائمًا واردٌ في أقل الأشياء وأكبرها، ولكن أيضًا مشاكل ما بعد الحمل عديدة، ومن ضمنها النزيف الزائد ما بعد الولادة، أين المساعدات الطبية إذًا لتقليل هذا الخطر؟
أجرت منظمة الصحة العالمية (WHO) العديد من التجارب لإنقاذ حياة الآلاف من النساء، وأظهرت الدراسة بالتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود للأمهات والعقاقير الدوائية أن:
هناك تركيبة جديدة للدواء تمنع نزيف ما بعد الولادة في المناطق النامية ومتوسطة الدخل.
في هذه الفترة توصي منظمة الصحة العالمية بتركيبة مكونة من الأوكسيتوسين، وهو الدواء الأول من نوعه للوقاية من نزيف ما بعد الولادة، وهو أكثر فعالية وأقل آثارًا جانبية وأقل تكلفة بالمقارنة مع الأدوية الأخرى، ولكن هناك مشكلة وهي أن هذا الدواء يجب تخزينه ونقله بمعدل 2-8 درجة مئوية، وهذا أمرٌ بالطبع صعبٌ في العديد من البلدان، وقد يُحرم بعض النساء في الدول النامية من الدواء لأنّه عند التمكن من الحصول عليه قد يفقد بعض خصائصه ويصبح أقل فعالية بسبب التعرض للحرارة، إذًا ما الحل؟
هناك دراسة نشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية أن هناك دواءً بديلًا مستقر الحرارة وأيضًا آمنٌ وفعال مثل الأوكسيتوسين في الوقاية من نزيف ما بعد الولادة، عقار الكاربوتوسين لا يتطلب التبريد، ويمكن أن يُخزن عند 30 درجة مئوية ونسبة رطوبة قد تصل إلى 75%، ومن الممكن أيضًا أن يحافظ على كفاءته مدة ثلاث سنوات.
يقول دكتور تيدروس أدهانوم غبريسيس -المدير العام لمنظمة الصحة العالمية-:
هذا تطورٌ جديد ومشجع، وقد يُحدث ثورة في القدرة على إبقاء الأم وطفلها على قيد الحياة.
التجربة:
تعتبر هذه التجربة الأكبر من نوعها، حيث قامت الدراسة على ما يقارب 30000 امرأة تلد ولادة طبيعية عن طريق المهبل في 10 دول (الأرجنتين، مصر، الهند، كينيا، نيجيريا، سنغافورة، جنوب أفريقيا، تايلاند، أوغندا والمملكة المتحدة)، حيث أُعطيت لكل امرأة بشكل عشوائي إما حقنة من الكاربوتوسين (ثابت الحرارة) أو الأوكسيتوسين (متغير الحرارة) بعد ولادة الطفل مباشرةً، وقد كان لهما نفس التأثير في منع النزيف الزائد بعد الولادة.
ملاحظة: أثناء التجربة كان كلا العقارين عند الدرجات المطلوبة لهم، بمعنى أن الكاربوتوسين عند درجة حرارة 30 درجة مئوية والأوكسيتوسين عند درجة حرارة 2-8 درجة مئوية، لضمان أقصى قدر من كفاءة الأخير، وقد تقل الفوائد المتوقعة للكاربوتوسين عند تعرضه لدرجات حرارة عالية جدًا.
إن إهمال الزهرة قد يُفسدها رونقها، وإهمال الأم قد يسلبها حياتها بسبب قلة وعي المجتمع، وانتشار هذا النوع من الثقافة أمر ضروري لكلا الجنسين، وقد يساعد على زيادة الاهتمام بصحة الأم قبل صحة المولود، وغرز فكرة أن العبرة ليست بعددهم ولكن بتربيتهم تربية صحيحة في وجود أمٍ سليمة معافاة.
نرشح لك: الولادة المبكرة وارتباطها بقلة النوم
المصادر: https://www.who.int/maternal_child_adolescent/documents/newsletter/mps_newsletter_issue4.pdf https://www.who.int/news-room/detail/27-06-2018-who-study-shows-drug-could-save-thousands-of-women%E2%80%99s-lives https://jepha.springeropen.com/articles/10.1186/s42506-019-0014-9