الحسد من منظور علم الأعصاب

يعدُّ تقييمك للأشخاص من حولك المُحدِّد الرئيسي لكيفية شعورك حيال الرفاهية المادية التي تتمتع بها ومركزك الاجتماعي. إلا أنّ الغموض لايزال يحيط بالأساسات العصبية التي تقوم عليها كلٌّ من:

  1. الكيفية التي نرصد بها البيئة المجتمعية المعقدة -بسبب محدودية المصادر المتاحة-
  2. مشاعر السعادة أو خيبة الأمل التي نشعر بها عندما نفكّر بمصيرنا.

ففي دراسة حديثة نُشِرت في مجلة  Natural Science -قام بها باحثون من قسم System Neuroscience في مؤسسة National Institute for psychological sciences- تم تسليط الضوء على الشعور بـ “الحسد” وتأثيره على تقدير الفرد لذاته عن طريق فحص أدمغة قرود الماكاك (macaques) بالأشعة في المواقف التي تم فيها إعطاء مكافأة للقرد الذي يشاركهم التجربة. وأظهرت نتائج المسح بالأشعة لأدمغة القرود أنّ تقدير القرود لاستلامهم للمكافأة يقل عندما يستلم القرد الآخر مكافأة كذلك.

طريقة إجراء الدراسة

حيث قام فريق البحث بوضع كل قردين في مكان واحد بحيث يجلسان مقابل بعضهما البعض ومن ثم قاموا بتزويدهم برشفة مياه تلو الأخرى بالتزامن مع عرض محفّزات بصريّة وسمعيّة بهدف تهيئتهم لإنشاء رابط ما بين رشفات المياه والمحفّزات بنوعيها. واتخذ فريق البحث لعق القرد لشفتيه مقياسًا للحدّ الذي قدّر فيه مكافأته الخاصة سواء أحصل زميله في التجربة على مكافأة أم لم يحصل. كما وقام فريق البحث بتحليل اتجاه نظر القرد للتأكد من أنه قد لاحظ حصولَ زميله على المكافأة. وتمثّلت الخطوة الأخيرة بقياس نشاط الأقسام التي ترتبط بنظام المكافأة في الدماغ.

نتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة أنّ مستوى تقدير القرد لمكافأته يقلّ عندما يتم إعطاء القرد المشارك له في التجربة مكافأة كذلك، حتى وإن كانت المكافأتان متشابهتان.

مما يعكس أن تقييم الفرد للمكافأة التي يستلمها يعتمد على البيئة المجتمعية التي استلم فيها المكافأة.

إعلان

ووجد فريق البحث هذه النتيجة منطقية نظرًا لأن الأفراد يتنافسون في عالم محدود المصادر؛ فحصول فرد ندٍّ لنا على مكافأة يعني أن المصادر المتاحة للاستخدام تقل تدريجيًا.

حيث صرّح المؤلف المسؤول عن نشر الكتاب Masaki Isoda ما يلي: ” قمنا بتأكيد النتائج العصبية والسلوكية عن طريق إعادة إجراء التجربة بحضور قرديَن ولكن دون أن يحصل أيّ منهما على المكافأة المتمثلة برشفة مياه. كما قمنا بإعادة التجربة بحضور قرد واحد بجانب دلوٍ من المياه بدلاً من قردين. وفي كلتا الحالتين لم يُظهر أيٌّ من القردين علاماتٍ للشعور بالحسد.”

كما واستقصى فريق البحث أجزاء الدماغ التي يتم تفعيلها عند الشعور بالحسد والممرات العصبية بين هذه الأجزاء. حيث قال المؤلف الرئيسي Atsushi Noritake ما يلي: “عن طريق تحديد التوقيت ما بين تفعيل جزء من الدماغ وتفعيل الجزء الآخر في المواقف التي يشعر فيها الفرد بالحسد، اتّضح أنّ الإشارات تسير عبر هذه الممرات العصبية أثناء تدفق المعلومات من قشرة الفص الجبهي الإنسي (medial prefrontal cortex) إلى الدماغ المتوسط (midbrain).”

ونظرًا لأوجه الشبه ما بين قرود الماكاك والإنسان، يمكن تعميم النتائج لتشمل البشر كذلك.

حيث تعتبر الآثار المترتبة على الشعور بالحسد واسعة النطاق وذات تأثير على مجالات متنوعة كتنوع المجالات التالية:

  •  علاجات الأمراض السلوكية
  • الاقتصاد
  • الموارد البشرية
  • الدعاية والإعلان

إعلان

بواسطة
فريق الإعداد

إعداد: راما ياسين المقوسي

اترك تعليقا